مقالات سياسية

حسب الطلب!!

Share
مركز استطلاع رأي هنا في السودان.. يُوزِّع أسئلة استبيان من شاكلة هذه:

(قرارات وزارة المالية الأخيرة.. في رأيك.. (1) تحل الأزمة الاقتصادية.

(2) تحلها بسرعة.

(3) تسرع بحلها.

وينتظر مركز الاستطلاع يومين ثلاثة ليرسل لنا نتائج الاستطلاع الخطير فتكون: 90% قالوا تحل الأزمة الاقتصادية.. 5% قالوا تحلها بسُرعة.. و5% قالوا تسرع بحلها..!!

وطبعاً ليس مُهمّاً أن نتحرّى ونحاول مَعرفة السبب الذي يجعل مركز استطلاعات الرأي هذا يتكبّد مشاق هذه العمليّة الغريبة.. لكن الذي يهمنا بامتياز.. أن نعرف هل تصدِّق الحكومة نتائج استطلاعاته وتبني عليها قرارات؟؟ هنا المُصيبة ذات القرنين..

أحد العاملين في مركز دراسات (وما أكثرها)، قال إنّ جهة أرسلت إليهم تكليفاً هذا نصه: (كما تعلمون أننا بذلنا جُهداً كبيراً في تخفيض نسبة الفقر.. ولهذا قرّرنا تكليفكم بإجراء دراسة لمعرفة النسبة الحقيقية للفقر في بلادنا التي لن تزيد عن 5%.. وأسباب الفقر التي نتوقّع أن تخلص دراستكم إلى أنّها بسبب كسل المُواطن أو زيادة طُموحاته بعد أن وفرت له الدولة مُستوىً من الرفاهية لم يكن يحلم به).

وقال الأكاديمي المحترم.. إنهم أجروا الدراسة فوجدوا (فعلاً!) نسبة الفقر 5% فقط.. وسبب الفقر الرئيسي هو إمعان الحكومة ومُبالغتها في تدليل المُواطن للدرجة التي بَاتَ يحلم بما لا يتوفّر حتى لمُواطني الدول المُتقدِّمة.. وسيُقام حفل في فندق السلام روتانا لتسليم نتائج الدراسة!!

المُشكلة لم تعد في غياب الدراسات والاستشارات فحسب، بل والإمعان في التضليل المُتّفق عليه بين (المُضلِل) و(المُضلَل).. حلقة تواطؤ كبيرة تُطِفأ الأنوار وتجعل القرار يتخلق في ظلامٍ دامسٍ..

أنا أسأل بكل جدية؛ هل بإمكان أحد مراكز الدراسات في السودان أن يجري استطلاعاً (جاداً!!) للرأي ليتحسّس رأي الشعب في القرارات الاقتصادية الأخيرة؟ لا أقصد جدوى القرارات أو فنياتها الاقتصادية.. بل بالتحديد (ثقة) الشعب في قُدرة الحُكومة على استنباط سياسات اقتصادية قادرة على التعامل مع الواقع الذي نعيشه الآن؟!

بعبارة أدق.. هل يصدق الشعب الحكومة في ما تقول؟؟

في تقديري تلك هي المُصيبة الأكبر.. فالواقع الاقتصادي بكل أوجاعه كومٌ.. وكوم آخر أن يتشكّل رأي شعبي كاسح يستيأس العشم في قُدرة الحكومة على إدارة الاقتصاد..

والشعب لم يخلص إلى هذه الخلاصة من فراغٍ.. فإفراط الحكومة في الخُطط والبرامج الاقتصادية التي لم تنجب إلاّ مَزيداً من الفشل عزّز نظرة الشعب في فشلها..

السيد جودت يلماظ وزير المالية التركي الذي نَجَحَ في القفز بتركيا إلى تخوم العشرة الأوائل عَالميّاً في الاقتصاد.. سألناه خلال زيارتنا لتركيا.. ما هي منصة الانطلاق لبناء اقتصاد قوي.. ردّ علينا بعبارة واحدة: (حُقُوق الإنسان أولاً..).

بناء الاقتصاد يبدأ من الإنسان وإليه..!! حُقوق الإنسان الأساسية.. حُريات التّعبير والحُريات السِّياسيَّة.. من هنا تبدأ وصفة بناء الاقتصاد القوي..!!

-التيار

تعليق واحد

  1. ما الغريب في ذلك؟ سلطة انقلابية فاشستية تحكم بالحديد و النار و تزور الانتخابات و تزور ارادة الشعب و تقيم استطلاعات راي مزورة لمزيد من الغش …. الغريب في الامر ان كل فرد من الشعب يعلم بكذب الحكومة و تزويرها لارادته و غشها و تزويرها لكل شئ فلماذا تكلف الحكومة نفسها عناء التزوير و هي تعلم ان الشعب يعلم و العالم يعلم؟ هل بلغ الغباء بلصوص الحكومة الاعتقاد بان الناس تصدق تزويرهم؟

  2. ما الغريب في ذلك؟ سلطة انقلابية فاشستية تحكم بالحديد و النار و تزور الانتخابات و تزور ارادة الشعب و تقيم استطلاعات راي مزورة لمزيد من الغش …. الغريب في الامر ان كل فرد من الشعب يعلم بكذب الحكومة و تزويرها لارادته و غشها و تزويرها لكل شئ فلماذا تكلف الحكومة نفسها عناء التزوير و هي تعلم ان الشعب يعلم و العالم يعلم؟ هل بلغ الغباء بلصوص الحكومة الاعتقاد بان الناس تصدق تزويرهم؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..