حتى لا يطير الدخان

إحسان عبد القدوس يكتب رواية حتى لا يطير الدخان ,, و بطلها يقتله القلق و الألم عندما تمرض والدته و لا احد يتعاطف معه لعلاج والدته التي تحتاج إلى عملية عاجلة , تسول و طلب من أصدقاؤه و معارفه أن يسلفوه فلم يجد احد , بالرغم من أن أصدقاؤه و زملاءه في الكلية كانوا من أبناء الذوات , يصرفوا أموالهم على المخدرات و الحشيش و البنات ,, لم يساعده احد ,, أمه تمرض و تتعذب أمام عينيه و لا يستطيع فعل شئ لها ثم تموت بعد صراع مع المرض ,,
كنا نعتبر ذلك ضرب من الخيال و نحمد الله على أننا في السودان , و ان الفقير له حق العلاج و يعالج بالمجان في مستشفيات الدولة , و كنا نقول ما في زول بموت بالجوع , و اليوم يموت الفقير بالجوع و المرض ,, مشهد تلك الرواية يحدث لدرجة انه صار عادى و حديثي ليس بجديد ,, و سعر الدواء و العلاج ضرب من المستحيل للفقراء ,, و الجديد اليوم هو الارتفاع العظيم الجديد للدواء ,, فالزيادة غير معقولة و تزيد عن الخيال ,, و قبل تحرير الاقتصاد و اختلال ميزان العدالة الاجتماعية و قبل ان يخرجوا من الجحور إلى القصور و قبل ان تتحول الدولة إلى تاجر مسرف و المواطن إلى سلعة ,, فكل شئ الآن صار تجارة و فهلوه و شطارة و تملصت الدولة من أي دور لها فى الصحة فليموت كل الفقراء طالما هم فى النعيم و ليموت كل المواطنين ,, طالما هم يتعالجون في أفضل مستشفيات العالم على حساب هذا المسكين , و من ثم تبدلت الأحوال ,, و صار أسوأ حال في الصحة و التعليم , كثيرون ماتوا و آخرين ينتظرون الموت لضيق ذات اليد , فالفقراء يأخذون مريضهم لأقرب مستشفى و ينتظرون موته البطئ, مئات الروشتات بالقرب من أي مستشفى يستجدون و يشحذون بها حق الدواء و لن تستغرب ان كان الذي يشحذ شاب عريض مفتول العضلات و لكن ضيق ذات اليد و قلة الحيلة فالمريض إما ابنه او أبوه او أمه ماذا يفعل يركل الحياء و يستجمع كل شجاعته و يمد يديه ,, و هذه ليست قصص أو رواية مؤثرة هذا الذي يحدث ,, للأسف واقع معاش معروف لدى الجميع ,, و الوحيد الذي ينكره المسئولين ,, اسألوا الأطباء و الصيادلة و حراس ما تبقي من مستشفيات ,,
الآن يمر الدواء بمرحلة جديدة مهولة على المواطن الذي بالكاد يستطيع أن يسد رمقه و يتنفس فيضاف على كاهله سعر كبير للعلاج ,, المواطن مثل المريض فى غرفة الانعاش و الدربات و الاجهزة فى جسمه ,, الحكومة الان رفعت كل هذه الاجهزة ,,ليس امامه الا الموت و الوفاة ,, و حالة ارتباك شديدة سادت سوق الدواء في السودان بعد أن طرحت الحكومة أسعارا جديدة للأدوية طبقا للسعر الرسمي للدولار مقابل الجنيه،,
أذن ذاد الدواء و سيزيد دون أن يطرف للحكومة جفن ,, و دائما أخبار و كلام الحكومة جادى جدا و صحيح فيما يخص ضغط و المواطن و حلبه و ارتفاع الأسعار,, و مجرد ونسه و كلام ساي اذا كان هناك وعد من الحكومة بتحسين او انخفاض أي شئ ,, و لا يعدوا الأمر سوى ان يكون طك حنك و ثرثرة و وعد سراب ,, هذا بعد اعلان سعر الدواء الجديد ,,.
الان يتضاعف الدواء , و كالعادة لا نأخذ غير الكلام , بينما يصرح محافظ بنك السودان بان الدواء سعره سوف ينخفض بسبب المنافسة ,, شركات الادويه تقول انها لن تستطيع الاستمرار
باردون و البارد يعرف بأنه مفرط في هدوئه لا يستجيب بسرعة ، متبلِّد الإحساس ، يرد بعد مسافة بان الأمر ليس خطير بهذه الدرجة ثم ينامون و يشخرون طالما هم و أولادهم لا يعنيهم أمر الغلاء و غلاء الدواء ,,
كثير من الناس يعتبرون أن وطنهم هو بيتهم , و طالما هو بخير , و أبنائه و بناته , أذن الأوضاع جيدة , فلا احد يشعر بأحد ,, كل واحد يقول يا نفسي ,, و لك الله يا بلد ,,
التيار
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..