ساعة الغضب ليس لها لها عقارب

لا حظت خلال السنوات الماضية من سني النظام الحالي تصاعدا في النبرة تجاه الشعب السوداني المغلوب علي أمره من قبل المعارضين و المهاجرين ؛ و الذي كال له النظام الحالي من الظلم ألوانا و سقاه مر الهوان و الإفساد في الأرض, و تساؤلا لماذا لا يخرجون و لماذا لا يتظاهرون و لماذا و لماذا.
كما شمل الإنتقاد الشرطة السودانية في قمعها للمظاهرات,ليس دفاعا عن الشرطة فهي قوة نظامية تأتمر بأمر الدولة و منسوبيها موظفون مأجورون و مجبورون, لكني أبرئها من قتل المتظاهرين عنوة.
الحق إن أمر خروج الشعب للشارع أمر معقد ,لأن الشعب عندما يخرج فإنه يخرج غاضبا و ساعة الغضب ليست لها عقارب,لكن عندما تراوح عقارب ساعة الغضب مكانها يكثر التساؤل.
الإجابة سهلة جدا ,كل الشعوب عندما خرجت ثائرة لم يتوقع الطغاة و لم يتوقع الشعب نفسه تلك اللحظة,هي لحظة فارقة من عمر الزمن ,وقودها الظلم المتراكم و تحتاج لشرارة,شرارة واحدة فقط,أكتوبر أشعلها شهيد و أكرر هو شهيد لكن أصابته طلقة طائشة و هو خارج من الحمام, الربيع العربي أشعله حامل دكتوراة غاضب لم يجد عملا فعمل بائعا علي بسطة فانتحر حرقا غاضبا من موظفة حكومية أهانته.
المواطن السوداني خرج في أكتوبر فسرقت احلامه في العيش الكريم,خرج في مظاهرات الشريعة المليونية فاستغلت عاطفته الدينية,خرج في أبريل فقدمت الديمقراطية الثالثة أسوأ أداء لها,خرج في سبتمبر فقتل منه العشرات و لم يجد له أعوانا ,الرؤية لدي الشعب السوداني خاصة بالبديل مشوشة ,النخبة السودانية لم تطمئن المواطن بأنها صارت أكثر تعقلا.
المتنفذون من الحكومة و قادة المعارضة يعيشون كأباطرة و يتنقلون بين عواصم العالم الثرية و أسرهم تعيش كما الملوك!!!
سألت احد أقاربي الذين يعملون بالحكومة لماذا لا يخرج الناس للإحتجاج ؟ قال لي الناس دي كلها لديها أسر و تعيش رزق اليوم باليوم و برضه العمل ما مكفي ,ذكر لي أن معظم الموظفين في الدولة يزوغون أثناء الدوام الرسمي للعثور علي مصادر دخل ثانية و المدراء يغضون الطرف لأنهم يعلمون الحاصل,يعني تكريس للفساد من قبل أعلي المستويات!!
حاولت أن اعتصر ذهني و أتذكر علاقتي مع الانظمة المختلفة التي تعاقبت علي حكم السودان والمظاهرات كطالب و موظف عام و كمواطن سوداني.
في منتصف السبعينات كنت طالبا بمدرسة ثانوية عامة فكانت هناك بعض المظاهرات و الإعتصامات بمنطقة مدارس المهدية-أم درمان ضد نظام نميري,أذكر أني و طالبين آخرين شاركنا في المظاهرات و قد قام الناظر آنذاك بتوبيخنا لكنه قال لنا بأن من يريد أن يدرس فأبواب المدرسة مفتوحة و من يريد أن يظاهر فعليه بالخروج للشارع و لكنه لن يسمح بأي إعتصام بالمدرسة فخرجنا.
عملت بعدها بالشرطة ضابطا و في بداية الثمانينات كانت هناك مظاهرات شعبان ضد نميري كما أعتقد و شملت نفس منطقة مدارس المهدية و كلية التربية, قمت و معي زميل أقدم مني في التسلسل العسكري بتفريق المظاهرات التي أسميت (شغب) و قد تعرضت إلي موقفين سيئين فيها ,في الأول كنا نركب عربة كومر ,أنا و زميلي في المقعد الأمامي للكومر و باقي القوة بالصندوق الخلفي,رميت علينا زجاجة مولوتوف من قبل طالب صغير السن و ربك ستر.
في المرة الثانية ذهبنا إلي كلية التربية و خلف سورها إبتدرني طالب بها بأقذع الالفاظ النابية الشوارعية التي لا تليق بطالب سيتخرج معلما في مقبل الايام و أعتذر عن إيرادها هنا فقذفت نحوه بعلبة بمبان كسفتني و لم تنفجر. !!
ثم أيام إنتفاضة ابريل كنت في إجازتي السنوية و إنخرطت في المظاهرات الليلية بحماس, و قد ارسلت لي الإدارة التي كنت أعمل بها خطابا رسميا يقضي بقطع إجازتي السنوية نسبة لإعلان حالة الطوارئ بالبلاد و عودتي للعمل فورا.
لم اقطعها وواصلت في المظاهرات الليلية التي شملت كل الثورات بالرغم من أن مدير عام الشرطة آنذاك وصف المتظاهرين بالمتشردين, و في ليلة هجم علينا كومر بوليس بدأ بقذف البمبان ثم توقف و هبط منه نفس الزميل السابق الذي عملت معه في تفريق مظاهرات شعبان أيام نميري و كان غاضبا يتطاير من عينيه الشرر , و بعدها خرج من الكومر جنود أسرع من البرق مدربين تدريبا عاليا و يفوقون أبطال الماراثون عدوا فإنطلق الجمع الغفير من المتظاهرين جريا داخل الأحياء و أنا معهم ,بعد فترة سمعت صوتا رتيبا خلفي دت دت دت و أنا أركض, عرفته صوت البوت فأنا عسكري أيضا ,فوجدت أحد العسكر يقترب مني رويدا رويدا و بيده عصا ضخمة أكبر من مرق العنقريب و كان يتهيأ لضربي بها علي ساقي فوقفت بغتة قابضا علي العصا بيدي اليسري و مخرجا بطاقتي العسكرية بيدي اليمني, فإستغرب و قال لي(طيب جاري مالك يا جنابو) قلت له بأني أعمل بالمباحث و لا اريد أن أعرف فتركني.
ثم تم إنتدابي للعمل بجهاز الأمن الوطني أيام الديمقراطية الثالثة , و حصلت في تلك الايام بعض المظاهرات بمنطقة ود أرو بأم درمان و أنا اقود عربة العمل و مررت بها بالصدفة عائدا لمنزلي, فصرخ أحدهم (عربية الامني) فرجمني الجمع بالحجارة و دخلت في أول شارع يمينا.
ما أدري أي نوع من الذكاء كان لدي بناة جهاز الامن الوطني الوليد أيام الديمقراطية الثالثة حينما أشتروا سيارات جديدة كلها كورونا و كورولا موديل 1988 فكان الكل يعلم أنها سيارات الامن. !!!!!!
ما كان ذلك بمستغرب فهو نفس الذكاء الذي أدي لحل جهاز أمن السودان و إبقاء السودان بلا جهاز أمن لعام كامل ثم بناءه بطريقة عبثية و إدخاله في المحاصصة السياسية.
و أذكر جيدا يوم كان مدير جهاز الامن من حزب الامة فتم إرسالي لجنينة السيد علي التي أجتمعت فيها كل أنواع الطيف السياسي لاسقاط حكومة الصادق المهدي و كلفت بتغطية الحدث, ذاك لم يكن واجبا قوميا و كان أشبه بووترقيت فآثرت الجلوس بالخارج لكتابة تقرير عام يضم كشفا بالحضور فقط,أحد زملائي أشار بأنه يعرف شخصا من الختمية قادر علي إدخالنا لقاعة الاجتماعات من باب جانبي و أغراني بأن هذه فرصة لكتابة تقرير كارب أنال فيه ثناء من رؤسائي فاعتذرت له,لسوء حظ ذاك الزميل فقد جلس بين عز الدين علي عامر و فاطمة عبد المحمود التي كشفته و انتظرت لحين بداية الاجتماع,ثم قبقبته من الياقة و صرخت بصوتها الجهوري المعروف (رائد شرطة داخل الاجتماع )!!!! و ساد الهرج و المرج و اذا بزميلي المسكين يخرج من نفس الباب الذي دخل منه مقبقبا و مطرودا فحمدت ربي في سري.
لم أواصل العمل في ذلك الجهاز لأسباب كثيرة منها الطريقة التي عين بها منسوبوه و عدم قومية ذلك الجهازو طريقة عمله علاوة علي أن إنقلاب الإنقاذ تم و أنا داخله فلم أشأ الاستمرار فيه و عدت للشرطة قبل أن أستقيل.
رجال شرطة السودان لا يتلقون تعليمات بقتل المتظاهرين ابدا بل هم يتعرضون للقتل و آخرهم قتل بجامعة الخرطوم, و إن دافعوا عن أنفسهم و كان موت أحد المواطنين نتيجة لذلك فالقانون لا يرحمهم و من الممكن أن يبعث بهم لحبل المشنقة.
الشعب السوداني الابي البطل ليس جبانا و ليس خانعا لكنه غلب علي أمره تماما و الاجراءات الاقتصادية الاخيرة أوصلته الي آخر حافة الغضب و لا اعتقد أنه سيستطيع السكوت اكثر من ذلك,فقد توفر الوقود لثورة الجياع و المحتاجين و المغبونين و لم يبق الا الشرارة و ربك يستر من الآتي.
رأى السفير في وزارة الخارجية والكاتب السوداني خالد موسى، أن الحكومة كسبت الجولة بأقل الخسائر السياسية الممكنة، وأن شبح الاحتجاجات واستغلال القرارات للتغيير الثوري لم تعد ممكنة، معتبراً أن ذلك يعود لعوامل عدة، بينها عدم نضوج اللحظة الثورية والخوف من آثار التجارب الإقليمية الماثلة ومن الفشل والفوضى، إضافة إلى عدم استعداد الطبقة الوسطى في السودان للتضحية بمكتسباتها مقابل مغامرات ثورية ستكون هي أولى ضحاياها، إلى جانب الخوف من سرقة الحركات المسلحة للتغيير باعتبارها الأقدر على ذلك بالنظر لامتلاكها السلاح. غير أنه اعتبر أن الشعب يمكن أن يصبر مؤقتاً، لكن إذا فشلت القرارات الحكومية في تحقيق أهدافها المعلنة فستكون وقتها كافة السناريوهات قاتمة وكارثية.
عملياً كانت حالة الغليان واضحة في الشارع السوداني، إذ بدا السخط متصاعداً في نقاشات السودانيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمواصلات العامة وفي الأحياء، وأصبحت قضية زيادة الأسعار سيدة الموقف من دون أن تتطور عن ذلك الحد، وهو أمر دفع مراقبين للتحذير باعتباره بمثابة بركان قابل للانفجار في أية لحظة، الأمر الذي من شأنه أن يرمي بظلال سلبية على الجميع معارضة وحكومة ويصعب وقفه، فضلاً عن السلبيات التي يمكن أن تنتج عنه على صعيد المجتمع واستقراره وأمنه.
أما من جهة الأحزاب المعارضة، فقد سادت حالة من الانقسام في صفوفها وشلت قدرتها على التحرك، وأفقدت بعض قواعدها الثقة فيها، خصوصاً أن الفترة التي سبقت القرارات شهدت تراشق اتهامات عبر الصحف بين الأحزاب المعارضة لاسيما حول عملية الحوار واقتسام المناصب الوزارية، الأمر الذي أضعفها. كما أن السلطات الأمنية قامت باعتقال قادة وكوادر حزب ?المؤتمر السوداني? باعتباره أكثر حزب كان فاعلاً في الفترة الأخيرة بالاحتكاك بالشارع عبر تنفيذ خطابات جماهيرية في الأسواق ومواقع التواصل لمناهضة الحكومة وسياساتها.
ورأى المحلل السياسي الطيب زين العابدين، أن فشل تظاهرات سبتمبر 2013 كان السبب الأساسي في إحجام الشباب عن تحريك الشارع مرة أخرى، لا سيما أن توقعاتهم بأن تلتحق بهم الأحزاب المعارضة حينها خابت تماماً لأن التجاوب لم يكن بالصورة المطلوبة، إضافة للقسوة المفرطة التي تعاملت بها الحكومة مع تظاهرات 2013 وعدم تحقيق الاحتجاجات أهدافها بتراجع الحكومة عن القرارات أو إسقاطها. واعتبر أن القرارات الاقتصادية عموماً رمت بظلال سلبية على أجواء الحوار وغيّرت من مناخه بعد ظهور قدر من الأمل، مشيراً إلى الإحباط الذي عبّرت عنه الأحزاب التي شاركت في الحوار لا سيما المعارضة إزاء تلك القرارات واهتزاز ثقتها في عملية الحوار برمته. فيما قال القيادي في ?المؤتمر الشعبي? المعارض أبو بكر عبدالرازق، إن القرارات الحكومية تمثّل عدم احترام وتقدير للحوار ومخرجاته وللأحزاب المحاورة، إذ كان ينبغي أن تتم مشاورتها حولها. ورأى أنها تعبّر عن قراءة سيئة، لافتاً إلى أن الثقة في النظام من الأساس ليست كاملة بسبب التجارب السابقة مع الأحزاب السياسية وما نتج عنها من نقض للوعود والعهود.
أما الخبير السياسي السوداني ماهر أبو الجوخ، فأشار إلى عامل إضافي في اللامبالاة التي ظهرت على الشارع السوداني، يتمثل بما ترتب على تجربتي ثورتي أكتوبر/تشرين الأول 1964 وإبريل/نيسان 1985 من نتائج سلبية، الأمر الذي شكّل عاملاً محبطاً للشارع. وأكد أن الخطوة برمتها من شأنها أن تقود لنتائج كارثية مدمرة مع تنامي معدلات الهجرة والنزوح نحو المدن والضغط عليها وما يترتب على ذلك من آثار سلبية بزيادة معدلات الجريمة، لأن الناس ستعاني من الجوع. وأضاف أنه إذا حدث هذا الأمر، فسيخلق اضطرابات عنيفة داخل المجتمع، وستصبح البلاد فوق فوهة بركان مجتمعي يغلي قابل للانفجار في أي لحظة. ورأى أن الحكومة ضمنت الاستقرار سياسياً لكنها على مستوى المجتمع في انتظار كارثة لا محالة في ظل استمرارها في السياسات الاقتصادية التي ستقود لإفقار الناس.
وفي السياق، اعتبر أستاذ الصحة النفسية علي بلدو، أن الحالة التي يمر بها المواطن السوداني حالياً تُعد الأسوأ من نوعها وهي ناتجة عن الضغوط الاجتماعية والاقتصادية فضلاً عن عدم الاستقرار الأمني والسياسي. وشبّه الأوضاع في السودان حالياً بما كانت عليه الأوضاع في فرنسا قبل الثورة الفرنسية، مشيراً إلى أن ?فقدان الثقة في المعارضة وضعف القيادات في المعارضة والحكومة معاً، وضعف مهاراتها في التواصل مع المواطن والشارع، عوامل قادت لحالة عدم اللامبالاة وفقدان الثقة في المستقبل وعدم وجود رغبة حقيقية في التغيير مع عدم الاقتناع بالبدائل المطروحة وبالتالي عدم المشاركة في أي حراك?. ورأى أن ?للخطوة انعكاسات تتمثل في زيادة المشاحنات داخل الأسر والشارع كبديل للانتفاضة، إلى جانب زيادة حالات الإدمان على المخدرات كوسيلة تعويضية.
صرنا في ظل هذا النظام لا نتمني رد القضاء و لكن اللطف فيه,الاجراءات المالية الاخيرة قاسية جدا جدا علي الشعب السوداني و لكن فداحة أمر الدواء جعلنا ننسي الامر كله, و نتمني فقط عدم رفع الدعم عن الدواء و كلها فقط (300) مليون دولار كافية لحل مشكل الدواءو أكاد أجزم أن إثنين أو ثلاثة من قطط الانقاذ السمان قادرين علي دفع هذا المبلغ و لكن؛ و آه من آه, المسألة بدأت بالانقاذ و الآن نحن نخشي من الانهيار حسب تبرير السيد رئيس الجمهورية, ثلاثون عاما هي تجربة الاسلام السياسي في السودان منذ نهاية عهد نميري,ثلاثون عاما كانت كافية لنهضة شعوب كثيرة مثل ماليزيا و سنغافورة و غيرها و نحن رجعنا ثلاثون عاما إلي الوراء.
يعني معقول ثلاثة أشقاء ينتحرون لعدم قدرتهم علي دفع ثمن الدواء الذي صار سعره فلكيا؟!!!!!
نكتة سياسية: قيل أن مصليا في مسجد الجمعةسمع الامام يدعو (اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك و لا يرحمنا يااارب العالمين) فعلق المصلي (هو سلط و انتهي نسأله التخفيف) بس …..ما كنا متوقعين أن من يتسلط علينا سيكون رافعا لا اله الا الله و لا في الاحلام لكن دة شكله كابوس مخيف!!!!!
[email][email protected][/email]
سلام ابوصلاح
مقال كويس جدا واحسن من الكلام الفات داك كلو
تحياتى يارفيق
سلام ابوصلاح
مقال كويس جدا واحسن من الكلام الفات داك كلو
تحياتى يارفيق