حاجة تجيب الضغط ..!

«إياك والخلط بين الحركة والفعل» .. آرنست همنجواي ..!
يقولون لك إن هذا العالم ـ على امتداده ـ قد أصبح اليوم قرية واحدة صغيرة، فتفرح مستحسناً هذا الزعم المتحذلق الذي يختزل المسافات بينك والبيت الأبيض .. والكرملين .. وسور الصين العظيم .. وعزلة الدلاي لاما .. ونجوم ريـال مدريد .. وأساطير هوليوود .. لكنك تعلم بالطبع أن الاتصال شيء وأن الوصول شيء آخر .. جولة قصيرة في وسائل الإعلام لتفقد أوجه الشبه ومواطن الاختلاف بين سكان تلك القرية الواحدة قد تغنيك عن الكلام، وقد تصيبك بـ (الضغط) ..!
فتصبح واحداً من ربع سكان بلادك الذين قالت معظم صحفها? ذات يوم – إنهم مصابون بأمراض ضغط الدم .. والذي لم تقل به الصحف بعد هو أن بقية شعبك الفضل في طريقه للإصابة بأمراض السكري، إذا شاء الله أن تبقى (مشيئة) هذه الحكومة في تصريف شؤون هذا الشعب التعس المسكين على حالها ..!
معظم أمراض العصر المزمنة متفشية عندنا في السودان، وسبعون بالمائة من المصابين بتلك الأمراض المزمنة ـ بحسب أحدث التقارير ـ يسافرون إلى الأردن لتلقي العلاج! .. التفسير المتفائل لهذه الظاهرة يقول إن ثلاثين بالمائة من مرضى الأمراض المزمنة بالسودان ما زالوا يفضلون العلاج محلياً! .. بينما يثبت التفسير المتشائم أن الذين يسافرون طلباً للعلاج في الأردن ـ أو غيرها ـ هم الفئة القادرة أو المستطيعة مع المشقة، بينما يبقى غير المستطيعين ـ من الفقراء والمساكين، وغير العاملين عليها، وغير المؤلفة قلوبهم! ـ مُكرهين لا أبطال ..!
لا شك أن التشخيص والعلاج المتطور هما ضالة أولئك المرضى الذين يشُدّون الرحال طوال العام إلى الأردن.. لكن الأهم من ذلك هوسلوك الطبيب السوداني (غير المتطور) في معاملة، هذا الخلل المهني، والداء الطبي العضال هو السبب الأكثر شيوعاً، ولعله أحد أسباب ارتفاع نسبة المصابين بالضغط ..!
المريض السوداني يشُد الرحال إلى أردن البخاتة وهو على يقين تام بكفاءة الطبيب السوداني، وبأن معظم الأخطاء الطبية المحلية لا تحدث عن قلة خبرة أو معرفة.. ولكنها ظروف الخدمة الصحية في البلاد وبيئة العمل (ذاك المشِجب الملعون) ..!
وهوعلى يقين ـ أيضاً ـ من أن ما يظنه ويحسه هو كمريض ليس على قائمة أولويات مواطنه الطبيب – المتضرر دومًا من ظروف العمل – على العكس من زميله الأردني الذي يعلم جيداً أن حسن المعاملة هي أهم مقومات نجاح السياحة الطبية..!
المسؤولية التقديرية للطبيب لا تعني أبداً أن يتجاهل الصحة المعنوية للمريض مهما تواضع حالاً لأسئلة ومهما علا شأن التشخيص .. أليس كذلك؟! .. بلى هو كذلك .. وقد جاء في الحديث النبوي أن (الدين المعاملة) ..!
إلى جانب مقرراتها الدسمة أعتقد أن كليات الطب السودانية بحاجة إلى إضافة مادة جديدة موضوعها «أنْسَنَة الحضور المهني».!
اخر لحظة
غايتو .
بمناسبة الدين ناس الانقاذ مالو بقوا ما بتكموا في الدين الحصل شنو
بمناسبة الدين ناس الانقاذ مالو بقوا ما بتكموا في الدين الحصل شنو