وولد فأر زيادات الرواتب

بسم الله الرحمن الرحيم

لم يكن الشعب السوداني في الواقع محتاجاً لمن يشرح له معنى زيادات الرواتب..والتي وعد النظام بها العاملين ..عقب الاجراءات الاقتصادية الأخيرة..فقد خبر مثل هذا الحديث منذ نظام مايو وخضوعه لوصفات صندوق النقد الدولي..لذلك كان من أهم هتافات انتفاضة أبريل المجيدة..لن يحكمنا البنك الدولي..أما مع نظام الانقاذ..فقد رأي ما لم يتوقعه في أسوأ كوابيسه..وأكثر مخاوفه تشاؤماً..خاصة بعد فقدانه دولارات البترول التي ذهبت مع الجنوب..
خبرة الشعب تعي تماماً أن مجرد رفع الدعم يعني أن الدولة قد عجزت عن الإيفاء بالتزاماتها ..ورأت أن هذا هو أقصر الطرق لدعم خزينتها..مع وعود بزيادات في الرواتب هي أبعد من أن تقف في وجه غول الزيادات في السوق..لكن النظام في هذه المرة ..ولامتصاص الآثار السالبة المتوقعة..روج لأنها لزيادة الأضخم..وطفقت نقاباتها تروج لزيادات تتضارب تصريحات وزرائها مع ما اعلنتها..وهاهي الآن قد طبقت..وأصبحت بينة لكل العاملين ..وعرف الكل مقدار الزيادة في الرواتب..التي تراوحت بين 250 جنيهاً إلى 340 جنيهاً لدى غالبية القطاعات..
ودون الدخول في تفاصيل كثيرة..فليسأل كل عامل نفسه..كم بلغت الزيادات في مستلزماته الشهرية وصرفه اليومي ؟ كم تبلغ الزيادات في المواصلات والكهرباء وزيت الطعام ولبن الأطفال..تألمت وأحد أقربائي يكتب في حائطه على الفيسبوك..جركانة الزيت عبوة عشرين رطلاً..كانت بمائة وخمسين جنيها..بعد يومين قفز السعر إلى 180 وبعد أقل من أسبوع إلى 210 جنيهاً..زيادة تقارب الخمسين في المائة..أما الدواء ..فالكل يعرف صدمة الزيادات فيه..وادعى النظام أن نظام التأمين الصحي سيخفف من الصدمة..سأنقل لكم مثالاً واحداً..ضابط شرطة من أقربائي أيضاً..أصيب بالتهابات في الأنسجة في ساقه..ظننت أن وجوده في مستشفى الشرطة ..يعني توفر العلاج..حتى صدمت أن علاجه خارج التأمين ..يكلف مضاداً حيويا تكلفته اليومية 370 جنيهاً .. وأن العلاج قد يستغرق شهراً ..فتأمل.
لذلك نقول أن فأر الزيادات في الرواتب لمواجهة غول الأسعار قد ولد..ولا مجال للمغالطات..لكن إذا لم يقنع هذا الواقع المرير..العاملين في الدولة ..إلى تنظيم صفوفهم ..والخروج من قيد نقابات النظام ..لإسقاطه..بالمشاركة الفعلية في العصيان المعلن يوم 19/12 .. فليتحملوا استواء النظام على ظهورهم أكثر..لقبولهم الانحناء.

[email][email protected][/email]