حركة حق وصراع النخب

حركة حق وصراع النخب
فيصل محمد صالح
انشقت حركة القوى الجديدة الديمقراطية “حق” للمرة الثالثة أو الرابعة، لتسجل من جديد صوت إدانة للنخب السودانية المحاصرة بهواجسها وأزماتها وقصورها الذاتي، بل أنانيتها وشخصنتها للقضايا، بدرجة تجعلها خارج دائرة الاهتمام بمشاكل الناس وقضاياها وآلامها واوجاعها.
خرجت حركة حق من رحم حوار طويل شاركت فيه مجموعة الخاتم-وراق-الكد التي خرجت من الحزب الشيوعي، ومجموعة المنبر التي تكونت في لندن، ومجموعة القوى الحديثة في أمريكا، ومجموعة من الاخوان الجمهوريين، ومجموعات أخرى في القاهرة والخليج وأوروبا. وكان الإحساس وقتها أن حركة الوسط ستشهد حراكا مميزا بهذا الكم من الناشطين المثقفين ذوي الخلفيات الفكرية والسياسية المتنوعة، ولم يكن مطلوبا أن يحتكم الجميع لأي أيدلوجية مشتركة، بل برنامج سياسي يناسب المرحلة ويخاطب احتياجاتها. لكن، ومنذ مرحلة التكوين والانطلاق، دبت الخلافات بين المجموعات، وظهر الحوار-الجدال المطول بين المرحوم الخاتم عدلان والدكتور أحمد عباس، ثم مضت سفينة الحركة وسط الأمواج، وصارت تشهد انشقاقا في كل صباح.
خرج الحاج وراق بمجموعته، وبقي الخاتم والباقر العفيف ومحمد سليمان وعمر النجيب في مجموعة. ثم لم تمض سنوات حتى خرجت مجموعة من بطن حركة الخاتم-العفيف ، وخرجت مجموعة أخرى من بطن حركة وراق- قرشي عوض، وهكذا دارت الدوائر على الحركة بكل أقسامها وانشقاقاتها.
ظلت هذه الخلافات والانشقاقات تتمظهر بغلافات فكرية وسياسية، لكن جذرها الأساسي كان شخصيا، بدليل أن أي تيار لم يستطع أن يقدم شيئا مختلفا عندما تحدث عن خلافه مع المجموعة الأخرى وعزاه لاختلاف الموقف السياسي أو الفكري. حين خرجت مجموعة الحاج وراق قيل أن السبب هو الخلاف على تبني العمل المسلح ومدى مناسته، وفي مرات أخرى قيل أن السبب الموقف من الدين وموقعه في الحياة السياسية، ثم العلاقة مع الحركة الشعبية.
لكن أخطر ما صاحب هذه الانشقاقات هي عمليات التخوين المتبادل التي تمت أكثر من مرة ورمي الخصوم بأبشع الصفات والنعوت، وتبادل اتهامات الفساد والعمالة، والعلاقة مع النظام أو اسرائيل في أحايين أخرى.
أذكر حين حدث الانشقاق الشهير داخل تنظيم التحالف الوطني/قوات التحالف السودانية، وكانت وما زالت، تجمعني صلة طيبة بقيادات الطرفين، أن كتبت لهم رسالة مشتركة طالبتهم فيها، إن تعذر العمل المشترك، أن يقدموا لنا أدبا جديدا في الخلاف السياسي يشبه شعارات السودان الجديد والدولة المدنية الديمقراطية، وأن يفترق الطرفان دون تلطيخ الثياب وتمزيقها. وأذكر أن بعض القيادات قد ردوا علي شاكرين ومعتذرين، بينما غضب البعض لأني ساويت بين الطرفين، فقد كان مطلوبا مني، وأنا لست عضوا بالتنظيم، أن أخذ جانب أحد الأطراف.
بدأت حركة الانشقاق الأخير بالصراع داخل مركز الخاتم عدلان، وكان واضحا أن الحديث عن أن المركز مستقل ولا علاقة له بخلافات أطراف حركة حق، هو حديث أماني لا علاقة له بالواقع،فقد بدأ الانشقاق في جسم وانتقل للجسم الثاني بكامل عدته وعتاده.
متى ستفرغ النخبة السودانية من خلافاتها وصراعاتها وأمراضها الداخلية وحساباتها الشخصية لتلتفت لأمراض الوطن وعلله، كم من الزمن يلزمنا ان ننتظر وننتظر؟
الاخبار
\\"متى ستفرغ النخبة السودانية من خلافاتها وصراعاتها وأمراضها الداخلية وحساباتها الشخصية لتلتفت لأمراض الوطن وعلله، كم من الزمن يلزمنا ان ننتظر وننتظر؟\\"
إلى الأبد.
غاية الأمل أن يكون الشباب بمأمن من عدوى هذه النخب، وأن تفرز الأزمة الحالية و الإحتقان الشبابى الموشك على الإنفجار قيادات مرتبطة بنبض الشارع و همومه ،أكثر إحساساً بأمراض الوطن و علله. هذا و إلا فعليه العوض و منه العوض فى بلد كان اسمه السودان.
tانت يا فيصل رائع دائما
والمشكا يتمثل في خلل بنيوي في التركيبة النفسية للمواطن السوداني والغياب التام للمعايير الخلاقية التي تدفع عجلة الانتاج وترتغي باالمواطن ماديا وسلوكيا
واستمرار الطغاة في الحكم ازمنة طويلة مرده الي فساد المعارضيين وعجزهم عن تقديم انفسهم كقادة يتمثلون اوجاع وهموم الامة المشكلة كما قال نزار
ما دخل اليهود من حدودنا
بل تسربوا كاالنجل من غيوبنا
وفقك الله اح فيصل في بلورة رؤي جديدة يلتف حولها جموع الغلابة من اجل وطن مترع بالسلام الاجتماعي يسوده العدل والصفاء والنقاء
تتكون الأحزاب السودانية وتجتمع القوى والنخب المثقفة على تكوينات أو أحزاب هلامية لا يؤلف بينها رؤية واضحة ولا تقوم لأداء رسالة محددة للمجتمع السودانى. تقوم الجماعة أو الحزب بوضع كتاب طويل يشرحون فيه كل شيئ إلا رؤيتهم ورسالتهم، وغالبا ما تغلب أهواء وأغراض شخصية فى الممارسة وتطفح الخلافات بسرعة لعدم وضوح العدف المشترك. يستوى فى هذا أحزاب اليمين واليسار والوسط. إذا تحدث الزعيم يقول أشياء غائمة عامة لا تخرج منها بشيئ، وإذا حاورت أحد المنتمين لا تجد عنده رأيا مستقلا بل غالب إنتىمائه تحكمه علاقة شخصية بأحد المنتمين مثله، لا يسبر غور التكوين ولا يبحث في الأهداف والرؤي والإنتماء الفكرى والقيد الأخلاقى للحزب. إنها أزمة فى طرائق التفكير عندنا تتطلب جهد العلماء السياسيين والمفكرين وعلماء النفس والمجتمع علهم يجدوا لنا علاجا للحالة السودانية تمهيدا لربطها بالمناهج الدراسية لتبدأ إنطلاقة الوطن الصحيحة، فنحن بهذا المستوى المتردى من الفكر والتفكير السياسى سنظل فى أسفل السلم الحضارى، شعب بلا إرادة ووطن بلا حياة حرة، مع إقتصاد متردى لا يورث المواطن سوي الجهل والفقر والمرض، مع بناء مؤسسات فاشلة مترهلة تزيد الأمور علة وسوءا لا تخدم سوى من يقومون بأمرها فتصبح إقطاعيات خاصة لهم.