البيروسترويكا و الجلاسنوسيت ..مقاربة سودانية قوية جدا

فى كتابه البيروستريكا، طرح غورباتشوف سؤالا على درجة عالية من الاهمية وهو هل نحن فى حاجة الى اعادة البناء والتحرر من الوهم الكاذب بأننا نحن الافضل فى كل شئ والواقع غير ذلك؟
البيروسترويكا هي كلمة روسية وتعني (إعادة البناء) هي برنامج للإصلاحات الاقتصادية أطلقه رئيس للاتحاد السوفييتى، ميخائيل غورباتشوف وتشير إلى إعادة بناء اقتصاد الاتحاد السوفيتى. صاحبت البيريسترويكا سياسة (جلاسنوست) والتي تعني الشفافية.
الاجابة: وصف غورباتشوف حالة الاتحاد السوفيتي فى آخر ايامه قبل الرحيل التى تنطيق كلماتها ومعانيها على الانظمة الشمولية فى كل دول العالم لتطابق اسباب الازمة، فى كل الانظمة الشمولية باختلاف أنواعها ومسمياتها شيوعية،اسلاموية، قومية..الخ.
وصف حالة الاتحاد السوفيتي بأنها بدأت تفقد قوة اندفاعها نتيجة للاخفاق الاقتصادي، إضافة الى التدهور التدريجي فى القيم الايديولوجية والمعنوية، انخفاض معدلات النمو، ودولاب مراقبة الجودة لا يعمل بصورة سليمة وكان هناك تناقض فى الاستعداد لتلقى احدت منجزات العلوم والتكنولوجيا، وتباطؤ فى التحسن فى مستوى المعيشة، وكانت هناك صعوبات فى توفير المواد الغذائية والاسكان والسلع الاستهلاكية والخدمات وعلى الصعيد الايديولوجي كانت دعاية النجاح الحقيقي أو المدعى تحظى باليد العليا وجرى تشجيع المديح أو الخنوع وتجاهل احتياجات واراء الناس والرأى العام فى مجموعة وشجع التنظير المدرسي فى العلوم الاجتماعية وطور بينما استبعد التفكير الخلاق واعلنت احكام وتقييمات عفوية وسطحية على أنها حقائق لا تقبل الجدل، واضعفت المناقشات العلمية والنظرية التى لاغنى عنها لتطور الفكر والعمل الخلاق.
كذلك أثرت اتجاهات سلبية مماثلة فى الثقافة والفنون والصحافة وأيضاً فى عملية التعليم والطب حيث ساد المستوى دون الوسط اعتماداً على النجاحات الشكلية والمديح الصاخب، وكان لتقييم الواقع الحالى من المشاكل أثاره العكسية فقد حصل انفصال بين القول والعمل مما حفز على السلبية العامة وعلى عدم تصديق الشعارات التى تعلن، وكان من الطبيعى أن يؤدى هذا الوضع الى فجوة فى المصداقية فكل ما يعلن من فوق المنابر ويطبع فى الصحف والكتب المدرسية مسار شك وتساؤل، وبدأ الفساد يسرى فى الاخلاقيات العامة والضعف يعرف طريقه الى الشعور العظيم بالتضام بين المواطنين وزاد ادمان المخدرات والجرائم وتغلغلت القوالب الجامدة للثقافة الجماهيرية الغربية مما أدى الى السوقية والاذواق الهابطة وزاد الجدب الايديولوجي وضعف توجيه الحزب وانعدمت المبادرات وغالباً ما حل العبث السياسي والتوزيع واسع النطاق للجوائز والالقاب والمكافأت محل الاهتمام الحقيقي بالشعب وبظروفه الاقتصادية وظروف عمله. وكانت النتيجة أن نشأ مناخ بأن كل شئ على مايرام!! فترددت المطالبة بالانضباط والشعور بالمسؤولية يوماً بعد يوم.
بذلت المحاولات لتغطية كل ذلك بحملات صاخبة ومشروعات طنانة واحتفالات بذكرى مناسبات عديدة على المستوى المركزي والمحلى وكان الواقع اليومى وعالم الرخاء الزائف يتباعدان أكثر وأكثر، وعن الحزب الحاكم وعجزه تحدثت البيروسترويكا عن عجز العديد من تنظيماته عن الدفاع عن المبادئ وساد التسيب واسلوب تغطيه العض على اخطاء البعض الآخر، وقد أدى هذا الى انتهاك مبادئ المساواه بين اعضاء الحزب فأصبح العديد منهم فى المواقع القيادية فوق الرقابة أو النقد وكانت النتيجة الفشل فى العمل وتفشي الممارسات الخاطئة والخطيرة وظهر فى بعض المستويات الادارية عدم احترام للقانون وتشجيع الكلام المضلل والرشوة والخنوع والتمجيد، وكانت الجماهير العاملة ساخطة بحق على سلوك الاشخاص الذين يحظون بالثقة والمسؤولية ومع ذلك يسيئون استخدام السلطة ويقمعون من ينتقد ويجمعون الثروات هؤلاء تحولوا حتى الى شركاء فى اعمال اجرامية!!
بشكل عام فقد تخلفت الخطوات العملية التى اتخذتها هيئات الحزب والدولة عن متطلبات العصر وعن الحياه نفسها وتراكمت المشاكل بسرعة أكثر مما كانت تحل، واصبح المجتمع وبصورة متزايدة صعب القيادة واعتقدنا أننا نمسك بزمام الأمور بينما الوضع الناشئ بالفعل شبيه بما حذرنا منه لينين فلم تكن السيارة تتجه الى حيث يعتقد من يجلس على عجلة القيادة.
ماقاله قورباتشوف صحيح تماما و يمكن قياسه علي كل الانظمة الشمولية في العالم بلا تمييز و يمكن قياسه تحديدا علي الوضع الحاصل الان في السودان فالشمولية هي ضد الحرية,هي مع مع تقييد الفكر,هي مع منع نقد الذات و إصلاح الاخطاء ,هي مع عبادة الشخصيات و الاوهام الكاذبة و الشعارات الصاخبة و الرنانة,هي مع خلق الطغاة و تمجيدهم إلي أن يقع الفاس في الراس, لا صحة لا مقولة أن الدين افيون الشعوب بل الشمولية هي أفيون الشعوب القاتل بلا منازع.
الدين يشتمل علي قواعد للمعاملات و الاخلاق و الفلسفة الروحية التي قد يؤمن بها الفرد و لكن يجب أن يتوافق عليها المجتمع المؤمن بذلك الدين, ما يجمع المتدينين و غير المتدينين معا ان حاجاتهم البشرية و القواعد التي تحكمها هي واحدة مصداقا لقوله تعالي( و اما الزبد فيذهب جفاء و اما ما ينفع الناس فيمكث في الارض) من المعلوم ان كلمة الناس تشمل كل البشر علي إختلاف مجتمعاتهم و مشاربهم, الاقتصاد لا بد منه و لو طال السفر مما يقود للسياسة و السياسة تقود للحوار و التوافق و الشفافية و تحقيق العدالة و هلم جرا, وطننا يمر بمنعطف خطير و تتربص به و بشعبه الفتون و المنون و يظن القائمون علي الامر أنهم قادرون عليه و لكن هيهات ,إن استمر الحال علي ذلك فلن يبقي لنا وطن لنباهي به و نفتتن.
لن نصدق من يرفع شعارات كاذبة لا يلتزم بها بعد اليوم , لا معني لعبارات مثل فلان كافر و فلان يشرب الفودكا و فلان عميل و فلان ماجور و فلان مارق و فلان من معارضة الفنادق.
الكافر حسابه عند ربه و يوم القيامة ياكل ناره( لا اكراه في الدين)(من شاء أن يؤمن), وشارب الخمر اذي نفسه و لو اذي الناس فسيف القانون مسلط عليه و الخمر مازالت تشرب في الداخل و تسمي بالعرقي و قد أنتشرت أكثر من الاول ,أما عميل و مارق فهي كلمات فضفاضة ,جلباب ممكن أن يلبس لكثيرين حتي من هم علي سدة الحكم, أما الاجير فممن الممكن أن يكون موظفا عاما لدي الحكومة ياخذ راتبا منها ليظلم الناس, اما المارق فمن حقي أن اعترض إن ظلمتني و هو حق كفل لي من فوق سبع سموات, اما معارضة الفنادق فهي سبة في وجه النظام لانه لم لم يحتويني و يسمح لي بالمعارضة من الداخل و علي الاقل ادفع فاتورتي بالخارج شقاء و تشردا ,لا سكني في مساكن الذين ظلموا أنفسهم و بنوا الابنية الضخمة و الفخمة امتصاصا لدم الشعب المقهور.
فلنقهر الاحباط بالامل و بالعمل , الضعفاء و البؤساء لسان حالهم يقول: ربنا أجعل لنا من لدنك وليا و اجعل لنا من لدنك نصيرا و لا نامت أعين المترفين و المنافقين و الجبناء, هذه الارض لنا !!!!!!!!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. “هذه الأرض لنا” فليعش سوداننا علما بين الأمم…بالرغم من اننا رددناها الآف المرات في الطوابير
    الصباحية
    لمدارسنا الا اننا لم نحسها من قبل كما نحسها في هذه الأيام المباركات. ابداع في الاقتباس و تذكيرنا بذلك.

  2. “هذه الأرض لنا” فليعش سوداننا علما بين الأمم…بالرغم من اننا رددناها الآف المرات في الطوابير
    الصباحية
    لمدارسنا الا اننا لم نحسها من قبل كما نحسها في هذه الأيام المباركات. ابداع في الاقتباس و تذكيرنا بذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..