دروس وعبر من العصيان المدني

زيارة عمر البشير وفي هذا الوقت بالذات للولايات، لها دلالات ومغزى… وهذه الزيارة لها بُعدين، بعد مُعلن وهو لنثر بشرياته ووعوده كالعادة وهي وعود لن ترى النور بالطبع…مثل وعوده السابقة ، فلكل ولاية نقطة ضعف خاصة بها وتَعوَّد البشير لدغدغة تلك النقطة الحساسة ففي ولاية الجزيرة هنالك (مشروع الجزيرة) فيقول كلما ذهب هناك “سنعيدها سيرته الأولى” وفي دارفور يقول “هذا العام نهاية التمرد” وفي البحر الأحمر يقول ” يا أخوانا تاني مافي عطش ما في قطوعات للكهرباء” والآن في الولاية الشمالية يوعد أهل الولاية بالهجرة العكسية “والميه تكذب الغطاس” كما يقول المثل…. فكما نعلم لا مشروع الجزيرة عادت له سيرته الأولى ولا انتهى التمرد في دارفور ولا نعمت ولاية البحر الأحمر بالمياه والكهرباء…وعلى كلٍ فإطلاق الكلام لا يكلف المرء مالاً… وليس هذا لب موضوعنا وهناك في زيارة البشير بُعد غير معلن… عشية الهلع الذي أصاب مؤتمرهم الوطني بعد العصيان المدني… وهو الإيعاز لولاة ومسئولي الولايات بغربلة وإزالة كل من لا ينتمي أو يساير المؤتمر الوطني من السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية للولايات وسوف تشهد الولايات المرحلة الثانية من سياسة “التمكين” في نسختها الثانية المنقحة… وسيقدم المؤتمر الوطني لافراغ الوزارات و المصالح الحكومية المختلفة كالمدارس والجامعات والمستشفيات وغيرها من غير الموالين له فهذا ليس رجماً بالغيب بقدر ما هو إستقراء لسير الأحداث في الوطن وعلى ما تعودنا من هذا النظام….
فالعصيان المدني حقق الحد الأدنى من النجاح حتى الآن وهو إدخال الهلع والرعب في كيان النظام فجعل منه يعمل ألف حساب للأيام القادمات وهو ما يقوم به عمر البشير الآن للولايات تباعاً لوضع النقاط فوق الحروف مع ولاة الولايات ولملمة البيت الداخلي لكيان حزب المؤتمر الوطني خوفا من الاختراق وقد بدأ يعي بأن لهذا السودان شعبا يستطيع أن يستنهض الهمم متى ما دعت الحاجة لذلك.
فالمرحلة القادمة هو الالتفاف حول السودان والوحدة فيما بين مكونات هذا الشعب وتفعيل وسائل التواصل الاجتماعي (الانترنت) فيما بينها لمزيد من التواصل والتشاور والترابط مع تكوين لجان في أحياء العاصمة المختلفة بالإضافة لوضع برنامج عملي لكل خطواتهم… فتغيير هذا النظام الذي تغلغل في مفاصل الدولة السودانية ليس بالسهولة التي يتصورها بعض الناس… فسياسة التمكين التي اتبعها النظام ولا يزال، جعل من دور عامة الشعب والمعارضة هامشيا في الحياة السودانية … فقوة هذا النظام تعتمد على تركيبته التنظيمية والهيكلية التراتيبية التي يتبعها، فان حدث واتحد الشعب يوما واحدا فمن السهولة بمكان اقتلاع هذا النظام، لذا بدأ النظام يستبق الخطى ويسابق الريح لخلخلة وحدة وتماسك هذا الشعب لان في وحدة هذا الشعب ضياع هذا النظام لأنهم يدركون أن لا ترابط بينه وبين الشعب لأنهم لا يقدمون للشعب شيئا يذكر…
ومن يظن أن بقاء النظام حتى الآن لقوته، فهو واهم … فبقاء النظام بسبب ضعف بنية الأحزاب المعارضة وعدم وجود رؤية مشتركة للشعب السوداني… فما يُبقي النظام هو المال الذي يجتبيه من الشعب ويصرفه على جيشه وشرطته وأمنه لحمايته وموظفيه لتسيير أمورهم فبذلك يشعر أنه يعيش في جزيرة منعزلة وسط بحيرة من الشعب الناقم على حكمه..
فالفترة القادمة تحتاج لمزيد من التنظيم والنشاط للشباب خصوصا والشعب عموما مع انحياز الجيش والشرطة للشعب كما حدث في الانتفاضتين السابقتين ولكن ربما لا أغالي إن قلت إن الجيش والشرطة قد تدجنت وقُص ريشهما لكي لا يغردا بعيدا عن سرب النظام… فالهم الأكبر يقع على عاتق الأغلبية الصامتة من الشعب فهو وحده الذي يكتوي بنيران الغلاء والغبن…. فاذا لم يتحرك وحده وبمحض إرادته فسوف يطول ليل هذا النظام لأنْ لا أحد من الخارج سيأتي ليغير النظام… فعلى الشعب أن يأخذ المبادرة دائما بيده…

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..