دعوة لتغيير ادوات إسقاط النظام بما إنه يصرعلي البقاء بالقوة

منذ اليوم الاول لسلطة العسكر والإسلامين في السودان وضحت تماماً وحشية وبربرية هذا النظام وتبنيه للخطاب العنيف والفعل الاعنف في مواجهة جميع الخصوم ومن هم لا يوافقونه تحت لافتة التمكين له وتأمينه , وقد إستغل في ذلك كل الوسائل الغير مشروعة واسلوب الغاية التي تبرر الوسيلة , فعمد إلي سفك الدماء ولغة الاعدامات مروراً بالاعتقالات والتعذيب والإقصاء والفصل من الخدمة المدنية وجميع المرافق الحيوية للدولة واستبدل كل تلك المواقع بعضوية الجبهة الاسلامية وكوادر نظامهم , وتدرج هذا سريعاً من خلال خطة معدة سلفاً لتحويل الدولة إلي مطلق القبضة الامنية , وتحت بند ان الدولة محاربة داخلياً من العملاء وداخلة في حرب مع المتمردين تم الحكم بقوانين اقرب إلي قوانين الطوارئ والحالات الإستثنائية والتي يعطل العمل فيها بالدستور وتسن فقط القوانين الرادعة والمقيدة للحريات , وعندما بدأ واضحاً للمجتمع الدولي والعالم من حولنا خطورة هذا النظام نفسه علي السلم العالمي وانه نظام يدعم الإرهاب ويتبني فكر متطرف و يشكل خطراً حتي علي جيرانه في المنطقة , وبدأت تفرض عليه العقوبات من مجلس الامن و كل ما تم من تشدد تجاهه لاحقاً خاصة بعد ضلوعه في ايواء وتدريب الإرهابين وفتح المعسكرات لهم وكان ذلك مقدمة لموجة العنف والإرهاب التي سادت في كثير من مناطق العالم , فقد كان معظم هؤلاء الإرهابين ينطلقون من ارض السودان التي فتحها لهم النظام نفسه! .. وعندما بدأت العقوبات الإقتصادية علي السودان جراء سياسات النظام وشكوي حتي جيرانه منها بالإضافة لتحالفه الإستراتيجي مع ايران راعية الإرهاب الاولي في المنطقة والممولة للكثير من الأنشطة الإرهابية علي مستوي العالم , وعلاقته المباشرة بقيادات وتنظيم القاعدة كل ذلك ادي إلي هذه العقوبات غير سجله المتردئ في جانب حقوق الإنسان والتقارير التي كانت تتضمنها نشرات المنظمات الدولية المهتمة بها , وزاد من ذلك جرائمه غير الإنسانية في حربه ضد شعبه في مناطق الصراعات والتي انتجت واقع مآساوي وغير إنساني متمثل في القتل ادي إلي النزوح المستمر من جراء القصف العشوائي , كل تلك الاسباب مجتمعة فتحت عيون المجتمع الدولي علي النظام وجرائمه مما استوجب هذه العقوبات وما عرف بالحصار الإقتصادي وهي سياسة دولية لمواجهة مثل هذه الانظمة !..
ولقد استغل النظام هذه السياسات ضده في المزيد من القمع والتضييق علي السودانين وعلي حرياتهم وإحكام القبضة الأمنية بذريعة ان النظام مواجه بحروب داخلية وخارجية ( وكانت تهمة التخوين والعمالة ومسمي الطابور الخامس هو اللافتة التي تلصق علي كل المعارضين للنظام وتكون مبرراً لممارسة كل ما هو لاإنساني او قانوني معهم من القتل إلي التعذيب والسجن وحتي الإغتصاب ! ) , بل انهم إعتبروا ذلك من الجهاد المقدس , وهنا اتذكر جيداً وفي السنوات الاولي للنظام انه قد جمعني لقاء باحد كوادر النظام وقد كان وزيراً للعدل ثم رئيساً للقضاء للنظام وكان جارنا في الحي وهو الراحل ( حافظ الشيخ الزاكي ) و أذكر انني سالته سؤالاً مباشراً هل أن إعدام الناس وسجنهم وتعذيبهم ( وكان في ذهني احداث حركة ضباط رمضان و بيوت الاشباح ) هل هو من الدين خاصة ان النظام يقول انه يحكم بإسم الإسلام والشريعة ! وقد كانت إجابته صادمة لي وغير متوقعة حيث انني ظننته سيقول ان هذه مجرد اخطاء تحدث في كل الانظمة او انها مجرد إشاعات ليست صحيحة لمدارة جرائم النظام الذي هو احد متنفذيه في تلك الفترة , ولكنه اجابني وبنبرة حادة ان النظام في حالة حرب وانه لابدّ من عمل إجراءات لحمايته ! فقلت له إجراءات ضد الدين نفسه الذي تقولون انكم تعملون به ففوجئت به يقرأ آية قرآنية لا اذكرها الآن نصاً ولكن في معناها انه لا بدّ من تخويف الاعداء وارهابهم ! فقلت له يا مولانا لكن هذه الآية ليست لافراد من البلد كل جريمتهم انهم لايتوافقون مع النظام ! , كان هذا وان كنت في سن صغيرة نسبياً قد اعطاني مؤشراً انه لا عدل يرجي في هذا البلد ولا خير اذا كان من هو في هذا الموقع ويجد للنظام مبررا ومن الدين نفسه ويقول ما قال لي وهوالمسؤول الاول يفترض عن العدل في البلاد ! , وانهم اي كوادرهم التي تنفذ وترتكب كل تلك الموبقات واضح انها قد لقنت وترسخ في ادمغتهم مثل هذا الغثاء , لذا لم استغرب لاحقاً ونحن نري عضويتهم في الجامعات يحملون الاسلحة ضد زملائهم الطلبة ويعلنون الجهاد علينا ونحن مجرد خصوم سياسين ولكنها سياسة غسل الادمغة التي مارستها قياداتهم !
الآن وبعد كل تلك السنوات لاتزال لغة النظام هي نفسها وانهم وبرغم كل الفشل وماجري للسودان تحت ايديهم لايزالون يكابرون ويتمسكون بالسلطة ولا يريدون التخلي عنها , وبعد موجة التظاهرات الاخيرة ثم دعوات العصيان وادوات العمل السلمي والمدني لإسقاط النظام الذي يفترض انه متهالك اصلاُ صعّد النظام وبصورة غير مسبوقة من اعلي قيادته متمثلة في رئيس النظام نفسه مرورا بنوابه ومساعديه ووزرائه وبعض ولاته وضباط امنه وحتي كوادره في اجهزة النظام كلهم وبصورة جماعية ازبدوا في خطابهم المهدد لكل الشعب والقوي المعارضة هذا غير موجة الاعتقالات ومصادرة الحريات , ووضح تماماً ان هذا النظام لا يريد ان يتخلي عن السلطة وإن ابيد كل الشعب وانهم لايتورعون عن إستخدام العنف المشدد ( وتطليع ماتبقي من زيته وزيت زيته ايضاً ), يبقي مع كل هذا اي جنوح للسلم مع هذا النظام لايجدي وان لغة المهادنة والنعومة التي تستخدمها كثير من القوي المعارضة وبعض قيادتها ( الصادق المهدي مثالاً ) لا تجدي لإسقاط هذا النظام ! , ويبقي بمثل ما دعي الشباب للعصيان والعمل السلمي لإسقاطه وتبعتهم قوي المعارضة في ذلك يبقي من الواجب تفيير ادوات إسقاط النظام لتتفق مع ما يقابل به النظام حتي الوسائل السلمية هذه , التغير يكون علي مستوي الخطاب والفعل معاً وليعلم النظام انه لايعجز الآخرين علي إستخدام ذات الاسلوب بل بأكثر مما يتصور هو نفسه ! , نظام يجب ان يعلم تماما ان جلب القوي التي تقف امام تسلطه ليست مستحيلة بل ان السودانيون بطيبتهم وعدم دمويتهم وميلهم للطبع المتسامح هي التي كانت فقط تقف امام فعل هذا! , تهديد الشعب بتحويله الي سوريا اخري او ليبيا او صومال آخر ليس ذي جدوي ! هنالك مثال تونس ومصر الاول وبالثورة اصبح ديمقراطيا منسجما معها لان الشعب إرتضاها , اما الثاني معروف ايضاً عندما جنح اخوة النظام الاسلامين هنالك لمحاولة فعل مافعله إخوتهم في السودان ماذا جري لهم ! .. علي كل القوي المعارضة ان تعلم ان مسؤلية إسقاط النظام تستوجب تغير ادواتها وان تفعل كل ما يمكن ان يحقق هذا الهدف المشروع وان تشكل كذلك درعاً حقيقيا حامياً لظهور وصدور الشباب الذي سيظاهر سلمياً او يعصي مدنياً واعتقد ان هذا لن يستعصي عليهاإن هي صمّمت وارادت ! ..
[email][email protected][/email]