من أرض المحنة

شهدت مدني أمس الأول حدثا دراميا بعد إسقاط المجلس التشريعي خطاب الرد على الوالي، رغم هذا لم أجد صدى شعبيا للحدث، فلم يعني شيئا للناس العاديين، وليست لديهم أي توقعات عن نتائج ما حدث، ولا هم مشغولون بذلك- ربما- لو حدث ذلك في ظل نظام ديمقراطي حقيقي فسيعني بالضرورة استقالة أو إقالة الوالي، أو حل المجلس التشريعي، وربما حدوث تأثير- أيضا- على الحكومة الاتحادية وحزبها الحاكم باعتبار تبعية الجهازين التشريعي والتنفيذي لهما.
وجدت تفسيرات متعددة لحالة اللا مبالاة، فكثير من الناس العاديين لم يستوعبوا أي معنى لذلك، باعتبار أنهم سلموا أنهم ليسوا في مركز إدارة العملية السياسية، وبالتالي فإن القضية ليست من اختصاصهم، ويقولون باختصار إنهم لم يأتوا لا بالوالي ولا المجلس التشريعي وليسوا معنيين بمصيرهم، آخرون هزوا أكتافهم وقالوا “بكرة يجيء زول من الخرطوم يراضيهم، ويبلعوا الكلام ده كله”، أصحاب الاهتمام السياسي العام كانت رؤيتهم أن المسألة كلها صراع نفوذ ومصالح داخل الحزب الحاكم، ولا علاقة له بأولويات الناس ومصالحهم ومعايشهم.
السؤال الثاني الذي ظل يدور في ذهني حول رؤية الناس العاديين للوالي محمد طاهر أيلا، وهو رجل مثير للجدل أينما حل، كان كذلك حينما كان واليا للبحر الأحمر، وانتقل معه الجدل إلى ولاية الجزيرة، يهتم أيلا بمظهر المدينة، ويعطي أولوية لتجميلها وتزيينها، فيصلح الكورنيش، ويرصف الشوارع بـالـ “انترلوك” الذي اقترن اسمه به، ثم يهتم بالمهرجانات التي درج على إقامتها سنويا في بورتسودان، ونقلها إلى مدني.
سمعت من غاضبين ينتقدون الخلل في الأولويات، وأن الولاية لديها أشياء أهم من المهرجانات، وشوارع الأسفلت، والإنترلوك، كثير منهم يشير إلى حال مستشفى مدني التي لا يمكن أن تدخلها دون أن تمسك بأنفك، وهناك من يدافع عن الوالي ويصفه بأنه رجل إنجاز، ويطالب المحتجين بالانتظار، وإعطائه فرصة زمنية كافية، وقال طرف ثالث: إنهم قنعوا من خير أي والٍ، وحكومة، ولم يعودوا ينتظرون منهم شيئا، فإن كان الرجل أصلح الشوارع “فكتر خيره”.
أرى في الحديث عن ترتيب الأولويات وجاهة ظاهرة، فقضايا الصحة والتعليم أولى باهتمام أي والٍ أو مسؤول في ولاية أو محلية، فهما شغل الناس الشاغل، ومصدر استنزاف مستمر للمواطنين، ولو قدر لي أن أشير على أي مسؤول جديد لنصحته أن يجعل مكتبه داخل المستشفى حال تعيينه، ليبدأ منها العمل، هذه الولاية تهد حيلها الملاريا اللعينة، وكوكتيل آخر من الأمراض المرتبطة بالفقر وسوء التغذية، خاصة بعد انهيار بنيات مشروع الجزيرة وغياب نظام الخدمات الاجتماعية الذي كان سببا في تحسن كثير من الخدمات في المنطقة في الماضي.
تحسن الأوضاع في الولاية بكاملها مرهون بتحسن الأوضاع في مشروع الجزيرة واستعادته عافيته، لكن لا يبدو في الأفق ما يشير إلى ذلك، ليست هناك رؤية أو صورة واضحة لما ينبغي عمله، ولا تظهر بوادر إرادة سياسية حقيقية تحاول مراجعة سياسات الدولة تجاه المشروع، وإلى أن يحدث ذلك فستظل الكورة في منتصف الملعب دون إحراز أي أهداف.

التيار

تعليق واحد

  1. عامة اهل الجزيرة وخاصة اهل ود مدني لم يروا اي خدمات واي شئ من الولاة السابقين لا صحة ولاطرق ولا تعليم ولا اولويات ولا سلم تفضيلي ولا هذا اولا وهذا يؤخر، ولا كان اصلا يوجد احساس بوالي او معتمد يجي زيد ويذهب عبيد كلو زي بعض .
    فقط مع ايلا وتحسين صورة المدينة ، شوية الطرق والارصفة العملها ايلا بدءا اهل الولاية يحسو بحكومة وولاية اما قبلها فاهل الجزيرة يعتبرون الولاية زيها وزي اي نقطة قبانة او خيمة تحصيل .
    اما المجلس التشريعي فهولاء فطموا من اكل السحت من قبل ايلا ومعروف المفطوم لا يهمه ارصفة ولا شوراع ولا تنمية واكيد لا تهمهم الصحة ولا المستشفيات ولا المشروع الكترت سكاكينوا لاننا لم نسمع هذا الندب والعويل من المجلس ايام الدرويش الزبير ولا الحرامي ود بدر ولا كسرة بموية لا تغلط عليك ولا توسخ يديك السيد محمد يوسف ابن الجزيرة .
    على العموم ايلا الوحيد الذي احبه عامة اهل الجزية فقط لشوية الارصفة الطرق على امل ان تستمر هذه التنمية المتواضعة.

  2. المنطق يقول من يومتون في طريق مدني اكثر من الذينا يموتون في مستشفي مدني لذلك الطريق اهم ومن بعد ذلك فالتكون الاولية للتعليم والصحة ثم مشروع الجزيرة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..