تجربتي ماليزيا و سنغافورة..يالها من عبرة

الناظر إلي حالنا في السودان و أيم الحق يستغرب , من تفشي الفساد في وطننا خصوصا في عهد الإسلام السياسي ,الإسلام الذي يحض علي منع البغي و الإفساد في الارض و أكل أموال الناس بالباطل خصوصا أموال الفقراء و الضعفاء و المستضعفين في الأرض الذين تنزل القرآن الكريم دفاعا عنهم وليتنا نطبق السياسة الإسلامية بدل عن ذلك و يستغرب أيضا من تخلف وطننا عن اللحاق بركب التقدم برغم أن لدينا كل المقومات المادية لذلك مع أن هناك بلادا مثل اليابان ليس لديها معشار ما نملكه و رغما عن ذلك تبوأت مقعدها في مصاف الامم المتطورة بإقتدار والمشكلة لدينا يمكن أن نلخصها في محورين, الفساد و الفشل في إدارة التنوع, هنالك أنموذجان ينكن علي القائمين علي الأمر في بلادنا اللإستفادة منهما في مقبل الإيمان إن خرجنا مما نحن فيه و كانت هناك إرادة,دولتان في الشرق الاقصي كانتا في مؤخرة الدول و الآن صارتا في المقدمة.
أنموذج سنغافورة في مكافحة الفساد
كافحت سنغافورة الفساد عن طريق عن طريق جهاز يدعى مكتب تحريات ممارسات الفساد الذي أنشىء سنة 1952 والذي يعتمد في مكافحة الفساد على الرغبة السياسية في مكافحة الفساد كقاعدة ثم تقوم على أربعة أعمدة، وهي هيئة مكافحة فساد فعالة وقوانين فعالة وقضاء فعال وإدارة عامة فعالة. وكل ما سبق مغطى ومشمول بحوكمة جيدة.
كانت بداية انشاء جهاز مكافحة الفساد في سنغافورة غير فاعلة، ويرجع ذلك إلى عدم وجود رغبة سياسية حقيقية في محاربة الفساد. فقد كانت سنغافورة جزءا من الامبراطورية البريطانية ومرتعا للفساد بشكل كبير. فلم يفعّل الجهاز إلا بعد تحرر سنغافورة ووصول رئيس الوزراء الاسطوري لي كوان يو إلى منصب رئاسة الوزراء سنة 1959. حيث يشير لي كوان يو إلى أن السببين الرئيسيين لوصول سنغافورة إلى مقدمة دول العالم بانخفاض الفساد هما الشفافية والاستقامة.

في عهد أول رئيس وزراء بعد الاستقلال، لي كوان يو، وجد إن أسباب الفساد هي ثلاث محاور رئيسية: ضعف نظام ضبط وعقاب مرتكبي الفساد – توافر الفرص أمام الموظفين للفساد – وضعف الرواتب، قامت الحكومة بالخطوات التالية:-
أولًا: ضعف نظام ضبط وعقاب الفاسدين، أول خطوة قامت بها سنغافورة هي إنشاء “مكتب التحقيقات في ممارسات الفساد”، التابع مباشرة لمكتب رئيس الوزراء (يقابل الرئيس عندنا)، وله سلطات واسعة جدًا مثل إلقاء القبض على الأفراد، والتحقيق مع أي شخص أياً كان منصبه، وتصل إلى تنفيذ عمليات التفتيش والمصادرة دون مذكرة قضائية، في حالة توافر أسباب للاعتقاد بأن التأخير سيؤدي إلى إحباط هدف العملية.
المكتب له أدوار أخرى، يقترح تعديلات القوانين والاجراءات لمكافحة الفساد، وله رأي في تعيينات المسئولين الحكوميين، أو الجهات التي تتعاقد معها الحكومة، نظام قضائي مستقل تمامًا وشفاف وعلني وسريع .. القانون ينص علي أن فترة التحقيقات لا تزيد عن عام واحد بحد أقصى، ثم يُحاكم المتهم أو تُعلن براءته، حيث طول فترة التقاضي يشجع الفاسد على التهاون، وتعطل أعمال المستثمر الشريف.
تم تشديد العقوبات المتعلقة بالفساد، الحبس ٥ سنوات وغرامة ٨٠ ألف دولار، بالإضافة لإعادة كامل قيمة الرشوة أو التربح وإلا مضاعفة الحبس، لكن الأهم من وجود العقوبة تنفيذها بصرامة وتساوي، ولأن البلد كانت لا تنفذ القوانين، أرادت الدولة إشعار المواطنين بحضور القانون والدولة في حياتهم اليومية فتم وضع قوانين على أمور صغيرة، مثل البصق في الشارع أو إلقاء القمامة اللي ومن يفعل ذلك يتم القبض عليه ومحاكمته والحكم قد يكون غرامة أو فترة خدمة عامة، وحتى من يدخل يدخل حماما عام وايتركه قذراً ورا يدفع غرامة كبيرة، (٣٠٠ دولار)، و قد نفذت القوانين بصرامة و مساواة تامة.
ولأن لا أحد فعلا كان فوق القانون في سنغافورة، تمت محاكمة عدة مسؤولين منهم رؤساء هيئات مستقلة مثل مدير هيئة التطوير التجاري يو سيتج تيك عندما استغل سلطته واستخدم الغش لشراء تحف صينية بمليوني دولار، فتمت ادانته وسجن لمدة 4 سنوات. كذلك هو حال عضو هيئة المرافق تشوي هون تيم عندما قبل عمولة «رشوة» بقيمة 13.85 مليون دولار لإرساء عقود مقاولات، فتم الحكم عليه بالسجن لمدة 14سنة واسترجاع مبلغ 13.85 مليونا لخزينة الدولة.

القانون عاقب الموظف الذي إستلم رشوة بغض النظر عن تنفيذه خدمة مقابلها أو لا، و يعتبر عدم إبلاغ الموظف عن عرض الرشوة عليه حتى لو رفضها جريمة، أي صاحب أعمال يدفع رشوة يتم إلغاء جميع تعاقداته مع الحكومة وليس التعاقد محل الرشوة فقط، ويُمنع من الحصول علي أي تعاقدات جديدة لمدة ٥ سنين.
أي موظف يُدان بالفساد تُراجع كل التعاقدات والقرارات اللي أخدها قبلها، تفعيل”الرقابة الشعبية”، على الموقع الرسمي للمكتب متاح إن أي مواطن يتقدم ببلاغ في أي حالة فساد لاحظها، والحملة الإعلانية اللي دعت المواطنين للتعامل كانت تحت شعار “مواطن نظيف .. وطن نظيف”.
ثانيا: منع توافر الفرص أمام الموظفين للفساد، تم اتاحة الدفع الالكتروني في كل التعاملات الحكومية، وفي بعضها لا يوجد وسيلة إلا التحويلات، لأن إبعاد الموظفين عن الأموال يحمي نفسياً من الفساد، تم خفض حجم البيروقراطية لأدنى حد، كل شيء عبر الانترنت، هناك ١٦٠٠ خدمة يتم الحصول عليها من المنزل، ومنها ٧١ نوع من التراخيص تشمل أغلب الأنشطة من إنشاء شركة إلي رخصة بائع متجول، بهذه الكيفية يتم تقليل التعامل المباشر بين الموظفين والجمهور، الشفافية والعلنية التامة في التعاملات الحكومية وميزانيات الوزارات، وحتى نشر العقود على الانترنت. كلما كانت الأسرار أقل كلما ضعفت قدرة الموظف على إخفاء الفساد أو على بيع الأسرار.
المسئولين مُلزمين بالكشف عن ممتلكاتهم وأموالهم هم وأسرهم، ومكتب التحقيقات بيراجع باستمرار لكشف أي فارق بين دخلهم المعلن وبين مستوى إنفاقهم بإستخدام التكنولوجيا، كل شيء في سنغافورة مُراقب بالكاميرات، حتي الشوارع اللتي لا يخالف فيها المرور رغم عدم وجود شرطة، و المباني العامة، القانون يمنع الموظفين من تلقي أي هدايا، ويلزمهم بالابلاغ عنها لو حدث، القانون يمنع أي مسئول سنغافوري من اقتراض أموال من أي شخص يربطه به تعامل رسمي، القانون يمنع الموظفين الحكوميين من اقتراض مبلغ تتجاوز قيمته تلات أضعاف مرتب الموظف، وجود بوابة الكترونية للمشتريات ,الحكومية من خلال مركز الاعمال الالكترونية الجهات الحكومية تعلن عن كل ما تحتاج شراءه، والشركات تقدم عروضها علناً أمام أعين الشعب.
ثالثاً: زيادة مرتبات السياسيين والموظفين الحكومين، يجب أن نوضح هنا أن زيادة الرواتب لم تحدث في يوم وليلة، لأن بعد الاستقلال مباشرة الدولة لم يكن معها الموارد الكافية، لكن بدأت تدريجياً، وعبر نظام أجور معلن وعادل، فحتى لو دخل الموظف لا يكفيه تماماً، لكنه لا يشعر بالظلم، ومعدل الأجور وصل للمعدلات الدولية في الثمانينات عند تحسن الأوضاع الاقتصادية.

تجربة ماليزيا في تطبيق الإسلام و إدارة التنوع

لخصها محاضير محمد رئيس الوزراء الماليزي الاسبق في اربع محاور في ورقة قدمها في منتدي كولا لامبور للفكر و الحضارة 2014 في ورقة بعنوان (الدولة المدنية رؤية إسلامية) و هم :-
أولاً: تقديم التنازلات طريق الاستقرار
شرح محاضير محمد هذه النقطة بدقة وقال نحن في ماليزيا بلد متعدد الأعراق والأديان والثقافات وقعنا في حرب أهلية ضربت بعمق أمن واستقرار المجتمع؛ فخلال هذه الاضطرابات والقلاقل لم نستطع أن نضع لبنة فوق اختها فالتنمية في المجتمعات لا تتم إلا إذا حل الأمن والسلام، فكان لازمًا علينا الدخول في حوار مفتوح مع كل المكونات الوطنية دون استثناء لأحد والاتفاق على تقديم تنازلات متبادلة من قبل الجميع لكى نتمكن من توطين الاستقرار والتنمية في البلد وقد نجحنا في ذلك من خلال تبني خطة 2020 لبناء ماليزيا الجديدة، وتحركنا قدما في تحويل ماليزيا إلى بلد صناعي كبير قادر على المنافسة في السوق العالمية بفضل التعايش والتسامح.

ثانيًا: لابد من ضبط البوصلة
ركز محاضير محمد على ضرورة توجيه الجهود والطاقات إلى الملفات الحقيقية في المجتمعات والشعوب وهى الفقر والبطالة والجوع والجهل لأن الانشغال بالأيديولوجيا ومحاولة الهيمنة على المجتمع وفرض أجندات ثقافية وفكرية عليه لن يقود المجتمعات إلى إلا مزيد من الاحتقان والتنازع، فالناس مع الجوع والفقر لا يمكنك أن تطلب منهم بناء الوعى ونشر الثقافة، وقال نحن المسلمين صرفنا أوقاتا وجهودًا كبيرة في مصارعة طواحين الهواء عبر الدخول في معارك تاريخية مثل الصراع بين السنة والشيعة وغيرها من المعارك القديمة.
ثالثًا: الفتاوي لن تحل مشاكل المسلمين
شرح مهاتير هذه النقطة باستفاضة فقال إن قيادة المجتمعات المسلمة والحركة بها للأمام ينبغي ألا يخضع لهيمنة فتاوى الفقهاء والوعاظ؛ فالمجتمعات المسلمة عندما رضخت لبعض الفتاوى والتصورات الفقهية التي لا تتناسب مع حركة تقدم التاريخ أصيبت بالتخلف والجهل، فالعديد من الفقهاء حرموا على الناس استخدام التليفزيون والمذياع، وركوب الدراجات، وشرب القهوة، وجرموا تجارب عباس بن فرناس للطيران.
وقال مهاتير إن كلام العديد من الفقهاء “بأن قراءة القرآن كافية لتحقيق النهوض والتقدم!!! أثر سلبًا على المجتمع فقد انخفضت لدينا نسب العلماء في الفيزياء والكيمياء والهندسة والطب بل بلغ الأمر في بعض الكتابات الدينية إلى تحريم الانشغال بهذه العلوم؛ وبالتالي أكد مهاتير على أن حركة المجتمع لابد أن تكون جريئة وقوية، وعلى الجميع أن يُدرك أن فتاوى وأراء النخب الدينية ليست دينًا، فنحن نُقدس النص القرآني ولكن من الخطأ تقديس أقوال المفسرين واعتبارها هي الأخرى دينًا واجب الاتباع.
رابعًا: عون لله لا ينزل على المُتعصبين
قال مهاتير: “إن الله لا يساعد الذين لا يساعدون أنفسهم” فنحن المسلمين قسمنا أنفسنا جماعات وطوائف وفرق يقتل بعضها بعضًا بدم بارد، فأصبحت طاقتنا مُهدرة بسبب ثقافة الثأر والانتقام و التي يحرص المتعصبون على نشرها في أرجاء الأمة عبر كافة الوسائل وبحماس زائد ثم بعد كل هذا ذلك نطلب من الله أن يرحمنا ويجعل السلام والاستقرار يستوطن أرضنا!!! فذلك ضرب من الخيال في ظل سنن الله التي يخضع لها البشر فلابد من أن نساعد أنفسنا أولا وأن نتجاوز آلام الماضى وننحاز للمستقبل.
فنحن هنا في ماليزيا قررنا أن نعبر للمستقبل وبمشاركة كل المكونات العرقية والدينية والثقافية دون الالتفات لعذابات ومعارك الماضي فنحن أبناء اليوم وأبناء ماليزيا الموحدة نعيش تحت سقف واحد ومن حقنا جميعًا أن نتمتع بخيرات هذا الوطن.
كانت هذه هي أهم الأفكار خرجت من فم المُبجل محاضير محمد في المنتدى وفي الختام اقترح على الشباب العربي فتح قنوات التواصل مع قادة التجربة الماليزية المُبهرة؛ فماليزيا يبدو في جعبتها أدوية متنوعة قد تصلح لمعالجة أدواء الذاكرة العربية التاريخية والمعاصرة, لا غرابة في ان يدعو الشباب للإنفتاح علي التجربة الماليزية فيبدو أن شيوخنا و مشائخنا قد تصلبت عقولهم و أشربت بالموروث البالي و أطمأنوا لمنصبهم و مراكزهم و ليس لديهم أي إستعداد لتنقيحه و تجديده.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الواضح ان الكاتب لا يعلم شيئا عة ماليزيا ويستقي معلوماته من افواه الناس والاخبار. لا ادري شيئا عن سنغافوره ولكن ماليزيا اكثر فسادا من السودان.. كل شئ فيها فاسد الحكومة… الشرطة… الجمارك… الجامعات … البنوك… وهام جرا.. انا مقيم بماليزيا ولي فيها منزل….

  2. اتفق معك تماما ان الفساد موجود في كل مكان بما في ذلك امريكا ولكن اختلف معك في انه لا يمكن محاربته.. يمكن محاربته بعدة سبل ووسائل ناجعة وهو ما تقوم به الدول المتقدمة ومن اهمها الشفافية والصدق والامانة .. اما في السودان فالفساد يسري سريان النار في الهشيم من قمة راس السلطة الي اصغر فرد فيها.. هذه الحكومة يجب كنسها كنسا للتخلص من الفساد…

  3. اقتصاد ماليزيا ليس قوي كما تفضلت بل هو في اسوأ حالاته هذه الايام مقاربة بالدول التي تجاور ماليزيا مثل الفلبين وتايلاند…وعملتهم تدهورت كثيرا بسبب سياسات رئيس وراءهم الفاسد المرتشي…ماليزيا نمر من ورق…..ولقد خسرت انا شخصيا كثير من الاموال بشراء بيت فيها وتحويل اموالي اليها من امريكا ..وما يعرف ماليزيا يقول عدس!!!!

  4. الواضح ان الكاتب لا يعلم شيئا عة ماليزيا ويستقي معلوماته من افواه الناس والاخبار. لا ادري شيئا عن سنغافوره ولكن ماليزيا اكثر فسادا من السودان.. كل شئ فيها فاسد الحكومة… الشرطة… الجمارك… الجامعات … البنوك… وهام جرا.. انا مقيم بماليزيا ولي فيها منزل….

  5. اتفق معك تماما ان الفساد موجود في كل مكان بما في ذلك امريكا ولكن اختلف معك في انه لا يمكن محاربته.. يمكن محاربته بعدة سبل ووسائل ناجعة وهو ما تقوم به الدول المتقدمة ومن اهمها الشفافية والصدق والامانة .. اما في السودان فالفساد يسري سريان النار في الهشيم من قمة راس السلطة الي اصغر فرد فيها.. هذه الحكومة يجب كنسها كنسا للتخلص من الفساد…

  6. اقتصاد ماليزيا ليس قوي كما تفضلت بل هو في اسوأ حالاته هذه الايام مقاربة بالدول التي تجاور ماليزيا مثل الفلبين وتايلاند…وعملتهم تدهورت كثيرا بسبب سياسات رئيس وراءهم الفاسد المرتشي…ماليزيا نمر من ورق…..ولقد خسرت انا شخصيا كثير من الاموال بشراء بيت فيها وتحويل اموالي اليها من امريكا ..وما يعرف ماليزيا يقول عدس!!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..