من أين أتي هؤلاء ؟؟

من أين أتي هؤلاء ؟؟
كل صباح نتعلم من الشعوب الانسانية المحبة للحق والديمقراطية ، فنون الحكم والادارة والحكمة والموعظة الحسنة ، وحقا لقد سبقونا بألاف المسافات الضوئية في ممارسة الديمقراطية واحترام حقوق الانسان واتاحة اشهار الرأي، ولكن لخيبتنا ظلننا نطلق عليهم عبارات ” غير لائقة ” للانسانية وكرامة الانسان ، في حين يظل حكامنا يمجدون انفسهم ويتباهون بأنهم يحسنون صنعا !! ورغم قبوعهم في سدة الحكم عشرات السنين لم يسجلوا مآثر جليلة أو مواقف خالدة ، ولم يتسموا بالصدق والجرأة في ممارستهم لحكم شعوبهم ، ولم يعدلوا أويخلصوا لله ولدينه الحنيف، فكانوا ” صخرة ” على كاهل شعوبهم
فقد شاهدنا بالأمس القريب كيف وأن الشعب الامريكي يعبر عن رأيه في سلاسة وحرية تامة عندما اختير وانتخب ” ترامب ” رئيسا للولايات المتحدة الامريكية !! واليوم البشير يتحدى الشعب وشباب الكيبورد لمنازلتهم وقتلهم في الشوارع!!
وقبل ليال معدودة شاهدنا الاف المحتجين في كوريا الجنوبية ضد رئيستهم “باك غن هي ” التي فازت في الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم 19 ديسمبر/كانون الأول 2012 لتصبح بذلك أول امرأة تترأس جمهورية كوريا الجنوبية. وباشرت عملها رسميا في 25 فبراير/شباط 2013 لفترة رئاسية واحدة مدتها 5 سنوات ، فالاحتجاج ضدها ليس لانها أفقرت شعبها ونهبت وليس لأنها سرقت أموال شعبها أواقترب رصيدها من مئات المليارات من الدولارات؟ ولا لانها ” داست ” الدستور وخالفته ، ولا امتهنت كرامة شعبها وسحقته ، ولا سلمت بلادها للفساد والمفسدين ، ولا زادت الغمة ومارست الظلم في الامة ،،،فقط جاءت الاحتجاجات وتزامنت مع إجراء مدعين عاميين في تحقيقات مع مساعدين للرئيسة وغيرهم من المسؤولين لتحديد ما إذا كانوا انتهكوا القانون بسماحهم لـ “تشوي سون سيل، صديقة الرئيسة “باك” باكتساب نفوذ غير ملائم داخل السلطة والتربح ماليا منه !!
حينها قال كوريون جنوبيون غاضبون : “إن الرئيسة باك خانت الأمانة التي منحها إياها الشعب وأساءت إدارة الحكومة وخسرت التفويض لقيادة الدولة ”
فنظم المتظاهرون الذين يطالبون بتنحي رئيسة كوريا الجنوبية باك مسيرة بعد يوم من تصويت البرلمان بأغلبية كبيرة لصالح مساءلتها ووضع مصير رئاستها في يد محكمة مؤلفة من تسعة قضاة ، وعبر المتظاهرون بكل حرية وشفافية ، لا اعتقالات ولا يحزنون ، مما يؤكد على أن العالم كله يحترم الانسان ويحترم رأيه حتى وان كان مجانب للصواب ، بل اعتذرت الرئيسة لشعبها التي تعد أول امرأة يتم انتخابها لرئاسة كوريا الجنوبية لتشغل الفترة الرئاسية الثامنة عشر، كما تعد أول امرأة ترأس إحدى دول شمال شرق آسيا. ونفت باك ارتكاب أي مخالفات لكنها اعتذرت عن عدم توخي الحرص في علاقتها مع صديقتها تشوي سون سيل.
أين حكامنا من هذه الروح الانسانية غير المتسلطة التي لاتسعي لسلطة او جاه ، بل من أين اتي هؤلاء على حد قول اديبنا الراحل الطيب صالح قبل ثمانية وعشرين عاما .
فالرئيس البشير في لقاء كسلا الفاتر يكيل لشعبه ويتوعده بأسوأ الفاظ الوعيد بل يدعوه للمنازله والقتال في الشوارع والطرقات ، انه لامر عجب ، اليس في جعبة الرئيس افضل من تلك العنترية ، اليس له معرفة في الحكمة أو قول من قبيل التي هي احسن !! الا يتعلم هؤلاء من الشعوب ولو قليلا مما يصنعون !!
لا حول ولا قوة الا بالله

صلاح التوم كسلا
[email][email protected][/email]