تقنين الشريعة الاسلامية (3+4)

يوضح دكتور عبد الكبير من أن الكثير من الأحكام العملية نزلت مجملة ففصلتها السنة ووضحتها. ولذا نقول بأن هذا الفهم يجعل من السنة درجة من درجات تنزيل الأحكام. من هذا نفهم السنة كمنهجية للحكم بأحكام خلا منها القرءان او تطبيق احكام قال بها القرءان. فالسنة هي نهج نبوي لتنزيل أحكام الدين، وقيمتها تكمن في هذا النهج وليس في الأحكام ذاتها.

وبغير هذا الفهم المنهجي لا نستطيع أن نفهم سكوت القرءان عن أحكام خطيرة مثل رجم الزاني (قيل أن الرسول قال بها أو طبقها)، بينما أورد أحكام في أمور أقل شأناً مثل رد التحية. كذلك لاحظ تفاصيل الوضوء وإجمال الصلاة في القرءان. وبغير هذه المنهجية لا يمكن أن نفهم لما أجاز الرسول “الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، وفي المدينة، بلا سفر ولا مطر، ولما سئل ابن عباس راوي الحديث: ماذا أراد بذلك؟ قال: ?أراد أن لا يحرج أمته. يعني رفع الحرج عنها”. ورفع الحرج معناه توضيح لإمكانية تخفيف الأحكام وتلطيفها حسب الظروف والضرورة.

القوانين التي قدمت علينا مع الحداثة وعبر الإستعمار تهتم في المقام الأول بالحقوق ولكن نجد أن موضوع الشريعة الأول هو التكاليف والواجبات. “موضوع القانون هو الحقوق أما موضوع الشريعة وفقهها هو التكاليف”. و”القانون ينظر للإنسان في الدرجة الأولى من زاوية ما له من حقوق أما الشريعة فتنظر إليه من زاوية ما عليه من إلتزامات وواجبات. .. والإنسان في نظر القانون مُطالِب سائل وفي نظر الشريعة مُطالَب مسؤول” وهنا تبرز صعوبة تحويل أحكام الشريعة إلى قانون عام. ربما كان من الأفضل الجمع بين القانونين لتكتمل الصورة.

يقول د. عبد الباقي عبد الكبير: “أهم ما استند إليه المنتقدون لحركة التقنين الآتي:

1. يلزم التقنين تقييد القاضي برأي واحد معين، مع أن الفقه غني بالآراء.

2. القوانين قد تكون صالحة ثم تتغير الأوضاع فتفقد صلاحيتها.

3. التقنين يولد لدى القضاة نوعاً من التكاسل والإتكال على القانون المدون.

تقنين الشريعة الاسلامية (4)
بمرور الزمن صار الفرق بين إسلامية الدولة وعدم إسلاميتها هو مدى تقنينها للشريعة الإسلامية مما حول ذلك الحلم الجميل إلى مجموعة من القوانين يحكم بها قضاة ربما كانوا لا يؤمنون بها أو لا يلتزمون بها وتنفذها شرطة ربما كانت غير ملتزمة بها اخلاقيا وعمليا وتطبق على أناس ربما كانوا لا يؤمنون بها.

يقول الاستاذ جمال البنا: “ما جعل البعض يتحمس لأولوية الشريعة هي الفكرة الخادعة عن قدرة السلطة على تحقيق الإنجازات الكبرى. إن السلطة يمكن بالفعل ان تقيم مشاريع عمرانية مثل ?السد العالي? ولكنها تعجز تماماً عن بناء إنسان أو بث إيمان أو حتى إصلاح إدارة القصر العيني”. ولقد تحول هذا المطلب الجماهيري بتطبيق الشريعة إلى مشروع سياسي ينادي به كل السياسيين بغرض خطب ود الجماهير الإسلامية بدون إعداد أي مشروع أخلاقي داعم يزكي وينمي المجتمع.

لقد فات على جميع هؤلاء السياسيين أن تطبيق الشريعة الحقيقي والجوهري هو الصدقية والشفافية وإقامة العدل والمساواة ورد الحقوق وإسعاد الشعب ورفاهيته وتسديد الأخلاق ثم في النهاية تأتي الحدود لحماية ذلك النموذج. ولكن السياسيين وهم يلبون رغبة الجماهير المسلمة صاحبة الايمان البسيط الساذج والمتطلعة لدولة الله، أو هم يمتطون صهوة الدين، أوقعوا المشروع فريسة لأطماع السلطة.

يقول جمال البنا: “السلطة هي سم العقائد وما أن تدخل السلطة حتى تخرج العقيدة”. فالتطبيق الحقيقي لا يتأتى إلا بتوعية الجماهير وتحديث فهمها للدين وتنويرهم ليتحقق ما يرجوه د. ترابي من “حق الشعب في تبني ما يختار من إجتهادات الفقهاء”.

من الخطورة بمكان أن تصبح أوامر الحكام هي حكم الله. بل هي أحكامهم هم، لأننا في اللحظة التي نعطي فيها الحكام سلطة إصدار أحكام الإسلام يكون الحاكم قد جمع بين السلطة الدينية والسلطة الزمنية. ونختلف مع د. ترابي في قوله: “تصبح أوامر الحكام كذلك أصل من أصول الأحكام في الإسلام”. كيف يجوز هذا؟ ونقول بأن على الحاكم أن يتحرى العدل والصدق والمصلحة الكلية في ما يفعل ويقول ويأمر به ولكنه في النهاية يكون هو حكمه هو وليس حكم الله.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. استاذ عبدالمؤمن حياك الله .
    لا شك في أن الحاكم بشر يخطيء ويصيب ولنا في سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أسوة حسنة .
     خطب سيدنا عمر رضي الله عنه فقال : ألا لا تغالوا في  صدقات النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصدق قط امرأة من نسائه ولا بناته فوق اثنتي عشرة أوقية . فقامت إليه امرأة فقالت يا عمر : يعطينا الله وتحرمنا ، أليس الله سبحانه وتعالى يقول : (وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ) . فقال عمر  : أصابت امرأة وأخطأ عمر ، وفي رواية فأطرق  عمر ثم قال : كل الناس أفقه منك يا عمر ، وفي أخرى : امرأة أصابت ورجل أخطأ .
    حينها كان سيدنا عمر بن الخطاب خليفة للمسلمين .
    أما الفرق بين عمر البشير وعمر بن الخطاب هو كالفرق بين الضلال والهدى والفرق بين الظلام والنور والفرق بين الأرض والسماء . الفاروق عمر قلبه حنين مع الفقراء والمساكين والبشير قلبه حجر معاهم حتى ستات الشاي سبحان الله بياخذ منهم ضرائب عشأن يعيش هو في قصره المنيف بكافوري.والقريبة هو على بعد شبر من القبر لكنه ما زال متمسك بالدنيا بكلتا يديه . الله غالب.

  2. استاذ عبدالمؤمن حياك الله .
    لا شك في أن الحاكم بشر يخطيء ويصيب ولنا في سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أسوة حسنة .
     خطب سيدنا عمر رضي الله عنه فقال : ألا لا تغالوا في  صدقات النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصدق قط امرأة من نسائه ولا بناته فوق اثنتي عشرة أوقية . فقامت إليه امرأة فقالت يا عمر : يعطينا الله وتحرمنا ، أليس الله سبحانه وتعالى يقول : (وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ) . فقال عمر  : أصابت امرأة وأخطأ عمر ، وفي رواية فأطرق  عمر ثم قال : كل الناس أفقه منك يا عمر ، وفي أخرى : امرأة أصابت ورجل أخطأ .
    حينها كان سيدنا عمر بن الخطاب خليفة للمسلمين .
    أما الفرق بين عمر البشير وعمر بن الخطاب هو كالفرق بين الضلال والهدى والفرق بين الظلام والنور والفرق بين الأرض والسماء . الفاروق عمر قلبه حنين مع الفقراء والمساكين والبشير قلبه حجر معاهم حتى ستات الشاي سبحان الله بياخذ منهم ضرائب عشأن يعيش هو في قصره المنيف بكافوري.والقريبة هو على بعد شبر من القبر لكنه ما زال متمسك بالدنيا بكلتا يديه . الله غالب.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..