الصحافة الاستقصائية

قضيت أربعة أيام في بداية هذا الشهر في المملكة الأردنية في فندق على ضفاف البحر الميت ضمن عشرات الصحفيين والأكاديميين العرب والأجانب؛ للمشاركة في الملتقى العاشر للصحافة الاستقصائية العربية، نظمت اللقاء شبكة الصحفيين الاستقصائيين العرب المعروفة باسم “أريج”، وهي تأسست قبل عشر سنوات بمبادرة من مجموعة من الصحفيين على رأسهم الصحفي التليفزيوني المصري المعروف يسري فودة، توفر الشبكة لأعضائها التدريب الداخلي والخارجي؛ للتعرف على أهم مدارس ومناهج الصحافة الاستقصائية في العالم، وتوفر التمويل لبعض التحقيقات التي تتطلب زمناً وإمكانيات أكبر مما تستطيع وسائل الإعلام العربية توفيره، تملك الشبكة فروعاً في نحو سبع دول عربية، توفر لهم التدريب منذ سنوات، وقد صار لديها عدد كبير من الصحفيين الاستقصائيين المدربين الذين أنتجوا أعمالاً مبهرة للغاية، عرض بعضها خلال الورش المصاحبة للمؤتمر.
الصحافة الاستقصائية ليست فناً جديداً- تماماً- ربما كانت موجودة في عقود سابقة، ولو بشكل خفيف، لكن يرجع الأكاديميون بدايتها الحديثة إلى فضيحة “ووترقيت”، حين عمل الصحفيان الأمريكيان بوب وودوورد، وكارل بيرنستاين على كشف تورط الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون في فضيحة التنصت على مقر الحزب الديمقراطي المنافس؛ مما أدى إلى استقالة نيكسون، هذا التحقيق استمر أشهراً طويلة، ونشرت منه حلقات مطولة على صفحات “واشنطون بوست”، انتهت بكشف تورط الرئيس نيكسون، واستقالته.
ثم استقر مصطلح الصحافة الاستقصائية ليكون تعريفاً للتحقيقات العميقة التي تتطلب جهداً ووقتاً كبيرين، وكذلك إمكانيات أكبر، وتتضمن كشفاً لأسرار ليس من السهل كشفها بالعمل الصحفي العادي، وصار لها منهج يدرس في كليات الإعلام في الجامعات الكبيرة.
ويعرف عن يسري فودة أنه رائد هذا النوع من التحقيقات من على شاشة قناة الجزيرة، ثم تنقل بين محطات تليفزيونية كثيرة حتى استقر في التليفزيون الألماني “دويتش فيللا”، وقد بادر بتكوين هذه الرابطة قبل عشر سنوات مع مجموعة من الصحفيين العرب، والأجانب، وأقاموا عدداً من الورش والبرامج التدريبية، حتى استقرت تجربتهم، وأنتجت أعمالا كثيرة نشرت وعرضت على شاشات كثير من المحطات العالمية.
تملك “أريج” حالياً فروعاً في مصر، فلسطين، لبنان، الأردن، اليمن، تونس، سوريا والعراق، وظل السودان غائباً عن هذه الفعاليات المهمة إلا من مشاركات فردية قليلة لم تتواصل مع الشبكة من أجل إنشاء فرع لها في السودان- وربما- يظن كثير من الصحفيين- وليسوا مخطئين في ذلك- أن التحقيقات الاستقصائية تتطلب بيئة سياسية، وقانونية ملائمة، تضمن حرية التحرك للصحفي، وحرية الحصول على المعلومات، بجانب عدم تجريمه أثناء قيامه بعمله، هذا صحيح في العموم، لكنا رأينا أعمالاً رائعة لصحفيين يعملون في نفس ظروفنا من مصر، واليمن، والعراق، وسوريا، فقد ثبت بالتجربة أنه إذا حصل الصحفي على تدريب وتأهيل كافيين فإنه يستطيع تجاوز كل العقبات.
المهم إننا فتحنا “نفاجا” مع الشبكة، نأمل أن نستطيع من خلاله توفير فرص تدريب لشباب الصحفيين السودانيين، ففيهم كثير من التجارب الواعدة التي تستطيع أن تنقل صحافتنا خطوات كبيرة إلى الأمام متى ما توفرت لها الفرصة.
التيار

تعليق واحد

  1. جميل جدا استاذ فيصل ونرفع التمام والاحترام ل عبد الرحمن الأمين الذي نقيم له عروش اكرام ومودة لكما التحية

  2. حقاً ،، إذا ما أُتيحت لنا فرص {الجهر} بواقع صحافتنا في السودان فسنقف في طويل ونحن نردد كما محفوظات الابتدائية زمان {الفقراء نحن}
    ويحكي واقع الصحافة السودانية حقاً عن الفقر المدقع الذي يعيش فيه قطاع عريض من صحفيينا وصحفنا، بينما تقف الأجهزة المنوط بها دفع وتقدم هذا المجال في المهنى مواقف سالبة، وفي مقدمتها بالطبع اتحاد الصحفيين السودانيين المعني فقط بأن {تهبر} عضويته في مقاعد الاتحاد التنفيذية الفرص من أجل إستمتاعها هي ذات نفسها بما تجود به المؤسسات الدولية والاقليمية إن هي مدت أيادي المساعدة.
    ليت النفاج الذي تم افتتاحه مع شبكة يسري فودة، أن يساهم في ترقية واقع الصحافة والصحفيين السودانيين، خاصة في هذا الجانب الحيوي من الصحافة الاستقصائية، فكم من واقعة يكتنفها الغموض ويجري اللغط حولها في حاوجة وانتظار من الصحفيينىالاستقصائيين لسبر غورها وكشف المستور الذي يلفها ،، وشكراً اتاذ فيصل محمد صالح.

  3. جميل جدا استاذ فيصل ونرفع التمام والاحترام ل عبد الرحمن الأمين الذي نقيم له عروش اكرام ومودة لكما التحية

  4. حقاً ،، إذا ما أُتيحت لنا فرص {الجهر} بواقع صحافتنا في السودان فسنقف في طويل ونحن نردد كما محفوظات الابتدائية زمان {الفقراء نحن}
    ويحكي واقع الصحافة السودانية حقاً عن الفقر المدقع الذي يعيش فيه قطاع عريض من صحفيينا وصحفنا، بينما تقف الأجهزة المنوط بها دفع وتقدم هذا المجال في المهنى مواقف سالبة، وفي مقدمتها بالطبع اتحاد الصحفيين السودانيين المعني فقط بأن {تهبر} عضويته في مقاعد الاتحاد التنفيذية الفرص من أجل إستمتاعها هي ذات نفسها بما تجود به المؤسسات الدولية والاقليمية إن هي مدت أيادي المساعدة.
    ليت النفاج الذي تم افتتاحه مع شبكة يسري فودة، أن يساهم في ترقية واقع الصحافة والصحفيين السودانيين، خاصة في هذا الجانب الحيوي من الصحافة الاستقصائية، فكم من واقعة يكتنفها الغموض ويجري اللغط حولها في حاوجة وانتظار من الصحفيينىالاستقصائيين لسبر غورها وكشف المستور الذي يلفها ،، وشكراً اتاذ فيصل محمد صالح.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..