لا للخرافة.. فقه الماورائيات و المعجزات

كاتب هذه السطور المتواضع يعتقد أنه من الحداثيين أي من لا يرون باسا في العودة لكتب السلف و أذهاننا لتخليصهما مما علق بهما من مفاهيم خاطئة , بيد أن التحديات الماثلة في عالمنا المضطرم اليوم قد تجعل الكثير منا يعتقدون أن الكلام في أمثال هذه المواضيع ترفا فكريا لا داعي له و أنا كذلك كنت أعتقد نفس الشئ , لكن عندما تسيطر أمثال تلك المعتقدات علي أفكارنا أو تستغل ذريعة للهجوم علي القرآن و الدين فذلك أمر آخر, اضف إلي ذلك إلي أن كثيرا من القراء ظلوا يستحتثونني علي أن أكتب في هذا المجال و ها أنذا أستجيب لهم .
عالم ما وراء المادة موجود و يشتمل علي الله سبحانه و تعالي و الملائكة و الشياطين و أشياء أخري لا نعلمها و لا نراها لكن غير المؤمنين إختلطت في ذهنهم هذه الاشياء بالاساطير و قصص الآلهة و حجاوي الطفولة و الملائكة ذات الاجنحة و الشياطين المشعرة ذوات القرون و الاشكال القبيحة و اشياء أخري و اكاذيب سمعوها هنا و هناك فصرفوا النظر عن الموضوع و ظنوه ميثيولوجيا إسلامية.
من ينكر عالم ما وراء المادة بدعوى أنه لا يمكن إثباته فى المعمل فعليه أن يراجع نفسه , كثير من العلوم التى نتعاطاها هذه الايام كانت غير معترف بها فى السابق ,و كثير من النظريات العلمية التى يعتمد عليها العلم المادى هذه الايام لم تثبت و لن تثبت فى أى معمل إلا أنها صارت من اركان العلم الراسخة, رغما عن أن منها الخديج و الذى يتعرض للتنقيح و التجديد و التطور بتقدم المكتشفات.
من يؤمن بإله سرمدي قوي قادر علي كل شئ هو الذي خلق الوجود و قوانينه و القادر علي خرقها يسهل عليه فهم المعجزات و مبرراتها لكن علي المرء أن يكون حذرا في هذا الجانب فالمؤمن يجب ألا يستغرق كثيرا في هذا الجانب و غير المؤمن يجب عليه عدم الانكار و يجب عليه أيضا ألا يستغرق كثيرافي هذا الجانب , فعالمنا مبني علي سنن كونية مضطردة و قوانين أودعها الخالق منذ بلايين السنين , إنتظام تلك السنن هو المعجزة الحقيقية التي حفظت الاكوان و أعطت علمنا المادي المحدود قوته عندما إكتشفنا تلك القوانين و لكنا كثيرا ما نتناسي معجزة إنتظام سنن الكون أي الفريقين كنا.
المعجزة هي بإختصار خرق للسنن المألوفة التي إعتدنا عليها وفقا للقوانين الطبيعية السارية و يدخل فيها معرفة الغيوب.
مصادر المعجزة :-
1-الله سبحانه و تعالي: لا داعي لذكر التفاصيل فالله هو القادر علي كل شئ و كفي, صفات الله سبحانه و تعالي كثيرة لكن أصدق وصف فهو كما وصف نفسه (ليس كمثله شئ و هو السميع البصير), هذه الاية تنفي صفة الشبه و التجسيد عن الاله و تصفه بصفتين اساسيتين هما أنه سميع+بصير ,الناظر غلى ظاهر الاية يعتقد أنهما السمع و البصر العاديين لكن الأمر أكبر من ذلك لأن هناك كائنات دنيا كثيرة من مخلوقات الله لديها السمع و البصر, لو نظرنا لتركيب الكلمتين اللغوي فهما علي وزن فعيل و يأتي هذا التركيب للمبالغة, إذن فما المعني الذي يميز الله عن مخلوقاته من وحي القرآن الكريم؟ هو الذي يسمع كل شئ في نفس الآن سواء كان صوتا ام غير ذلك حتي النداءات الخفية ووسواس النفس والسميع بهذا المعني هو الإدراك الواسع الذي لا تحده حدود,أما بصير فيعني أنه له بصرا يرى به كل شئ كما هو ذو البصيرة بالاشياء الخبير بها.
وهناك إعجاز علمى في هذا الجانب, موضوع ترتيب الاشياء داخل الايات القرآن مبحث كبير و نختصره بأن الترتيب في هذا المجال لديه عدة مظاهر إما ترتيب أفضلية أم ترتيب أسبقية إتفق علماء الأحياء علي أن الكائنات الاولي كانت عمياء و كما أن الاجنة المولودة حديثا علي الاغلب تكون عمياء أم ضعيفة البصر و تكون اول حواسها حاسة السمع.
2- الملائكة
هم كائنات خلقت من نور الله و لا نستطيع أن نراها مطلقا و لكن الله يريها لنا في صور بشر حسني الصورة و ذوو أجنحة و عدد الاجنحة يدل علي رتبة الملاك ففى قصة مريم الطاهرة (فتمثل لها بشرا سويا) و فى سورة فاطر (جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة مثنى و ثلاث و رباع) من المعلوم أن الجعل هو تغيير فى صفة الشئ, الملائكة أمرت بالسجود لآدم و قد فعلت و لم تسجد كلها , إذ أستثني منهم (العالين). قال تعالي (قَالَ يا إبليس مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ العالين).

ما قصة السجود هنا ؟ هي تنفيذ أوامر الله بأن تعمل في خدمة آدم و ذريته في الارض فهناك من الملائكة من سيسجل على الإنسان أعماله. وكل قول يقوله وكل فعل يفعله. بل ويكتبون هذه الأفعال. ومنهم من يحفظه من الشياطين، ومنهم من ينفذ أقدار الله في الأرض. هؤلاء جميعا لهم مهمة مع الإنسان. ولكن الأمر بالسجود لم يشمل أولئك الملائكة العالين من حملة العرش وحراس السماء وغيرهم ممن ليست لهم مهمة مع الإنسان.
وفي القرآن الكريم يتبدي السجود المجازى في أكثر من موضع مثل(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ۗ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) الحج/18
3-الشياطين
الشياطين كائنات خلقت من نار السموم قبل أن يبرد كوكب الارض و يكون صالحا لسكني الكائنات التي خلقت من الطين و قد أطلق عليهم القرآن لفظ الجان لاننا لا نستطيع أن نراهم و لكن عندما يرد من الله رؤيتهم فقد كتب الله عليهم أننا إما نراهم في صورة حسنة مختلفة عن صور الملائكة و ذلك الجن المسلم و إمانراهم في صورة قبيحة مخيفة و ذلك الجن الكافر أو العاصى.
كلا الفريقين ملائكة و شياطين أطلق عليهما الله سبحانه معنى (الجن) أى لا تراهم أعيننا (إن إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه)
يذكرنا هذا بلغة الرموز التي إبتدرها الانسان الاول علي جدران الكهوف ام اللغة الهيروغلوفية أولي محاولات الانسان للكتابة, تلك اللغة التي عدنا إليها في كثير من مناحي حياتنا علي لوحات الطرق أو برامج و تطبيقات الكومبيوتر و الاندرويد و لا ننسى الرموز التي يراها النائم في منامه فيلجأ للمعبرين.
كل المسلمين يتعوذون من الشيطان ملايين المرات و لا يعرفون معنى الشيطان الرجيم و يعتقدون أنه المرجوم بالشهب و هذا صحيح جزئيا , لكن صفة الرجيم للشيطان تعنى أنه المطرود من رحمة الله, رحمة الله الله هى القرب منه فليس صحيحا انه طرد من الجنة ,الجنة ليس فيها ما ينفع الشيطان فشروط عيشه مختلفة عن شروط عيشة آدم ,ثم إذا طرد من الجنة فكيف رجع إليها ثانية ليوسوس لآدم؟؟؟ مالكم كيف تحكمون.
ورد القرب من الله بمعنى الرحمة فى عدة مواضع بالقرآن الكريم منها قصة العبد الصالح مع سيدنا موسى( آتيناه رحمة من عندنا و آتيناه من لدنا علما) و قصة زكريا عليه السلام (ذكر رحمت ربك عبده زكريا)
ففى شأن الرجم بمعنى الطرد قوم شعيب حينما قالوا لنبيهم ( قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ ) هود/91 فنجد القوم قد خافوا رهط شعيب أي عشيرته وقبيلته، فمنعهم ذلك بان يخرجوه من قريتهم ولكن في الآية ( 88 من سورة الأعراف ) هددوه بالخيار إما بالرجوع في ملتهم أو طرده ولم يكن رهطه وخوفهم في سياق الآية (91 من سورة هود ) إن يمنعهم من طرده كما جاء في سياق هذه الآية والتي هي البرهان الثاني على إن الرجم يعني الطرد أو بالأصح إخراجه من قريته ( قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ) ألأعراف/88 وقد يسأل البعض ويقولوا أليس هناك للرجم معنى أخر غير الطرد ؟ ونقول لهم نعم فهذه الآية توضح لنا إن للرجم مدلول أخر غير الطرد وهذا هو تبيان القرآن وتفسيره لكل شيءفقد جعل فيه من الآيات المحكمات وأخر متشابهات ليجعل من القرآن له حلاوة وطلاوة ( قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ) الأعراف/13 فسبب الطرد هو التكبر فأخرجه الله تعالى رجيما صاغرا أي مطرودا مستسلما (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ)الحجر/34 وانك رجيم هي انك من الصاغرين ويرجموكم أي يطردوكم ويجعلوكم من الصاغرين ( إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً) الكهف/20 وهي نفس معنى الآيات السابقة وهذا التدبر في آيات الله يقودنا إلى إن المطرود رجيم والمطرود صاغرا وهو يعنى أيضا في المعنى إن الرجيم هو الصاغر وان التكبر يجعلك صاغرا أو رجيما وكلها كلمات ومرادفات في سلسلة من المعاني المتناسقة المتكاملة يتلوها علينا رب العالمين, الطرد من القبيلة فى قديم الايام من المجتمع كان أشبه بحكم بالاعدام فالمطرود إما قتل أو صار قاطع طريق أو يسبى فيباع عبدا.
كيف يرانا الشيطان ؟
هو لا يرى وجودنا المادي بل يطلع علي مافي صدورنا, قال تعالي (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) الاعراف / 17 لنفهم معني الآية جيدا فلنطلع علي آية أخري (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا)طه/110
أفضل شكر لله تعالي يكون عن طريق الطاعة لاوامره و اجتناب نواهيه و حمدالله علي نعمه الظاهرة و الباطنة قلت أو كثرت, الشيطان يري مخزوننا العقلي و ما فيه من رغبات و مخاوف و نوايا مستقبلية فيعمل في هذا الاتجاه ليضل الانسان, أما مسألة عن ايمانهم و عن شمائلهم ففي تقديري فتعني نصفي الدماغ في الانسان:
النصف الايمن
يتميز بوجود مراكز التعرف على الوجوه و الأشكال و مركز التوافق أو الإيقاع و مراكز المرئيات و مراكز الإبداع و الابتكار و التفكير الغير مباشر .. لذلك فهناك مميزات و صفات مختلفة تماما لهذا النصف من الدماغ .. فهو يستخدم الأحاسيس و يهتم بالصورة العامة و الشاملة دون التفاصيل و تحكمه التخيلات و يتذكر الصور و الرموز و الأشكال .. يهتم بالحاضر و المستقبل .. و ينشط في الفلسفة و الأمور العقائدية و يتعامل بالإيمان و ليس بالمعرفة و الحقائق و يفهم المشاعر و الدوافع بغض النظر عن المنطق .. و يمكنه وضع الاحتمالات و معرفة وظائف الأشياء .. و هو طموح ميال للمخاطرة,الشيطان يفضل ضرب هذا الجانب أولا لذا كانت عن أيمانهم أولا.
النصف الايسر
يتميز بـوجود مراكز المنطق و الحسابات العقلية و السببية و مراكز الكتابة و القراءة و التحدث ( اللغة ) و مراكز التحليل و التسلسل المنطقي و المباشر .. لذلك يمكننا معرفة مميزات و صفات هذا النصف من المخ .. فهو يستخدم المنطق و يهتم بالتفاصيل و تحكمه الحقائق و يتحكم في اللغة و الكلمات .. يهتم بالحاضر و الماضي .. و يجيد الحسابات الرياضية و العلمية و المنطقية و إدراكها بطريقة عملية .. لذلك فهو يتعامل بنظرية المعرفة و ليس الإيمان لأنه يقر بالحقائق و يمكنه أن يرتبها و يدرك توزيعها و يمكنه وضع الخطط .. و معرفة أسماء الأشياء .. و هو عملي و امن لا يحب المخاطرة ..وصف (شمائلهم بدلا عن شمالهم) يتسق مع هذا الجزء لانه يتميز بكثرة المعلومات و الحسابات و التردد و الشك وهو الجزء الاكثر إستخداما لدي أكثر من 95 بالمائة من البشر.
4-الأنبياء
الانبياء هم بشر اصطفاهم الله علي علم علي العالمين و و دائما يكونون من أحاسنهم اخلاقا و رجاحة عقل و كمالا جسمانيا ,و ايضا لديهم إستعداد فطري لتلقي الوحي الالهي لصفاء سريرتهم,الروحانيون يصفون الانبياء بأنهم وسطاء روحيين علي درجة عالية من الكفاءة.
5-البشر
البشر كمنطوق القرآن الكريم في عدة آيات قال الله عنهم بأنه نفخ فيهم من روحه و في التوارة أن الله خلق آدم علي صورته أو شبهه, منطوق التوراة مجازي لان الله لا يمكن تجسيده في اي شكل ,و المعني الاقرب هو ما ورد في القرآن الكريم و هو يطابق ما أشير إليه سابقا , فصفة الله هي (ليس كمثله شئ و هو السميع البصير) و صفة الانسان بعد أن نفخ فيه النفس الالهى هي ( إنا خلقنا الانسن من نطفة أمشاج نبتبيه فجعلناه(( سميعا بصيرا)) , طبعا كثير من الكائنات الدنيا تشاركنا في صفتي السمع و البصر و نحن مميزون إذن فما الحل؟ هو نفس المعني المشار إليه في حق الله سبحانه و تعالي مع إختلاف في الدرجة طبعا, الانسان العادي عندما ينتصر علي شهواته المودعة فيه و يسير في طاعة الله يتزكي و يتضاعف نوره بقدر إستعداده و إجتهاده فيعلم علم ما لا يعلم .
ماهي أدوات الخوارق؟
1-كرامات الاولياء و الصديقين
2- الشياطين تعلم الناس السحر
و هو منصب علي العقل و العواطف فيعتقد الانسان باطلا في الاشياء و يري ما لا تراه عينه و يسمع ما لا تسمعه أذنه و قد يهتاج أو يكره أو يحب دون إرادته الحرة و لذا قال تعالي ( قَالَ أَلْقُوا ۖ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ۞ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ) 116-117 /الاعراف , وصف تعالي ما ألقوه بأنه (إفك) اي ليس حقيقيا حيث أن سحرة فرعون ألقوا حبال و عصي فخيل للناس أنها ثعابين.
3- الشياطين تعلم الناس ما أنزل علي الملكين ببابل هاروت و ماروت
الروايات كثيرة فى هذا المجال و ترقي الي مصاف الخرافات ,كما أن المفسرين إختلفوا فى من هما هاروت و ماروت ,أهما ملكين بفتح الكاف أم كسرها و هذا يطرح مشكلا كبيرا فى فهم القرآن , فمن المعروف أن القرآن معصوم من التبديل مثل الكتب السماوية الاخري و لكن هناك إضافات لاحقة كان لا بد منها لتعصم لغة القرآن من اللحن مثل التشكيل و التنقيط و علم النحو و هذه كانت من منجزات أناس عملوا عليها بعد وقت طويل جدا من إنتقال الرسول للرفيق الاعلي ووفاة حفظة القرآن, الباحث الحصيف عليه أن يضع هذه الاضافات في حسبانه و لا يعتقد بقدسيتها , قصة مسخ ملكين إلي بشر غير منطقية بالاضافة إلي مسخ المرأة التي أغوتهما إلي كوكب الزهرة لا مجال لتصديقها.
وجد السحر بكل أنواعه إبتلاء للانسان ليضاف إلى فتن الأرض و الله المعين, كما وجد أيضا للتعريف بذلك العالم الخفى عالم الغيب و أن من يستطيع هزيمة قدرات السحرة فهو اقوى منهم و هو الله القادر على كل شئ.
حسب نصوص القرآن الكريم فإن الملائكة مجبولة علي الطاعة العمياء لله سبحانه و تعالي و ليست لها حرية الارادة مثلنا إلا ان الله لم يمنعهم من مخاطبته, و سؤالهم عن خلافة آدم فى الارض لم يكن سؤالا إستنكاريا بقدر ما كان طلبا للمعرفة.
أفضل التفاسير أن هاروت و ماروت كانا ملكين بشريين أنزل عليهما علوم سحرية من قبل الشياطين و قد أخذ عليهما عهد بألا يعلما اي أحد السحر قبل أن يخبراه بأنهما فتنة و أن تعلم السحر سيفقده إيمانه فإن قبل علماه, كما أن كلمة “الملكين” لغة: مثنى لملِك، أما مثنى ملاك فهو: ملائكين، على قياس: جدار: جدارين، سوار: سوارين، كلام: كلامين,الجمع ملائكة. و تخفف ملائكين لتقرأ (ملاكين) !!!!!
هذا اللبس فى التشكيل وجد فى آيتين أخريتين
(فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ) الاعراف/20
(فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ) طه /120
الملاحظ أن عرض الشيطان كان واحدا بالنسبة للخلد لكن إختلف الامر في العرض الثانى ففى الاية الاولى كان مَلَكَيْن و فى الثانية َمُلْكٍ لَّا يَبْلَى ,مجرد سؤال ؟؟؟ٰ وجدت معظم التفاسير تتفادى النظر فى هذا الفارق البين, النظر فى هذا الامر ليس نيلا من عصمة القرآن فقبل اسبوع تداول برلماننا نبأ دخول مصاحف محرفة إلى السودان ,بالعكس كل دراسة نقدية تحليلية لما خطته أيادى البشر فى القرآن الكريم هى جزء من خطة المولى عز و جل ووعده (إنا نحن نزلنا له الذكر و إنا له لحافظون) و مانحن إلا أدوات لتنفيذ هذا الوعد.
.
4- اصحاب القدرات الخارقة للطبيعة فطريا و قد وثقت آلاف الحالات عبر التاريخ لاناس عرفوا بهذه الصفة و لا أريد التوسع في هذا المجال.
المعجزات الالهية لماذا؟
1-هي أولا و أخيرا رسائل للعقل البدائى الذي لا يستطيع التعمق في جقائق الوجود ليؤمن فالمعجزة تجعل الانسان يؤمن بأن من خرق القانون هو الذى أوجده إبتداء و تقل المعجزات مع ترقي المعارف البشرية.
2-لتثبيت رسل الله من الأنبياء و الصديقين و الاولياء.
3-لتمكين الانبياء و الصالحين في الارض مثل قصة سيدنا يوسف الذى كانت معجزته في تأويل الاحلام لكشف الغيوب و حسن التدبير بعد ذلك.
4-لقصم الجبابرة الذين يدعون الالوهية مثل فرعون , الملاحظ فى قصة فرعون أن المعجزات كانت كثيرة جدا فكان من الضرورى أن يعلم فرعون و الناس من هو الاله الحقيقى و كان بنو إسرائيل وهم عباد الله مستضعفين في الارض و ليس لهم مدافع ضد فرعون إلا الله- المعجزة غالبا هي ضرورة و ليست خبط عشواء.
5-ليس من صالح البشر رؤية معجزات الله لان المعجزة حجة على البشر فمن لا يؤمن بعد رؤيتها وجب إنزال العذاب عليه و تسمى سنة الاولين لانها كانت كثيرة فى السابق.
6- وجودنا فى الحياة الدنيا هو فتنة في الايمان و الاكثار من المعجزات يتنافي مع هذه الخطة قال تعالي(إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) الشعراء/4
7- من شروط تجسد المعجزة أن يراها بشر واحد أو أكثر متشكك أو ليطمئن قلبه, تعليقا علي ذلك – المعجزة التى أوردها المفسرون فى خلق آدم من تمثال من الطين كما ذكرت التوراة لا معنى لها,فبذلك المعنى فإن آدم وجد نفسه حيا بعد نفخ الروح فى تمثاله فلم ير شيئا, اضف إلى ذلك أن آدم كان يخاطبه الله مباشرة و يرى الملائكة و الشياطين أى أنه كان فى قلب عالم الغيب و لا شك لديه,ثم إن المواصفات التى أوردها الله سبحانه فى ذلك الطين من حيث أنه صلصال و لازب و منتن كلها تؤكد على أن طريقة خلق آدم كانت معقدة و استلزمت مادة و زمنا و ظروفا خاصة و هذه الطريقة اصلا هى مهد الحياة كلها, أو لم يكن من الممكن خلق آدم بطريقة إعجازية سريعة و من مادة أشرف و هى الصخر كما خلقت ناقة صالح التى نحتت أمام أعين القوم و دبت فيها الحياة ؟,الناقة ليست اشرف من آدم,إن المعجزات عند مقارنتها تشرح بعضها و تخرج لآلئ المعانى.
ورد فى السنة النبوية المدونة أن الله سبحانه خمر طينة سيدنا آدم أربعين عاما(ويكيبيديا أوردت أن وحيدات الخلية ظهرت قبل أربع مليار سنة) و فى القرآن ورد بمعنى أنه طين منتن و تلك إشارة إلى دور الكائنات البدائية وحيدة الخلية فى بداية الخلق(وبدأ خلق الانسان من طين), هذا يتماشى مع احدث بحوث النشوء التى مالت لجانب أن الحياة الاولية نشأت فى طين الرماد البركانى و كانوا فى السابق قالوا أن الحياة نشأت فى الماء!!!!
قصدت بهذا المقال تبيان ماهية المعجزات و ماوراء المادة و الغرض منها من وجهة نظر القرآن الكريم ليس خوضا فى غمار الماورائيات و نحن ما زلنا في الحياة الدنيا نكابد متاعبها و فتنها و لكن ايضا لازالة كثير من الالتباس في أذهان الناس, و لنصرف النظر عن ما لا يفيد لكن وجب تبيان راى الدين الحق فيى هذا المجال و خطل كثير من المفسرين فى توضيح معانى القرآن الكريم, المعجزة الحقيقية لنا كبشر أن ننتصر علي ذواتنا و ظروفنا القاسية المحيطة بنا من كل جانب و نتمسك بإيماننا بقدراتنا وبخالقنا , ان نصنع المستقبل و نعيش سويا كإخوة فى البشرية إن لم نستطع ان نكون إخوة فيى الايمان ففى الارض متسع لنا جميعا و كل يغنى علي ليلاه.
إن من يغطى علي إيمانه يحكم علي على ذلك النفس الالهى المودع فيه بالضياع و يحرم نفسه من العون الذى الذى يأتيه من وراء الحجب و قد قال تعالي عن ذلك ( ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه).
لا أنفى أن لدى تجارب روحية عميقة لكنى أفضل الاحتفاظ بها لنفسي صونا لها من الاتهامات و الجدل و أكتفى بما أورده القرآن الكريم و العلم الحديث فى هذا المجال.

[email][email protected][/email]