لهذه الأسباب لن يصبح الترابي خمينياً ..!

قد يختلف علماء الدين وأساطين الفقه حول الإجتهادات والتفسيرات الدينية كتاباً وسنة و التي طرحها الرجل بجرأة قال بعضهم أنها محض شطحات وقال أخرون أنه فكر سابق لآوانه !
وقد تتباين رؤى الكثيرين حول شخصيته الطموحة التي ناضل طويلا ليجعل منها في الصفوف الأمامية لتاريخ السودان المعاصر وتحديدا مرحلة ما بعد ثورة أكتوبر 1964 !
لكن ما يجمع عليه الذين أحبوه أو كرهوه لإعتبارات تنظيمية وسياسية إنه كان شخصية مثيرة للجدل الذي شغل الساحات على المستوى الإقليمي وربما العالم الإسلامي !
أما كونه سياسيا حربائياً فلا جدال أنه يمتلك قدرة خارقة على تلوين المراحل و حرقا وفقا لما يروق لأهوائه الذاتية لا الفكرية .. وهو الذي جمع بين القانوني الذي يضع الدساتير في بلاد الغير بمعايير مختلفة عن التي يدبجها في بلاده وقد حطم ميزان دستورها بقفزة على دبابة سحق الديمقراطية التي لطالما صلى في محرابها ساجدا لقداستها !
كان يسعى ليجعل من نفسه خمينيا تحمله الجماهير فوق الأعناق ليجلس على كرسي الإمبراطورية التي كسر صولجانها .. لكنه تعجل الدخول الى ساحة التاريخ حينما جاءها عبر نافذة الإنقلابات على خلاف الخميني الذي أشعل ثورة جماهيرية حقيقية مستحقة الشرعية.. و لم يستثمر شيخ حسن الهامها لأحلامه وتوظيفها كقدوة .. وحينما شعر بأن سيف الزمن سيسرق بريق وجذوة طموحه بدأ يتلمس عالمية زعامته للعالم الإسلامي التفافا فأنشأ المؤتمرالإسلامي العالمي الذي ذاب في سخونة أنفاس التناحر بينه وبين تلامذته حينما تكشفت كذبة مشروعهم في تشمير ملاكمة المصالح وقد أقصوه في ضربة مذكرة العشرة !
مهما حاول الذين يسعون الى تخليد الرجل .. فهو تخليد لا يختلف عن عشق الذين هاموا بهتلر رغم الخراب الذي تركه في العالم !
فنحن أهل السودان لن يخلد في ذاكرتنا إلا ما نعانيه من ألم تركه هذا الرجل في كل أطراف وطننا الجريحة سواء بافعاله و هو حي أ و بنكرانه وتملصه عن كل ذلك وهو ميت وقد نشر غسيل من علمهم خبث التمكين منشورا على حبال حلقات الجزيرة ..ثم تركهم لنا من بعده لا يلون على شي فيما قال عنهم كقول مالك في الخمر ..فمدوا السنتهم انا بالمزيد من البذاءات و أياديهم التي باتت أكثر تمددا في النهب والخراب واشعال الحرائق !
الخميني اختلفنا أو اتفقنا معه .. أنجب من رحم ثورته الشعبية دولة رغم تكلس وليها الفقيه كرمز مذهبي ..فان رؤساء جمهوريتها الإسلامية يتداولون السلطة بمدد تحترم الدستور و هي الدولة التي ناكفت القوى الكبرى بانجازات علمية أرعبت الجيران فتداعت تلك الدول تستجديها و تتودد لها للتفاهم .. وهنا لا ولن نثني على نهجها التوسعي و دعمها للأنظمة الظالمة و تهديدها لأمن المنطقة فالظلم ظلمات و لا أحد يمكن أن يرضى بافعال جيوش الفوضى التي أطلقتها لتعكر صفو المنطقة بأثرها !
أما دولة الترابي التي تركها لنا فهي دولة الرجل الواحد الذي تعاقب في عهده ستة رؤساء إيرانيون منتخبون بغض النظر عن محدودية حلقات التنافس التي لا تخرج عن محيط فكرهم و رضاء او عدم رضاء الفقيه الولي الدائم .. لكن رائحة فسادهم لم تخرج من تحت عباءة نظامهم قيد أنملة..على خلاف دولة الترابي التي فاحت رائحة فساد أهلها في أفاق الدنيا مثلما باءت إدعاءاتهم وتشدقهم فشلا بدنو عذاب أمريكا وقد دنوا هم في نهاية المطاف لعقا في أحذيتها وليس مقارعة على طاولات السجال مثلما يفعل معها الإيرانيون ..وهنا يكمن الفرق بين دولة الخميني التي جاءت من رحم الثورة الشعبية وبين دولة الترابي التي ولدت سفاحا من ظلمة رحم التلاقح بين العسكر و حركته الإسلامية ..وهذا يفسد على الذين يريدون أن يخلقوا من قبر الترابي ضريحا ومزارا كمرقد الخميني أمرا مستحيلا .. أما إذا كانوا يقصدون أن يصبح قبلة للعنات هذا الشعب الذي تأذي من طموحات الرجل التي تركها حريقا في جنبات هذا الوطن .. فالكثيرون سيذهبون للقيام بالواجب .. ومع ذلك فالرحمة واجبة على كل ميت ذي كبد رطب .
[email][email protected][/email]