شأن حزبي

يبدو أن قدرنا أن نعيد كتابة بعض الآراء أكثر من مرة؛ لأننا نسمع رأيا أو تعليقا يتكرر أكثر من مرة، ولا نجد سبيلا غير تكرار ما قلناه، وما قاله غيرنا من قبل.. كتبت قبل فترة عن موقف أحد الأحزاب من موضوع الحوار الوطني والمشاركة في الحكومة الجديدة، فناقشني أحد منسوبي الحزب، ثم انتهى بنقاشه للقول إن هذا شأن حزبي خاص “فلماذا تتحشر فيه؟!”.

كتبت أكثر من مرة عن حالة الحزب الاتحادي الديمقراطي، وانشقاقاته الكثيرة التي تسببت في تغييبه عن المشهد السياسي- تماما- وتلقيت ردودا من نفس الشاكلة، فإن كانت الكتابة لا تعجب أحدا فغالبا ما يقول لك إن هذا شأن حزبي لا شأن لك به، وفي مرة ثالثة كتبت عن الأزمة التي حلت بالحزب الشيوعي والأعضاء القياديين الذين تم فصلهم، فتلقيت تقريعا من أحد كتاب الحزب الكبار، جزء منه أشار إلى افتقادي للمعلومات، وانحيازي إلى جناح معين، والجزء الأخير كان يردد- أيضا- حكاية الشأن الحزبي الخاص.

كاتب هذه السطور ليس عضوا في أي حزب سياسي في السودان، وبالتأكيد خارج السودان- أيضا- باعتبار أني لا أمتلك غير الجنسية السودانية، ولو طبقنا حكاية أن قضايا وشؤون الأحزاب كلها شأن حزبي خاص بالأعضاء، فمعنى ذلك أن ننصرف إلى الكتابة في الرياضة، والثقافة، والفنون.

الحزب السياسي ليس جمعية تعاونية لعضويته، ولا هو جماعة ثقافية، أو فكرية، أو نادٍ للأعضاء- فقط- ولا هو جماعة ماسونية سرية، أو هكذا يفترض.. هو مؤسسة سياسية تحمل برنامجا تطرحه لحكم البلاد، وتستخدم وسائل سياسية وإعلامية مختلفة لكسب ود جمهور الشعب، وتتوسل إليه بكل الطرق والأساليب؛ حتى يقبل بها وببرنامجها.. إذن فإن برنامج الحزب وممارساته ومواقفه هي شأن عام يهم كل الناس بلا استثناء، ما دام أنه يريد حكمهم، ومن حقهم أن يناقشوا كل تفاصيله وشؤونه.

إن كان الحزب ينادي بالديمقراطية فمن حق الناس- كل الناس- أن يتابعوا ويراقبوا ممارسته للديمقراطية داخله، وينتقدوا ممارساته إن رأوها مجافية لمبادئ الديمقراطية، مثل عدم عقد المؤتمرات، وديكتاتورية القيادة وسيطرتها الأبدية على كرسي الزعامة.. إن كانت مبادئ الحزب تدعو إلى الأمانة والتقشف والنزاهة فمن حق الناس مساءلة سلوكيات قيادة الحزب إن لم تتوافق مع ما يدعو إليه.. إن أعلن الحزب موقفا، ثم سار عكس ذلك فمن حق الناس أن يسألوا ويتلقوا إجابات عن أسباب تحول موقف الحزب إلى نقيضه… الخ.

الأحزاب بطبيعتها، ودورها، ومهامها هي مؤسسات عامة، لكن بحكم سيطرة أسر، وبيوتات، ومجموعات معينة على بعض الأحزاب يتخيلون أن الحديث في أمور الحزب هو تدخل في شأن خاص، شأن الأسرة، أو البيت، أو الطائفة، أو المجموعة.

سنحشر أنوفنا في كل شأن حزبي؛ لأن الحزب- أي حزب- بطبيعة عمله يحشر أنفه في حياتنا، بل ويريد أن يحكمنا، فتصبح أموال الدولة، وأجهزتها، وإمكانياتها، وسياساتها، وميزانيتها، وتوجهاتها في يده، فكيف يقول لنا إن أموره، ومواقفه، وخلافاته من حق عضويته- فقط؟.

التيار

تعليق واحد

  1. تسلم أستاذنا فيصل ، لكن المعيب فينا نحن السودانيين تمت تربيتنا علي عدم قبول الآخر ، ونفتقد للقيم الإنسانية السامية ونجهل تماماً المغزي من حزمة الحقوق واعني حقوق الإنسان مكتملة وليست مجزأة لأننا نأخذ ما يتوافق مع اهوائنا ومصالحنا ونترك م يتعارض مع ذلك .
    نحتاج أن نرسخ القيم في مناهجنا التعليمية وأساليب تربية الأبناء .
    لك ودي وتقديري ليراعك الحر والنزيه وكل الكتاب الشرفاء .

  2. صدقت ولو جينا نطبق ماذكرت من تطبيق الاحزاب للديمقراطية داخل احزابها لفجعنا بانه لاتوجد ديمقراطية فى جل الاحزاب معارضة وحكومة ابتدا ءمن الامة والاتحادى مرورا بالشعبى والشيوعى(نكتفى هنا بمدة بقاء نقد على راس الحزب حتى لايتنطع علينا الشيوعيون بانعقاد مؤتمراتهم)والموتمر الوطنى
    الا من رحم ربى حسب معلوماتى الشحيحة يستثنى المؤتمر السودانى
    وركزوا فى فى مدة بقاء زعماء الاحزاب فى سدة رئاسة الحزب
    احزاب تستاهل كنسها لمزبلة التاريخ

  3. تسلم أستاذنا فيصل ، لكن المعيب فينا نحن السودانيين تمت تربيتنا علي عدم قبول الآخر ، ونفتقد للقيم الإنسانية السامية ونجهل تماماً المغزي من حزمة الحقوق واعني حقوق الإنسان مكتملة وليست مجزأة لأننا نأخذ ما يتوافق مع اهوائنا ومصالحنا ونترك م يتعارض مع ذلك .
    نحتاج أن نرسخ القيم في مناهجنا التعليمية وأساليب تربية الأبناء .
    لك ودي وتقديري ليراعك الحر والنزيه وكل الكتاب الشرفاء .

  4. صدقت ولو جينا نطبق ماذكرت من تطبيق الاحزاب للديمقراطية داخل احزابها لفجعنا بانه لاتوجد ديمقراطية فى جل الاحزاب معارضة وحكومة ابتدا ءمن الامة والاتحادى مرورا بالشعبى والشيوعى(نكتفى هنا بمدة بقاء نقد على راس الحزب حتى لايتنطع علينا الشيوعيون بانعقاد مؤتمراتهم)والموتمر الوطنى
    الا من رحم ربى حسب معلوماتى الشحيحة يستثنى المؤتمر السودانى
    وركزوا فى فى مدة بقاء زعماء الاحزاب فى سدة رئاسة الحزب
    احزاب تستاهل كنسها لمزبلة التاريخ

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..