إستراحة مع القراء و الأستاذ محمود أبكم

من منا من كان فى طور الشباب و لم يتابع محاكمات سدنة نظام مايو,كان ?سبدرات? ممثلاً للدفاع والأستاذ المحامي ?محمود أبكم? ممثلاً للاتهام، قضية ?بهاء الدين? كانت أولى القضايا التي قدمت للمحكمة والتي رأسها مولانا ?صباحي?، الأستاذ ?سبدرات? كان دائماً يثير مولانا ?أبكم? عندما كان مولانا ?أبكم يبدأ في استجواب الشهود، ومولانا ?أبكم? كان كثير الحساسية واستفزاز ?سبدرات? له إما بالإيماء أو تحريك الوجه أو حالات لم تكن ظاهرة للقاضي حتى يكاد ?أبكم? يطلب من القاضي طرد ?سبدرات? إذا كان باستطاعته الطرد, كنا شهوداً لتلك المحكمة وكنا نراقب حركات الأستاذ ?سبدرات? التي تكاد أن تخرج ?أبكم? عن طوره و الذى كانت تبدو عيه العصبية الممتزجة بالذكاء الحاد.
الأستاذ سبدرات? إن لم يكن محامياَ ، فلربما كان بمقدوره أن يكون ممثلاً بارعاً عى خشبة المسرح، وليس على ردهات المحاكم، ولم يكن ?سبدرات? لوحده الممثل البارع في تلك المحاكم، فكان الراحل ?عبد العزيز شدو? ، أحد المحامين المميزين، ورغم أن تلك المحاكم كانت ضد نظام بالٍ، كان ينتظرها المواطنون بفارغ الصبر لبراعة ?شدو? في استجواب الشهود وعرض قضيته، فالمحاكم وقتها كانت تنقل عبر جهاز التلفزيون، وهي أشبه بالمسلسلات المصرية التي ينتظرها المشاهد بفارغ الصبر و لم يكن المجتمع قد غرق بعض فى دوامة المعلوماتية و ثورة الموبايل و كانت فرص الترفيه محدودة ,فعندما تكتب الجرائد آنذاك (أين تسهر هذا المساء) فكانت تنشر جدولا بالافلام المعروضة على السينمات التى إندثرت الآن وم,ما يدلل عى قلة اللهو المعروض آنذاك كان القول الدراج(هندى و لا ناكل باسطة) يعنى إما تاكل باسطة أو تشوف فلم هندى,لم يكن هناك من برقر و لا بيتزا و لا هوت دوق ولا (كلب حار) إن فهمتم النكتة الرئاسية, وبمناسبة الهوت الدوق فقد كانت لى معه واقعة طريفة, عملت فترة بالخليج و كنت مترجما بين جهة أجنبية و فريق من اخواننا الخليجيين و فى فترة إستراحة أثناء يوم كثير العمل و الجرى إقترب منى احد الخليجيين و أسر لى بأنه يحب الهوت دوق جدا و لكنه لا يعرف معنى الكلمة و لسوء حظه فقد سألنى وسط اقرانه و لكن يكن هناك بد من ان أشرح له معنى هوت دوق كماهو هو فإنفجروا ضحكا حتى بدت نواجذهم و سالت أدمعهم و قد اقسم أخينا ألا يعود لأكله ابدا.
وخطف الأستاذ ?شدو? و?سبدرات? الأضواء ،رغم أنهما كانا يدافعان عن سدنة نظام انتهى، إلا أنهما أعطيا تلك المحاكم طعماً ومذاقاً عكس ممثلي الاتهام الذين يفترض أن يكونوا هم الأكثر إثارة لمتهمين كانوا قمة الدولة ?بهاء الدين محمد إدريس? واللواء ?عمر الطيّب? و?خالد حسن عباس? و?مأمون عوض أبو زيد? وغيرهم من قادة انقلاب مايو.
من الطرائف التى أذكرها أنى كنت أتابع تلك المحاكمات مع صديق مغتاظ من نظام مايو و أتت فترة إستجواب بهاء الدين محمد إدريس و الذى كان فى أخريات ايام نظام نميرى من أقوى الشخصيات فى القصر و اذكر أن صوته كان خفيضا جدا يكاد لا يسمع, فسئل عن تخصصه العلمى ,فقال : دكتوراة فى تخلق الجنين فى بيضة الناموسة, طبعا للمتعمق فى العلم فالناموسة شئ صغير جدا و جنينها اصغر أما تخلق الجنين فى بيضتها فشئ اصغر من صغير و أمر مذهل أن يكون لبهاء الدين هذه المقدرة على هذا البحث العلمى الدقيق و المعقد, لكن صديقى لم يعجبه الأمر فانفجر غاضبا( يعنى نحنا ناموس يعنى) , وجهة نظر صديقى أنا فهمتها بان بهاء الدين لم يكن مكانه القصر و ببساطة فكرته هى الرجل المناسب فى المكان المناسب طبعا مقرونة بغضب من نظام مايو.
لربما كان بهاء الدين لو عمل أحد بمنطق صديقى و نقل بهاء الدين لوزارة الصحة ,لربما كان بهاء الدين خلص الشعب السودانى من وباء الملاريا و لكنه إختار دعم الطاغية.
أما الامر الاخر الطريف فقد حدث فى المحكمة و كان الأستاذ محمود ابكم يستجوب شاهدا ذكيا و راح يستجوبه بطريقة ماكرة ليستخلص منه إجابة معينة و الشاهد يتزاوغ بى جاى و بى جاى و فى النهاية يئس محمود ابكم و إلتفت للقاضى المتبرم من طول فترة الإستجواب قائلا (و الله يا مولانا الشاهد دة لو كان عرف البدور فى خلدى كان ريحنى راحة شديدة) و رد الشاهد بإبتسامة أمكر (و الله يامولانا أنا لا أستطيع أن ادخل لخلد الاستاذ و عليه ان يوصل لى مايريد).
دائما ما أتذكر هذه العبارة و أتمنى أن يعلم القراء ما يدور بخلدى و أنا أنشر مقالاتى ,أسهل شئ فى الدنيا ان تكتب كتابا لعدة اسباب ,منها أنك فقط تكتب الكتاب و تخلص و قد تجد حتى معاونين يكتبون لك الكتاب إن أعطيتهم الفكرة, الكتاب قد يعود عليك بالنفع المادى إن تم إنتقاده أم لا, أما المقال الذى يتم التعليق عليه فمشكلة تبدأ من كتابة المقال, فعليك ان تلخص فكرة كبيرة فى حيز ضيق جدا حتى لا يمل القارئ و كما أن لا عائد مادى يرجى من وراء المقالات, اضف إلى ذلك عليك أن تركز بكسر الكاف أمام سيل التعليقات.
لا حظت هذا من خلال المقالات التى أكتبها و معظمها فى إطار دينى, و مع أنى حجرت واسعا فى أنى أسعى لتفسير القرآن بأدواته إلا أن ما أفعله يجلب أنواعا شتى من الناس فمنهم المادى التفكير الذى يرى الدين خرافة و منهم من يحبذ تفسير الدين ماديا و منهم الذى يؤمن بالتفسير الباطنى و منهم نصير السنة المدونة الذى يعتقدها مقدسة هى و التفاسير القديمة و منهم من لا يرى فائدة او جدوى من هذا الجهد.
موضوع الكتابة فى الدين بصفة عامة أمر مرهق ذهنيا ففهم منطق الاله ليس بسهل إن كنا نحن أنفسنا لا نفهم بعضنا بعضا و احيانا حتى لا نفهم أنفسنا , لكنى ارى عكس ذلك ,ان يرسل لنا الله كتابا هذا يعنى أنه قابل للفهم و قد وضع حجر رشيد داخله.
التدافع الذى تثيره كتاباتى من قبل مؤيدين أو معارضين لا يعنى أنى على صواب دائما لكنى واثق من أدواتى ,أن القرآن يحتاج منا أن نفهمه بأدواته هو و هو أحسن الحديث كما قال تعالى ,خروج المعلقين عن خطى العام إلى قضايا اخرى فلسفية أو ميتافزيقية أنا لست بقدرها لا يدل على أنهم لم يدركوا ما بخلدى و لكن يدل على ان هناك شيئا ينقص الجميع,الوصول إلى درجة من اليقينية فى غائية وجودهم و ما هو الحاصل فى هذا المكان الغريب الذى وجدنا أنفسنا فيه رغما عن إرادتنا, أنا موقن بأن العلم المطلق هو سبيلنا للحصول على معلومات كثيرة و حلحلة كثير من مشاكلنا لكن هناك مشكلة لم يستطع علمنا أن يحلها ,قال بأن الدين خرافة و بدلا من التعمق فى الدين إختار حلا لا منطق فيه, أن لا شئ خلف المادة و لا إله و الكون و الحياة خلقتا بالصدفة و يالها من صدفة لا يبررها المنطق العلمى نفسه!!!!
[email][email protected][/email]
إستهوتني قراءة علم مقارنة الأديان فترة إمتدت لأكثر من خمسة سنوات ولقد قرأت و إستمعت بتجرد لكل الأراء و تواصلت مع بوذيين ويهود و مسيحين و لا دينيين سائلاً و مستمعاً فقط و ليس مدافعاً و لا مفسراً
ما أثار إنتباهي شيئاً عجيباً فكل المعتقدات أو الديانات تعمل علي رفع مستوي البشر ولكن البشر يستخدمون المعتقدات و الديانات لتدمير البشرية !!!
نحن ياستاذنا الكريم نفهمك ونفهم انك شخص واعى ومدرك ويمكن لك فكر خاص او فكرة تود ايصالها ولكن لوعورة الدرب الذى تسلكه وبالمقابل نهاب نحن التحدث فيه بكل صراحة واريحيه لان الجو العام لايسمح واغلبيه الناس دائما تفهم القشور لا تتعمق كثيرا فى المدلول والغايات لذا احيانا نتذاكى ونخفف الكلمات او نلتف حول الفكرة(انت طبعا فاهم) غالبها ليس الوضوح
ولاريحك لست من انصار المادة والديالتيك كما اعتقدت انت ولى راى صريح فيها انهافكرة تحمل احلام طوباوية وتدغدغ مشاعر العمال والبسطاء (لاتخلتلف عن الاديان كثيرا)هذةه اقصى اليمين وتلك اقصى اليسار وللاثان لهما راى عندى يخصنى
اما المدارس الفكرية للحداثة فكلها تصب فى صالح البشرية وتطورة
الفرنسية الفلسفة الوجودية (الحرية)
والانجليزية الفلسفسة التحليلة (المنطق)
والامريكية الفلسفسة البراكماتية(الغاية)
كل ذلك نترك لافكارنا العنان فيه لاخد الصالح منه وطرح الطالح
يعنى بالمختصر اعملوا عقولكم فى دنياكم ومصالحكم
لايجاد الاجوبة للتساولات الذى حبانا الخالق علا شانه بها
فهل من حق احد منعنا من ذلك تحت شتى الذرائع
اعتقد انك معى فى ذلك
ولك التحية
السلام عليكم و تحية طيبة.
دوما ستجد من يختلف معك و لكن عندما يكتب الانسان بالذات عن الدين الاسلامي عليه ان يتوخى المرجعية و الا يكون الامر جدلا فلسفيا او ترفا علميا.