مقالات سياسية

الآثار السياسية لقرار رفع العقوبات

لقد كفانى كثير من الاخوة الذين تحدثوا ،عن الخوض فى الآثار الاقتصادية لقرار السيد اوباما .ذلك لانى ? كما راى الكثيرون لا اعتقد بان العقوبات كان لها اى أثر يذكر فى التدهور المريع الذى حل بالاقتصاد السودانى ، وبالتالى فلن يكون لرفعها اثر ايجابى عليه . الجماعة يعلمون ذلك أكثر من غيرهم ، لانهم يعلمون اكثر من غيرهم من سيستفيد من هذ ا الامر سياسيا وماليا ، ولذلك جاء الترحيب والاحتفاء المبالغ فيه !
أما من الناحية السياسية ، فنبدأ بصاحب القرار الذى اتخذه فى وقت لايتخذ فيه الرؤساء الذاهبون مثله قرارات من ذوات الاهمية عادة . وقد ظل الرئيس اوباما ، كما ذكر أحد كبار الصحفيين الامريكيين وفى أحدى كبريات الصحف ، يعمل للاستفادة من ضعف النظام واستغلاله في مايريد تحقيقه ، مثل انفصال الجنوب ، ملوحا ببعض الجذرات التى لاتاتى ! وفى نفس الوقت وبالضرورة يحافظ على بقائه لنفس السبب وخوفا من طبيعة ماسيأتى .
هذا الذى حدث يؤمن على ما ظللنا ننوه اليه ، من انه لافائدة ترجى من مواقف مايسمى بالمجتمع الدولى ، لأنه كان ولايزال وسيظل يعمل لتحقيق مصالحه ،حتى ولو لوح بشعارات حقوق الانسان والحريات ..الخ والا فماهو المبرر الحقيقى لرفع العقوبات عن نظام فعل فى الستة اشهر التى سبقت القرار أسوأ افعاله : أليس رئيس النظام هو من قال بعد عصيان نوفمبر 2016 وهو يخاطب الشعب : أخرجوا الى الشوارع ، ولن تخرجوا لانكم تعلمون ماسيحدث لكم ! اليس النظام من خلال مليشياته التى قننها برلمانه قبل ايام قلائل ،هو الذى قتل العشرات بدم بارد فى نيرتتى والجنينة ؟! أليس هو الذى صادر الصحف عديدا من المرات ولايزال ؟ اليس هو الذى اعتقل العشرات من شباب وكهول وشيوخ المعارضة من غير سبب وأطلق سراح بعضهم من غير سبب ؟! اليس هو الذى قام بمذبحة جبل مرة الكيماوية حسب ما اثبتت منظمات حقوق الانسان الامريكية ؟! ألا يعلم السيد أوباما ومبعوثه الى السودان وممثليه بالسفارة الامريكية فى السودان كل هذا وأكثر منه ؟!
الاجابة على هذا السؤال موجودة فى صلب الاسباب التى ذكرها القرار كمبرر لرفع العقوبات ، وهى اسباب تهم فى مجملها البلدان الغربية ، مثل محاربة الارهاب والهجرة وجيش الرب والموقف مما يدور فى جنوب السودان ، امامايهم شعب السودان دعما لنضاله الذى لم يتوقف خلال اكثر من ربع قرن، فلم يتم التركيز عليه فى مسببات رفع العقوبات .
وعلى اى حال فأنا لا أهتم كثيرا لموقف المجتمع الدولى الممثل فى الولايات المتحدة وروسيا والصين والاتحاد الافريقى لاننا راينا بالدليل العملى ماذا يفعلون وماذا يريدون بالضبط . ومن ناحية أخرى فان تجاربنا السابقة وتجارب الشعوب الاخرى من حولنا تدل على ان العامل الحاسم فى انتصار الشعوب يعتمد على حركة هذه الشعوب المتحدة والمصممة على بلوغ اهدافها المحددة والمعروفة للجميع دون لبس او دغمسة . خير مثال على هذا هو الموقف الامريكى الذى تغير بشكل جذرى خلال ثمانى عشرة يوم من الثورة المصرية . ولكى لانذهب بعيدا نستعيد الموقف الغربى بشكل عام من الانظمة الديكتاتورية السابقة . عبود ، الذى تعاونت حكومته مع الشرق والغرب وقوبل باحترام كبير فى زياراته الخارجية الى الدول الكبرى ، لم يجد سندا من اى منها عندما جد جد الشعب وخرج بالملايين الى الشارع . والسفاح نميرى ، الذى كان فى زيارة للولايات المتحدة بعد ان أدى ماعليه من متطلبات القبول ، أطاح به الشعب السودانى خلال ايام ، كذلك من غير ان يجد النجدة من الحلفاء .
اعتقد ان من ايجابيات القرار ، البيان العملى ، بان المجتمع الدولى لايعتمد عليه ، وسيكون هذا أحد العوامل الهامة التى ستساعد فى وحدة المعارضة ، حيث يزول وهم مايمكن ان يقوم به المجتمع الدولى من خلال منظمة الامم المتحدة او الاتحاد الافريقى وغيرها من المنظمات الخادعة .
أما أهم ماجاء به القرار فى اعتقادى ، فهو تعليق استمرار تنفيذ بنودالقرار على حسن سير النظام . وهنا يأتى دور المعارضة فى استغلال هذه الثغرة بالخروج الى الشارع بشكل تدريجى ومنظم لاستخدام حقوق يزعمها النظام ، بل وينص عليها فى بعض قوانينه ، ولكنه ظل لايلتزم بها ، وذلك لكشفه امام العالم . وهنا اذكر المعارضة بالفرصة التى لم يتم استغلالها بالصورة التى تستحقها ، وهى الفذلكة الممتازة التى أتت كمقدمة لنصوص اتفاقية نيفاشا ، والى كانت تنص بشكل واضح على ضرورة توفر مبادئ الديموقراطية الاساسية كأطار لتحقيق بنود الاتفاقية ، غير ان تركيز الحركة الشعبية ، خصوصا بعد غياب القائد الوحدوى الاتجاه دون أدنى شك ، على الوصول الى محطة تقرير المصير ، ومن ناحية أخرى نوم الآخرين فى عسل المشاركة الشكلية فى البرلمان وتسليم الامر للحركة الشعبية ، قد حال دون استغلال هذه الثغرة الدرفسارية !
هذه الثغرة يمكن استغلالها ايضا فى الاتصال والتنظيم للعصيان القادم والاضراب السياسى الذى سيذهب بالنظام الى المذبلة التى يستحقها !
واخيرا فهناك الموقف العربى المشابه للموقف الافريقى من حيث انه معبر عن انظمة . منها الدول التى تقف نفس الموقف الامريكى بحكم ارتباطها السياسى به أوبحكم علاقة بعض مصالحها المرتبطة بوجود النظام . وهذه ايضا مثلها مثل مواقف المجتمع الدولى يمكن ان تتغير بحسب اتجاه توازن القوى بين الشعب والنظام . وهكذا نرى ان الامر كله مرتبط بحركة الشعب ووحدته . أمران مهمان فى هذا الاتجاه : التعجيل بوحدة المعارضة مع وضوح نواياها لعامة الشعب والقناة الفضائية الداعمة لهذا الغرض والتى لاينقصها غير ارادة ان لم تتوفر للمعارضة حتى بعد توحدها فقل على الثورة السلام !

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..