الخوف من البقاء ليس كالرعب من الخروج ..!

مثلما خرج الشاب ديفيد كامرون من مقر رئاسة الحكومة وهو يعبر الشارع الفاصل مابين عهده رئيسا لوزراء بريطانيا العظمى وبين مرحلة عيشه كمواطن عادي يتمشى وسط الناس في الأسواق بلا خوف و يتنزه مع أسرته ويأكل الذرة المشوية مرتاح الضمير بعد أن أوفى بعهده الذي قطعه لشعبه بترك السلطة إذا ما جاءت إرادته على عكس ما يشتهى هو البقاء في منظومة الإتحاد الأروبي !
هاهو الفتى الأسمر باراك أوباما يتأبط عائلته الصغيرة ليعيش معها ولها يقرأ ويكتب ويذاكر مع إبنتيه دروسهما هاني البال في منزل استأجره فليس بمقدروه أن يشترى شقة ..كيف لا وهو الذي إنسل قبل ثماني سنوات من بين ثنايا الصفوف الخلفية لذلك المجتمع الذي يتجانس كلحمة الرأس في مائدة المواطنة الواسعة ليصبح رئيسا لأكبر قوى عظمى في العالم وهو إبن المهاجر الأفريقي الذي جاء من بيوت القش في ضواحي نيروبي .. يخرج ماشيا هو الآخر في شوارع العاصمة واشنطن أمنا بلا حراسة ولا مليشيات تحيط به.. بعد أدى واجبه مكلفا لا ساطيا على سدة الحكم ..يحيي المارة مبتسم الوجه لآنه وضع خلفه حملا ثقيلا في ذلك المكتب البيضاوي ليتولاه بعده السيد دونالد ترامب وقد اختارته الأمة في سجال شفاف حينما كسب السباق فيه كانت اول المهنئين له منافسته السيدة هيلاري كلينتون وكانت أولى كلماته بأنه أصبح الآن رئيسا مسئؤلا عن الذين صوتوا ضده قبل الذي إنتخبوه ولم يخونهم او يعزلهم .. على غير إنتخابات العالم الثالث حيث يبادر المهزوم بإتهام الفائز مباشرة بالتزوير ويطلق مويديه للتخريب والدمار !
يخرج الرئيس المنتخب عندهم بعد إنقضاء فتراته المنصوص عليها في الدستور الحاكم لكل الناس سعيداً لانه يخاف عظم مسئؤلية إطالة البقاء رئيسا التي قد تدفع به الى إدمان الحكم والإنحراف بالديمقراطية من مصلحة الشعب الى مصلحته الذاتية..!
بينما يظل رؤساء العالم المتخلف عندنا متشبثين بالكرسي خوفا من السقوط في أياد الشعب بعد أن خانوه طويلا وعبثوا بمقدراته ..ولن تحميهم منه كما يتصوروا عبطا وسذاحة أقلام النفاق وقبضة البطش المهلوعة التي تتلاعب في دساتير بلادهم وتطيل بقاءهم تنكيلا بمن يقولون الحق ولو في سرهم قبل أن يجاهروا به عصيانا أو تظاهراً تأمينا لهم من خوفهم الداخل رعبا من جحيم بوابات الخروج الذي ينتظرهم وإن تطاول أمد حكمهم الزائل لا محالة !
حقا نحن نعيش في بلاد حكام يدعون الإنتماء الإسلامي ويحكمون بأخلاق لا تمت له بصله .. أما هم هناك في بلاد ليست مسلمة في إطلاقها ولكنهم يحتكمون لأخلاق الإسلام الداعية للحرية والشورى وتكريم بني الإنسان في عيشهم وخدماتهم ..والداعية لآن يكون الحكام خداما للشعوب لا سادة عليهم !

[email][email protected][/email]