المهدي.. حذارِ من الإفراط في الثقة..!

ساعات قليلة، تفصل زعيم حزب الأمة الصادق المهدي عن تراب الوطن الذي فارقه مضطراً، بسبب انتقادات حادة وجهها لقوات الدعم السريع.. ساعات فقط سيعود بعدها الإمام إلى معاقله سالما بعد أن فارقها لعامين وأكثر، بناء على وصية همس له بها مقربون، مفادها أن الملأ يأتمرون بك ليحبسوك أو يحاكموك أو يعتقلوك.

وعملاً بتلك النصيحة، خرج المهدي من البلاد حذِراً يترقب، قبل أن يهبط مصراً، وهناك أعاد تقديم نفسه كلاعب دولي، يتنقل في ميادين الفكر والسياسة، برشاقة تُحاكي تنقله في مضمار التنس، الذي عابه عليه نافذون في المؤتمر الوطني، مع أنه ليس منقصة ولا هو مذّمة..!

المهم أن المهدي سيعود، وستعود معه الاتهامات القديمة، القائلة بوجود صفقة بينه والحكومة. ولكن يكفي الرجل شهادةً، أن غالبية الذين كانوا ينظرون إليه بريبة، ويعتبرون كل خطواته الوفاقية، تأتي خادمة ومتماهية مع مواقف الإنقاذ، جاءوا ورفعوا لواء الوفاق السياسي، بعدما قرروا أن يصلّوا “فجر التسوية” حاضراً في الخرطوم. بل يكفي المهدي أن الذين ظلوا ينعتونه بموالاة النظام، جاءوا واصطفوا في الطوابير الرامية الى تسوية الأزمة السودانية، سواء من خلال حوار الخارج أو حوار قاعة الصداقة.

ومع أن الرجل نال صك البراءة من كل التهم التي حيكت ضده، بمزاعم أنه يتهيّب مصادمة نظام الإنقاذ، وبمظان أنه يغلِّب كفة الحوار، في أزمنة المواجهة الحتمية، لكن ذلك لن ينزع عنه مظنة أو تهمة، أنه كثير الظن الحسن في المؤتمر الوطني، المعروف عنه مخادعته البائنة وتسويفه غير المنكور. وربما لهذا ينبغي على زعيم حزب الأمة الصادق المهدي أن ينزع عن نفسه ثقته في المؤتمر الوطني، ذلك أن الاتفاقات التي وقعها مع الأحزاب، برهنت بجلاء وأثبتت بوضوح، أن قادته أهلٌ لكل تشكيك يقدح في التزامهم بالعهود والمواثيق التي يبرمونها..!

ولست في حاجة إلى تذكير المهدي، بأن الحزب الحاكم أجهض – قبل ذلك – اتفاق نداء الوطن واتفاق التراضي الوطني واتفاق القاهرة، وغيرها..! كما أنني لست في حاجة إلى تذكيره، بأن الصقور الذين تربصوا بتلك الاتفاقات، وانقضوا عليها وقضوا عليها تماماً، سينقضون ? بأنفسهم أو بمخالبهم البديلة – على كل اتفاق، يمكن أن يقود إلى تسوية الأزمة السودانية، وإن جاء مكتوباً بماء الذهب..! لذا يبقى الرهان على إيفاء المؤتمر الوطني بالمستحقات المُضمّنة في أي وثيقة تجمعه مع القوى السياسية أو العسكرية، مثل الرهان على السراب..!

المطلوب من زعيم حزب الأمة الصادق المهدي، أن ينظر إلى التاريخ القريب، حتى لا يعيد تعبئة الجرة المكسورة، وحتى لا يسيل ماء التسوية في نسختها الجديدة هدراً. بل يجب عليه ? وجوباً كاملا ً- أن يملأ قلبه وعقله بالشك في الحزب الحاكم، إلى أن يحدث العكس. لأن التجارب السابقة دللت على أن المؤتمر الوطني بارع في كتابة العهود، وحاذق في “تنفيسها” بدلاً عن تنفيذها.

ظني ? وذلك أمر يدعمه التاريخ ? أن الصادق المهدي أحرص الحادبين على مصلحة السودان. ويقيني أن الرجل يتحرك لتحريك جمود المشهد الحواري بين الفرقاء السودانيين، من منطلقات حبه للوطن، وليس من منصات حبه للزعامة والسلطة، كما يروّج لذلك كثيرون.

وعليه، أزعم بثقة كبيرة، أن المهدي لا ينشط لجر الأحزاب إلى طاولة “الوطني”، بقدر ما أنه يبذل الجهد وينفق الوقت من أجل، إقناعها بالدخول إلى حاضنة “الوطن”، حتى تتوقف الحرب التي يمقتها الرجل بصورة جعلته ممقوتاً عند الغلاة وتجار الحرب في الطرفين. ولكن هذا لا يعفي الرجل من الاتهام بأنه يتعامل مع الحزب الحاكم بإفراط زائد في الثقة. ولعل ذلك ما جلب له تهماً بموالاة النظام، أو العمل على خدمة أجندته. ولعل ذلك ما يجعل سهام الناقمين على الإنقاذ تنتاشه بلا مهادنة.

الصيحة

تعليق واحد

  1. كلام جميل وحقيقى وواقعى تسلم يا ابن الجلال فعلا هذه العصابة لادين ولاعهد لها ودون استثناء كلهم غادرين بمن يامنهم وناكثين لعهودهم ولاداعى لشرح الامثلة والوقائع لانها تحتاج لمجلدات

  2. اتفق معك تماما فيما كتبته ولو ان وطنية الامام اتوزعت على كل اعضاء الوطني لصاروا وطنيين بامتياز

  3. مش السودانيون ولاغيرهم ايضا الكيزان ديل ولاغيرهم اه اونطه كلهم خارج المنظومه الدوليه.هذه سنه النار والارض والحديد مع ترامب والمفاجأت دوله دوله…وحكومه ..حكومه من المكسيك حتى الشرق الاوسط بمافيها افريقيا.التوترات الدوليه والاثر المباشر يايها النائمون مائه يوم سترون العجب

  4. كلام جميل وحقيقى وواقعى تسلم يا ابن الجلال فعلا هذه العصابة لادين ولاعهد لها ودون استثناء كلهم غادرين بمن يامنهم وناكثين لعهودهم ولاداعى لشرح الامثلة والوقائع لانها تحتاج لمجلدات

  5. اتفق معك تماما فيما كتبته ولو ان وطنية الامام اتوزعت على كل اعضاء الوطني لصاروا وطنيين بامتياز

  6. مش السودانيون ولاغيرهم ايضا الكيزان ديل ولاغيرهم اه اونطه كلهم خارج المنظومه الدوليه.هذه سنه النار والارض والحديد مع ترامب والمفاجأت دوله دوله…وحكومه ..حكومه من المكسيك حتى الشرق الاوسط بمافيها افريقيا.التوترات الدوليه والاثر المباشر يايها النائمون مائه يوم سترون العجب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..