بعد أن فقدنا (آذاننا) لا نريد أن نفقد (معدتنا)
(1)
> هنالك مقولة تروج لها (الأمهات) عندما يقمن بتوصية بناتهن وهن في بدايات حياتهن الزوجية… تلك المقولة التى تروج لها الأمهات تقول إن الطريق الى (قلب) الرجل يمر عبر (معدته).
> قد تكون المقولة صحيحة ــ لكن غير صحيح هو أن يحسب أهل الفضائيات في السودان أن الطريق إلى المشاهد السوداني يمر خلال (معدته).
> علماً بأن الزوجة التى تبلغ قلب زوجها عن طريقه (معدته) في العادة تكون فاقدة للوعي الكافي الذي يجعلها تبلغ قلب زوجها (فكراً)…فكيف هو الحال إن كانت الفضائيات السودانية لا تملك سبيلاً للمشاهد السوداني غير أن يكون ذلك خلال (معدته).
> هذا استسهال أو هو استخفاف بالمشاهد السوداني أن تصبح برامج (الطبيخ) في القنوات السودانية تتصدر قائمة البرمجة عند كل قناة.
> السوداني بطبيعة الحال لا يهتم بتلك الثقافة (المطبخية)، وهذا أمر يستحسن عليه ويفترض أن يشجع له، بدلاً من أن يحرّض على (الطعام) بتلك الصورة التى تجعل (الأكل) أهم شيء في الدنيا.
> فوق هذا فإن الفضائيات تختار لبرامج الطبيخ أفضل توقيت للبث، ويعاد برنامج الطبيخ اكثر من مرتين في اليوم الى جانب المرة التى يكون فيها البرنامج (مباشراً).
(2)
> أسوأ من ذلك أن التكلفة الإنتاجية لبرامج (الطبيخ) عالية جداً، اذ تصرف عليها القنوات السودانية بالعملة الصعبة وهي تختار مقدمين ومعدين لتلك الأطباق من دول شقيقة من مصر أو لبنان أو سوريا.
> تخيلوا أن التعاقد الوحيد للفضائيات السودانية مع أجنبي يكون مع (الشيف) الذي يقدم يومياً للمشاهد السوداني (طبق اليوم).
> لتنتقل لنا ثقافات (مطبخية) نحن في غنى عنها بأطابق جديدة علينا ومفردات غريبة على وسطنا.
> كل ذلك على حساب الوجبات السودانية (العريقة) ، إذ يتم دحر الوجبات السودانية لتحل بدلاً منها وجبات لا قيمة غذائية لها غير الصورة الجمالية التى يعرض فيها الطبق للمشاهدين.
> مالنا نحن ومال الفطائر (المكسيكية) التى تقدمها لنا قناة تدعي انها (سودانية 24) ساعة.
> هذه الوجبات والأسماء بالمقادير المختلفة التى تقدم لنا ..تشكل خطراً على القراصة والكسرة واللقمة والويكة.
> الأمر ليس قصراً على الغطاء الثقافي والغذائي السوداني الذي نفقده الآن بسبب ذلك الغزو الفضائي لوجبات اجنبية.. وانما خطر ذلك الغزو يمتد اثره (اقتصادياً)على المواطن السوداني.. والزوجات السودانيات يتعلقن بتلك الوجبات (الأجنبية) من خلال التحريض عليها ومن منطلق (الفشخرة) و (القشرة)، والاستعراض ليس إلّا.
(3)
> تضن القنوات السودانية على المفكرين والمبدعين لتدفع لهم مقابلاً على الاستضافة والتقديم .. وتدفع عملة صعبة لأجانب ليقدموا للمشاهد السوداني (طبقاً لبنانياً) أو( وجبة مسكيكية).
> الخطورة تتمثل في تلك المفردات واللهجات التى تروج وتقدم لها الفضائيات السودانية.
> الشيف اللبناني أسامة الذي يقدم (طبق اليوم) في قناة النيل الأزرق في برنامج (صباحكم زين) ، يقدم طبقه ذلك وهو (ممشط شعره، إذ يملك ذلك الشيف (ضفيرة) من الشعر وليس من الخبز أو العجين.
> هذا الشيف يدفع له مقابل مالي كبير.. من قناة تملك الحكومة بعض أسهمها.
> مثل هذه الأطباق والوجبات تقدمها الفضائيات العربية، ولا تملك القنوات السودانية أن تنافس قنوات مثل( إم. بي. سي) بكل باقاتها و (سيي. بي. سي) والحياة (1 و2 و3) ودريم والمحور وغيرهن من القنوات.
> لن ننافس تلك القنوات في أطباقها التى تقدمها للمصريين واللبنانيين.
> قنواتنا السودانية عليها أن تقدم لنا مادة سودانية قحة.. فإن فقدنا هويتنا في المطبخ السوداني سوف نفقد أي شيء.
> لم يتبق لنا غير (الكسرة والقراصة واللقمة).. فلا تحاربوها وتحاصروها بتلك الوجبات اللبنانية الخفيفة.
> دعونا نكتفي عربياً بتامر حسني وشيرين عبد الوهاب وهيفاء وهبي.. لا نريد أن نفقد (معدتنا) بعد أن فقدنا (أذننا).
> ثقافتنا السودانية مهددة بالواتس والفيس وتويتر وكل وسائط التواصل الاجتماعي ..لا تجعلوا أكثر ما يهدد ثقافتنا السودانية قنواتنا السودانية.
الانتباهة