لا يستطيع المواطن أكثر من هذا

لا يستطيع المواطن أكثر من هذا
د. محمد أحمد سالم

قمت أمس بزيارة لأداء واجب العزاء بولاية الجزيرة مستغلا عربتي الخاصة، فتم ايقافى بواسطة شرطة المرور مرتين للاستفسار عن رخصة القيادة وترخيص العربية، ووالله كنت خائفا لدرجة الحنق من أن أدفع غرامة مالية تبلغ (50) جنيها لأى سبب، لأن ما أحمله معى لا يتجاوز المائة جنيه، وأثناء ذلك مررت بخمس نقاط رسوم عبور، أحاول فى كل مرة جاهدا ألا أدفع مبلغ (3) جنيهات لأننى على قناعة تامة بأنه لا حق للمحصلين فى أخذ هذا المبلغ منى، وللصراحة عندما أقول لهم (أستاذ) يسمحون لى بالمرور، ولكن هنالك شعور بالمرارة والخوف ينتابنى عندما أصل هذه النقاط، ولا اشعر ابدا بحميمية مع شرطة المرور، وأنها تقف فى هذه الشمس الحارقة لتحميني أو تقدم لى المساعدة عندما احتاجها، كما يحدث فى كثير من بلدان الدنيا.
بدأت أتأمل هذا الحال بعد انفصال الجنوب، وخروج كمية مقدرة من النفط من ميزانية الدولة، هل سيزداد الضغط على المواطن ليدفع مزيدا من الرسوم على أشياء جديدة، أم أن ولاة الأمر سيقومون باجراءات حقيقية تعمل على تخفيف هذا الضغط على المواطن، وتتخلص من كثير من الوظائف والجيوش الجرارة من الموظفين الذين يثقلون كاهل الدولة، إذ يوجد بالدولة (15) مستشارا للرئيس، (29) وزيرا اتحاديا، و (36) وزير دولة، (65)، إضافة إلى (25) واليا، و (450) نائبا للبرلمان، 25 دستورى (متوسط الولايه) * 25= 625، عضو مجلس تشريعى ولايه * 25 = 125045 عضو مجلس تشريعى فى كل معتمديه بجميع أنحاء السودان علما بأن عدد المحليات حسب وزارة الحكم الاتحادى قد بلغ ( 531) محلية، اضف إلى الامن والبوليس والجيش، هل يعقل أن يتحمل المواطن كل هذا العبء، أم تتحمله ميزانية الدولة.
أرى بأنه على الدولة أن تتحمل مسئوليتها فيما يتعلق بترشيد الصرف على هذا الجيش الجرار من الموظفين، وأن تقوم بصورة فورية بالغاء كافة الرسوم والجبايات التى تستخدم فى صرف الحوافز والمرتبات لبعض موظفى الدولة، وأن تخفض عدد الولايات بدمج بعضها فى بعض، وتقلص المحليات لتصبح مجالس، وأن تكون الوظيفة الحكومية وخاصة العامة بدون مخصصات مالية أو حوافز طالما هى عملا عاما يؤدى خارج نطاق العمل الحكومي، وإلا فانى لا أرى خروجا من هذا النفق، وأن الحكومة ستجد نفسها فى طريق ربما يجبر مواطنيها الذين انتخبوها بأنهم يريدون تغيير..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..