القضاء يتدخل ..!

«لو قايلة ريدتنا زي مهند ونور تبقي عيانة ودايرة ليك دكتور» .. الفنان قرقوري، أو لعله الفنان شكر الله عز الدين .. والله أعلى وأعلم ..!
وضعت رأسي بين يدي وأنا أقرأ على صفحات العزيزة «آخر لحظة»، قبل أيام، حديثاً للبروفيسور علي بلدو استشاري الطب النفسي وأستاذ الصحة النفسية? جاء فيه: «مع الانفتاح الثقافي الكبير والأغاني الأجنبية والدراما التي غزت المجتمع السوداني – في ظل الجفاف العاطفي والبخل الوجداني الذي يمارسه الرجل السوداني!- أصبحت الفتيات في حالة من انعدام الوزن العاطفي وفقدان الحنان الذي تعاني منه «تسعون بالمائة»من نساء السودان، سواء أدركن ذلك أم لا» ..!
والآن، هل تأخذني على محمل الجد إذا ما قلت لك إن تقمص أدوار بطلات المسلسلات التركية هو السبب الرئيس في عدد مهول من حالات الطلاق التي يكون طرفاها زوجان محليان أو زوجة محلية وزوج وافد؟! .. يقول بعض المختصين إن التقمص هو «تصور لسلوك يرتبط بصفات أشخاص معينين باعتباره تعبيراً عن حاجات بعينها .. هذا السلوك يحركه اختلال بعض القيم والمعايير السائدة في المجتمع، في ظل نقص أو اضطراب بعض الظروف..!
أرجو أن لا تأخذك العزة بإثم الاستهانة بخطورة «التقمص»، فقد أصدرالسيد رئيس القضاء ? قبل أيام – نشرة شرعية بتاريح 15/يناير/2017م، للحد من إحدى ظواهره، يقول نصها:»علي محاكم الأحوال الشخصية في السودان، وبالإضافة للتحري المعتاد في زواج الأجانب، أن تتحري عن أي زواج سابق لأي مواطن تركي قبل منح الإذن بالزواج من سودانية .. ويجب على المحاكم السودانية عدم منح الإذن لزواج أي مواطن تركي من مواطنة سودانية إذا كانت لديه زوجة أولى، ما لم تخطر المواطنة السودانية المراد زواجها أو وكيلها بأن القانون المدني التركي لا يقر التعدد ولا يمنح الزوجة الثانية أي حقوق مدنية ولا يعترف بها كزوجة .. انتهى نص النشرة الذي اشتمل على وجوب العمل بها فوراً..!
على ضوء بعض ما جاء في تحليل البروفيسور علي بلدو، وباستصحاب آراء بعض المختصين عن خطورة سيء الذكر «التقمص»، نستطيع أن نخلص – ببساطة – إلى الأسباب والدوافع القانونية التي أدت إلى صدور مثل هذا القرار القضائي الحاسم والباتر ..!
كَثُرتْ حالات الزواج المؤقت بين رجال أتراك ونساء سودانيات، وانتهت معظم تلك الزيجات بانتهاء الإقامة وبالتالي انتفاء الغرض من الزواج نفسه .. ليس بالنسبة للزوجات المحليات بل في تقدير الأزاوج الوافدين الذين لا يرون في مثل هذه العلاقات عقوداً مقدسة على نية التأبيد، بل»صُحبة» مؤطرة على سبيل التأقيت ..!
هل نلوم الفتيات السودانيات اللاتي تحولن بفضل الدراما التركية إلى زوجات مهجورات؟! .. أم نلوم الدراما التركية التي تحرص بإصرار على أن يكون أبطالها صوراً مجسدة لمحاسن الأزواج المثاليين الذين اتحدت أشواق النساء بشأنهم، وإن اختلفن حول خارطة طريق واضحة تقودهن إليهم ..؟!
مثل هذه المقارنات ? غير الناضجة – هي آفة بعض النساء السودانيات اللاتي لا ولم يستطعن أن يفرقن بين واقع الدراما ودراما الواقع .. والدليل أن واقع المجتمع التركي نفسه لا يشبه حكايات مسلسلاته .. وهنا يستشيط السؤال! .. لماذا تفقد بعض النساء في مجتمعنا إيمانهن بشهامة وعدالة وطيبة و»رجالة» الزوج السوداني؟! .. وهل تستطيع الزيجات القائمة على حفنة من الكلام المعسول والرومانسية المقحمة – على مجتمع يمتلك تعريفه الخاص لمصطلح الرومانسية، وفقاً لظروفه الخاصة ? أن تصمد في وجه اختلاف البيئة والعادات والمعطيات بل والقوانين الخاصة بالزواج نفسه..؟!
هذه لعمري أعراض خطيرة لوباء اجتماعي آخذ في الانتشار، وهو بالمناسبة يستحق منا جميعاً وقفة قومية جادة لتوفير الأمصال وتأمين العلاج .. نسألك اللهم العفو والعافية وتمام الشفاء! .. بحثت عن كلمة أوجهها لبنات جنسي اللاتي وقعن في مثل تلك الفخاخ العاطفية الرَثَّة – والتي استحالت إلى ظاهرة مقلقة فاستوجبت إصدار نشرة قضائية – فلم أجد أبلغ من كلمات الأغنية أعلاه ..!
اخر لحظة