رحلة التطور الثانية

لست بمدافع عن نظرية التطور فى بنائها المادى أو الفلسفى الالحادى, فبنائها المادى ربما أدرك جزءا من الحقيقة و هى السنن التى أودعها الله سبحانه و تعالى فى الكون و الموجودات نقطة على السطر ,أما بنائها الفلسفى فقد أضر بالتطوريون أنفسهم و هم لا يشعرون ,إنتهى بهم الحال إلى أن يرفضوا الإرتفاع عن الطين الأولى الذى خلقت منه الكائنات و منها الإنسان و أن يكتفوا بما يحسونه فى هذه (الحياة الدنيا) و هى كلمة معبرة جدا تشى بأن هناك حياة عليا تناسب تميز الانسان.
مبدأ التطور من الأبسط للأعقد و الافضل نفسه معروف فى كل أنواع العلوم فقد وافق العلم القرآن مثلا فى بدء خلق الكون من دخان أو سديم وعناصر أولية بسيطة منها الهيليوم و الهيدروجين ثم ولدت العناصر المعقدة فى قلوب النجوم الضخمة التى تحولت لسوبر نوفا و قذفت بمحتوياتها فى أرجاء الكون, حتى على مستوى علوم النفس و التاريخ و الجغرافيا و التوازن البيئى و الحيوى فهذا المبدأ معروف فى علوم البشر إلا أن علومنا ظاهريا تخبرنا أن هذه الاحداث التطورية تلقائية بلا إله و الدين يخبرنا أنها تلقائية بالقوانين التى أودعها فيها الخالق و غير تلقائية بتدخله الذى لا نراه و هناك إشارات لطيفة فى القرآن لما نظنه:
(قل سيروا فى الارض فانظروا كيف بدأ الخلق)
أوليس الله هو الخالق؟ هل هناك خالق غيره و هل هناك خلق يبدأ من عند نفسه؟
(يريد الله ان يخفف عنكم و خلق الانسان ضعيفا) ضعيفا هنا حسب سياق الآيات تعنى ضعيف أمام الشهوات التى أودعت فيه إبتداء من نشأة الطين الحيوانية.
لماذا بنيت خلق الانسان للمجهول؟
نلاحظ فى( كيف بدأ الخلق و خلق الإنسان ضعيفا) أنها إشارة لقوانين قديمة أودعها الخالق نفسه لتبدأ الخلق ثم تدخل فى النهاية ليسخر الكائنات و الطبيعة لخدمة الانسان و يسخر الانسان لعبادة الله كى يرتقى الانسان روحيا و سبحان الله هذا عين ما ظنه الناس فى آلية التطور (بدأ) أى ذاتيا و الله يعلمنا هنا أنه يعرف كيف سنفكر.
الرسالات السماوية نفسها مع أنها مثلت دينا واحدا هو التوحيد إلا أنها مرت برحلة تطور تمثلت فى شرائع مختلفة واكبت تطور المجتمعات و تنكبها عن السراط السوى.
لأغراض هذا المقال و أى مقالات قادمة فكلمة (تطور) عندى لا تعنى معناها المتعلق بنظرية التطور بل معناها اللغوى فقط, و ارجو الإنتباه إلى معانى فى القرآن تنسجم مع هذا المعنى اللغوى, أحسن تقويم, سويته, فعدلك (أى أوقفك منتصبا),أحسن الخالقين,فى أى صورة ما شاء ركبك و صوركم فأحسن صوركم.
التطوريون الملحدون قد رفضوا الأديان و كلمة أديان نفسها غير صحيحة على الاقل فى حق الديانات التوحيدية بل هو دين واحد هو الاسلام بإقرار القرآن مع إختلاف الشرائع التى تناسب كل مكان و زمان و التغييرات التى أدخلتها يد البشر على مراجع تلك الديانات, قال تعالى عن فطرة الايمان:
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) الروم/ 30
الإسلام في لغة القرآن ليس اسماً لدين خاص ، وإنما هو اسم للدّين المشترك الذي هتف به كل الأنبياء :
فنوح يقول لقومه : ( وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) يونس/72، والإسلام هو الدين الذي أمر الله به أبا الأنبياء إبراهيم ( إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) البقرة/ 131، ويوصي كل من إبراهيم ويعقوب أبناءه قائلاً : ( فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) البقرة/132، وأبناء يعقوب يجيبون أباهم : ( نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) البقرة/133، وموسى يقول لقومه : ( يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ ) يونس/84، والحواريون يقولون لعيسى : ( آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) آل عمران/52، وحين سمع فريق من أهل الكتاب القرآن ( قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ) القصص/53.
القرآن يحدثنا عن الإنسان كنوع متميز و لكن اهم مافى القرآن هو أنه إعتبر الفرد الإنسانى نفسا , الملاحظ فى مسيرة الكائنات الحية التى نشات من الطين أنها بدأت بسيطة ثم تغير الوضع إلى الصراع و الإنتقاء و كانت الاسلحة هى إما (العضلات و الفكوك و المخالب) و إما العقل أم الجميع, الانسان ما زال يعيش فى هذا الوسط المتوحش بأدوات دمار أفظع و مازال, أما (إنا خلقنا الانسن فى كبد) ,هذه الاية تتحدث عن خلق النوع الانسانى (فى الماضى) فى كبد و إبتلاء ثم إصطفاء, ثم الإنسان عندما إرتفع قليلا عن مصاف الحيوانية أكرمه الله بالعقل ثم أخيرا النفس الالهى.
نازعنى بعض القراء فى أن نبتليه فى (نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا) قصد بها إبتلاء الانسان الدينى,أرجو منهم الرجوع للفروق الطفيفة (فى القرآن) بين نبتلى و نبلو!!!! , بإختصار الابتلاء هو الاختبار ثم الاختيار (و ابتلوا اليتامى), أما نبلو فهو إستخراج فعل الخير أو الشر من الانسان عن طريق الابتلاء.
الانسان فى مسيره فى هذه الحياة تتجاذبه من داخله نازعتان فطريتان هما الفجور و التقوى(الايمان), و لكن الفجور هو أسبق من التقوى , قال تعالى (و نفس و ما سواها فالهمها فجورها و تقواها) ,ترتيب اسبقية و ليس أفضلية.
رحلة التطور الاولى إنتهت بتربع الانسان على قمة هرم الكائنات كأذكى مخلوق و بالتالى سيطرة العقل على العلم البشرى بيد أن الدين أتى لرفع الانسان من محيطه المادى إلى فضاءات أرحب,رحلة التطور الاولى كانت إجبارية عبر السنن الالهية المستقرة و عبر التدخل الالهى(الذى أعطى كل شئ خلقه ثم هدى)(الذى خلق فسوى و الذى قدر فهدى) أما الرحلة الثانية فإختيارية,الأولى كما قال الفلاسفة الإلهيون كانت بالقوة أما الثانية فبالفعل.
التطوريون الملحدون عندما رفضوا الدين نتيجة لأشياء كثيرة يعلمها القارئ حكموا على أنفسهم و أتباعهم برفض التطور الثانى و هو الروحى المتعلق بالنفس , و فوائد اخرى للدين إذا فهم و طبق صحيحا.
التطور البدنى و العقلى للإنسان إستدعى الصراع مع عوامل الطبيعة و الحيوانات المفترسة و البشر الآخرين, و الصراع مبدأ فلسفى معروف لدى المفكرين يؤثر على كل شئ فى الكون من الذرات و حتى المجرات و المجتمعات البشرية و الافكار و غيرها.
أما رحلة التطور الثانية وهى غير مادية فى طبيعتها فقد إستدعت الحكمة الالهية ان يكون الصراع مع كائن مختلف غير مادى فى طبيعته و هو الشيطان, أنتهز هذه الفرصة لارد على قارئ إستحلفنى باليوم الآخر إن كنت قد رأيت شيطانا او جانا أو أيا من تلك الكائنات الغيبية, الرد على هذا السؤال غير مفيد لسبب بسيط ,هو أن تلك الكائنات غير مرئية اصلا للعين البشرية أما عندما يريد الله أن نراها فهو يجعلها مرئية بصور ذهنية مرمزة ترسل مباشرة للعقل البشرى . إذن فى هذه الحالة سيقول لى المتشكك ربما رايت هلاوس بصرية و قد يوجهنى بالذهاب للطبيب النفسى!!!
الهدف من العبادة هو تزكية نفس الانسان و زيادة نورها الروحى الاولى الذى أودعه فيها الخالق (قد أفلح من زكاها و قد خاب من دساها) و هو التطور الثانى الاختيارى كما أسلفت.
من ضمن الشكوك المتعلقة بمبدأ العقاب و الثواب الأخروى هو أن لا منطق فى أن يخلق الله كل هذا ليعيش بعضا من الناس فى الجنة للأبد و آخرون فى النار للأبد, نظريا هذا كلام صحيح و لكن الأمر يعتمد عى مفهومنا للخلق و التطور من الأسفل إلى الأعلى ومعنى (الأبد) فى اللغة ولا أقول اللغة العربية فقط و لكن لغة القرآن الاصطلاحية بحثا عن المتشابه و حلا للمعنى المثانى.
للأبد و أبدا و الخلود عندنا تفهم على اساس سرمدى و لكن لمراجع اللغة و القرآن كلام آخر, فكلمة خلود فى القرآن بالنسبة للحياة الدنيا تعنى العيش بل إنقطاع لحين إنتهاء الحياة عى الارض و التى أخبرنا القرآن بانها ستنتهى بصورتها يوما ما و هو يوم القيامة والبعث, أما كلمة أبدا فى اللغة فتعنى بلا إنقطاع فلننظر فى القرآن لنرى معنى الكلمتين الاصطلاحى:
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً ((أَبَدًا ۚ ))وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(5) النور
واضح من الآية أعلاه أن ابدا تعنى بلا إنقطاع لفترة طويلة قد ينقطع طولها بسبب التوبة أو الموت.
ورد ذكر أبدا فى القرآن فى 28 آية منها حالات فى الدنيا و حالات فى الآخرة فلننظر ماذا قيل عن الخلود فى الآخرة سواء لأهل الجنة أو أهل النار.
فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) ((خَالِدِينَ)) فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ (107) ۞ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ ((خَالِدِينَ فِيهَا ))مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۖ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ(108) هود
كل المفسرين إتفقوا على هذا المعنى الواضح الذى لا لبس فيه أن بقاء الفريقين ابدا فى الخلود مرهون بمشيئة الله و مادامت السموات و الارض, و معلوم لدينا أن السموات و الارض ليستا دائمتين بنص القرآن و بمفهوم آخر النظريات الفلكية .
و يعزز هذا القول أيضا الايات التالية
إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) لِّلطَّاغِينَ مَآبًا (22) لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا(23)
الحقبة هى فترة طويلة غير محددة من الزمن قد تصل إلى ملايين السنين و لكنها تظل محدودة .
ما الهدف من العبادة إذن ؟
العبادة هى طريق مختصر لترقية الروح و تزكيتها,التزكية تعنى زيادة النور الاولى الذى نفخه الله فى الانسان و تتم التزكية للمؤمن فى الدنيا عن طريق الايمان و الاعمال الصالحة, قال تعالى:
أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(122) الانعام
ما الهدف من الجنة؟
كثير من غير المؤمنين يسخرون من الجنة و مافيها من جنات تجرى تحتها الانهار وقصورو نعيم و مآكل و مشارب و ملك و حور عين… لكن لا وجه للسخرية ,أليس هذا مايريده كل منا فى الدنيا ؟؟؟!! لكن هناك هدف آخر غير الإستمتاع و هو موجود بين دفتى المصحف !!
لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ۖ وَهُمْ فِي مَا(( اشْتَهَتْ)) أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ(102) الانبياء
والهدف هو التخلص من الشهوات التى علق بها قلب المؤمن فى الدنيا و لم يحصل عليها و أيضا تطهير قلوب المؤمنين من أوضار ضغائن الحياة الدنيا التى سببها الصراع الدنيوى.
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ(45)ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ(46)وَنَزَعْنَا مَا فِي ((صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ))إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ(47) الحجر
ملحوظة صغيرة عن فعل الماضى فى القرآن الكريم: أحيانا يستخدم للتأكيد على أشياء ستحدث فى الآخرة (إنا أنشأنهن إنشاء) و (نزعنا مافى صدورهم من غل), أما فى الدنيا فالقرآن يستخدم الماضى كماضى. ذلك الإستخدام قاصر على أفعال المولى سبحانه فقط حصرا. هناك إستثنائين فالذات الالهية لا يحويها مكان و لا زمان فتعلم الغيب و تخبرنا ماتريد : (ظهر الفساد فى البر و البحر بما كسبت أيدى الناس- التلوث البيئى الحاصل الآن, ما كسبت معناها غير ما إكتسبت-كسبت قد تكون خيرا و شرا أما إكتسبت فهو شر, (أو لم ير الذين كفروا أن السماوات و الارض كانت رتقا ففتقناهما)-إكتشاف الملحدين لبعض أسرار خلق الكون.
هناك هدف آخر
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ( نُورُهُمْ) يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا( نُورَنَا) وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(8) التحريم
إتمام النور الذى حصل عليه المؤمن فى الدنيا بعد أن يشبع حرمانه,يضاف إليه نور آخر فى الجنة.
ما الهدف من النار؟
يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (13) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَٰذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ(14)
الهدف من النار ليس مطلق العذاب فقط و لكنه التطهير من الظلام الذى دخل على قلوب الظالمين و فى اللغة العربية يقال فتن الذهب بالنار اى نقى من الشوائب, ولكن الله تعالى ذكر فى آية أخرى ان أى هول نلاقيه فى الدنيا هو فتنة و أهوال الآخرة هى العذاب .
وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ (فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ) وَلَئِن جَاءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ ۚ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ(10) العنكبوت
كلمة فتنة فى اللغة العربية من معانيها شهوة يتبعها ندم أم إمتحان صعب فى الدنيا و لكن للقرآن معنى إصطلاحى آخر كما تقدم, نلاحظ أن شجرة الزقوم فى الآخرة أستخدمت معها كلمة فتنة بمعناها اللغوى أى أن الظالمين سيأكلون منها و لكنها ستدخل فى بطونهم نارا و عذابا شديدا.
طيب الله سبحانه يقول أن عذاب الاخرة هو العذاب و عذاب الناس هو فتنة و الآية السابقة تقول (على النار يفتنون),ما الحل و القرآن لا يناقض بعضه بعضا ؟ كلمة فتنة هناك (تعنى التطهير) أذ أن الفتنة هى فى الدنيا فقط و يعزز هذا القول الاية التالية بشان المؤمنين (الجهنميين) الذين يردون النار لفترة محدودة يتطهرون فيها ثم يدخلون الجنة و قد إختلف المفسرون فى معنى الآية و لكن معناها اللغوى واضح فى نهايتها (حتما مقضيا) أى امر صارم لا رجعة فيه و لا بد منه, إذ أن الوجدان السليم لا يقبل أن يقوم مسلم مثلا بإرتكاب ذنوب كثيرة فى حق الخالق أوالخلق ثم لا يعاقب عليها ?هذا أمر غير منطقى.
وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا(72) مريم
قال أكثر المفسرين ان واردها تعنى المرور عليها أو بقربها إستئناسا ببعض الاحاديث و لكن الآية التالية توضح أن ورود جهنم يعنى دخولها عملا بقاعدة المتشابه:
(ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملئه فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد .يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود) هود/97-98
أنواع الجنان :
1-جنة سيدنا آدم و كانت فى الدنيا كما أسلفت فى مقالات سابقة و كان الهدف منها أن ينال فيها آدم درسا قاسيا و يشتاق هو و ذريته للعودة إليها.
2- الجنة البرزخية عند الممات و هذه تكون للمقربين ذكرت فى مواضع كثيرة منها :
وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ(170) آل عمران
و هناك أيضا نار برزخية لاشد الظالمين:
فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ۖ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ(46) غافر
3- جنة الآخرة (الخلد) المذكورة فى القرآن
4- جنة المأوى وهى أعلى درجات الجنان
عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ (14) عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ(16) النجم
من التفاسير الخاطئة أن سدرة المنتهى هى شجرة سدر و لكن بالرجوع للقواميس المعتمدة وجدت أن كلمة سدرة ايضا تعنى مصدر (سدر) و التى تعنى الحد الاقصى و منها على سبيل المثال (سدر فى غيه), و قد قيل أنها مكان يضل فيه العقل البشرى العادى المعتاد على الادراك الشفعى (معرفة الاشياء باضدادها) هى محل المعرفة الصمدية حيث يكون الفكر وترا لا شفعة فيه.
هناك اشارة لطيفة فى الآيات: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي(30) الفجر
الملاحظ أن المخاطب هنا هو( النفس) فقط و الدخول إلى (جنتى) ,هل هى جنة المأوى؟ على الاغلب نعم و الله أعلم.
هذه الآية نستخدمها كثيرا فى نعى أمواتنا و هى لا تنطبق على المرحلة الاولى من الجنة.
ففى جنة الخلد المعروفة فى الآخرة فالدخول يكون بالجسد و الروح مثال:
ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ(70) الزخرف
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ(21) الطور
كثير من الثقافات و الأديان المختلفة لديها رؤى مختلفة عن الجزاء الاخروى و لكن من الطريف معرفة راى علماء الرياضيات فى هذا الموضوع:
(رهان باسكال) هو حجة مبنية على نظرية الإحتمالات وتستخدم للاحتجاج بضرورة الإيمان بوجود الله على الرغم من عدم إمكانية إثبات وجوده أو عدم وجوده عقلياً ,بليز باسكال هو من صاغ الحجة.
1-إن آمنت بالله وكان الله موجوداً، فسيكون جزاؤك الخلود في الجنة، وهذا ربح لامحدود.
2-إن لم تؤمن بالله وكان الله موجوداً، فسيكون جزاؤك الخلود في جهنم، وهذه خسارة لامحدودة.
3-إن آمنت بالله وكان الله غير موجود، فلن تُجزى على ذلك، وهذه خسارة محدودة.
4-إن لم تؤمن بالله وكان الله غير موجود، فلن تُعاقب لكنك ستكون قد عشت حياتك، وهذا ربح محدود.
الأرباح والخسائر في النقاط 3 و4 يمكن اعتبارها كخسارة الفرص الناتجة عن ادعاء الإيمان والعيش حسب قوانين الدين كونها في أغلب الأحيان أكثر صرامةً من القوانين المدنية. هذه الخسائر محدودة لأن الإنسان سيموت. رياضياً، أي ربح محدود أو خسارة محدودة يمكن إهمالها عند المقارنه بالأرباح والخسائر اللامحدودة، وهذا هو الحال في الحياة الأبدية بعد الموت. وبالتالي، استنتج باسكال أن الإيمان بالله هو الخيار الأفضل مقارنة مع عدم الإيمان به. إذا وضعنا الرهان في جدول، سيتضح لنا أن الإيمان يعطينا الربح أو (تقريباً) لا شيء في حين أن عدم الإيمان يعطينا الخسارة أو (تقريباً) لا شيء.
واضح و هذا ليس من عندى بل بالقرآن نفسه أن منطق الجنة والنار كونهما ممر للتطهير و إتمام النور إن وجد و تواصل الترقى إلى أن يتخلص الانسان من شهواته أو الظلمة التى أحاطت بقلبه, أما إلى أين يصير هذا الترقى فالله وحده يعلم ,نحن لم نفهم الحياة الدنيا جيدا و لم نر الآخرة بعد و بالتالى لا نستطيع ان نعرف ما بعد الآخرة و هذا علم لا فائدة منه فى الوقت الراهن, الشئ الوحيد الذى نعلمه أن التطوريون (الملحدون) قد حكموا على أنفسهم بسجنها فى قالب الطين و رفضوا التطور الثانى, أما نحن المسلمون فقد سجنا انفسنا فى التأريخ و الخلافات المذهبية و إتخذنا القرآن مهجورا و أهملنا ترتيب شؤون حياتنا الدنيا,نسال الله السلامة.
[email][email protected][/email]
الاستاذ صلاح شكرا لهذه السياحه الممتعه التي تفتح افاقا للفكر والاستنار عن كتابنا العظيم الذي لا يشبع منه العلماء كان من تاملاتي ان خلق الانسان الاول وكل طور تخليقه في الارحام من الله سبحانه وتعالي ثم ياتي تطور الخلق من البيئة المحيطه بالانسان الذي لم يكن شيئا مذكورا فجعلنا سميعا بصير وانظر لدقة التعبير (سميعا بصيرا ) لم يقل سماعا او سامع وانما شمولية السمع بالتلقي كلاملا او اشارة او حتي نظره او ايحاء وانظر بصيرا لم يقل مبصر بصرا وانما شمل البصر والبصيرة (النور ) وكل هذا التكوين لشهادة التطور ولاحقا خرية الاختيار بعد جبرية الخلق . وفي روعي ويقني قبل موسوعية الاطلاع كنت اقول ان كل القوانين والاسرار الي نهاية الدنيا اودعها في الكون وجعل الانسان يتطور باتشافها من تسخير البيئة من حوله وهذا ما غاب عن الملحدين في نسبتهم للتطور لانفسهم او رقي الانسان الانسان اكتشف بجوهرة العقل ولم يخلق علي ان هذا الاكتشاف يحملك علي الايمان بالتفكر في خلق السماء والارض مما جعل يولون الكون المنظور يشرح الكون المسطور وهو ما حث عليه القران الذي تخلفنا عن ادراكه لرقي الانسان علي جانبي المادة والروح ولعلنا تخلفنا في هداية الماديين لعجزنا من فهم القران فانظر لهذه ( اولم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانت رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شئ حي ) انظر للنداء لم المؤمنون اولا لسببية ايمانهم وثانيا لعلم الله اللدني ان الكفار هم من سيكتشفون هذه الحقيقة العلمية بصعودتهم للقمر مثلا ليجدوه ارض وصخور وقصد النداء لدلالة الايمان ثم حكمة الحياة من الماء لكل الكائنات الحية بمعني لو دخلنا معملا معهم لامنوا وانظر (واذا الصبح تنفس ) اكتشاف اخر ان هواء الارض يتجدد عند الفجر المشكلة تخلفنا عن القران والقران سيكون قائدا الي قيام الساعة سواء اكتشقناه او لم نكتشفه وشكرا الي ملا نهاية
الاخ صلاح مشكور على التفسير للقران(نظره مختلفه عن التفاسير المالوفه)وقد يتفق او يختلف معك البعض ولكن هذا رايك ولانود المناقشة فى تفسير الايات او المقاصد والغايات فى الاديان (داخل المنظومة الدينية) لاتعليق
ولكن نود ان نطرح فكرا يختلف مع نظرتك للكون وخلق الانسان وماهية الخير والشر ولكن من وجهة نظر(خارج المنظومة الدينية )اى لاتعتمد على ماورد بالاديان فى التحليل وقد يكون صائب او خائب ولكن وجهة نظر هى فى الاخر منطلق فكرى مغاير يعتمد على العقل والمنطق كما قيل (راينا صواب يحتمل الخطا وراى غيرنا خطا يحتمل الصواب) ولايفهم اننا نصوب ونخطأ ولكن نبدى وجهة نظر ليس الا
فى اعتقادى ان الفطرة الانسانية السليمة والتى خلق الله بها الانسان هى (التوحش)كمعظم مخلوقاته لم يميز بينها او يستثنى منها الانسان لحكمه يعلمها هو وهذا التوحش (لو نظرنا لقانون الغاب اقرب مثال للحفاظ على الحياة)هو الذى يحفظ الحياة ولكن يتوافق مع اهم نواميس الكون الذى خلقها الله (البقاء للاقوى )للحفاظ على الحياة وان الضعيف يهلك ويكون غداء للاقوى (الاسماك تتغذى على بعض)دون مراعاة لقوانيين اخلاقية وهذه طبعا من صنع البشر لوضع القوانين طالما المصلحة للانسان فى ان يكون مجتمعات وليسهل العيش فيها (واحيانا نلاحظ ذلك فى حياة الغابة كلما كانت الحيوانات اضعف تكون زمر او مجموعات للتكاتف معا والصيد لتوفير الغذاء)
ولذلك نجد ان هذا الانسان لما وجده من مصلحة فى تسهيل حياته تنازل طوعا عن هذا التوحش واوجد المجتمعات ولكن عندما يفقد هذا الانسان الشى الذى من اجله تنازل عن توحشه عاد اكثر توحشا وما الحروب بين البشر الا اكبر دليل على ذلك ولم يمنعه تدينه عن ذلك والحروب فى حد ذاتها صراع على الموارد وهذا ناموس اخر
اما موضوع الخير والشر طبعا هى نزعات اصيله ينميها الانسان حسب المصلحة والاسباب التى تجعله ينمى الخير فيه او ينمى الشر داخله (وهذا يتوافق مع علم النفس) وطبعا مصلح الشيطان اطلق فى الاديان لهذه النزعة الشريرة فى انفسنا وما الشيطان الا بنى ادم
ونظرية الاحتمالات فى الايمان اعجبتنى طرفتها وقلت فى نفسى يظهر ان الاخ صلاح فيصل قنع من المنطق وتحول للاحتمالات لاقناع الاخر بالايمان وتحياتى
قصدت متعبدا فى محراب الوجود و اللبيب!!
السلام عليكم .
فكرة التطور فيما يتعلق بخلق الانسان حتى لو اخذناها من زاوية بعيد عن الالحاد هي فكرة فلسفية بحتة و فيها شيء من الخيال العلمي و لا داعي لربطها بالدين.
من الناحية الدينية في كل الديانات السماوية , فأن الانسان خلق هكذا و لم يتطور كما يزعم البعض .
أريد من الكاتب دليلا من القرءان الكريم او السنة على أن نظرية التطور من ناحية علمية مجردة من الالحاد صحيحة.
ما يفعله كاتب المقال كما ذكرت أنا في مرات كثيرة كثيرة هو وضع العربة امام الحصان اي انه يقتنع بفكرة ما ثم يحاول ان يطوع معاني الايات الكريمة كما يريد هو!
الاخ الكريم ود الحاجه بخصوص فهم التطور لدي لا يعني خلق لكن التطور في ترقي الانسان في معارفه لحياة افضل مما ينعكس عليه سلبا عليه فمثلا كما في الاثر ان طول سيدنا عليه وعلي السلام ووكل انبياء الله كان طوله 60قدما وهو ما يناسب ابيئه وما ورد عن عاد وثمود لمقابلة طبيعة الحياة ولكن الان انظر للانسان تقدم واكتشف كثيرا لمصلحته ولرقي حياته لكنه ايضا تاثر بالنعمه وفعلت البيئة المحيطه فعلها فيه وغني عن القول الانسان في سبيل تطوره يمكن ان يدمر نفسه من حيث يدري ولا يدري بل قد تكون النهاية الكونية باخطاء الانسان واكثر ما يدلنا علي ذلك حالات التعري الان كانما الانسان يريد ان يرجع للبداية بطريقه معكوسة بمعني ان التطور لا يعني الخلق حيث الخالق واحد والخلق مختلفون بخلق الله لهم حسب بيئاتهم وعيشهم فيها وشكرا
السلام عليكم:
باديء ذي بدء , أريد ان اوضح أنني لا احب كثرة النقد او الرد على شخص ما حتى لا يظن ان الامر امر شخصي و لكن اضطر الى فعل ذلك اذا كان الامر يستحق و بالذات عند الكتابة في موضوع يتعلق بتفسير القرءان الكريم و في منتدى كبير مثل هذا المنتدى الراقي.
سبق ان ذكرت لاخينا الاستاذ فيصل ان تفسير القرءان الكريم امر عظيم فهو كلام الله و اي خطأ في ايصال معانيه خطأ جسيم.
و سبق ان ذكرت ان الاخ فيصل يشبه احد الباحثين المعاصرين في التعميم احيانا دون تثبت و تأكد.
من الامثلة على ذلك في هذا المقال , قوله ( (إذ أن الوجدان السليم لا يقبل أن يقوم مسلم مثلا بإرتكاب ذنوب كثيرة فى حق الخالق أوالخلق ثم لا يعاقب عليها ?هذا أمر غير منطقى. “وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا(72) مريم”
قال أكثر المفسرين ان واردها تعنى المرور عليها أو بقربها إستئناسا ببعض الاحاديث و لكن الآية التالية توضح أن ورود جهنم يعنى دخولها عملا بقاعدة المتشابه:(ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملئه فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد .يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود) هود/97-98)) انتهى
اتفق مع من يقول بأن هناك اخطاء عند بعض المفسرين و روايات ضعيفة او مجهولة بالاضافة الى الاسرائيليات و لكن هذا لا يبرر النقض من دون دليل او برهان و انما فقط اتباعا لحديث النفس و استخفاافا بمن سبق , فهذا الاسلوب سوف يقود الى اخطاء اكبر و تشويش على الاخرين محدودي العلم و التعليم.
حسب علمي القليل فإن هذه الاية ” و إن منكم الا واردها تشمل كل الناس حتى المؤمنون الذين يدخلون الجنة بلا عذاب وليس فقط الجهنميين. ما قاله اكثر المفسرين في هذه الاية ينحصر في قولين هما و كل منهما وردت فيه احاديث متفاوتة الدرجة :
1. الورود يعني الدخول، ويكون على المؤمنين الناجين بردا وسلاما، كما كانت على إبراهيم.
2. الورود يعني المرور على الصراط. أي أن الورود لا يعني الدخول
مما يقوي القول الاخير , قوله تعالى : “إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون”. كما انه اذا رجعنا الى اللغة فسنجد في قاموس المعاني معنى كلمة ورد (بكسر الراء): ورد فلان المكان اي اشرف عليه , أتاه , دخله ام لم يدخله
و الطريق الفضلى في هذه الحالات ان يذكر المرء الاقوال المعتبرة ثم يرجح ما يراه صحيحا.
أما بالنسبة لاية سورة هود فالاية هنا تضمنت ما هو معلوم من دخول فرعون و من اتبعوه النار , و ذلك من ءايات اخر . حيث أن قصة موسى عليه السلام و فرعون وردت في عدة سور و في كل سورة يركز السياق على زاوية او زوايا معينة من مشاهد هذه القصة . و لكن التركيز هنا على شؤم فرعون حيث قاد قومه الى النار عندما أطاعوه , لذا ورد التعبير بلفظ فأوردهم و كما ذكرنا في معنى ورد أنه يحتمل الدخول و عدمه و بالنسبة للكفار فالدخول متحقق , أما بالنسبة للمؤمنين فقد قال تعالى في سورة مريم و في نفس السياق : ” ثم ننجي الذين اتقوا” و لم يقل ثم نخرج , فتأمل! و من السياق لا تعني كلمة (ثم ) هنا الترتيب الزمني بالضرورة كما في قوله تعالى في نفس الايات : ” ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا”
الأخ صلاح لقد طرقت مواضيع كثيرة منها معنى الخلود فهل هو أبدي في حد ذاته أم هو مجرد الاستمرار بلا انقطاع من نقطة ابتداء إلى نقطة الانتهاء كخلود ابليس في الدنيا بعدما أنظره الله ليوم البعث وأنا أرى لذلك بأن الخلود لا يعني الأبد إلا إذا قرن به كما في خالدين فيها أبدا وهذا يعني أن الخلود أبدي من الناحية الزمنية وكذلك الظرف المكاني الذي يتم فيه أي أن الخلود الأبدي في الجنة أو النار يعني أبدية الجنة والنار كذلك! وفي هذا مشكلة لأن الله وحده الأول والآخر ولكن هناك تعريف بأن الأبد له بداية وليست له نهاية بخلاف السرمد الذي لا بداية ولا نهاية له، فوجود الله تعالى سرمدي ووجود مخلوقاته ليس أبدياً. والحل لهذا الاشكال يقودنا لتعريف الأبد وهل الجنة والنار لهما بداية؟ فإذا كانت لهما بداية فلابد من نهاية لهما وهذا يفسر لنا قوله تعالى (ما دامت السماوت والأرض) وهو أمر منطقي ويفسر لنا كذلك الاستثناء (إلا ما شاء الله) رغم تخريج بعض المفسرين لهذا الاستثناء بدخول عصاة الموحدين للنار ابتداءاً ثم للجنة أخيراً فهم ليسوا خالدين في النار من المبتدأ إلى المنتهى ولا في الجنة من المبتدأ إلى المنتهى؛ وهو تأويل منطقي إلا أن هذا لا يحل لنا معضلة مفهوم الأبد بالنسبة للجنة والنار وهما من مخلوقات الله و يبدو الحل الأفضل في تعريف السموات والأرض في الآية وهل هي سماوات وأرض الدنيا أم الآخرة؟ وحيث من المعلوم أن الله سيبدل سماء وأرض الدنيا بأرض وسماء أخرويين فيجوز بمشيئته أن تكونا خالدة أبداً ومن ثم يزول الإشكال في أبدية الجنة والنار في الآخرة.
والأهم من ذلك فقد تطرقت لموضوع نظرية التطور في شقها النفسي فأثرت تساؤلات النفس البشرية وطبيعتها وعلاقتها بالروح ووظيفة كليهما إن هما مختلفتان وهناك خلط بينهما بين المفسرين والتأويل الصحيح لهما يقود للتفسير الصحيح للموت والنوم وعذاب القبر وجملة من الأسئلة نتابعها مع موضوعك ومعلقيك لاحقاً.
وشكرا لتحفيزك للتفكر في هذه الموضوعات الايمانية واتفق مع أحد المعلقين حول الايمان استناداً على الاحتمالات الرياضية التي لاترجيح فيها ولا تفيد القطع فلا يجوز للمرء أن يعلق ايمانه بالله على الاحتمالات الحسابية على وجوده وعدم وجوده لأن المحصلة هي فساد الايمان لهذا الشخص لتساوي الاحتمالين أو الضدين لديه فالخسران مبين.
الاستاذ صلاح شكرا لهذه السياحه الممتعه التي تفتح افاقا للفكر والاستنار عن كتابنا العظيم الذي لا يشبع منه العلماء كان من تاملاتي ان خلق الانسان الاول وكل طور تخليقه في الارحام من الله سبحانه وتعالي ثم ياتي تطور الخلق من البيئة المحيطه بالانسان الذي لم يكن شيئا مذكورا فجعلنا سميعا بصير وانظر لدقة التعبير (سميعا بصيرا ) لم يقل سماعا او سامع وانما شمولية السمع بالتلقي كلاملا او اشارة او حتي نظره او ايحاء وانظر بصيرا لم يقل مبصر بصرا وانما شمل البصر والبصيرة (النور ) وكل هذا التكوين لشهادة التطور ولاحقا خرية الاختيار بعد جبرية الخلق . وفي روعي ويقني قبل موسوعية الاطلاع كنت اقول ان كل القوانين والاسرار الي نهاية الدنيا اودعها في الكون وجعل الانسان يتطور باتشافها من تسخير البيئة من حوله وهذا ما غاب عن الملحدين في نسبتهم للتطور لانفسهم او رقي الانسان الانسان اكتشف بجوهرة العقل ولم يخلق علي ان هذا الاكتشاف يحملك علي الايمان بالتفكر في خلق السماء والارض مما جعل يولون الكون المنظور يشرح الكون المسطور وهو ما حث عليه القران الذي تخلفنا عن ادراكه لرقي الانسان علي جانبي المادة والروح ولعلنا تخلفنا في هداية الماديين لعجزنا من فهم القران فانظر لهذه ( اولم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانت رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شئ حي ) انظر للنداء لم المؤمنون اولا لسببية ايمانهم وثانيا لعلم الله اللدني ان الكفار هم من سيكتشفون هذه الحقيقة العلمية بصعودتهم للقمر مثلا ليجدوه ارض وصخور وقصد النداء لدلالة الايمان ثم حكمة الحياة من الماء لكل الكائنات الحية بمعني لو دخلنا معملا معهم لامنوا وانظر (واذا الصبح تنفس ) اكتشاف اخر ان هواء الارض يتجدد عند الفجر المشكلة تخلفنا عن القران والقران سيكون قائدا الي قيام الساعة سواء اكتشقناه او لم نكتشفه وشكرا الي ملا نهاية
الاخ صلاح مشكور على التفسير للقران(نظره مختلفه عن التفاسير المالوفه)وقد يتفق او يختلف معك البعض ولكن هذا رايك ولانود المناقشة فى تفسير الايات او المقاصد والغايات فى الاديان (داخل المنظومة الدينية) لاتعليق
ولكن نود ان نطرح فكرا يختلف مع نظرتك للكون وخلق الانسان وماهية الخير والشر ولكن من وجهة نظر(خارج المنظومة الدينية )اى لاتعتمد على ماورد بالاديان فى التحليل وقد يكون صائب او خائب ولكن وجهة نظر هى فى الاخر منطلق فكرى مغاير يعتمد على العقل والمنطق كما قيل (راينا صواب يحتمل الخطا وراى غيرنا خطا يحتمل الصواب) ولايفهم اننا نصوب ونخطأ ولكن نبدى وجهة نظر ليس الا
فى اعتقادى ان الفطرة الانسانية السليمة والتى خلق الله بها الانسان هى (التوحش)كمعظم مخلوقاته لم يميز بينها او يستثنى منها الانسان لحكمه يعلمها هو وهذا التوحش (لو نظرنا لقانون الغاب اقرب مثال للحفاظ على الحياة)هو الذى يحفظ الحياة ولكن يتوافق مع اهم نواميس الكون الذى خلقها الله (البقاء للاقوى )للحفاظ على الحياة وان الضعيف يهلك ويكون غداء للاقوى (الاسماك تتغذى على بعض)دون مراعاة لقوانيين اخلاقية وهذه طبعا من صنع البشر لوضع القوانين طالما المصلحة للانسان فى ان يكون مجتمعات وليسهل العيش فيها (واحيانا نلاحظ ذلك فى حياة الغابة كلما كانت الحيوانات اضعف تكون زمر او مجموعات للتكاتف معا والصيد لتوفير الغذاء)
ولذلك نجد ان هذا الانسان لما وجده من مصلحة فى تسهيل حياته تنازل طوعا عن هذا التوحش واوجد المجتمعات ولكن عندما يفقد هذا الانسان الشى الذى من اجله تنازل عن توحشه عاد اكثر توحشا وما الحروب بين البشر الا اكبر دليل على ذلك ولم يمنعه تدينه عن ذلك والحروب فى حد ذاتها صراع على الموارد وهذا ناموس اخر
اما موضوع الخير والشر طبعا هى نزعات اصيله ينميها الانسان حسب المصلحة والاسباب التى تجعله ينمى الخير فيه او ينمى الشر داخله (وهذا يتوافق مع علم النفس) وطبعا مصلح الشيطان اطلق فى الاديان لهذه النزعة الشريرة فى انفسنا وما الشيطان الا بنى ادم
ونظرية الاحتمالات فى الايمان اعجبتنى طرفتها وقلت فى نفسى يظهر ان الاخ صلاح فيصل قنع من المنطق وتحول للاحتمالات لاقناع الاخر بالايمان وتحياتى
قصدت متعبدا فى محراب الوجود و اللبيب!!
السلام عليكم .
فكرة التطور فيما يتعلق بخلق الانسان حتى لو اخذناها من زاوية بعيد عن الالحاد هي فكرة فلسفية بحتة و فيها شيء من الخيال العلمي و لا داعي لربطها بالدين.
من الناحية الدينية في كل الديانات السماوية , فأن الانسان خلق هكذا و لم يتطور كما يزعم البعض .
أريد من الكاتب دليلا من القرءان الكريم او السنة على أن نظرية التطور من ناحية علمية مجردة من الالحاد صحيحة.
ما يفعله كاتب المقال كما ذكرت أنا في مرات كثيرة كثيرة هو وضع العربة امام الحصان اي انه يقتنع بفكرة ما ثم يحاول ان يطوع معاني الايات الكريمة كما يريد هو!
الاخ الكريم ود الحاجه بخصوص فهم التطور لدي لا يعني خلق لكن التطور في ترقي الانسان في معارفه لحياة افضل مما ينعكس عليه سلبا عليه فمثلا كما في الاثر ان طول سيدنا عليه وعلي السلام ووكل انبياء الله كان طوله 60قدما وهو ما يناسب ابيئه وما ورد عن عاد وثمود لمقابلة طبيعة الحياة ولكن الان انظر للانسان تقدم واكتشف كثيرا لمصلحته ولرقي حياته لكنه ايضا تاثر بالنعمه وفعلت البيئة المحيطه فعلها فيه وغني عن القول الانسان في سبيل تطوره يمكن ان يدمر نفسه من حيث يدري ولا يدري بل قد تكون النهاية الكونية باخطاء الانسان واكثر ما يدلنا علي ذلك حالات التعري الان كانما الانسان يريد ان يرجع للبداية بطريقه معكوسة بمعني ان التطور لا يعني الخلق حيث الخالق واحد والخلق مختلفون بخلق الله لهم حسب بيئاتهم وعيشهم فيها وشكرا
السلام عليكم:
باديء ذي بدء , أريد ان اوضح أنني لا احب كثرة النقد او الرد على شخص ما حتى لا يظن ان الامر امر شخصي و لكن اضطر الى فعل ذلك اذا كان الامر يستحق و بالذات عند الكتابة في موضوع يتعلق بتفسير القرءان الكريم و في منتدى كبير مثل هذا المنتدى الراقي.
سبق ان ذكرت لاخينا الاستاذ فيصل ان تفسير القرءان الكريم امر عظيم فهو كلام الله و اي خطأ في ايصال معانيه خطأ جسيم.
و سبق ان ذكرت ان الاخ فيصل يشبه احد الباحثين المعاصرين في التعميم احيانا دون تثبت و تأكد.
من الامثلة على ذلك في هذا المقال , قوله ( (إذ أن الوجدان السليم لا يقبل أن يقوم مسلم مثلا بإرتكاب ذنوب كثيرة فى حق الخالق أوالخلق ثم لا يعاقب عليها ?هذا أمر غير منطقى. “وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا(72) مريم”
قال أكثر المفسرين ان واردها تعنى المرور عليها أو بقربها إستئناسا ببعض الاحاديث و لكن الآية التالية توضح أن ورود جهنم يعنى دخولها عملا بقاعدة المتشابه:(ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملئه فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد .يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود) هود/97-98)) انتهى
اتفق مع من يقول بأن هناك اخطاء عند بعض المفسرين و روايات ضعيفة او مجهولة بالاضافة الى الاسرائيليات و لكن هذا لا يبرر النقض من دون دليل او برهان و انما فقط اتباعا لحديث النفس و استخفاافا بمن سبق , فهذا الاسلوب سوف يقود الى اخطاء اكبر و تشويش على الاخرين محدودي العلم و التعليم.
حسب علمي القليل فإن هذه الاية ” و إن منكم الا واردها تشمل كل الناس حتى المؤمنون الذين يدخلون الجنة بلا عذاب وليس فقط الجهنميين. ما قاله اكثر المفسرين في هذه الاية ينحصر في قولين هما و كل منهما وردت فيه احاديث متفاوتة الدرجة :
1. الورود يعني الدخول، ويكون على المؤمنين الناجين بردا وسلاما، كما كانت على إبراهيم.
2. الورود يعني المرور على الصراط. أي أن الورود لا يعني الدخول
مما يقوي القول الاخير , قوله تعالى : “إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون”. كما انه اذا رجعنا الى اللغة فسنجد في قاموس المعاني معنى كلمة ورد (بكسر الراء): ورد فلان المكان اي اشرف عليه , أتاه , دخله ام لم يدخله
و الطريق الفضلى في هذه الحالات ان يذكر المرء الاقوال المعتبرة ثم يرجح ما يراه صحيحا.
أما بالنسبة لاية سورة هود فالاية هنا تضمنت ما هو معلوم من دخول فرعون و من اتبعوه النار , و ذلك من ءايات اخر . حيث أن قصة موسى عليه السلام و فرعون وردت في عدة سور و في كل سورة يركز السياق على زاوية او زوايا معينة من مشاهد هذه القصة . و لكن التركيز هنا على شؤم فرعون حيث قاد قومه الى النار عندما أطاعوه , لذا ورد التعبير بلفظ فأوردهم و كما ذكرنا في معنى ورد أنه يحتمل الدخول و عدمه و بالنسبة للكفار فالدخول متحقق , أما بالنسبة للمؤمنين فقد قال تعالى في سورة مريم و في نفس السياق : ” ثم ننجي الذين اتقوا” و لم يقل ثم نخرج , فتأمل! و من السياق لا تعني كلمة (ثم ) هنا الترتيب الزمني بالضرورة كما في قوله تعالى في نفس الايات : ” ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا”
الأخ صلاح لقد طرقت مواضيع كثيرة منها معنى الخلود فهل هو أبدي في حد ذاته أم هو مجرد الاستمرار بلا انقطاع من نقطة ابتداء إلى نقطة الانتهاء كخلود ابليس في الدنيا بعدما أنظره الله ليوم البعث وأنا أرى لذلك بأن الخلود لا يعني الأبد إلا إذا قرن به كما في خالدين فيها أبدا وهذا يعني أن الخلود أبدي من الناحية الزمنية وكذلك الظرف المكاني الذي يتم فيه أي أن الخلود الأبدي في الجنة أو النار يعني أبدية الجنة والنار كذلك! وفي هذا مشكلة لأن الله وحده الأول والآخر ولكن هناك تعريف بأن الأبد له بداية وليست له نهاية بخلاف السرمد الذي لا بداية ولا نهاية له، فوجود الله تعالى سرمدي ووجود مخلوقاته ليس أبدياً. والحل لهذا الاشكال يقودنا لتعريف الأبد وهل الجنة والنار لهما بداية؟ فإذا كانت لهما بداية فلابد من نهاية لهما وهذا يفسر لنا قوله تعالى (ما دامت السماوت والأرض) وهو أمر منطقي ويفسر لنا كذلك الاستثناء (إلا ما شاء الله) رغم تخريج بعض المفسرين لهذا الاستثناء بدخول عصاة الموحدين للنار ابتداءاً ثم للجنة أخيراً فهم ليسوا خالدين في النار من المبتدأ إلى المنتهى ولا في الجنة من المبتدأ إلى المنتهى؛ وهو تأويل منطقي إلا أن هذا لا يحل لنا معضلة مفهوم الأبد بالنسبة للجنة والنار وهما من مخلوقات الله و يبدو الحل الأفضل في تعريف السموات والأرض في الآية وهل هي سماوات وأرض الدنيا أم الآخرة؟ وحيث من المعلوم أن الله سيبدل سماء وأرض الدنيا بأرض وسماء أخرويين فيجوز بمشيئته أن تكونا خالدة أبداً ومن ثم يزول الإشكال في أبدية الجنة والنار في الآخرة.
والأهم من ذلك فقد تطرقت لموضوع نظرية التطور في شقها النفسي فأثرت تساؤلات النفس البشرية وطبيعتها وعلاقتها بالروح ووظيفة كليهما إن هما مختلفتان وهناك خلط بينهما بين المفسرين والتأويل الصحيح لهما يقود للتفسير الصحيح للموت والنوم وعذاب القبر وجملة من الأسئلة نتابعها مع موضوعك ومعلقيك لاحقاً.
وشكرا لتحفيزك للتفكر في هذه الموضوعات الايمانية واتفق مع أحد المعلقين حول الايمان استناداً على الاحتمالات الرياضية التي لاترجيح فيها ولا تفيد القطع فلا يجوز للمرء أن يعلق ايمانه بالله على الاحتمالات الحسابية على وجوده وعدم وجوده لأن المحصلة هي فساد الايمان لهذا الشخص لتساوي الاحتمالين أو الضدين لديه فالخسران مبين.