على من يكذب الصادق الصديق 2/10

إضاعة الديمقراطية الثانية

لسوء حظ السودان أن الثنائي الصادق الترابي عاد للبلاد ورياح أكتوبر الأخضر تهب على ربوع الوطن الغالي. الترابي الذي عاد لتوه من فرنسا نسب له نجاح ثورة أكتوبر العظيم. كأنما الثورة هي وليدة اللحظة التي اعتلى الترابي فيها المنبر مخاطبا جموع مشيعي الشهيد أحمد القرشي طه.كلكم تعلمون أن الثورة فعل متواتر واحدا إثر الآخر وخطوط ليست متقاطعة بل خطوط تسير في اتجاه واحد لتلتقي في نقطة واحدة لتفجر الثورة. هنالك نساء ورجال كانوا يعملون لكي تنهض الثورة ولم يكن الترابي بحال واحد منهم لسبب بسيط لبعده عن البلاد وانشغاله بأمر الدراسة كما ذكر أحمد عبد الرحمن. كان الطقس السياسي مفعما بالحيوية متنسما أريج الحرية والنشاط الفكري والسياسي في أوجه، وكان مناخ الحريات مشاع بلا قيود.
وانعقد مؤتمر المائدة المستديرة وهو مؤتمر عقد لبحث حل مشكلة الجنوب. وكان على الأحزاب أن تقدم رؤيتها للحل. كان الترابي يعد ورقته في الخفاء ليحدث المفاجأة، وقد نجح في هذا الأمر فقد أحدث ربكة في أروقة المؤتمر. فقد قال إن حل مشكلة الجنوب يأتي عبر تطبيق الشريعة الإسلامية مما جعل حسن عوض الله يقف ليقول له ( ياولد ده خازوق انزرع في البلد دي لي يوم الله ما يتلقيله حل) هذا ما أورده منصور خالد في سفره النخبة السودانية وإدمان الفشل .دخل الترابي المؤتمر بدعم من الصادق الصديق. وعندي أن انفصال الجنوب قد بدا من تلك الورقة التي قدمها الترابي في مؤتمر المائدة المستديرة. لم يكن بمقدور الترابي أن يفعل لولا الدعم الذي قدمه له الصادق الصديق. ومن يومها بدأ العد التنازلي لدولة كان اسمها السودان.

بدا الصادق الصديق سعيه الحثيث ليكون على رأس السودان فعمل على إبعاد رؤوس حزب الأمة ممن سبقوه بل من مؤسسيه ليحل محلهم وتم إخلاء مقعد له في الجمعية التأسيسية. والمؤلم أن هذا تم في العهد الديمقراطي، فلم نلوم الدكتاتورية في المحاباة وخرق القوانين. ثم التفت إلي عمه الهادي عبد الرحمن ليجاهره بالعداء وليطلب منه إما أن يكون إماما أو زعيما للحزب. وطلب من عمه ألا يجمع بينهما. ومرة أخرى لو أن الأمر اقتصر على حزب الأمة لما تطرقت له، فهو حزبه وهو حر فيما يفعله به، لكن هذا الأمر تعداه ليشمل السودان كله. فنتيجة لتلك الحرب بين الصادق وعمه ـ والذي عرف عنه الحكمة التروي ـ والصادق الذي قاتل بشراسة وتشهد بذلك صحف الخرطوم وقتها ومنها تمثل الصادق الصديق ببيت شعر المقنع الكندي الأشهر يزم به عمه المسالم
(إن الذي بيني وبين بني أبي لمختلف جدا إلي آخر البيت المشهور)
فشكرا له فقد عرفت الشاعر المقنع الكندي من وقتها شاعرا مقلا غير مجود لشعره.. ترتب على هذا الصراع المدمر ان كثرت المناكفات السياسية، وأنشق حزب الأمة. فبدلا من العمل على تثبيت أركان الديمقراطية الوليدة ،عمل العراك على تشتيت جهود الأمة في صراع مقيت، لم يستفد منه السودان. بل على النقيض ساهم مساهمة فعالة للوصول لهذا الدرك السحيق من الخراب الذي نحن نختنق به اليوم. س هذا الصراع المقيت وإضافة له حل الحزب الشيوعي كان ضربة قاصمة للديمقراطية الوليدة. وكان يمكن للسودان أن يكون المحور الأساسي في المنطقة الأفريقية والعربية لحزمة الوعي الذي انتظم البلاد وقتها.
كان حل الحزب الشيوعي هو الدافع الأقوى لقيام انقلاب مايو الذي أورد البلاد موارد الهلاك. وتسبب الصراع الأليم في كثرة الانشقاقات والتحالفات من اجل تغيير الحكومات، وكلها لكي يصبح الصادق رئيسا.

تعليق واحد

  1. شتان ما بين الحزب والطائفة ؟؟؟ لا يمكن أن يكون هنالك حزب مملوك حصريا لعائلة محددة والولاء ديني وما علي أفراد القطيع إلا الركوع ابوس الأيدي وقول سمعا وطاعا لمالك الحزب الحصري الذي لا ينتقد او يصحح او يقال والذي يتجرأ وينتقد أو يعترض عليه يعتبر كافر زنديق خارج عن الملة يطرد من الطائفة أن لم ينكل به ؟؟؟ واعتقد أن الجميع يعرف ما هو الحزب؟؟؟

  2. الي يتفهم من كلامك انك ما داير الصادق المهدي حتي ان اتت به الدمقراطية وطبعا كلامك دة ما ديموقراطي . من حق الصادق ان يعود اذا اختاره الشعب وان يوكل من يثق فيه اذا أراد ، فانه كان رئيس وزراء منتخب اغتصبت رئاسته… نعم الصادق أتاح لهؤلاء فرصه برعونته لكنه لم يأخذ فترة تراكمية كافية لبلورة حكم ديمقراطي تراكمي .. مافي شك لو أخذ الحكم الديموقراطي بأنصاره و ختميته وشيوعيه و جمهورييه ما أخذته الدكتاتوريات من مدة زمنية لكان وعينا في الحكم وإدارة البلد أفضل كثيراً . طبعا الوضع ما حيكون ذي الديمقراطيات الغربية لكنه حيكون أفضل مما هو متاح حالياً … بخصوص الحزب الشيوعي كان حتما سيعود طالما كان هنالك ديمقراطية … خلونا في الاول نلم في الديمقراطية و بعد داك لم ليك ناس كفاية لتغيير الصادق ما دايرو دة .

  3. الي يتفهم من كلامك انك ما داير الصادق المهدي حتي ان اتت به الدمقراطية وطبعا كلامك دة ما ديموقراطي . من حق الصادق ان يعود اذا اختاره الشعب وان يوكل من يثق فيه اذا أراد ، فانه كان رئيس وزراء منتخب اغتصبت رئاسته… نعم الصادق أتاح لهؤلاء فرصه برعونته لكنه لم يأخذ فترة تراكمية كافية لبلورة حكم ديمقراطي تراكمي .. مافي شك لو أخذ الحكم الديموقراطي بأنصاره و ختميته وشيوعيه و جمهورييه ما أخذته الدكتاتوريات من مدة زمنية لكان وعينا في الحكم وإدارة البلد أفضل كثيراً . طبعا الوضع ما حيكون ذي الديمقراطيات الغربية لكنه حيكون أفضل مما هو متاح حالياً … بخصوص الحزب الشيوعي كان حتما سيعود طالما كان هنالك ديمقراطية … خلونا في الاول نلم في الديمقراطية و بعد داك لم ليك ناس كفاية لتغيير الصادق ما دايرو دة .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..