عرش الرحمن و السموات السبع-(2)

فى المقال السابق ثار جدل من بعض المعلقين حول قصتى سيدنا إبراهيم و سيدنا موسى و معنى الرؤية-حقيقة أحاول إختصار مواضيع مطولة لتكون فى شكل مقال و القارئ الحصيف يعرف أين يجد ضالته, إيجاد المعانى القرآنية العميقة من الكتاب المكنون أمر ليس سهلا لكنه ليس مستحيلا-الأصل فيه (الترتيل) و هو أول أمر وجهه سبحانه تعالى للنبى الكريم بشأن القرآن (و رتل القرآن ترتيلا) و هذا تأكيد فى الأمر- و القرآن كتاب هداية و إرشاد و بهذا المعنى فلا يكفى قراءته بصوت رخيم بل تدبر معانيه,و قد قال أحد علماء السلف الذين أحترمهم لكن هذا لا يمنع من مراجعة ما صنعوه-قال أبو العباس (ما أرى الترتيل إلا التحقيق و التبيين و التمكين), فالتجويد و القواعد و البلاغة و صف الكلمات مع بعضها للخروج بالمعنى الإصطلاحى القرآنى و صف الآيات مع بعضها للحصول على المغزى كلها جزء من هذا المجهود ونواصل.
فاتنى أن اشير إلى كلمة (يوم) التى أستخدمت فى وصف قصة الخلق فى القرآن و التوراة-إتخذها الملحدون ذريعة متعجلة للهجوم على القصص الدينى وهى ذريعة واهية لثلاث اسباب ?الأول أنه واضح من القصص الدينى أن الست ايام هى مراحل مختلفة و متمايزة و الثانى أن اليوم فى اللغة العربية (الفصحى) عندنا له معنيين ?إما النهار و إما اليوم الكامل بحسب السياق و الدهر و اليوم عند الله سبحانه فى القرآن الكريم مختلف بحسب السياق فتارة هو خمسين الف سنة أو ألف سنة مما نعد و طالما أن الشمس و القمر كانا جزءا من عملية الخلق فأصلا تكن توجد وحدة زمنية للحساب اللهم إلا المراحل المختلفة كما تبين و قد تعنى أيضا عملية خلق كلية كما فى قوله تعالى(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) ,أمِا الشئ الثالث يقول المتشككون فلماذا لم يقل القرآن (مراحل؟)-القرآن نزل بلغة العرب قبل 1400 سنة وراجعت المراجع اللغوية القديمة فلم توجد فيها كلمة(مرحلة) ,لكنها موجودة فقط فى معجم اللغة العربية المعاصرة-الإستعجال علة العالم!!
تحديد عدة الشهور باثنى عشر شهرا فى الآية أعلاه يوم خلق السموات و الأرض يعنى وضع كل الموازين يوم الإستواء على العرش بعد خلق السموات السبع و منها الزمن-فالشمس و القمر بحسبان- و مثلها (و السماء رفعها ووضع الميزان) و (أنبتنا فيها من كل شئ مورزون)(ألا تطغوا فى الميزان)-طغى الإنسان فى الميزان و جاءت الآية التالية فى سورة الروم (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )-41 و يالها من إشارة فالروم (الغرب) هم رواد الثورة الصناعية التى أنتجت التلوث البيئى و الحيوى و الجوى الذى يعانى منه العالم الآن و لعلهم يرجعون كما قالت الآية الكريمة-و كلمة (كسبت) فى الآية ليست لها صلة بالشرور التى أقترفها الإنسان,هناك فرق فى القرىن الكريم بين إكتسب و كسب ,الإكتساب خاص بإكتساب الذنوب أما الكسب فهو الحصول على الأشياء .
الكرسى
ورد ذكر الكرسى فى آية الكرسى الشهيرة باللفظ( وسع كرسيه السموات و الأرض) ,إذا قارنا بين عرش الرحمن و عرش الإنسان فسيسهل علينا فهم المعنى ?عروش ملوك الدنيا مكونة من المبنى الذى يمثل سلطة الملك و عليه الكرسى و حوله الحاشية التى تنفذ أوامره و تجلب له المعلومات,ملوك الدنيا لو تمعنا فى الأمر سلطتهم محدودة بهذه الأدوات ,أما كرسى الرحمن فختلف أمره بالرغم من الأدوات التى لدى الله سبحانه من سموات سبع أوحى فى كل سماء امرها و العرش و الملائكة فهو لا يعتمد على أدواته كليا و يتدخل إنشاء و لا يتدخل إنشا ء و أيضا علمه مطلق ليس مقيدا بالملائكة.
رحلة الإسراء و المعراج
رحلة الإسراء و المعراج للنبى الكريم عبر السبع الطباق كانت بالروح فقط بدليل الرؤى الرمزية التى رآها المعصوم و بدليل تكرار كلمة رأى-فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ(13) النجم
الملاحظ أن رأى وردت أيضا بصيغة المضارع الذى يفيد إستمرار الوحى ?الوحى رؤيا غيبية.
قوم نوح و نحن
كما ورد فى المقال السابق فإن قوم نوح كانوا متطورين روحيا و عرفوا عن السموات السبع لكنهم إستحبوا الضلالة على الهدى ?أما نحن فقد أنكر كثير منا الغيب و إغتررنا بعلمنا المادى رغم فوائده و الآيتين التالية توضحان الفرق بين علمنا و علم قوم نوح:
الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِن تَفَاوُتٍ ۖ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِير(4) تبارك
يلاحظ أن فى الجزء الأول من الاية (3) أن الله سبحانه أخبرنا بأنه خلق سبع سموات طباقا و فى الجزء الثانى أفادنا بأننا لو أعدنا بصر العين فى خلق السماء فلن نجد تفاوتا و هذا بين لكل من ينظر للسماء فالأجرام السماوية التى نراها بأعيننا المجردة منذ آلاف السنين فمازالت فى مكانها منذ آلاف السنين و تحركاتها موزونة مكانيا و زمنيا دون تفاوت، ما السر فى (أرجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا و هو حسير)- كرتين تعنى مرتين و ليس فى القرآن كلمة مزيدة أو لا تؤدى معنى معينا ?فى تقديرى أن الكرة الأولى هى بالمناظير المقربة من على سطح الأرض و الكرة الثانية هى بالمسابير التى أرسلها الإنسان إلى الفضاء و ارسلت له صورا عن هول و عظم خلق الكون و الأجرام السماوية(تلسكوب هابل) و أن الإنسان لم و لن يرى أبعد مما يرى فقد كشف العلماء مؤخرا عن أن حساباتهم و معطياتهم العلمية أماطت اللثام عن أن هناك أكوانا قد تقع على بعد منا يعادل 30 مليار سنة ضوئية و هذا معنى يرتد إليك البصر و هو حسير أى خائبا و عاجزا, حسب آخر معطيات العلم الحديث أن الكون نشأ قبل 13,7 مليار سنة و هذا التفاوت بين عمر الكون الذى نعرفه و آخر حدوده سببه التباعد بين المجرات و الأجرام السماوية وقد أشارت إحدى الايات القرآنية إلى ذلك (و السماء بنيناها بأييد و إنا لموسعون) ?كتبت كلمة أييد بهذا الرسم الغريب بناء على أمر اللنبى المعصوم-الياء للتفخيم و التعظيم!لو علم علماء الفلك الملحدين بهذه الآية لأسلموا جميعا فهى آية واضحة و لا تحتاج لتأويل أو تخريج من أى نوع.
السموات و الأرض و ما بينهما
تكرر ذكر السموات و الأرض فى القرآن الكريم فى عدة آيات و أحيانا ملك السموات و الارض مقترنا مع خلق السموات و الأرض فى ستة أيام, قال تعالى:
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ ۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ(4) السجدة
ما بين السماوات السبع و الأرض توجد أشياء كثيرة خلقت أو أوجدها الله سبحانه تسخيرا لسكان الكوكب:
1-الماء: مازال العلماء مختلفين حول مصدر الماء الموجود على كوكب الأرض و هم منقسمين بشأن عما إذا كان مصدر الماء هو من مادة كوكب الأرض نفسه أم من نيازك ضخمة ضربت الكوكب فى طور تشكله الاولى أم الإثنين معا إلا أن فرضية النيازك هى الأقوى فقد تسبب إصطدام نيزك ضخم قبل 65 مليون سنة فى إنقراض الديناصورات,القرآن الكريم زاخر بأيات عن إنزال الماء من السماء -بعضها قد يشير للمطر و بعضها قد يشير لمجئ الماء من خارج الأرض و اقرب آية لهذا المعنى هى (و أنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا) خصوصا و أنها أتت بعد آيات كونية أشارت لتمهيد الأرض و تشكيل الجبال و خلق الذكر و الأنثى و خاصية النوم ليلا و السعى فى طلب المعاش نهارا و بناء السبع الشداد و توهج الشمس ? كلمة المعصرات لم ترد فى القرآن إلا فى هذا الموضع,يميل كثير من المفسرين المعاصرين إلى أن المعصرات هى النيازك الضخمة التى تحمل فى داخلها الجليد و قد ذابت عند إصطدامها بالأرض الساخنة عند بداية تشكلها,الثج فى القواميس القديمة هو إنصباب الماء بكثافة أو إسالته و قد قال بعض اللغويين أن الفعل (ثج) أخذ من المصدر(ثلج),الماء يغطى 70 من الكرة الأرضية و قد أوضح العلماء أن كتلة الأرض كلها لو جعلت فى شكل كرة يحيط بها ماء الكوكب لغطيت بطبقة سمكها ميلين من الماء- يسهل علينا تصور شكل الكرة الأرضية فى ذلك الحين ?كرة ساخنة سائلة يحيط بها الماء من كل جانب ?اشبه بالبيضة التى فى قلبها الصفار و حوله البياض ?هذا لا يعنى أنها تشبه البيضة فى شكلها الخارجى كما قال بعض المتؤلين المستعجلين.

إشارة طفيفة للعلم الذى لجأ له اللغويون فى تحليل كلمة (ثج), هو علم الإيتيمولوجيا (علم أصول و جذور الكلمات):

هو عملية لسانية تعتمد المقارنة بين الصيغ والدلالات لتمييز الأصول والفروع. ومن ناحية أخرى عملية تاريخية حضارية؛ لأنها تستعين بدراسة المجتمعات والمؤسسات وسائر العلوم والفنون للبتّ في قضايا اللّسانياتية،؛ -علم حقيقة الكلمة و أصلها, مثال لذلك كلمة (تنور) الواردة فى قصة قوم نوح ,تنور كانت تعنى فى اللغة الأكدية السامية التى تحدثها البابليون و من جاورهم من الشعوب-البركان ثم صارت تدل على الدخان ثم صارت تدل على فرن الخبز الذى يشبه فى شكله البركان ثم صارت تدل على تنورة الفتيات التى يشبه شكلها المخروطى شكل البركان.

2- الغلاف الغازى.

3- الغلاف المغناطيسى.

4- النيازك و الشهب

لن أطيل القارئ الكريم بشان البنود 2و3و4 وفوائدهم للكوكب فمعلوماتهم موجودة على الشبكةو لكن هناك إشارة فى القرآن لذلك:
وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَّحْفُوظًا ۖ وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ(32) الأنبياء

الغلافان الغازى و المغناطيسى للارض محفوظان منذ مليارات السنين و هما قوام الحياة على ظهر الكوكب.

5-القمر: لم يتوصل العلماء إلى فرضية مناسبة تدعم من أين أتت مادة القمر لكنهم متفقون على أن وجوده تال لوجود الأرض, لم يشر القرآن صراحة لذلك لكن هناك آيات تبين أن خلقه تم لاحقا .

أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا(16)نوح

وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ ۖ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تفصيلا (12)الإسراء

من الواضح أن خلق القمر تم أثناء خلق الأرض فى اليومين الأولين لأن السماوات السبع بنيت بعد نهاية الأربع أيام اللاتى خلقت فيهن الأرض و قدرت فيهن أرزاق الكائنات (السائلين), لا يستقيم عقلا أن تتحمل الكائنات الحية عمليات الخلق الكوكبى العنيفة و سخونة الأجرام السماوية التى تكون فى البداية غير صالحة لنشأة الحياة.

الآية الثانية رغم التفاسير القديمة تشير لأنه كان هناك ليل و نهار (آيتين) فتم محو آية الليل بآية النهار و هى الشمس- السراج الذى يشع على القمر فيجعله يضئ و الشمس هى الاية المبصرة فالقمر لا يضئ من تلقاء نفسه!!

مكان عرش الرحمن قبل إرتفاعه عن الأرض:

كان عرشه على الماء الذى غطى الكرة الأرضية تماما عندما كانت فى حالتها السائلة, قال تعالى :

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۗ وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ- الآية (7) من سورة هود ?إشارة للموات السبع!
صلة مكان عرش الرحمن على الأرض بالكعبة الشريفة
قال تعالى :
وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ(33) النازعات
أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ(20) الغاشية
الدحو لغة هو البسط كما يتبين من الآيات أعلاه فى السطر الأول و فى السطر الثانى نلحظ كلمة مركبة هى (ينظرون كيف), مرتبطة بكيف سطحت,المعنى الأول و الثانى جعل كثير من الملحدين يشككون فى أن القرآن الكريم قال بأن الأرض مسطحة و ليست كروية و هذا تسرع جاهل لا معنى له,كلمة (أنظر كيف) المضمنة فى السطر الثانى لا تعنى مطلقا فى القرآن النظر بالعين ,أنظر قوله تعالى:
أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ(( وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ ))نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِير(259) البقرةٌ
أنظر كيف تعنى (إطلع على الكيفية) و مثلها (أرنى كيف تحيى الموتى-أنظروا كيف بدأ الخلق-أنظر كيف ضربوا لك الأمثال)
أولا : يتبين من البند (1) أعلاه الخاص بشكل الكرة الأرضية أنها كانت مثل البيضة فى مكوناتها الداخلية من حيث وجود الماء خارجها و الصهارة السائلة داخلها, و تبين من أحدث الكشوف العلمية الموثوقة أن الأرض التى نعيش عليها (اليابسة) و ليس الكوكب كانت قارة واحدة سموها(بانجيا) و تفرعت منها القارات الحالية_هذا يشرح الأمر فقد بسطت الصهارة السائلة و سطحت فوق الماء ثم مدت بعد ذلك كما أوضح القرآن و فى السنة المدونة حديث غريب – عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ موقوفا عليه‏:‏ أنه ـ أي البيت الحرام ـ كان أول ما ظهر على وجه الماء عند خلق السماوات والأرض زَبدة ـ بفتح الزاي‏,‏ أي كتلة من الزَبد ـ بيضاء فدحيت الأرض من تحته. ومثله ?أول ببيت ظهر على وجه الماء عند خلق السموات والأرض خلقه الله تعالى قبل الأرض بألفي عام وكانت زبدة بيضاء على الماء فدحيت الأرض من تحتها-الغريب أن المحتجين على إستخدام كلمة سطحت لا يتورعون عن إستخدام جملة (سطح الكرة) ,السطح أصلا فى اللغة هو الطبقة الخارجية أما عندما نقول أرض مسطحة فهذا يعنى أرض مستوية أو مبسوطة.
أي أن مكة كانت النقطة التي توسعت منها الرقعة الأرضية فوق سطح الماء والتي سماها العلماء في آخر مراحلها (بانجيا).
الآيتين :
وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ(5) الطور
تدلان على البيت المعمور حيال الكعبة ?ليس جغرافيا لاأن الكعبة تدور مع دوران الأرض ,و لكن غيبا فى بعد آخر حيث ان السقف المرفوع هو بيت فى السماء السادسة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم يأتى غيرهم بنفس العدد فى اليوم التالى.
لم يثبت علم الجيولوجيا بعد أن مكة هى أقدم بقعة فى الأرض و لكن هذا لا يؤثر فى إيماننا شيئا فقد اثبت هذا العلم على الأقل أن الصخور النارية هى أقدم أنواع الصخور فى القشرة الأرضية و هذا هو نوع صخور مكة التى تحوى البيت العتيق.
الآية :
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا(12) الطلاق
تدل على كروية الأرض حيث ألمحت آخر الكشوف العلمية (ويكيبيديا) أن الأرض مكونة من سبع طبقات و كذلك (يكور الليل على النهار و يكور النهار على الليل),فهم السلف و منهم إبن تيمية أن الأرض عبارة عن كرة لأن تعاقب الليل و النهار فى شكل نصفى كرة يستوجب أن تكون الأرض كرة كاملة و كذلك (رب المشرقين و المغربين)-فمنها يفهم أن المشرق يناظره مغرب من الجهة المقابلة و العكس صحيح, أما (رب المشارق و المغارب) فيفهم منها تعدد المشارق و المغارب الناتج عن كروية الارض إلى ما لا نهاية.
إذن فقد خلقت الارض و طبقاتها السبع و دحيت اليابسة من فوق الماء ثم خلق القمر فى يومين, ثم قدرت أقوات (السائلين) و هم الكائنات الحية فى يومين ثم سويت السموات السبع فى آخر يومين ثم إستوى الرحمن على العرش الذى إرتفع فوق السموات السبع وكان فى البداية على وجه الماء موضع الكعبة الشريفة.
أما الطريقة التى شكلت بها اليابسة على وجه الارض فهى عجيبة ?تضاريس الجبال و قيعان المحيطات و البحار تجعل الماء لا يطغى على كل اليابسة, كما أن الجبال و الرواسى كثيرا ما تذكر فى القرآن قرين الانهار التى تحمل لنا الماء العذب و نشأت على حوافها الحضارات فوجود الجبال و الوديان هو السبب الرئيس فى تكون الأنهار.
نواصل فى مقال قادم إنشاء الله عن السر فى تقديس بيت المقدس و ما جاوره.
صلاح فيصل/باحث و كاتب مستقل
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. اذا كان عمر الكون 13,7 مليار سنة فكيف يكون هناك أجراما تقع على بعد 30 مليار سنة ضوئية , اذا أن اكبر سرعة حسب ما هو معروف الان هي سرعة الضوء و بالتالي لا يمكن لجسم أن يبعد مسافة من السنين الضوئية اكبر عدديا من عمر الكون
    لان هذا يعني ان سرعة تلك الاجسام تفوق سرعة الضوء و حتى لو افترضنا انه نتيجة ( للانفجار العظيم ) فان محصلةالسرعة النسبية لجسمين متباعدين تساوي ضعف سرعة الضوء فان الناتج سيكون مسافة 27,4 مليار سنة ضوئية و هذا أقل من 30 مليار سنة ضوئية.

  2. حقيقة منتقدي في غير فنه أتى بالعجائب ، الكاتب للأسف ضعيف جداً في العلم الشرعي وعلم الفيزياء ومع ذلك يتحدث كأنه العالم الفيزيائي الفذ ريتشارد فينمان ….هذا زمانك يا مهازل فأمرحي ، سطحية تثير الرثاء والشفقة .

  3. اذا كان عمر الكون 13,7 مليار سنة فكيف يكون هناك أجراما تقع على بعد 30 مليار سنة ضوئية , اذا أن اكبر سرعة حسب ما هو معروف الان هي سرعة الضوء و بالتالي لا يمكن لجسم أن يبعد مسافة من السنين الضوئية اكبر عدديا من عمر الكون
    لان هذا يعني ان سرعة تلك الاجسام تفوق سرعة الضوء و حتى لو افترضنا انه نتيجة ( للانفجار العظيم ) فان محصلةالسرعة النسبية لجسمين متباعدين تساوي ضعف سرعة الضوء فان الناتج سيكون مسافة 27,4 مليار سنة ضوئية و هذا أقل من 30 مليار سنة ضوئية.

  4. حقيقة منتقدي في غير فنه أتى بالعجائب ، الكاتب للأسف ضعيف جداً في العلم الشرعي وعلم الفيزياء ومع ذلك يتحدث كأنه العالم الفيزيائي الفذ ريتشارد فينمان ….هذا زمانك يا مهازل فأمرحي ، سطحية تثير الرثاء والشفقة .

  5. السلام عليكم و رحمة الله.
    نلاحظ في هذا المقال ان كاتب المقال استعان بنصوص من السنة النبوية و هذا مؤشر حسن.
    قال أهل العلم في الاحاديث الموقوفة إنها اذاصدرت بقول ( أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا) او كانت في الامور الغيبية فهي بمنزلة المرفوعة بشرط الا يكون الصحابي ممن يأخذ من بني اسرائيل .

    1.قال كاتب المقال : (( هناك فرق فى القرىن الكريم بين إكتسب و كسب ,الإكتساب خاص بإكتساب الذنوب أما الكسب فهو الحصول على الأشياء ))
    كما سبق أن نبهت كاتب المقال فعليه الا يعمم من دون تمحيص و في هذه الاية من سورة يونس عليه السلام ما يبين أن كلمة كسب يمكن أن تستعمل في كسب السيئات.
    ” ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ”
    و عليه فإن المعنى الذي ذهب اليه كاتب المقال في تفسير قوله تعالى ” ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ” غير صحيح .

  6. بادئ ذي بدء نقول إن مقالك يا أستاذ قد طرق أكبر معضلة اعتقادية وإيمانية واجهت ومازالت تواجه عقيدة السلف نتيجة لتصورهم الخاطئ عن الذات الالهية تأثراً بعقائد أصحاب الديانات السابقة سماوية كانت أم بشرية أرضية. فحيث نشأت أو نزلت تلك الأديان في مراحل من الحضارة الانسانية لم ترتفع بعقل الانسان عن الفكر أو التصور المادي للأشياء أو قصور التصور المجرد لها على الاحساس المادي بوجودها للقول بخقيقة وجودها وبإمكانية اتصالها بهم أو اتصالهم بها. بمعنى آخر فإن العقل الانساني لم يصل بعد درجة التفكير التجريدي بالوجود المجرد أو تصور كيفه، وتبعاً لذلك، فلم يتصوروا الآلهة والموجودات المجردة من ملائكة وشياطين وحتى روح الانسان حولوها بعد انفصالها من الجسد بالموت إلى شبح يمكن رؤيته وتمييز شكله. ولست بحاجة للتفصيل في هذا ففي أدبيات تلك الأديان والأساطير ما يغني عن ولايدع مجالاً للشك في ذلك، ودونكم الاسرائيليات في الديانة اليهودية والمسيحية ومثلها في البوذية وغيرها من الديانات الهندوسية والاساطير اليونانية والآلهة الاغريقية.
    وللأسف، فقد كان المؤمل أن يكون الدين الإسلامي علامة فارقة في التصور البشري للإله لاسيما وأنه جاء بالرسالة الخاتمة والموجهة للعالمين كافة لاستيعاب كافة مراحل التطور البشري إلى يوم الدين، إلا أنه يبدو أن السلف لم يستوعب هذه الرسالة فيرتقي بفهمه وعقيدته في الرب الخالق عن عقائد ومفاهيم أتباع الديانات السابقة وأصحاب الأساطير الأولين من الرومان واليونان والإغريق. والسبب المباشر لهذا الوضع هو اعتماد السلف في فهم دينهم على مسلمات الديانات الأخرى وخاصة اليهودية باعتبارهم أهل كتاب سماوي رغم تذكير القرءان لهم بتحريفها ودون تمييز هذا التحريف الذي بين القرءان مواضعه، فسرت تلك المسلمات اليهودية خاصة فيما يتعلق بتجسيد وتجسيم الإله وتشبيهه بالانسان في وجود الجوارح ووظائفها المعروفة لدى الانسان رغم أن النص القرءاني يخبرهم بأنه تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير العالم القادر الى آخر أسمائه الحسنى.
    فهذا هو الامام مالك رحمه الله أول من يفصح عن هذه العقيدة التجسيدية الموروثة والملوثة لأفهام السلف بما انعكس على الكثير من تفسيراتهم وتأويلاتهم وفتاواهم. وإن وجدنا العذر للسلف من أمثال الامام مالك لقصور المعرفة الانسانية للكون في ذلك الزمان فلا عذر لمن يتمسكون بعقيدة التجسيد والتجسيم اليوم رغم تقدم المعرفة الانسانية وعلم الإلهيات أو فلسفة علم الكلام أو علم المنطق اللاهوتي عند المسلمين قبل غيرهم.
    الثابت بالسند أن مالكاً رحمه الله جاءه سائل وهو في مجلس التحديث يحدث الناس في المسجد، فقال: يا مالك ! ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) كيف استوى؟ فأطرق مالك كما جاء في رواية أخرى وسكت ملياً، ثم علته الرحضاء (العرق) ثم رفع رأسه، وقال: أين السائل؟ فقال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا رجل سوء ثم أمر به أن يخرج من مجلسه.
    فمن هذه الرواية يمكن بوضوح تصور الحالة النفسية التي اعترت الإمام حيال هذا السؤال بحيث كشفت تصوره المادي وتحرجه في قوله بوضوح حتى ارتبك وتصبب عرقا، ثم اضطر للأشارة إلى الاستواء الذي يعلمه كل شخص وهو الاعتلاء والركوب والجلوس أوالاستقرار بعد الركوب أو الاعتلاء. وهكذا اثبت الإستواء لله تعالى بهذا المعنى ثم بدا له أن هذا قول محرج فقام بتجهيل الكيف لارباك صراحة القول بالجسمية ثم لجأ لإسلوبٍ لإسكات السائل ومنع أي سؤال مزيد منه فقال (والإيمان به واجب) قاصداً الاستواء المعلوم طبعا، ولكنه لم يطمئن لهذه الوسيلة في كبت السائل فشتمه باتهامه بالسوء وطرده من مجلسه.
    فلولا الحالة النفسية التي اعترت الامام بسبب سؤاله عن أمر كان يدور في نفسه عن تصور الذات الالهية في العقائد السائدة وربما لازال متردداً في القطع فيه بينه وبين نفسه عندما فاجأه السائل في مجلسه ولو تريث الامام ونظر في كتاب الله ملياً ولو قال لا أعرف أو قام بتأجيل الإجابة لأخرج لنا بعد البحث والتقصي قولاً غير الذي أخرجه على مضض وهو غاضب.
    ولمزيد من الأسف فإن إجابة الامام مالك قد سارت بها الركبان حتى صارت المرجع الوحيد والسند لكل مقلد حتى قامت عليها مذهب سلفية اليوم تجسد التجسيم أكثر مما قال الإمام مالك بل ورفضها المجاز في تفسير الخطاب القرءاني فجعلت الاشارة لليد والرجل والعين اشارات حقيقية لهذه الأعضاء.
    وسنواصل علاقة هذه المقدمة بموضوع عرش الرحمن بإذن الله.

  7. ستظل تلوي أعناق اللغة وتحرف معطيات العلم وسيظل القرآن مستوع الغيب والخوارق، الشياطين والجن، والشك والظن، ولن يتفق من شرطه الملاحظة والتجريب مع من شرطه الإيمان المطلق والترهيب. فهذه هي مائدة الدين السحرية وهذه هي صنوف الطعام الماورائية فيها فأقبل عليها أعمى أو أعرض عنها وأسعى

  8. يا استاذنا ود الحاجة لا تأخذ الأمور وكأنها مبارزة لاب. من الانتصار أو الثأر بأي حال وانما اعتبرها نقاش للوصول للحق لفائدة الجميع لأن الأمر أمر دين وكلنا ينشد سلامة اعتقاده والطمأنينة في ايمانه ~
    نعم آيات رؤية سيدنا ابراهيم للملكوت في سورة الانعام اقتبسناها من (وكذلك نري ابراهيم) وصحيح أن الواو واو عطف واستئناف على ما سبق ولكنه استئناف مع الانتقال من حوار ابراهيم وقومه بدءا بأبيه آزر (ولايصح أن تقول أبيه هكذا -حاف كده- لأن أبيه آزر يعني عمه أو من في مقام والده) الى حوار ابراهيم مع نفسه وهو يلتمس من ربه أن يلهمه دليلا ليقنع قومه ببطلان عبادتهم لأصنامهم التي يرمزون بها لآلتهم من النجوم والكواكب ولكن الله كان يعد ابراهيم للعالمين أجمعهم وليس لقومه فقط حيث اصطفاه على العالمين وأراد له أن يكون أبا ألأديان السماوية قاطبة فأراه ملكوت السماوات والارض كذلك?وبوأ له مكان البيت العتيق. وان لم تبين الآيات المشار اليها في سورة الأنعام كيفية رؤية سيدنا ابراهيم لملكوت السماوات الا أن التاريخ يخبر كيف طاف ابراهيم اطراف الأرض من أرض الكلدانيين قومه بالعراق مابين النهرين إلى الأرض المقدسة في فلسطين حران والقدس الى مصر ومن الشام الى الكعبة في مكة جيئة وذهابا وتذكر المرويات أن الله تعالى هيأ له كل هذا الترحال على دابة مثل البراق تقله بين الأراضي المقدسة جيئة وذهابا مرات عديدة الى وفاته. فإن كنت يا أخي تتفق معي في أن رؤيته للملكوت كانت بتمكين من الله فهناك معجزة وان تشمل كل الاحتمالات مما نتصور وغير ذلك مما لم يخطر على بالنا طالما ان الفعل منسوب للمولى عز وجل.
    ثانيا فان علاقة الاية من سورة البقرة لها علاقة بما اثرت انت من مسألة عدم شك سيدنا ابراهيم في ايمانه وقد اتفقنا معك في عدم شكه ولكن لزيادة الايمان والاطمئنان القلبي وقد ورد في ايات الأنعام (ليكون من الموقنين) وفي آية البقرة (ليطمئن قلبي) وكنت أظنك حصيفا بأن تجادل في آية سورة البقرة بأن سيدنا ابراهيم لم يكن شاكا في أن الله يحيي الموت ولكنه سأل ربه (كيف) يحيي الله الموتى فسؤاله عن الكيفية وليس القدرة على الإحياء فأرجو أن يستمر النقاش بيننا جميعا بدافع المعرفة و التعلم من بعضنا البعض ابتقاء تنقية المعتقد وتقوية الإيمان.

  9. استئنافاً لما تقدم (بادئ ذي بدء) انتهينا إلى رد الامام مالك على سؤال السائل عن (الاستواء على العرش) بتقرير الاستواء بمعناه (التجسيدي لغةً) المعلوم أو غير المجهول، مع تجهيل كيفيته وتقرير وجوب الايمان به مع ذلك، وزجر السائل عن أي استفسار محتمل حول هذه الاجابة المتناقضة ووصفه بأنه رجل سوء وطرده من مجلسه. وقلنا من الواضح إن الامام من خلال هذه الاجابة كان يستصحب المعنى التجسيدي للاستواء الذي يستلزمه فهمه الواضح للعرش بأنه ما يجلس عليه من كرسي و سرير ونحوهما. وقلنا كان على الإمام مالك ألا يقطع بتحديد معنى استواء الرحمن على العرش وهو الجلوس المعلوم إذا كان يجهل كيفيته. فإذا كان كيف الاستواء مجهولاً فمن باب أولى الجهل بمعنى الاستواء ذاته. ولولا سيادة المسلمات التجسيمية للأشياء الغيبية بفهمها وتصورها في إطار صفات المحسوسات من الأشياء المعروفة لما تبادر إلى ذهن الامام من كلمة العرش صورة عروش الملوك وكراسي مجالسهم وتسليمه لمقصودها بهذا المعنى القريب دون التفكير في معنى آخر ملائم للذات والصفات الإلهية من سياق الآيات التي وردت فيها. ومنها (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) هود/7. فكيف يستوي الرحمن على عرش على الماء إذ أن العرش والماء من مخلوقاته ولا يسعه شيء من مخلوقاته بل إن التسليم بذلك يولد أسئلة (أينية) لا تنتهي مثلما سئل ابن عباس وأين كان الماء فأجاب تحمله الرياح وكانت هذه الاجابة كافية للاعرابي السائل في زمنه فلم يقل وأين الريح ربما لأنه يرى أن الرياح تملأ جنبات الكون وتحتل كل الفضاءات المشاهدة، فربما اعتقد أن العرش محمول بحسب ابن عباس في أعلا علو غير مشاهد بالعين المجردة! والحقيقة إنه مما يدعو للحيرة إذ كيف لم يستصحب علماء السلف تنزيه الذات الالهية عن المكان والزمان وما يستلزمه ذلك من نفي الشيئية والجسمية والمحدودية عن ذاته وصفاته تعالى تقدست أسماؤه ولماذا يحملوا كل إشارة عضوية في القرءان على هذا المفهوم القرءاني لله تعالى ويصرون على اتباع مفاهيم اتباع الديانات الأ خرى المحلية السائدة والسابقة للرسالة المحمدية الخاتمة والمكملة للدين الاسلامي الذى جاء به كافة المرسلين من قبل، بل على العكس من ذلك يصرون على استنباط القواعد والأحكام التي من شأنها تكريس المزيد من التجسيم والتجسيد كإثباتهم الأعضاء الجسمية له تعالى علواً كبيراً عن ذلك وتنزه وهو الذي ليس كمثله شيء فقالوا نفعل ذلك بلا تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل وذلك بأن لا مجاز في ألفاظ القرءان وهو الذي نزل باللغة العربية لغة البلاغة بالمجاز والاستعارة والتمثيل! فتورطوا في سفسطة بلهاء حين يقولون اليد هي اليد بلا تشبيه ولا تمثيل مثلاً فيثبتون لها الشيئية والتشبيه والتمثيل معاً لأن مجرد تصور اليد لا يتأتى إلا بصورة اليد لدى الانسان ومن ثم ومن حيث لا يدرون له الشيئية والجسمية والتشبيه بمخلوقاته تعالى تنزهت ذاته وأسماؤه وصفاته عن ذلك وعما يصفون. وإذا كان الفكاك من أسر الاسرائيليات صعب فلماذا لا يتمعنون لغة القرءان مفرداته وسياقاتها؟ فكلمة العرش لا يقتصر معناها في اللغة على عرش المُلك فقط، فأصل الكلمة عَرَشَ وتعنى بنى وشيد وركب الخ وفعل كان لا يقتصر فقط على دلالة الماضي كظرف زمان محض فهي تشكل مع أدوات الحال مثل الواو جملة حالية (معترضة كانت أم منفصلة) منقطعة عن معنى الظرفية الزمانية السبقية، فمثلاً وكما جاء في الآية 7 المشار إليها من سورة هود قال تعالى ((وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)) واضح أن جملة (وكان عرشه على الماء) جملة اعتراضية حالية لوجود الواو كحرف حال وليس عطف مثل واو (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) ومن ثم فلم تدل كان في هذه الجملة الاعتراضية على أسبقية كون العرش على خلق السماوات والأرض! وحيث أنه من الثابت علمياً أن نشأة الماء جاءت بعد تكوين الأرض، بل إن هذا ثابت بالقرءان ذاته (والارض بعد ذلك دحاها* فأخرج منها ماءها ومرعاها) فقد وجد الذين يقولون بتفسير كان بمعنى الأسبقية في ورطة لا يحسدون عليها إذ كيف يكون العرش على ماء لم يتكون بعد!! فاضطروا للسفسطة الفارغة مرة أخرى للقول بأن ماء العرش المعني في سورة هود ليس هو الماء الذي نعرفه وانما ماء من نوع آخر!!! والتمس بعضهم العون من علماء الفيزياء مثل الفيزيائيين، باول مازور (Pawel Mazur) و وجورج شابلين (George Chapline). الذين جاءا بفكرة مائية اصل السموات والارض من خلال نظرية “الزمكان فائق الميوعة” ووفقا لهما، الزمكان في الواقع انما هو عبارة عن مادة فائقة الميوعة (super-fluid substance)، تقوم بالجريان كما تتمتع بعامل لزوجة قيمته الصفر.

    ونواصل لاعطاء مفهومي للعرش المختلف عما جاء بمقال الكاتب الأستاذ ثلاح فيصل ولا يفوتني تسجيل استهجاني الشديد لبعض التعليقات المتعالية الفارغة من بعض من يحرصون على إلصاق ألقاب علمية وبدلاً من عرض علمهم الافتراضي إن وجد لانرى منهم إلا هذه الفشخرة الكدابة كما يقول أولاد بمبة والفنطزة الفارغة كما نقول والعتبى للأستاذ صلاح فأمثال هؤلاء لا يستحقون الرد عليهم.

  10. تحاول ان تجعل تحليلك علمى لكن اقول لك القمر ليس منيرا انما عاكس للضوء مثله مثل غيره من الاقمار و الكواكب و انما المشع هو النجم و اما استواء العرش ان كنت تعنى المكانيىة و الثبوت فالكون كمادة يتمدد على مر الزمان حيث لا توجد حدود للكون- بهذا التفكير سوف تزرع الشكك فى كل من يقرأ مواضيعك و بدلا ان تكون داعى تكون منفر

  11. قال زول (( وقلنا كان على الإمام مالك ألا يقطع بتحديد معنى استواء الرحمن على العرش وهو الجلوس المعلوم إذا كان يجهل كيفيته))

    تعليق : من أنت يا زول ؟؟؟ حتى تتجرأ على قمة مثل الامام مالك!!!
    و ما هي مؤهلاتك العلمية حتى تتصدى لهذه الامور؟؟؟ من تعليقاتك ييتضح مبلغك من العلم!!!
    الامام مالك لم يحدد كيفية الاستواء و لم يقل ما يدل على أنه الجلوس .
    فرجاءا يا اخ زول الا تخلط الحابل بالنابل و الا تقول على امام جليل ما لم يقله .
    كل ما قاله الامام مالك هو أن الاستواء معلوم و لم يقل الجلوس و الاستواء هو النص الذي ورد في القرءان و لم يذكر الامام مالك كيفية هذه المعلومية , فلماذا يا زول تأتي بكلام من تصورك الخاطيء للأمور؟!!!

    منهج السلف في ايات الصفات أنهم كانوا يمرونها كما هي من دون تكييف او تعطيل, أما العبارات مثل ( يد حقيقية ) فهذه أتت فيما بعد و لم تكن كلمة (حقيقي او حقيقية ) تذكر في عهد السلف مثل مالك.
    جاء بسند صحيح عن الإمام مالك: رواه جماعة عن الهيثم بن خارجه عن الوليد بن مسلم أنه قال: سألت مالك بن أنس وسفيان الثوري والليث بن سعد والأوزاعي عن الأخبار التي جاءت في الصفات فقالوا: أمروها كما جاءت، وفي رواية قالوا: أمرها كما جاءت بلا كيف.

    مما يدل على صحة مذهب السلف مثل الامام مالك هو أن هذا كان مذهب الصحابة الذين تلقوا علمهم من رسول الله صلى الله عليه و سلم و معلوم ان ما بين الامام مالك و الصحابة جيل واحد تقريبا , فأقوى الاسانيد هو : مالك عن نافع عن ابن عمر

  12. الرد على ود الحاجة
    الأخ ود الحاجة مطروح تلخيص لأدبيات الموضوع للتأمل تمهيداً لطرح موقفي مع تأجيل موضوع الكرسي لما بعد ذلك.
    (1) ملخص عقيدة السلف (أشعرية ومعتزلة) حول الاستواء والعرش : منقول
    أولاً : أنواع الاستواء الوارد في لغة العرب الذين نزل القرآن بلغتهم :
    هناك نوعان : مطلق ومقيد ..
    فالمطلق : ما لم يقيد بحرف .. كقوله تعالى (( ولما بلغ أشده واستوى )) ومعناه : كمل وتم.
    وأما المقيد : فثلاثة أقسام :
    الأول : مقيد بــ ( إلى ) … كقوله تعالى (( ثم استوى إلى السماء )) ومعناه : العلو والارتفاع باجماع السلف …
    الثاني : مقيد بــ ( على ) …
    كقوله تعالى (( لتستووا على ظهوره ))
    وقوله تعالى (( واستوت على الجودي ))
    وقوله تعالى (( فاستوى على سوقه ))
    فهذا معناه : العلو والارتفاع والاعتدال باجماع أهل اللغة …
    الثالث : المقرون بــ ( واو ) المعية … كقولهم : استوى الماء والخشبة ..ومعناه : تساوى الماء والخشبة ..
    فهذه معاني الاستواء المعقولة …
    *** ثانياً : الاستواء الوارد في القرآن الكريم كصفة للرحمن عز وجل ورد بلفظين :
    – اللفظ الأول : (( استوى إلى )) وقد ذكر في موضعين من القرآن :
    أحدهما : قوله تعالى (( ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات )) البقرة : 29
    والآخر : قوله تعالى (( ثم استوى إلى السماء وهي دخان )) فصلت : 11
    قال أبو العالية : (( استوى إلى السماء )) : ارتفع ..
    لأنه قال قبل هذه : (( أأنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أنداداً ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى إلى السماء وهي دخان )) ( فصلت : 8-11 )
    وسورة فصلت مكية .. ثم أنزل البقرة وهي مدنية (( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات )) ( البقرة : 29 ) فلما ذكر استواءه إلى السماء كان بعد خلق الأرض وما فيها تضمن معنى العلو … لأن السماء فوق الأرض فالاستواء إليها الارتفاع إليها …
    (*) وقالت المعتزلة : أن معنى قوله تعالى (( ثم استوى إلى السماء )) أي : قصد إليها بإرادته ومشيئته بعد خلق ما في الأرض .. وهذا الوجه من أضعف الوجوه وأفسدها .. فإنه قد أخبر سبحانه وتعالى أن العرش كان على الماء قبل خلق السماوات والأرض .. وثبت ذلك من حديث عمران ابن الحصين رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( كان الله ولم يكن شيء غيره .. وكان عرشه على الماء
    وكتب في الذكر كل شيء .. وخلق السماوات والأرض )) ..
    فإذا كان العرش مخلوقاً قبل السماوات والأرض .. فكيف يكون استواؤه قصده إلى خلقه له ؟!
    – واللفظ الثاني : (( استوى على )) وورد في سبعة مواضع من القرآن الكريم :
    1- سورة الأعراف : (( إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش )) ..
    2- سورة يونس : (( إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى علــى العرش )) ..
    3- سورة الرعد : (( الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش )) ..
    4- سورة طه : (( الرحمن على العرش استوى )) ..
    5- سورة الفرقان : (( ثم استوى على العرش )) ..
    6- سورة السجدة : (( الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش ))
    7- سورة الحديد : (( هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش ))
    ومعنى قوله تعالى (( ثم استوى على العرش )) أي : علا عليه وارتفع …
    وهو منقول عن حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه .. وعن مجاهد وأبي العالية واسحاق بن راهويه ..
    واختاره شيخ المفسرين ابن جرير الطبري ..وهو قول أهل السنة وأصحاب الحديث … فإنهم يثبتون استواءه على العرش .. ولا ينفونه ولا يكيفونه كما نقل ذلك عنهم أبو الحسن الأشعري رحمه الله ..فنحن نجهل كيفية استواءه سبحانه .. لأننا نجهل كيفية ذاته
    (**) وأوّلت المعتزلة ومن حذا حذوهم الاستواء بالاستيلاء .. أي : استولى على العرش
    (انتهى النقل بتصرف)
    (2) كذلك للتأمل
    ملاحظة اقتران الاستواء في جميع الآيات الواردة فيها بصفة الرحمن دون صفاته تعالى الأخرى أو بخلق السموات والأرض وبما فيهما فما العلاقة والمغزى؟
    (3) للتأمل كذلك:
    صفتا العظيم والكريم في سياق الآيات : (فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ( براءة/129 ، و(اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) النمل/ 26 و(فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ )116/المؤمنون؛ هل هما صفتان لله تعالى أم العرش، أي هل يجب قراءتهما بكسر الآخر أم بضمه؟!

  13. السلام عليكم و رحمة الله.
    نلاحظ في هذا المقال ان كاتب المقال استعان بنصوص من السنة النبوية و هذا مؤشر حسن.
    قال أهل العلم في الاحاديث الموقوفة إنها اذاصدرت بقول ( أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا) او كانت في الامور الغيبية فهي بمنزلة المرفوعة بشرط الا يكون الصحابي ممن يأخذ من بني اسرائيل .

    1.قال كاتب المقال : (( هناك فرق فى القرىن الكريم بين إكتسب و كسب ,الإكتساب خاص بإكتساب الذنوب أما الكسب فهو الحصول على الأشياء ))
    كما سبق أن نبهت كاتب المقال فعليه الا يعمم من دون تمحيص و في هذه الاية من سورة يونس عليه السلام ما يبين أن كلمة كسب يمكن أن تستعمل في كسب السيئات.
    ” ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ”
    و عليه فإن المعنى الذي ذهب اليه كاتب المقال في تفسير قوله تعالى ” ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ” غير صحيح .

  14. بادئ ذي بدء نقول إن مقالك يا أستاذ قد طرق أكبر معضلة اعتقادية وإيمانية واجهت ومازالت تواجه عقيدة السلف نتيجة لتصورهم الخاطئ عن الذات الالهية تأثراً بعقائد أصحاب الديانات السابقة سماوية كانت أم بشرية أرضية. فحيث نشأت أو نزلت تلك الأديان في مراحل من الحضارة الانسانية لم ترتفع بعقل الانسان عن الفكر أو التصور المادي للأشياء أو قصور التصور المجرد لها على الاحساس المادي بوجودها للقول بخقيقة وجودها وبإمكانية اتصالها بهم أو اتصالهم بها. بمعنى آخر فإن العقل الانساني لم يصل بعد درجة التفكير التجريدي بالوجود المجرد أو تصور كيفه، وتبعاً لذلك، فلم يتصوروا الآلهة والموجودات المجردة من ملائكة وشياطين وحتى روح الانسان حولوها بعد انفصالها من الجسد بالموت إلى شبح يمكن رؤيته وتمييز شكله. ولست بحاجة للتفصيل في هذا ففي أدبيات تلك الأديان والأساطير ما يغني عن ولايدع مجالاً للشك في ذلك، ودونكم الاسرائيليات في الديانة اليهودية والمسيحية ومثلها في البوذية وغيرها من الديانات الهندوسية والاساطير اليونانية والآلهة الاغريقية.
    وللأسف، فقد كان المؤمل أن يكون الدين الإسلامي علامة فارقة في التصور البشري للإله لاسيما وأنه جاء بالرسالة الخاتمة والموجهة للعالمين كافة لاستيعاب كافة مراحل التطور البشري إلى يوم الدين، إلا أنه يبدو أن السلف لم يستوعب هذه الرسالة فيرتقي بفهمه وعقيدته في الرب الخالق عن عقائد ومفاهيم أتباع الديانات السابقة وأصحاب الأساطير الأولين من الرومان واليونان والإغريق. والسبب المباشر لهذا الوضع هو اعتماد السلف في فهم دينهم على مسلمات الديانات الأخرى وخاصة اليهودية باعتبارهم أهل كتاب سماوي رغم تذكير القرءان لهم بتحريفها ودون تمييز هذا التحريف الذي بين القرءان مواضعه، فسرت تلك المسلمات اليهودية خاصة فيما يتعلق بتجسيد وتجسيم الإله وتشبيهه بالانسان في وجود الجوارح ووظائفها المعروفة لدى الانسان رغم أن النص القرءاني يخبرهم بأنه تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير العالم القادر الى آخر أسمائه الحسنى.
    فهذا هو الامام مالك رحمه الله أول من يفصح عن هذه العقيدة التجسيدية الموروثة والملوثة لأفهام السلف بما انعكس على الكثير من تفسيراتهم وتأويلاتهم وفتاواهم. وإن وجدنا العذر للسلف من أمثال الامام مالك لقصور المعرفة الانسانية للكون في ذلك الزمان فلا عذر لمن يتمسكون بعقيدة التجسيد والتجسيم اليوم رغم تقدم المعرفة الانسانية وعلم الإلهيات أو فلسفة علم الكلام أو علم المنطق اللاهوتي عند المسلمين قبل غيرهم.
    الثابت بالسند أن مالكاً رحمه الله جاءه سائل وهو في مجلس التحديث يحدث الناس في المسجد، فقال: يا مالك ! ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) كيف استوى؟ فأطرق مالك كما جاء في رواية أخرى وسكت ملياً، ثم علته الرحضاء (العرق) ثم رفع رأسه، وقال: أين السائل؟ فقال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا رجل سوء ثم أمر به أن يخرج من مجلسه.
    فمن هذه الرواية يمكن بوضوح تصور الحالة النفسية التي اعترت الإمام حيال هذا السؤال بحيث كشفت تصوره المادي وتحرجه في قوله بوضوح حتى ارتبك وتصبب عرقا، ثم اضطر للأشارة إلى الاستواء الذي يعلمه كل شخص وهو الاعتلاء والركوب والجلوس أوالاستقرار بعد الركوب أو الاعتلاء. وهكذا اثبت الإستواء لله تعالى بهذا المعنى ثم بدا له أن هذا قول محرج فقام بتجهيل الكيف لارباك صراحة القول بالجسمية ثم لجأ لإسلوبٍ لإسكات السائل ومنع أي سؤال مزيد منه فقال (والإيمان به واجب) قاصداً الاستواء المعلوم طبعا، ولكنه لم يطمئن لهذه الوسيلة في كبت السائل فشتمه باتهامه بالسوء وطرده من مجلسه.
    فلولا الحالة النفسية التي اعترت الامام بسبب سؤاله عن أمر كان يدور في نفسه عن تصور الذات الالهية في العقائد السائدة وربما لازال متردداً في القطع فيه بينه وبين نفسه عندما فاجأه السائل في مجلسه ولو تريث الامام ونظر في كتاب الله ملياً ولو قال لا أعرف أو قام بتأجيل الإجابة لأخرج لنا بعد البحث والتقصي قولاً غير الذي أخرجه على مضض وهو غاضب.
    ولمزيد من الأسف فإن إجابة الامام مالك قد سارت بها الركبان حتى صارت المرجع الوحيد والسند لكل مقلد حتى قامت عليها مذهب سلفية اليوم تجسد التجسيم أكثر مما قال الإمام مالك بل ورفضها المجاز في تفسير الخطاب القرءاني فجعلت الاشارة لليد والرجل والعين اشارات حقيقية لهذه الأعضاء.
    وسنواصل علاقة هذه المقدمة بموضوع عرش الرحمن بإذن الله.

  15. ستظل تلوي أعناق اللغة وتحرف معطيات العلم وسيظل القرآن مستوع الغيب والخوارق، الشياطين والجن، والشك والظن، ولن يتفق من شرطه الملاحظة والتجريب مع من شرطه الإيمان المطلق والترهيب. فهذه هي مائدة الدين السحرية وهذه هي صنوف الطعام الماورائية فيها فأقبل عليها أعمى أو أعرض عنها وأسعى

  16. يا استاذنا ود الحاجة لا تأخذ الأمور وكأنها مبارزة لاب. من الانتصار أو الثأر بأي حال وانما اعتبرها نقاش للوصول للحق لفائدة الجميع لأن الأمر أمر دين وكلنا ينشد سلامة اعتقاده والطمأنينة في ايمانه ~
    نعم آيات رؤية سيدنا ابراهيم للملكوت في سورة الانعام اقتبسناها من (وكذلك نري ابراهيم) وصحيح أن الواو واو عطف واستئناف على ما سبق ولكنه استئناف مع الانتقال من حوار ابراهيم وقومه بدءا بأبيه آزر (ولايصح أن تقول أبيه هكذا -حاف كده- لأن أبيه آزر يعني عمه أو من في مقام والده) الى حوار ابراهيم مع نفسه وهو يلتمس من ربه أن يلهمه دليلا ليقنع قومه ببطلان عبادتهم لأصنامهم التي يرمزون بها لآلتهم من النجوم والكواكب ولكن الله كان يعد ابراهيم للعالمين أجمعهم وليس لقومه فقط حيث اصطفاه على العالمين وأراد له أن يكون أبا ألأديان السماوية قاطبة فأراه ملكوت السماوات والارض كذلك?وبوأ له مكان البيت العتيق. وان لم تبين الآيات المشار اليها في سورة الأنعام كيفية رؤية سيدنا ابراهيم لملكوت السماوات الا أن التاريخ يخبر كيف طاف ابراهيم اطراف الأرض من أرض الكلدانيين قومه بالعراق مابين النهرين إلى الأرض المقدسة في فلسطين حران والقدس الى مصر ومن الشام الى الكعبة في مكة جيئة وذهابا وتذكر المرويات أن الله تعالى هيأ له كل هذا الترحال على دابة مثل البراق تقله بين الأراضي المقدسة جيئة وذهابا مرات عديدة الى وفاته. فإن كنت يا أخي تتفق معي في أن رؤيته للملكوت كانت بتمكين من الله فهناك معجزة وان تشمل كل الاحتمالات مما نتصور وغير ذلك مما لم يخطر على بالنا طالما ان الفعل منسوب للمولى عز وجل.
    ثانيا فان علاقة الاية من سورة البقرة لها علاقة بما اثرت انت من مسألة عدم شك سيدنا ابراهيم في ايمانه وقد اتفقنا معك في عدم شكه ولكن لزيادة الايمان والاطمئنان القلبي وقد ورد في ايات الأنعام (ليكون من الموقنين) وفي آية البقرة (ليطمئن قلبي) وكنت أظنك حصيفا بأن تجادل في آية سورة البقرة بأن سيدنا ابراهيم لم يكن شاكا في أن الله يحيي الموت ولكنه سأل ربه (كيف) يحيي الله الموتى فسؤاله عن الكيفية وليس القدرة على الإحياء فأرجو أن يستمر النقاش بيننا جميعا بدافع المعرفة و التعلم من بعضنا البعض ابتقاء تنقية المعتقد وتقوية الإيمان.

  17. استئنافاً لما تقدم (بادئ ذي بدء) انتهينا إلى رد الامام مالك على سؤال السائل عن (الاستواء على العرش) بتقرير الاستواء بمعناه (التجسيدي لغةً) المعلوم أو غير المجهول، مع تجهيل كيفيته وتقرير وجوب الايمان به مع ذلك، وزجر السائل عن أي استفسار محتمل حول هذه الاجابة المتناقضة ووصفه بأنه رجل سوء وطرده من مجلسه. وقلنا من الواضح إن الامام من خلال هذه الاجابة كان يستصحب المعنى التجسيدي للاستواء الذي يستلزمه فهمه الواضح للعرش بأنه ما يجلس عليه من كرسي و سرير ونحوهما. وقلنا كان على الإمام مالك ألا يقطع بتحديد معنى استواء الرحمن على العرش وهو الجلوس المعلوم إذا كان يجهل كيفيته. فإذا كان كيف الاستواء مجهولاً فمن باب أولى الجهل بمعنى الاستواء ذاته. ولولا سيادة المسلمات التجسيمية للأشياء الغيبية بفهمها وتصورها في إطار صفات المحسوسات من الأشياء المعروفة لما تبادر إلى ذهن الامام من كلمة العرش صورة عروش الملوك وكراسي مجالسهم وتسليمه لمقصودها بهذا المعنى القريب دون التفكير في معنى آخر ملائم للذات والصفات الإلهية من سياق الآيات التي وردت فيها. ومنها (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) هود/7. فكيف يستوي الرحمن على عرش على الماء إذ أن العرش والماء من مخلوقاته ولا يسعه شيء من مخلوقاته بل إن التسليم بذلك يولد أسئلة (أينية) لا تنتهي مثلما سئل ابن عباس وأين كان الماء فأجاب تحمله الرياح وكانت هذه الاجابة كافية للاعرابي السائل في زمنه فلم يقل وأين الريح ربما لأنه يرى أن الرياح تملأ جنبات الكون وتحتل كل الفضاءات المشاهدة، فربما اعتقد أن العرش محمول بحسب ابن عباس في أعلا علو غير مشاهد بالعين المجردة! والحقيقة إنه مما يدعو للحيرة إذ كيف لم يستصحب علماء السلف تنزيه الذات الالهية عن المكان والزمان وما يستلزمه ذلك من نفي الشيئية والجسمية والمحدودية عن ذاته وصفاته تعالى تقدست أسماؤه ولماذا يحملوا كل إشارة عضوية في القرءان على هذا المفهوم القرءاني لله تعالى ويصرون على اتباع مفاهيم اتباع الديانات الأ خرى المحلية السائدة والسابقة للرسالة المحمدية الخاتمة والمكملة للدين الاسلامي الذى جاء به كافة المرسلين من قبل، بل على العكس من ذلك يصرون على استنباط القواعد والأحكام التي من شأنها تكريس المزيد من التجسيم والتجسيد كإثباتهم الأعضاء الجسمية له تعالى علواً كبيراً عن ذلك وتنزه وهو الذي ليس كمثله شيء فقالوا نفعل ذلك بلا تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل وذلك بأن لا مجاز في ألفاظ القرءان وهو الذي نزل باللغة العربية لغة البلاغة بالمجاز والاستعارة والتمثيل! فتورطوا في سفسطة بلهاء حين يقولون اليد هي اليد بلا تشبيه ولا تمثيل مثلاً فيثبتون لها الشيئية والتشبيه والتمثيل معاً لأن مجرد تصور اليد لا يتأتى إلا بصورة اليد لدى الانسان ومن ثم ومن حيث لا يدرون له الشيئية والجسمية والتشبيه بمخلوقاته تعالى تنزهت ذاته وأسماؤه وصفاته عن ذلك وعما يصفون. وإذا كان الفكاك من أسر الاسرائيليات صعب فلماذا لا يتمعنون لغة القرءان مفرداته وسياقاتها؟ فكلمة العرش لا يقتصر معناها في اللغة على عرش المُلك فقط، فأصل الكلمة عَرَشَ وتعنى بنى وشيد وركب الخ وفعل كان لا يقتصر فقط على دلالة الماضي كظرف زمان محض فهي تشكل مع أدوات الحال مثل الواو جملة حالية (معترضة كانت أم منفصلة) منقطعة عن معنى الظرفية الزمانية السبقية، فمثلاً وكما جاء في الآية 7 المشار إليها من سورة هود قال تعالى ((وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)) واضح أن جملة (وكان عرشه على الماء) جملة اعتراضية حالية لوجود الواو كحرف حال وليس عطف مثل واو (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) ومن ثم فلم تدل كان في هذه الجملة الاعتراضية على أسبقية كون العرش على خلق السماوات والأرض! وحيث أنه من الثابت علمياً أن نشأة الماء جاءت بعد تكوين الأرض، بل إن هذا ثابت بالقرءان ذاته (والارض بعد ذلك دحاها* فأخرج منها ماءها ومرعاها) فقد وجد الذين يقولون بتفسير كان بمعنى الأسبقية في ورطة لا يحسدون عليها إذ كيف يكون العرش على ماء لم يتكون بعد!! فاضطروا للسفسطة الفارغة مرة أخرى للقول بأن ماء العرش المعني في سورة هود ليس هو الماء الذي نعرفه وانما ماء من نوع آخر!!! والتمس بعضهم العون من علماء الفيزياء مثل الفيزيائيين، باول مازور (Pawel Mazur) و وجورج شابلين (George Chapline). الذين جاءا بفكرة مائية اصل السموات والارض من خلال نظرية “الزمكان فائق الميوعة” ووفقا لهما، الزمكان في الواقع انما هو عبارة عن مادة فائقة الميوعة (super-fluid substance)، تقوم بالجريان كما تتمتع بعامل لزوجة قيمته الصفر.

    ونواصل لاعطاء مفهومي للعرش المختلف عما جاء بمقال الكاتب الأستاذ ثلاح فيصل ولا يفوتني تسجيل استهجاني الشديد لبعض التعليقات المتعالية الفارغة من بعض من يحرصون على إلصاق ألقاب علمية وبدلاً من عرض علمهم الافتراضي إن وجد لانرى منهم إلا هذه الفشخرة الكدابة كما يقول أولاد بمبة والفنطزة الفارغة كما نقول والعتبى للأستاذ صلاح فأمثال هؤلاء لا يستحقون الرد عليهم.

  18. تحاول ان تجعل تحليلك علمى لكن اقول لك القمر ليس منيرا انما عاكس للضوء مثله مثل غيره من الاقمار و الكواكب و انما المشع هو النجم و اما استواء العرش ان كنت تعنى المكانيىة و الثبوت فالكون كمادة يتمدد على مر الزمان حيث لا توجد حدود للكون- بهذا التفكير سوف تزرع الشكك فى كل من يقرأ مواضيعك و بدلا ان تكون داعى تكون منفر

  19. قال زول (( وقلنا كان على الإمام مالك ألا يقطع بتحديد معنى استواء الرحمن على العرش وهو الجلوس المعلوم إذا كان يجهل كيفيته))

    تعليق : من أنت يا زول ؟؟؟ حتى تتجرأ على قمة مثل الامام مالك!!!
    و ما هي مؤهلاتك العلمية حتى تتصدى لهذه الامور؟؟؟ من تعليقاتك ييتضح مبلغك من العلم!!!
    الامام مالك لم يحدد كيفية الاستواء و لم يقل ما يدل على أنه الجلوس .
    فرجاءا يا اخ زول الا تخلط الحابل بالنابل و الا تقول على امام جليل ما لم يقله .
    كل ما قاله الامام مالك هو أن الاستواء معلوم و لم يقل الجلوس و الاستواء هو النص الذي ورد في القرءان و لم يذكر الامام مالك كيفية هذه المعلومية , فلماذا يا زول تأتي بكلام من تصورك الخاطيء للأمور؟!!!

    منهج السلف في ايات الصفات أنهم كانوا يمرونها كما هي من دون تكييف او تعطيل, أما العبارات مثل ( يد حقيقية ) فهذه أتت فيما بعد و لم تكن كلمة (حقيقي او حقيقية ) تذكر في عهد السلف مثل مالك.
    جاء بسند صحيح عن الإمام مالك: رواه جماعة عن الهيثم بن خارجه عن الوليد بن مسلم أنه قال: سألت مالك بن أنس وسفيان الثوري والليث بن سعد والأوزاعي عن الأخبار التي جاءت في الصفات فقالوا: أمروها كما جاءت، وفي رواية قالوا: أمرها كما جاءت بلا كيف.

    مما يدل على صحة مذهب السلف مثل الامام مالك هو أن هذا كان مذهب الصحابة الذين تلقوا علمهم من رسول الله صلى الله عليه و سلم و معلوم ان ما بين الامام مالك و الصحابة جيل واحد تقريبا , فأقوى الاسانيد هو : مالك عن نافع عن ابن عمر

  20. الرد على ود الحاجة
    الأخ ود الحاجة مطروح تلخيص لأدبيات الموضوع للتأمل تمهيداً لطرح موقفي مع تأجيل موضوع الكرسي لما بعد ذلك.
    (1) ملخص عقيدة السلف (أشعرية ومعتزلة) حول الاستواء والعرش : منقول
    أولاً : أنواع الاستواء الوارد في لغة العرب الذين نزل القرآن بلغتهم :
    هناك نوعان : مطلق ومقيد ..
    فالمطلق : ما لم يقيد بحرف .. كقوله تعالى (( ولما بلغ أشده واستوى )) ومعناه : كمل وتم.
    وأما المقيد : فثلاثة أقسام :
    الأول : مقيد بــ ( إلى ) … كقوله تعالى (( ثم استوى إلى السماء )) ومعناه : العلو والارتفاع باجماع السلف …
    الثاني : مقيد بــ ( على ) …
    كقوله تعالى (( لتستووا على ظهوره ))
    وقوله تعالى (( واستوت على الجودي ))
    وقوله تعالى (( فاستوى على سوقه ))
    فهذا معناه : العلو والارتفاع والاعتدال باجماع أهل اللغة …
    الثالث : المقرون بــ ( واو ) المعية … كقولهم : استوى الماء والخشبة ..ومعناه : تساوى الماء والخشبة ..
    فهذه معاني الاستواء المعقولة …
    *** ثانياً : الاستواء الوارد في القرآن الكريم كصفة للرحمن عز وجل ورد بلفظين :
    – اللفظ الأول : (( استوى إلى )) وقد ذكر في موضعين من القرآن :
    أحدهما : قوله تعالى (( ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات )) البقرة : 29
    والآخر : قوله تعالى (( ثم استوى إلى السماء وهي دخان )) فصلت : 11
    قال أبو العالية : (( استوى إلى السماء )) : ارتفع ..
    لأنه قال قبل هذه : (( أأنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أنداداً ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى إلى السماء وهي دخان )) ( فصلت : 8-11 )
    وسورة فصلت مكية .. ثم أنزل البقرة وهي مدنية (( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات )) ( البقرة : 29 ) فلما ذكر استواءه إلى السماء كان بعد خلق الأرض وما فيها تضمن معنى العلو … لأن السماء فوق الأرض فالاستواء إليها الارتفاع إليها …
    (*) وقالت المعتزلة : أن معنى قوله تعالى (( ثم استوى إلى السماء )) أي : قصد إليها بإرادته ومشيئته بعد خلق ما في الأرض .. وهذا الوجه من أضعف الوجوه وأفسدها .. فإنه قد أخبر سبحانه وتعالى أن العرش كان على الماء قبل خلق السماوات والأرض .. وثبت ذلك من حديث عمران ابن الحصين رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( كان الله ولم يكن شيء غيره .. وكان عرشه على الماء
    وكتب في الذكر كل شيء .. وخلق السماوات والأرض )) ..
    فإذا كان العرش مخلوقاً قبل السماوات والأرض .. فكيف يكون استواؤه قصده إلى خلقه له ؟!
    – واللفظ الثاني : (( استوى على )) وورد في سبعة مواضع من القرآن الكريم :
    1- سورة الأعراف : (( إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش )) ..
    2- سورة يونس : (( إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى علــى العرش )) ..
    3- سورة الرعد : (( الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش )) ..
    4- سورة طه : (( الرحمن على العرش استوى )) ..
    5- سورة الفرقان : (( ثم استوى على العرش )) ..
    6- سورة السجدة : (( الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش ))
    7- سورة الحديد : (( هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش ))
    ومعنى قوله تعالى (( ثم استوى على العرش )) أي : علا عليه وارتفع …
    وهو منقول عن حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه .. وعن مجاهد وأبي العالية واسحاق بن راهويه ..
    واختاره شيخ المفسرين ابن جرير الطبري ..وهو قول أهل السنة وأصحاب الحديث … فإنهم يثبتون استواءه على العرش .. ولا ينفونه ولا يكيفونه كما نقل ذلك عنهم أبو الحسن الأشعري رحمه الله ..فنحن نجهل كيفية استواءه سبحانه .. لأننا نجهل كيفية ذاته
    (**) وأوّلت المعتزلة ومن حذا حذوهم الاستواء بالاستيلاء .. أي : استولى على العرش
    (انتهى النقل بتصرف)
    (2) كذلك للتأمل
    ملاحظة اقتران الاستواء في جميع الآيات الواردة فيها بصفة الرحمن دون صفاته تعالى الأخرى أو بخلق السموات والأرض وبما فيهما فما العلاقة والمغزى؟
    (3) للتأمل كذلك:
    صفتا العظيم والكريم في سياق الآيات : (فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ( براءة/129 ، و(اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) النمل/ 26 و(فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ )116/المؤمنون؛ هل هما صفتان لله تعالى أم العرش، أي هل يجب قراءتهما بكسر الآخر أم بضمه؟!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..