مقالات سياسية

محنتنا

والي الخرطوم منذ أن تولى أمر الولاية وهو دائماً في حالة حديث عن همومها و مشاكلها الكثيرة من خلال اللقاءات أو الاجتماعات أو ورش العمل التي تقام، ورغم إنه مضى على توليه مدة ليست قصيرة إلا أن كل المشاكل ما زالت تراوح مكانها ، وخاصة (النظافة ) فالولاة السابقون تركوا للوالي الحالي إرثاً ثقيلاً ولسوء الحظ هو أيضا لم يتعظ وماضٍ في نفس الطريق ، ملايين الدولارات تصرف والحال (ياهو) نفس الحال ، مع أن الأمر ليس بتلك الصعوبة، فأصل المشكلة أن حكومة الولاية تفكر خطأ وتنفذ خطأ ، وما صرفته من مال في مشاريع النظافة وحدها خلال 27 سنة يكفى لأن يؤسس لنظام نظافة متفرد لكل السودان ونستفيد بالمرة من ثروة النفايات المهدرة ، ولكن لا أدري لماذا (يمحننا) الوالي بمحنه سهلة الحل وكل مواطن مستعد للمساهمة في تجاوزها .

الأسبوع الماضي في ورشة عمل «تعزيز المبادرات المجتمعية من أجل النظافة» بحضور وزيري الحكم المحلي ورئيس المجلس الأعلى للبيئة والترقية الحضرية والريفية ومنسق عام اللجان الشعبية بالولاية ومنسقي اللجان الشعبية بالمحليات، وجه والي الخرطوم اللجان الشعبية بالعمل على تشجيع مشاركة المجتمع ومجموعات الشباب والمرأة في عملية النظافة وجعلها قيمة دينية وهماً وطنياً ومسئولية مجتمعية وظاهرة وسلوكاً حضارياً، وشدد على أن تقوم اللجان الشعبية بالدور الأكبر والاستفادة من كل آليات المجتمع لنظافة الأحياء والتشجير، ووجه الورشة بأن لا ينتهي العمل داخل القاعة .

بصراحة واحدة من أزمات الأحياء هذا العبء الذي يسمى لجان شعبية ، وقد سبق وأن تحدثنا عنها ألف مرة وبطلب من المواطنين الذين اشتكوا منها لطوب الأرض ولكن كعادة الحكومة لا تتمسك إلا بالفاشلين ، فاللجان الشعبية لا يتم اختيارها بحيث تمثل كل التنوع في الأحياء لتكون فاعلة ، بل أعضاؤها كلهم مؤتمر وطني وهم دائماً فاشلون في العمل العام ويشكلون عائقاً أمام المواطنين وسبباً في إفشال كل الجهود والأفكار النيرة التي تأتي من مواطني الأحياء ، صحيح هناك بعض منهم ممتازون جداً ويستحقون التقدير ونعلم إنهم يسعون ليل نهار لمصلحة الأحياء ولكنهم وسط الإحباط وتكسير الأجنحة لا يستطيعون فعل شيء ، وبعد هذه الورشة وكلام السيد الوالي لن يتغير الحال فما يوجه لهم من نقد أو نصائح أو تشجيع أو تحريض كله لا يفيد (المحرش ما بكاتل ) .

ليت السيد الوالي يقوم بحل اللجان الشعبية ويسمح لمواطني الأحياء بأن يختاروا لجانهم الخاصة بطريقتهم ممن يثقون فيهم وقادرين على العمل سوياً، فلولا اللجان الشعبية لما غرقت الخرطوم في النفايات ولعرف سكان الأحياء كيف يتكاتفون لحل المشكلة، اللجان الشعبية تشكل محنة حقيقية في كل الأحياء إلا من رحم ربي، فقبلها كانت الأحياء نظيفة بجهود سكانها .

نرجو من الوالي أن يعيد النظر في اللجان الشعبية إن أراد حلاً لمشكلة النظافة في الأحياء وإلا فإنه يمضي في طريق سلفه ويرتكب نفس الخطأ مع سبق الإصرار والترصد.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..