اختفاء أستاذة جامعية استقالت أمام طلابها وكتبت على اللوح: رواية العصابات المسلحة كاذبة

دخلت الدكتورة خولة حيدر حيدر، مدرسة مادة الرياضيات، إلى حصتها الدراسية في قاعة طلاب السنة الأولى – قسم الفيزياء، في جامعة دمشق، صباح الاثنين الفائت، ودونت بتأن على اللوح العبارة التالية: «إن رواية العصابات المسلحة في سوريا رواية كاذبة والجيش ورجال الأمن هم من يقوم بعمليات قتل المتظاهرين». وأعلنت أمام طلابها استقالتها من جامعة دمشق وكتبت اسمها وتوقيعها، فضجت القاعة كاملة بالتصفيق الحار لدقائق عدة.

لم يمر الموضوع مرور الكرام، كما روى أحد الطلاب، إذ سرعان ما «تقدم أحد الطلاب باتجاهها، وأبرز لها بطاقة أمنية محاولا اعتقالها، فما كان من الطلاب إلا أن أبعدوه عنها وقاموا بحمايتها وتهريبها خارج القاعة، من دون أن نعرف بعد ذلك مصير الدكتورة»، لافتا إلى أن «أعدادا كبيرة من رجال الأمن تجمعوا في حرم الجامعة وحولها».

وأكد ناشطون سوريون لـ«الشرق الأوسط» صحة ما ورد في شهادة الطالب المذكور، وأعربوا عن تخوفهم من اعتقال خولة من قبل أجهزة الأمن السورية والضغط عليها للظهور على شاشة التلفزيون السوري ونفي الخبر. ولفتوا إلى أن هذه الخطوة هي بداية انتفاضة الجامعات السورية (أساتذة وطلاب) ضد النظام السوري، والتي أعلنت في 27 سبتمبر (أيلول) تزامنا مع بداية العام الدراسي في سوريا.

ودعما لانتفاضة الشعب السوري التي اندلعت في 15 مارس (آذار) الماضي ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، كان ناشطون ومعارضون سوريون قد دعوا طلاب الجامعات السورية إلى «التظاهر بشكل يومي تأكيدا على رفضهم للدراسة في ظل النظام السوري وتأكيدا لاستمرار زخم الانتفاضة السورية». كما أنشأ ناشطون سوريون تجمع «انتفاضة الجامعات السورية» وهدفه «حشد الشباب والطلاب لتوسيع التظاهرات ضد النظام السوري»، ودعوا من خلاله طلاب الجامعات السورية إلى «تنظيم المظاهرات وجعلها يومية والالتحام مع باقي المظاهرات» في البلاد. وأعلن الناشطون عن «أحد انتفاضة الجامعات»، على أن تكون التظاهرات من داخل الجامعات أو من خارجها، على أن يحمل المتظاهرون اسم جامعاتهم.

وأعلنت «الهيئة العامة للثورة السورية» عن دعمها لانتفاضة الجامعات والمعاهد السورية، ورأت أن «ثورة يصنعها ويرسم مسارها الشباب» هي «ثورة لن يوقفها ظلم أو استبداد»، ودعت «قطاع الجامعات والمعاهد للانخراط بالثورة لأن لا علم من دون حرية». ووجهت الهيئة نداءً للطلاب في جميع الجامعات والمعاهد السورية للتظاهر يوم الأحد المقبل، قالت فيه: «نؤيد دعوتكم إلى انتفاضة عز وكرامة تهزون بها عرش الطاغية المستبد، وتضخون الأمل في شرايين الثورة وتضمّدون بها جراح أهلكم في كل أنحاء سوريا». وتابعت: «جاء دوركم الآن أيها الأحرار، اثبتوا للعالم أجمع أن نور العلم لا يمكن له أن ينتشر في عهد الاستبداد، وأنه لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس».

كما أعلن مجموعة من الشباب تشكيل اتحاد طلبة سوريا الأحرار، الذي من المفترض أن يضم طلاب الجامعات المعارضين لنظام الأسد والرافضين لبقائه. وأكد الاتحاد في بيانه التأسيسي أنه «منذ اندلاع الثورة الشعبية السلمية في سوريا في 15 مارس (آذار)، والطلبة من أوائل المشاركين في المظاهرات المطالبة بالحرية والكرامة، في مواجهة القمع والاستبداد وانتشار الفساد وهيمنة الحزب الواحد، وتحكمه بكافة مفاصل الدولة الذي يمارسه النظام السوري منذ عقود». ولفت البيان إلى أنه «نتيجة لاستمرار النظام الفاقد شرعيته في ممارسة القتل والتهجير والاعتقال الذي بلغ عدد ضحاياه عشرات الآلاف، ولأننا لم نكن بمنأى عن الحركة الوطنية عبر تاريخنا الحديث، وقد أثبتنا للعالم أجمع أن الطلاب هم في قلب الثورة ووقودها الذي لا ينضب، فقد آن الأوان أن تصل الثورة إلى أسوار كافة جامعاتنا».

وأعربت هذه المجموعة عن قناعتها بأنه «من الضروري وجود إطار تنظيمي يضم كافة الطلاب الثائرين، ومن هنا قمنا بتأسيس (اتحاد طلبة سوريا الأحرار) ليكون محطة ديمقراطية وسياسية ونقابية في حياة الحركة الطلابية السورية الحرة». ومن بين الأهداف التي يعمل الاتحاد على تحقيقها، «توحيد طاقات طلبة سوريا الأحرار في كافة الجامعات السورية، والعمل على تنظيم التظاهرات والإضرابات العامة في داخل الجامعات والمدارس وخارجها بشكل حضاري وإنساني والالتزام بمبادئ السلمية، والعمل مع قوى الثورة الأخرى على إسقاط النظام الفاقد شرعيته في ظل الحفاظ على الوحدة الوطنية، فضلا عن السعي لإقامة دولة مدنية ذات نظام ديمقراطي تعددي يكفل الحرية والعدل والمساواة لجميع المواطنين».

وكانت الجامعات السورية قد شهدت حراكا احتجاجيا واسعا في بداية الانتفاضة السورية، خصوصا في جامعتي حلب وحمص، إلا أن شراسة القبضة الأمنية وانتهاء العام الدراسي في ذلك الوقت خففا من وهج هذه الاحتجاجات، غير أن ناشطين معارضين لنظام الأسد يؤكدون أن الجامعات السورية تستعيد زخمها ومشاركتها في التظاهرات المنددة بالنظام السوري، وأن استقالة الدكتورة خولة حيدر من جامعة دمشق هي أولى البوادر، حسب الناشطين.

الشرق الاوسط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..