في مسؤولية الانفصال السّوداني

منذ تأسّست الحركة الشعبية لتحرير السودان عام 1983 حتى توقيعها اتفاق نيفاشا للسلام عام 2005، لم ترغب بالانفصال عن السودان، وإنّما بـ «إعادة صياغة منهج الحكم فيه وتفكيك قبضة المركز على الأقاليم». ولعلّ تاريخ الحركة ومحاولتها إشراك بقيّة القوى والفعاليّات السّودانيّة يدلان في شكلٍ أو في آخر على أنّها تعمل ضمن منظومة الفضاء السّوداني الموحد.
ولو قرأنا تاريخها لرأينا كيف أنها توصلت عام 1988 إلى اتّفاق سلامٍ مع الحزب الاتّحاديّ الدّيموقراطيّ إبّان حكومة الصّادق المهدي، ثم انضمّت عام 1990 إلى التجمع الوطني الديموقراطي الذي كان يشكّل المعارضة في شمال السودان. كما شاركت عام 1992 مع التجمع الوطني الديموقراطي في صياغة أوّليّةٍ للدّستور الانتقاليّ خلال اجتماعات عقدت في لندن.
والى ذلك خاضت مفاوضات سلامٍ مع حكومة الإنقاذ في 1997 أثمرت توقيع اتّفاق سلام في كينيا منهياً أكثر من 20 عاماً من الحرب الأهليّة. ثم، في شباط (فبراير) 2002 تمّ إعلان الوحدة بين الحركة والتّحالف الوطني السوداني بقيادة العميد عبدالعزيز خالد كخطوةٍ متقدّمة تجمع للمرة الأوّلى حركةً سياسيةً شماليّة مع أخرى جنوبيّة.
والواقع أننا اعتدنا على تحميل المسؤوليّة للجهة التي تنوي الانفصال ودرجنا على اعتبارها العامل المهدّد لكيان «الأمة»، ناسين أنّ المسؤوليّة هنا موزعة على طرفين، وذلك تبعاً لعددٍ من المعطيات:
1- الدولة هي الأولى بحمل هذه المسؤولية كونها صاحبة القوة والقدرة.
2- إنّ حكومة السودان عجزت عن بناء فضاءٍ ديموقراطي يتيح لكلّ المكوّنات أن توجد بحرية وأن تدافع عن مصالحها.
والحال أنّ المشاكل العالقة بين إدارة جوبا وإدارة الخرطوم لا تحلّ عبر إجراء الترقيعات، وإنّما عبر تحقيق الأمن والتنمية والحفاظ على مصالح الشعب والهويات المنضوية تحت راية الدولة. فعند ذلك يتعذّر على أيّ جهةٍ أن تطلب تشكيل دولة جديدة من دون تقديم مبررات قيامها. وانطلاقاً من ذلك، فإنّ حكومة السودان حين وقّعت اتّفاقية نيفاشا مع الجنوبيين عام 2005، إنّما كانت تقصد سحب البساط من تحت أقدام قيادتهم ممثّلة بالحركة الشعبية.
فالنيّة الحكومية كانت فرض السيطرة الحكومية على الجنوبيين من خلال تقديم الرشاوى والهدايا وبناء جيشٍ من العملاء في وقتٍ يحتاج الجنوب الى قيام الدّولة بواجباتها، مثل تأمين فرص العمل وإقامة مشاريع استثماريّة تعود فائدتها أوّلاً على أبناء هذا الجزء من البلد، ثم توظف مردودها في تحسين أوضاع المجتمع السوداني في شكل عام.
فاروق حجّي مصطفى *
* كاتب سوري كردي.
دار الحياة
كلام مؤسس وفي الصميم ولننظر لجميع الدول التي إنفصلت من الوطن الأم نجد الأسباب متقأربة ومتشأبهة مع مشكلة جنوب السودان والسؤال هل كان سيطالب الجنوبيين بالانفصال إذا كانو يشعرون حقا بأنهم يتمتعون بحقوقهم كأملة في بلدهم السودان.
مراقب جيد وكاتب موضوعي ,, الكارثة ان معظم كتاب العرب ابتعدوا عن الموضوعية في تناولهم لاوضاع السودان بدواعي عنصرية لا غير , هكذا هم ايضا ساهموا في انفصال السودان وحتي هذا الكاتب ان لم يكن تركي لما كتب بهذه الصدقية والموضوعية لا ن العرب يعتقدون دائما التفوق بالذكاء الخارق وايضا التفوق العرقي
انفصاليي الحركة الشعبية وعلى رأسهم سلفا كير بيتوا النية على الانفصال منذ اتفاق نيفاشا 2005 . كان د. جون قرنق يعد العدة من أجل الوحدة ولكن شرزمة معه كان تعمل في الخفاء من أجل الانفصال لذا كان لابد من ازاحة د. قرنق حتى يكون الطريق ممهدا من أجل ذلك . فكان سيناريو الاغتيال ولكل ذي بصيرة نافذة أن ينظر الى وجه موسفيني عندما تم توقيع اتفاقية السلام ليرى فيه كم كانت مأساة د. قرنق مدبرة . وقد قالها أحد أعضاء الحركة مباشرة بأنهم كانوا يستنون هذه السانحة للانفصال منذ فترة طويلة وقد أتت ومن يضع شماعة الانفصال على الانقاذ فهو مخطئ لأن اتفاقية نيفاشا لم تتحدث عن علمانية أبدا . ولكن ما يحزنني حقا بأن اغتيال د. قرنق راح فيه الكثير من الضحايا من الشماليين والجنوبيين دون ذنب اقترفوه بينما أفلت المجرمون الحقيقيون ولن تصلهم يد العدالة ولكن الله غالب على أمره