مقالات سياسية

ولكن… من يحكم حقيقة…. في سوريا ؟ا

ولكن… من يحكم حقيقة…. في سوريا ؟!

محمد عبد الله برقاوي..
[email protected]

كثيرا ما يوجه لاصحاب الأقلام و الكتاب الصحفين النقد من الأخوة المعلقين .. حينما يتجهون الي تحليل الأحداث التي تلهب الشارع العربي من مغارب المنطقة مرورا بجزيرتها العربية وحتي هلالها الخصيب..متهمين اياهم بالهروب الي الأمام..من مواجهة قضايانا السودانية المزمنة أو تلك التي ابتلانا الله بها مع مرور سنوات تحجر الأنقاذ علي أنفاس الوطن الجريح..ومنطقهم في ذلك ان الأقلام السودانية أن لم تحقن أوجاع جسدنا ببلسم مدادها أو علي الأقل تعكف علي تشخيصها…فانها تحرم علي الجيران ..
وحتي حينما نحاول الاتكاءة مع القاريْ في استراحة اسبوعية هروبا مؤقتا من سيرة البحر الي المواقف الطريفة أو الذكريات الأثيرة للنفس فا ن البعض يلاقيها بالآستحسان والابتسامة حتي لا نظلم الجميع ..بيد أن البعض الآخر نجده يكيل لنا سيلا من عبارات التقريع .. علي شاكلة أ صحي يابريش .. والحسانية في شنو الخ..
ونحن بالطبع ومن خلال الخبرة الطويلة في معاركة القلم ومصافحة عيون القاريء العزيز نعلم ان ارضاء الجميع..غاية لاتدرك.. فمثلما للتين قوم فللجميز أقوام..

ومع احترامنا لرأي الكل …لكن ما يحدث الآن علي وجه التحديد من حولنا لم يعد شأنا خارجيا بالمعني المفهوم بل هو يصب في قالب شأننا الداخلي .. باستقاء العبر وتعلم الدروس..لتشابه الحالات ..وان أبي المكابرون من كوادر الحزب الحاكم الذين يتصرفون مثلما كان القذافي يسخر من ثورات تونس ومصر .. وجاء بشار الأسد قبل ان يبلغه الدور ليزيد الي شعر ملك ملوك أفريقيا بيتا ويمد لسانه هو الآخر لثورة ليبيا واليمن..متباهيا بقربه من شعبه..واستحالة تحرك الشارع ضد نظامه المحبوب من كل السوريين..!
والآن تقف سوريا علي عتبات غارقة في الدماء والنعوش..فوجد الرئيس بشار الأسد نفسه في موقف يجعله دون ريب يتحسر علي كل ثانية من عمر حكمه الموروث منذ احدي عشرة سنة ولم يستغلها في احداث تغيير تدريجي واصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية كانت ستؤتي ثمارها لو انها غرست علي ارضية التعاطي باحترام مع شعب لطاما عاني وصبر علي ذل قوانين الطوارىء الدائمة..وهيمنة طائفة لا تمثل أغلبية التكوين الديمغرافي للأمة السورية..وبسط سلطة الحزب البعثي أحادي الاتجاه فوق الأنفاس عقودا..واعتصار قبضة الأمن التي أذاقتهم مرارة السنين..

ولعمري لو انه وهو الرئيس الشاب قد خطا ..خطوة واحدة في كل عام من تلك السنوات .. نحو شعبه وتطلعاته المشروعة لكان قد ملك أفئدة شريحة الشباب .. فما اضطروا لفتح صدورهم تحديا لرصاص الآلة الامنية التي يبدو انها هي الحاكمة والمتحكمة في مجريات الأمور سواء علي مستوي عرقلة نية الرئيس في احداث الاصلاحات ومنذ استلامه لدفة الأمور .. او علي مستوي السباحة عكس رغبته في عدم التصدي بهذا الشكل البربري الذي أوقع المئات في ظرف ايام قليلة .. مما يؤكد ان هنالك اكثر من مصدر للقرار في نظام الحكم السوري..؟

ويبدو جليا أن للآلة الأمنية الضاربة والمسنودة بالحرس القديم في الحزب الحاكم والمنتفعين من أصحاب المال الطفيلي اليد الطولي والغلبة .. علي جناح الرئيس الشاب الذي يقف مغلول اليد أو غير مطاع الأمر .. وهو ما تجلي في دموية وعنف مواجهة التظاهرات السلمية بعد يوم واحد من اصدار بشار الأسد لقرار وقف العمل بقانون الطوارىء.. فيما لم يتضح بعد ما اذا كان للجيش السوري رايا آخر حول ما يجري من صراع في اروقة الحكم وردهات الحزب ..بين النزق الأمني الباطش .. وصوت الحكمة السياسية ان وجدت هناك فعلا ..فيخرج كحصان أسود لحسم الصراع عند اللفة الأخيرة و الحرجة في السباق ما بين الشارع الهائج .. والسلطة المتصارعة .. وذلك قبل فوات الاوان ..ولعل الفرصة الأن تنداح أمامه ليثبت انه جيش الوطن والشعب وليس اداة للحزب والحكم.. فيتخذ موقفا ضد التوجهات التي اطلت براسها في درعا اليوم في محاولة زجه في مواجه المواطنيين وهو تطور خطير لو انزلقت فيه رجل الجيش السوري الذي ينبغي له أن يأخذ العبرة والدروس من من موقفي جيشي تونس ومصر حيال ثورتيهما الظافرتين..وهو ما ستسفر عنه احداث الأيام المقبلة في سوريا التي تمور كالمرجل..

..والي ذلك الحين يبقي السؤال الكبير معلقا بخيوط الدم التي تتمدد فاقعة في المشهد السوري الذي انفجر بعد أن استطاع شعبها ان يعلق الجرس اخيرا علي رقبة الشبل..
( من الذي يحكم حقيقة في منظومة السلطة السورية؟!)
أعان الله ابناء سوريا علي تجاوز المحنة التي تولدت عن تراكمات ما كان لها أن تظل نارا تحت رماد الي مالا نهاية .. انه المستعان .. وهو من وراء القصد..

تعليق واحد

  1. يا جــنا البــرقو

    واصل سيرك ولا يحبطنك …حسد الحاسدين ..فانت من القلائل الذين يمتلكون مجامع الكلم فى صحافتنا…ومقالاتك تنطلق من قوميتك ووطنيتك..

    وفقك الله…يا أخى

  2. تحليل واقعي رائع وقراءة ذكية واستخلاص نتنائج منطقية كما عودتنا يا برقاوي..
    وكلن سؤال يتبادر إلى الذهن من خلال تقييمك للحالةالسودانية بأنها لا تنفصل عن الحادثات من حولنا في الوطن العربي "الكسير"..
    هل ينطبق ما قلت به عن بشار الأسد على أمير ا لمؤمنين عمر البشير، وهل كان سيكون أفضل مما هو عليه الآن لو توفرت حوله جماعة غير هذه العصبة؟ أم أنه من نفس طينة عصبته. فلا خير فيهم ولاخير فيه!!؟.

  3. تناول جميل واتكاءة ظريفة ليست بعيدة عن محنتنا السودانية و القاسم المشترك هو المناداة بالعدل والحرية والمساواة والكرامة بل بالعكس انه مشهد يجب ان نتعلم منه– سيقول البعض: نحن علمنا الناس الثورات! نعم علمناهم ولكن العلم لاينضب معينه فالنتعلم اكثر. وبعد هيك مافى خوف زى مابقولوا اخوانا السوريون

    لك التحية استاذنا برقاوى.

  4. يعنى يا بريش زعلت انت ما عارف احنا قاصدين شنو

    شوف يا برقاوى احنا عارفينك وعارفين معدنك ومحتاجيين ليك فى محنتنا

    لو فى امكانيه انك تكتب مقال كل خمسه دقائق يكون كويس

    ونسمح ليك تحلم وتتكى من حين لاخر

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..