مقالات سياسية

شاي لبن المسكوب ..!

«معظم الناس هم ناس آخرون، أفكارهم اَراء شخص أخر، وحياتهم تقليد، وعواطفهم اقتباس? .. أوسكار وايلد ..!
(1)
متى يشرع عقلنا الجمعي في إزالة اللبسبين الجدارة الأكاديمية والوعي الاجتماعي .. بين مصادر المعرفة وساحات التطبيق .. متى يجتهد في فض الاشتباك بين علو الدرجات الأكاديمية وعلو سقف الأفكار والقناعات .. بين النضج الإنساني والذكاء العاطفي الذي تتطلب وجوده علاقات الزواج وما يدرس في الجامعات؟! .. نحن مجتمع يتقدم لخطبة الشهادة .. ويتزوج الصفة المهنية .. ويعيش تحت سقف واحد مع ?البرستيج? الاجتماعي .. مجتمع يستجدي معظم أفراده احترام الآخرين بعقد الشراكات المهنية الذكية لذلك ينتهون في الغالب جيران غرباء، تربطهم وحدة النسل والمصالح .. أما عري الروح وإفلاس الفكرة فأسرار يحفظها باب مغلق وتفضحها مشورة هاتفية في برنامج اجتماعي ..!
(2)
ما الذي طرأ على صورة الموت العادي في السودان حتى شرد معظم الناس نحو الموت الاضطراري على طريقة الصوفية ؟! .. ما الذي حدث لموتنا العادي – موت الله والرسول – الذي قال عنه الحسن البصري (فضح الموت الدنيا .. فلم يترك لذي عقل عقلاً)..حوادث الموت وأخبار الجرائم عندنا باتت قبلة للدارسين الاجتماعيين، والباحثين النفسانيين، مشروع دراسة القرن، وضالة الذين ينبشون في صور الموت كدلالة على المُتغيِّرات السلوكية في الشخصية السودانية .. الموت بيننا ماعاد مصيبة .. بل دلالة إفلاس سياسي .. وانحطاط أخلاقي .. وانحراف سلوكي .. وعنصرية مقيتة ?الحزن على موت الآخر محكوم بدرجته في سُلّم الانتماء العرقي?.. ما عاد الموت مصيبة، بل دلالة قسوة وجمود عاطفي ?تبدَّدت رهبته .. وأُريقت حرارته على مذابح التباهي .. وسُرادقات العزاء الفاخرة? .. أمتع جلسات ?الونسة? والنميمة السياسية وأحدث النكات والفضائح الاجتماعية، مكانها اليوم بيوت البكاء .. فالفاتحة إذاً على روح الموت ..!
(3)
لماذا يهزم الفساد عزم الحكومات عوضاً عن أن تهزمه القوانين؟! .. أحد زعماء أمريكا الجنوبية تبرع بإجابة دقيقة على هذا السؤال، عندما قال يوماً ?إن هزيمة الفساد شبه مستحيلة في دول تشجع تقاليد حكمها على الإفلات من المسؤولية عن طريق ثقافة منح الحصانة? .. الاتهامات دوماً متشابهة .. استغلال المنصب العام للتلاعب بالصفقات والعقود والعطاءات وقبول الرشاوى .. تجاوز القوانين لتسهيل حركة المعاملات .. الاستفادة من المركز الوظيفي في الاحتيال على المال العام .. توظيف الأقارب والبطانة من الموالين دون وجه حق، من أجل غايات شخصية .. مهما تفاوتت لن تخرج أبداً عن دائرة سوء استغلال المناصب .. صحيح أن الحصانة لا تعفي المسئول من الدخول تحت مظلة القانون لكنها تمنع اتخاذ إجراءات ? بعينها – ضده، وتبقى عائقا في وجه تحريك الدعاوى، وعليه، لا فرق يذكر ? أحياناً – بين الحصانة والقداسة في ظل بعض المواد الإجرائية الممنوعة من الصرف ..!
(4)
ليس صحيحاً أبداً أن سياسة المعاملة بالمثل بين الدول ينبغي أن تخضع لتوازنات القوى واعتبارات ما قد يخفي من الصفقات الدبلوماسية .. ليس صحيحاً أبداً طالما أن الإحراج شعور دولي .. وطالما أن الاهانة سلوك دولي .. تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل هو أول وأولى خطوات الحفاظ على الكرامة الدولية .. معلوم أن تكافؤ المقامات شيء وأن توازن القوى شأن آخر ..ومن يهن يسهل الهوان عليه .. هذا المفهوم ? بكل أسف – لا تشتمل عليه المقررات القديمة في مناهج سياستنا الخارجية ..!

منى أبو زيد
اخر لحظة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..