غابة والناس حطّابة

بشفافية

غابة والناس حطّابة

حيدر المكاشفي

لو حاولت أن أعدد فوائد الغابات المباشرة وغير المباشرة لما وسعتها هذه المساحة، بل ولما كفتها كل صفحات الصحيفة من اللوقو وإلى آخر سطر في الأخيرة، ولكن عزائي أن هناك دعاءً شعبياً صادقاً تدعو به الأمهات والجدات لمن ينال أو تنال رضاءهن من الاولاد والبنات والأحفاد والحفيدات، فتقول الواحدة منهن لمن يحوز أو تحوز عفوها ورضاها وأعجابها «إن شاء الله يا يابا تبقى غابة والناس حطّابة» وبالصيغة المؤنثة إذا كانت المدعو لها من بنات حواء، ومؤدي هذا الدعاء المبروك أنه يتمنى لهذا الابن البار والبنت الوفية الخير الوفير والفضل العميم بما يجعلهما موئلاً وملاذاً ومقصداً لكل الناس، من إحتاج إلى عون مادي ومن إحتاج إلى رأي سديد، وهكذا جسّد هذا الدعاء كل هذه الفضائل والجمائل في «الغابة» وهي فعلاً كذلك فاضلة ومعطاءة بلا حدود تفيض بخيرها على البشر والحجر والحيوان، تعطي كل شيء ولا تأخذ أي شيء، ولهذا سنكتفي في هذه العجالة من فوائد الغابات الجمة والعديدة بهذا الدعاء الجامع المانع، فبماذا يا تُرى ستدعو الأمهات والجدات على من يجتريء على حق الغابات في الوجود ويجور عليها، لا شك أنه دعاء موجع لن يكسب معه المدعو عليه أي خير، وهل يكسب خير من يقلع بآلياته ما زرعه الله بمشيئته، وفي الحديث «إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فان استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليغرسها»…
أنا لا أعجب من «فعايل» وحدة تنفيذ السدود بقدر ما أتعجب من هذه السطوة النافذة التي يتمتع بها المسؤول الاول التابعة له هذه الوحدة وهو الوزير أسامة عبد الله، من أين يستمدها ولماذا وبأي حق يجعله يعلو على كل الحقوق الأخرى، كلما هرع إلى الرئيس يستنجد به نجده، وكلما طلب منه شيء أجاب طلبه، وكلما سأله قرار أصدره له، ولسنا هنا ضد السدود والمطارات وكل المنشآت التي تنهض بها هذه الوحدة، ولكننا بالتأكيد ضد أن تنهض على أجساد الآخرين بشراً كانوا أو شجر، أن تقوم سدودها بلا إعتبار للبشر وتتمدد مطاراتها بجز جذوع الشجر دون حاجة قصوى أو ضرورة ملجئة لإيقاع هذا الضرر، فأي تنمية هذه تلك التي تستخف بالانسان وهو رأسمال أي تنمية بل هو مبتدؤها وخبرها، وأي تنمية هذه تلك التي تزيل الغطاء النباتي لتقيم في مكانه مطاراً أجرداً في منطقة هي أصلاً مهددة بالتجريف والتجريد من كل ما هو أخضر، حدث ذلك في مروي وأمري وكجبار ويحدث الآن مع غابة الفيل ولا ندري غداً أين يكون، فما دامت هذه الوحدة ما زالت على دلها ودلالها وتيهها فلن تكف عن ممارسة الاستعلاء على الآخرين ولن يردعها وازع من أن تسحق كل من يقف أمامها ولو طلباً لأخذ المشورة وتداول الرأي ليصح في النهاية ما هو صحيح، إن كان لها فبها ونعمت، وإلا فلتعترف بالخطأ قبل أن يصبح خطيئة، وإن لم يكن أمر هذه الوحدة هو محض قوة وسطوة وبسطة في النفوذ والنقود، فليقل لنا ناصح أمين ما حاجتها لمطار تقيمه على حساب أرض غابة الفيل وهناك مطار العزازة الذي لا يبعد عن مطارها المقترح سوى ثلاثين كيلومتر يمكن أن يقطعها من يسير «كداري» في فركة كعب، لماذا تتجاوز هذا المطار وبامكانها أن تضيف له ما شاءت، وتضع عينها على هذه الغابة فقط، وماذا تفيد المطارات والسدود التي تبنيها الوحدة إذا كانت تفعل ذلك على حساب الطبيعة ورغم أنف البيئة، فحين تصبح الارض بوراً وبلقعاً أملس، وصحراء صلعاء جافة وطاردة ويهجرها الانسان والحيوان عندها لن يكون لهذه السدود والمطارات أي قيمة، ولكن يبدو أن حدود نظر ادارة السدود لا يتعدى أرنبة أنفها ويهمها فقط أن تنجز الآن لتجد الثناء الآني دون النظر للمستقبل القادم والذي لا شك أنه بـ «فعايلها» هذه سيكون قاتم… تلك هي سيرة وحدة السدود ولكن ما بال الرئيس يسايرها ويميل معها أينما مالت وكأنها المحجة البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك…

الصحافة

تعليق واحد

  1. اخى ود المكاشفى لك الود .. مقالاتك ومقالات ود عووضة وود ساتى لو وجدت أذن
    صاغية لآصبح الوطن غير الوطن ولكن البدريين بعيدين كل البعد عن الوطن والوطنية
    والسبب الذى يجعل الرئيس يساير ويميل محل مامال اسامة عبد الله .. لآن اسامة
    عبد الله متزوج شقيقة وداد زوجة الرئيس .. والشغل شغل نسوان الرجال تبعد بعيد
    وما الحال البائس الذى وصلنا اليه إلا ونون النسوة كان سبباً

  2. يازول كدي اقيف حبه!!!
    الهيئة القوميه للكهرباء فرتقوها سلك سلك.
    والمدير الكان فيها نقلوهو السكه حديد .
    بعد داك الكهرباء بقت 5 شركات وكل شركه عندها من المدير للغفير.
    انتظر!!!
    بعد داك ناس الكهرباء شالو منهم الكهرباء المنتجه بواسطة السدود .
    طيب خلوا لي ناس الكهرباء شنو؟
    3/4 الكهرباء في السودان توليد مائي..
    أنا أقترح إضافة ال 1/4 الباقي المنتج بواسطه الوابورات ومصفاة الجيلي إلى هيئة تنفيذ السدود التابعة لرئاسة الجمهورية.
    أفيدونا…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..