منازل الظعائن(2)

منازل الظعائن.. تصاريف القدر في رحلة السنين من بادية الكبابيش إلى أربع من قارات العالم.. هو كتاب السفير الدكتور إبراهيم البشير الكباشي.. عندما فرغت من قراءته سيطرت علىَّ رغبة ملحاحة في أن احدث قراء صدى عن هذه التجربة الفريدة والرحلة الجامعة..
٭ صحيح كما قال المؤلف انها تصاريف القدر لكن الاعمق هو دلالة هذه الرحلة ومؤشراتها.
٭ في العام 9591 دلفت إلى عالم جديد عالم المدرسة الاولية وكان علىَّ أن اتكيف مع نظمها الصارمة وأسلوب السلوك التقويمي الرتيب كانت مباني فصول الدراسة من الحجر والاسمنت والسقوف من الزنك المطلي بطلاء ابيض ولم يكن في حمرة الشيخ ما يضاهيها من مبان إذ أن مباني المنطقة تشيد من أعشاب المرخ والمحريب وأما داخليات المدرسة فكانت كسائر مباني البلد من قطاطي وكرانك من العشب الجاف قبل أن تشيد في عام 0691 بالمواد الثابتة.. كان ذلك أول فراق لاسرتي وعلىَّ أن اعتمد على نفسي في كل لوازم الحياة.. الداخليات معدة للنوم على سرر منسوجة من الحبال (عناقريب عليها بطانية من الصوف سوداء) ثم ما لبثت العناقريب ان تآكلت فصرنا ننام على الارض نتوسد ليلاً الرمل خارج العنبر.
٭ مؤلف الكتاب قسم المحتويات إلى منازل بلغت تسعة عشر منزلا، المنزل الرابع كان في صناعية الابيض فبعد ان جلس إلى الامتحان للدخول للمرحلة المتوسطة قبل في مدرسة الابيض الصناعية التي وصلها بعد انقضاء شهر من العام الدراسي لعدم سماعهم للنتيجة الا بعد الرحلة على ظهر المكبسر وهنا وفي السنة الثانية قرر إبراهيم ومعه تلميذان آخران الجلوس لامتحان المدارس الثانوية للمساقين في آن واحد.. ونجح بالفعل ليلتحق بوادي سيدنا ثم بحنتوب.
٭ المنزل السادس في الجامعة.. فقد التحق المؤلف بجامعة ام درمان الاسلامية وكان قد تزوج وهو في حنتوب الثانوية جاء في المنزل السادس..
في العام 4791 ولدت ابنتي بتول واصبحت زياراتي للأهل غرب دار الكبابيش متقطعة وكذلك ارتباطي القديم برعي البهائم وسقياها انقسم وقتي بين جزئين دراسة الجامعة مع تكاليف الإنتماء التنظيمي وقتها.. والتدريس في المدرسة التي أعمل بها واحرص على إمضاء أي عطلة مع أسرتي في الحمرة.
٭ بعد التخرج في الجامعة بدأ المنزل السابع في اليمن التي سافر اليها وعمل بها لمدة قصيرة قال لبثت شهرين في مسور خولان حتى عاد الينا ذات صباح زميلنا حسن مصطفى وكان قد سافر إلى صنعاء لأمر يخصه ببرقية من جامعة ام درمان الاسلامية تخطرني فيها انني قد استوعبت مساعداً للتدريس بقسم العلوم السياسية ويلزمني الحضور فوراً لإكمال التعيين ومن ثم الابتعاث لنيل درجتي الماجستير والدكتوراة. في ضحى اليوم التالي اصطف تلاميذ خولان ومن كان حاضراً ينشدون لي اناشيد الوداع ومع ان مدة العقد سنة كاملة إلا أن الإدارة المتعاقد معها تفهمت المصلحة الظاهرة في إنهاء العقد.
٭ المنزل الثامن.. في اثنز ولاية اوهايو الامريكية.. وهى المدينة التي ذهب اليها لتحضير الماجستير وكعادته سجل دكتور إبراهيم هذه التجربة الحية التي غالب فيها الظروف وتعايش معها بيد انه اصطحب اسرته الصغيرة.. قال (في يوم السفر خرجت جموع كبيرة من قرية الكبابيش لوداعنا وداع يشبه التشييع إلى مثوانا الأخير دموع النساء منهمرة وقلوب كثير من الرجال متوجسة من عواقب هذه المغامرة فلم يسبق لأحد منهم تجربة على شاكلة ما أنا بصدده من سفر لذلك البلد القصي المجهول الذي ما عرفه الشباب إلا من خلال سينما هوليود وقبيل صعودنا السيارة إلى المطار همست والدتي قائلة أوصيك على هذه الطفلة الصغيرة أنتم تتحملون الصعاب لكنها لا تتحمل.. وربما جال بخاطر أمي صعابنا القديمة في نشوقنا غرباً ونحن نعبر كربة الحتان عبر مفرح هيافة
أواصل مع تحياتي وشكري

الصحافة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..