والشعب «صوتيٌّ» على دين ملوكه

تناولت على مدى ستة مقالات متتالية، حال قادتنا السياسيين، وكيف أنهم، وفي التحليل الأخير ظواهر صوتية: يقولون ما لا يفعلون، ويلحسون كلامهم، والذي يقولونه نهارا يمحوه الليل، وحيلتهم قليلة وخشومهم بليلة، وقلة الحيلة عندهم طوعية ? إرادية، بسبب عزوفهم عن تملُّك أدوات القيادة الحقيقية، التي تجعلهم خُدّاما للشعب لا عالة عليه.
ولأنه إذا كان رب البيت وسيِّده ضاربا للطبول، فمن البدهي أن تكون شيمة ساكني البيت الرقص والهجيج والضجيج، فإن شرائح مقدرة من الجماهير استحْلت واستعْذبت أن تكون ببغاوات عقولها في آذانها، فطفقت تردد ما يقوله الأرباب والسادة: حزب الأمة لن ينهار (حزب الأمة لملم هار) .. (داون داون يو إس إيه )..(داون داون يونس إيه) .. السيد علي فوقي الجدو النبي فوقي ..يا إسماعيل الأزهري يا كراماً بررة (كذا والله سمعت البعض يهتفون).. لن يحكمنا البنك الدولي (والمشتهي الحنيطير يطير)، وحكى لي صديقي النويراوي الراحل مناسا ابراهام يار، كيف أنه خرج مع الآلاف التي توجهت الى مقر مجلس الوزراء، بعد صدور بيان 9 يونيو (1969)، الذي كان جوهره الاعتراف التام بالمظالم التي وقعت على أهل جنوب السودان وبالتالي أن من حقهم أن ينالوا «الحكم الإقليمي» بصلاحيات واسعة، وكان محترفو التظاهر يهتفون: لا جنوب بلا شمال ولا شمال بلا جنوب، فيهتف الجنوبيون المشاركون في الموكب بحماس وانتشاء: لا جنوب ولا شمال ولا شمال ولا جنوب (وضحكنا على ذلك وقتها، ثم اتضح أن أولئك البسطاء، ومن حيث لم يقصدوا تنبأوا بما سيحيق بالسودان على يد نميري ومن سيخلفونه على كرسي الحكم).
ولن أستطيع إيراد نماذج لهتافات ترنمت بها الحناجر في النصف الأول من عمر حكم الإسلاميين (وإن شئت قل «الإنقاذ»)، كي لا تنفتح في وجهي أبواب الجحيم، وينهش الخطباء لحمي، باعتبار انني استخف بدعائم الشرع، ويقولون في حقي أكثر مما قاله الأستاذ الطيب مصطفى في الزميلة شمائل النور، أو ما قالته هيئة العلماء في أمر الزواج بالتراضي والذي أصبح قضية جوهرية ومصيرية لا سبيل الى تنمية أو تطور اقتصادي واجتماعي دون الانتصار لوجهة النظر تلك أو هذه
ولا تثريب على الجماهير، في أن تصبح بدورها ظاهرة صوتية كقادتها، فدورها في التصويت حاسم، والتصويت في الانتخابات يسبقه التصويت في مهرجانات الكلام، فصاحب الصوت الجهور يقدر على التلاعب بعواطف الجمهور، عندما يعِدَها بأنها «ستودِّع عصر الكارو وتنتقل الى عصر الحنطور، وباستعادة حلايب متى ما توفرت سيوف الطرور، التي يجري تطويرها بموارد ذاتية بإعادة تدوير النفايات والكرور»
فيما مضى، كان البوبار والنفخة ممارسة قبلية متوارثة من عصور الحروب الداخلية بين العشائر، ثم تحول الأمر بتشجيع حكومي الى ممارسة «قومية» فنحن نحب الحارة، ونأكل الجمر، ومن «يدور الدم يجي عندنا»، ولو عذرنا القبائل والعشائر التي ليس لديها سوى التراث الشفاهي المتوارث، في تباهيها بنبل وشجاعة أفرادها، وهو في معظمه جعجعة في الفاضي، فما قولك في متعلمين «مستنيرين» يقولون كلاما مثل «نحن من نفر عمروا الأرض حيثما قطنوا»، فتردده الملايين كما الشهادتين، ولا نسأل أنفسنا «شن عمرنا؟»
وفي يناير من كل عام يشدو وردي «اليوم نرفع راية استقلالنا»، ويتمايل الشعب السوداني في اجماع رائع وصادق، مع لحن يوافق الكلمات، ولكننا لا نتوقف عند متن النشيد الذي يتحدث عن رجال كالأسود الضارية، خاضوا لهيب معركة كرري، وهي البطولة التي بهرت حتى ونستون تشيرتشل الذي غطى تلك المعركة كمراس حربي، ولكن أنهم «شتتوا كتل الغزاة الباغية»، وما لان فرسان لنا بل فرَّ جمع الطاغية، ما يصير تزييف التاريخ في يوم خروج الغزاة من البلاد بعد 57 عاما من معركة كرري.
الصحافة
صدقت
نحن شعب ..ذاكرتنا ضعيفه أو خلق منا ذلك حكامنا والمطبلين لهم..
في العام 1971 أرسل نميري باخرتين…. سودانيتين… الباخرة الجزيرة والباخرة سنار…
كل باخرة كانت تحمل ألف رأس من الخرفان من ضمنها مأية نعجة….!!
هدية خالصة- من نميري- بما فيها أجرة الترحيل لصاحب السمو الملكي الشيخ زائد بن نهيان..
ذلك الوقت كانت بلادهم صحراء قاحله ..حتي الخراف عندما أنزلوها من الباخرة كانت تتمني لو يرجعوها لأن في كل باخرة كان عليها ماء و علف يكفيها لشهر كامل… كما حكي لي أحد ملاحيها..
سبحان الله ..
صدقت
نحن شعب ..ذاكرتنا ضعيفه أو خلق منا ذلك حكامنا والمطبلين لهم..
في العام 1971 أرسل نميري باخرتين…. سودانيتين… الباخرة الجزيرة والباخرة سنار…
كل باخرة كانت تحمل ألف رأس من الخرفان من ضمنها مأية نعجة….!!
هدية خالصة- من نميري- بما فيها أجرة الترحيل لصاحب السمو الملكي الشيخ زائد بن نهيان..
ذلك الوقت كانت بلادهم صحراء قاحله ..حتي الخراف عندما أنزلوها من الباخرة كانت تتمني لو يرجعوها لأن في كل باخرة كان عليها ماء و علف يكفيها لشهر كامل… كما حكي لي أحد ملاحيها..
سبحان الله ..