إن في الصمت كلامٌ

حاولت في مقالات سودت بها هذا الركن من الصحيفة لثمانية أيام متتالية، إثبات أن زعماءنا السياسيين ظواهر صوتية، تجعجع ولا تُخرِج طحينا، لتحقق غاياتها من الوصول الى الكراسي، وتطحننا نحن المواطنين، بعد أن كانت تعدنا بالسلوى والحلوى، ولكننا نعرف أن هناك قادة سياسيين ? بارك الله فيهم ? اختاروا الابتعاد عن المنابر والمايكرفونات والشاشات، ولعل أبرزهم هو إمام الأنصار السيد الهادي المهدي، الشقيق الأصغر للإمام السيد الصديق المهدي، والد الإمام السيد الصادق المهدي، ورشحه لإمامة الأنصار السيد عبد الله الفاضل المهدي، وهو من القيادات التاريخية العاقلة لحزب الأمة.
لم يمارس الهادي اللقلقة قط، كزعيم لأكبر حزب سياسي في البلاد، وحتى وهو يتأهب لترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية، في مواجهة إسماعيل الأزهري وبابكر عوض الله «عن القوى الاشتراكية» لم يعمد الى تسويق نفسه بالكلام في الفاضي او حتى المليان، وفي جميع صوره نرى الهادي بالجبة والقفطان، في زمن كان فيه ساستنا يقشرون بالبِدَل الكاملة والكرافته، ولذا كان الكثيرون يحسبون أن الهادي رجل «بلدي»، بمعنى أمي قام من نومه ولقى كومه، وما لا يعرفه أولئك الكثيرون عنه، أنه كان حسب ما أفاد من جالسوه، طلق اللسان بالعربية والإنجليزية، ولا عجب فقد نال تعليما متقدما في كلية فيكتوريا في الإسكندرية، وهي الكلية التي درست فيها النخب العربية ومن بينها الملك حسن عاهل الأردن الراحل، والملك السعودي فيصل، والمفكر الفلسطيني الأمريكي إدوارد سعيد، والصادق المهدي، وشاعرنا الفذ حسن عوض أبو العلا «أصيب بشلل رباعي بعد ان اصطدم رأسه بصخرة في البحر المتوسط أثناء محاولة للغطس، وكتب عن تلك التجربة «سفري السبب لي أذايا» التي تغنى بها أحمد المصطفى، وكان بطل رواية «حارة المغنى Lyrics Alley» للروائية ليلى أبو العلا».
وفي حزب الأمة، كانت هناك شخصية تماثل عبد الله الفاضل في الاستقامة والنظافة في العمل السياسي، هو السيد عبد الله عبد الرحمن نقد الله، ولم يعرف السودان منذ الاستقلال وزيرا للداخلية، أجمعت جميع الأحزاب على احترامه لمهنيته والتزامه بروح ونص القانون، لإعلائه شأن الوطن فوق شأن الحزب
وكان الحزب الوطني الاتحادي «الاتحادي الديمقراطي»، يضم نُخُبا عالية التعليم، تتمتع بطلاقة اللسان دون الميل الى الهترشة «مبارك زروق ونصر الدين السيد وسيد أحمد الحسين ومحمد أحمد المرضي وغيرهم»، ومن باب الإنصاف أن نقول إن ذلك الحزب، وبعد ان صار إقطاعية لآل الميرغني، انصرف عن الكلام نهائيا، والسيد محمد عثمان الميرغني وشقيقه الراحل أحمد الميرغني لم يكونا قط عاشقين للمنابر الخطابية، «هناك تصريحات قصيرة تنسب لمحمد عثمان الميرغني بين الحين والآخر، ويتم نفي معظمها لاحقا»،ويفسر هذا لماذا يدير الميرغني الأكبر اليوم شؤون الحزب بالواتساب، ولكن نجله السيد محمد الحسن الميرغني وجد نفسه مساعدا لرئيس الجمهورية بلا أعباء، فصار يملأ وقته بالهجوم على من يعتبرهم خصوم الحزب وهكذا أعمل سيف العُشَر، لاجتثاث رؤوس من تبقى من القيادات التاريخية للحزب.
ومن السيد الحسن الميرغني عرفنا ان الحزب الاتحادي صار مخبأً لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، وربما كشف عن ذلك، لأنه نال تعليمه في جامعة أمريكية، ورأى أن يكشف عن الدواعش من باب رد الجميل للأمريكان، فينقلونهم الى غوانتنامو وبارك الله فيمن نفع واستنفع «يتخلص الحزب منهم والأمريكان سيم سيم»، وكي لا يتهمه أحد بأنه معني بشؤون الحزب وغير عابئ بشؤون الوطن أعلن عن برنامجه الإعجازي، بحل جميع مشكلات البلاد بالاستيكة خلال 180 يوما، والغريب في الأمر أن ذلك البرنامج الثوري، لم يتم تضمينه في مخرجات الحوار الوطني والتعديلات الدستورية، رغم أنه المخرج من كل الأزمات، وينبغي أن يحظى بنفس الأولوية التي يحظى بها موضوع الزواج.
الصحافة

تعليق واحد

  1. ابو الجعافر أمضى ما يقارب 50 سنة يعمل (ترجمان) في دول الخليج ما ترك دولة واحدة من دول مجلس التعاون إلا وارتزق فيها ومع ذلك يجهل أبسط قواعد لغة العرب فيجعل عنوان مقاله هذا:

    (( إن في الصـمت كلامٌ ))

    هكذا من غير أن يستحي على وجهه ؟!!

  2. ابو الجعافر أمضى ما يقارب 50 سنة يعمل (ترجمان) في دول الخليج ما ترك دولة واحدة من دول مجلس التعاون إلا وارتزق فيها ومع ذلك يجهل أبسط قواعد لغة العرب فيجعل عنوان مقاله هذا:

    (( إن في الصـمت كلامٌ ))

    هكذا من غير أن يستحي على وجهه ؟!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..