ماهي ابعاد ضربة مصنع اليرموك؟

بقلم : تاج السر عثمان

جاءت ضربة اسرائيل لمصنع “اليرموك” الحربي بالخرطوم لتشكل حلقة جديدة في الأزمة الوطنية العامة التي ازدادت تفاقما بعد انقلاب 30 يونيو 1989م الذي اذل شعب السودان ونهب ممتلكاته ورفع يده عن خدمات التعليم والصحة ودمر مؤسساته العريقة مثل: السكة الحديد ومشروع الجزيرة وبقية المشاريع الزراعية والنقل النهري والخطوط الجوية السودانية ونظام التعليم الذي كان يضرب به المثل في جودة مستواه ، والخدمة المدنية. وشرد الالاف من خيرة الكفاءات السودانية من أعمالهم، واعتقل الالاف ومارس عمليات التعذيب حتي الموت للمعارضين السياسيين، واشعل الحرب الجهادية في الجنوب وجبال النوبا والنيل الأزرق والشرق..الخ، مما ادي الي مقتل الالاف من المواطنين وحرق مئات القري ونزوح الملايين من ديارهم. اضافة الي اشعال الحرب في دارفور والتي راح ضحيتها 300 ألف مما ادي الي طلب مثول رأس الدولة امام محكمة الجنايات الدولية.

وحتي بعد توقيع اتفاقية نيفاشا استمرت ممارسات النظام الارهابية والقمعية ومصادرة حرية التعبير والصحافة، والسياسات الاقتصادية التي زادت شعب السودان فقرا، والتفريط في السيادة الوطنية، بسبب سياسات النظام الهوجاء والتي فتحت الطريق أمام تنفيذ خطة امريكا لاحتلال السودان وتقسيمه الي دويلات بدءا بفصل الجنوب بهدف تهب ثرواته وموارده التي تتلخص في: النفط واليورانيوم والكروم والذهب والنحاس والاستثمارات الزراعية..الخ.

اذن سياسات النظام الخرقاء التي فرطت في وحدة البلاد وربطتها بمحاور خارجية ( محور ايران، حماس ، حزب الله، الصين ، روسيا..الخ)، وكرست الظلم والفساد واشعلت الحروب الأهلية باسم الدين، هي التي فتحت الطريق للتدخل الأجنبي.
وكانت الضربة الاسرائيلية لمصنع اليرموك الحربي التي روعت المواطنين القاطنين بالقرب من المصنع واحدثت اضرارا بليغة بمنازلهم وممتلكاتهم وصحة الييئة بالمنطقة، اضافة الي خلل قيام المصنع في منطقة سكنية، وفشل النظام في حماية السيادة الوطنية ، ولاسيما أن هذه الضربة هي الخامسة بعد ضربة مصنع الشفاء وثلاث ضربات في شرق السودان لشحنات أسلحة زعمت اسرائيل أنها كانت مرسلة عبر السودان الي حماس وحزب الله.

وبالتالي يتحمل النظام الحاكم المسؤولية في جعل البلاد مكشوفة برا وبحرا وجوا مما جعلها سهلة الاختراق ، ولقمة سائغة للعدوان الاسرائيلي علي الاراضي السودانية. ونسمع الآن عن رسو سفينتين عسكريتين ايرانيتين في ميناء بورتسودان ، بعد الضربة الاسرائيلية لمصنع اليرموك الحربي، مما يشير الي خطورة أن يتحول السودان الي مسرح لعمليات عسكرية بين اسرائيل وايران في المنطقة والتي سوف تكون علي حساب الشعب السوداني الذي انهكته الحروب الأهلية والفقر والأمراض، وتمزيق وحدة البلاد.

وبعد ضربة مصنع اليرموك وصف عامود جلعاد، رئيس الهيئة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الاسرائيلية، السودان بأنه دولة ارهابية خطيرة ، بينما وصف الرئيس السوداني عمر البشير بأنه مجرم حرب، وقال: ان السودان كان دائما قاعدة عمليات لزعيم القاعدة الارهابي السابق اسامة بن لادن. النظام السوداني مدعوم من ايران ، وأراضيه تشكل نقطة عبور من خلال الأراضي المصرية لنقل أسلحة ايرانية الي ارهابي حماس والجهاد الاسلامي في غزة.

هذا اضافة لحادث مقتل السفير الأمريكي في ليبيا في سبتمبر الماضي علي يد متشددين ومخاوف امريكية اسرائيلية من أن يكون السودان بوابة جماعات تعتبرها ارهابية للحصول علي الاسلحة، ولاسيما أن ضربة مصنع الشفاء عام 1998م في الخرطوم جاءت بعد حادث تفجير سفارتي الولايات المتحدة في تنزانيا وكينيا، بسبب اعتقاد الولايات المتحدة الأمريكية: أنه كان ينتج مكونات تدخل في صناعة اسلحة كيميائية.

لقد دخلت الازمة الوطنية العامة في منعطف خطير بعد ضربة مصنع “اليرموك”، والتي كانت تراكما كميا لسياسات النظام الخارجية الخاطئة منذ تأييد النظام لاحتلال العراق للكويت في اوائل تسعينيات القرن الماضي والتي كان من نتائجها عزلة النظام خارجيا، والدخول في محاور ارهابية مثل: المؤتمر العربي الاسلامي، ومجلس الصداقة الشعبية العالمية، اضافة الي محاور الصين وروسيا وايران، والتي سببت اضرارا بسياسة السودان الخارجية التي قامت بعد استقلال السودان علي رفض الدخول في الاحلاف العسكرية ، والدفاع عن السيادة الوطنية، واستمر هذا الوضع الي أن جاءت الانظمة العسكرية ( عبود ، النميري، البشير) التي فرطت في السيادة الوطنية، اما نظام البشير فقد ضرب الرقم القياسي في انتهاك سيادة البلاد الوطنية، حتي تم تمزيق وحدة السودان، واصبحت البلاد مهددة بالمزيد من تمزيق ماتبقي من الوطن.
لقد وصلت البلاد الي مرحلة خطيرة من التدهور بحيث اصبح المطلوب الآن:

* اشاعة الحريات الديمقراطية ( حرية الصحافة والتعبير وتسيير المواكب السلمية..الخ).
* ابعادة المصانع الحربية والملوثة للبيئة عن المناطق السكنية.
* التعويض العادل للذين تضرروا من قصف مصنع اليرموك، وكشف كل الحقائق للشعب السوداني عن هذا المصنع.
* انتهاج سياسة خارجية متوازنة تعبر عن مصالح شعب السودان وتحمي سيادته الوطنية وتجنبه شرور الدخول في محاور واحلاف عسكرية تسبب له الضرر الجسيم.
* وقف الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور والحل العادل والشامل لقضايا تلك المناطق اضافة لشرق السودان، واستكمال التفاوض مع دولة الجنوب حول القضايا العالقة بين البلدين..
* وقف التدهور الاقتصادي وتوفير احتياجات الناس الاساسية في المعيشة والتعليم والصحة وخدمات مياه والكهرباء..الخ.

وأخيرا لشعب السودان تجربة كبيرة في النضال من اجل جماية السيادة الوطنية ووقف الحرب والديمقراطية ، وفّجر من اجل ذلك ثورة اكتوبر 1964م، وانتفاضة مارس ? ابريل 1985م، كما انه قادر علي مواصلة التراكم النضالي ضد هذا النظام حتي الاطاحة به في النهاية والانتزاع الكامل للحريات الديمقراطية والسيادة الوطنية وتحسين الاوضاع المعيشية والاقتصادية، والحل الشامل والعادل لقضايا مناطق جنوبي النيل الأزرق وكردفان ، ودارفور والشرق والقضايا العالقة مع دولة الجنوب، مع الاستفادة من دروس انتكاسة ثورة اكتوبر ، وانتفاضة مارس -ابريل .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. هواجس وخزعبلات الراعي بعد أن نفقت أغنامه كلها بسبب الغفلة:
    المثلث الذى يحكم العالم هو: (المال ، الشيطان ، القوة)..
    أها المال عند اليهود ، والقوة عند الأمريكان ، لكن المولى عز وجل رغم إنه إبتلانى بموت غنمى قال: الشيطان بيمنعك من الصلاة والصوم أو يلخبط عليك الأمور .. ما عندو شغلة فى السياسة . لكن أليس قيادته لمؤامرة قتل الرسول هي نوع من السياسة ؟وإتباعه لسياسة التشكيك أليست من السياسة؟ تخيلوا إنه لما ماتت أغنامى قال لى : شفت ربك خلاك على الحديدة وبعد دا كله إنت مؤمن بيهو .. ماهو أمريكا ممكن توفر ليك أكل وشرب وسكر وبنات ودهب ودولارات وأسترليني وحاجات المزاج كلها (بنقو وحشيش وهروين ومارجونا ومارلبورو وكنج استون وسيارات من صنع أبناء اليهود من برادو ولكزس وفياقرا وهمر وكرايسلر وبورش وتوسون ولنكولن .. بس تكون معاهم .. قلت ليهو يعنى لو بقيت معاهم معناها أنا معاك إنت؟ قال لي (طيب ماهو أنت فاهم اللعبة بتتعابط مالك؟)..قلت ليهو يفتح الله .. قعد يبكي لكن حتى بكاهو دا أنا ما مصدقو.. وبرضو تقول لى … ؟

  2. ايها الشعب السوداني البطل
    نسبة لكثرة الهجمات والغارات والحرائق اطلب من جميع الشعب السوداني ان يقوم بعمل نفرة كبرى لازالة الحشائش ( لانو دة البنقدر عليهو نحن كشعب ) حتى لا تأخذ الحرائق وقت اطول وفي نفس الوقت تسهل عمل عمال اللحام
    وتكون النفرة تحت شعار ( منجل لحش القش خير من الف رادار في خبر كان )

  3. ازمة السودان ليست فى هذا النظام او نظام عبود ونميرى فهولاء قدموا للسودان اكثر مما قدمت الدمقراطيات التى حذفتها من مقالك فاس البلاء فى نظام الامام الذى اراد ان يحكم السودان على اساس السيدوالمشكلة الكبرى العمالة والخيانة التى انتشرت فى السودان فاصبح بعض ضعاف النفوس يبيعون المعلومات للدول الخارجية من اجل المصلحة الشخصية حتى لو ادى ذلك الى موت ابناء الشعب السودانى ونعلق بعد ذلك على الحكومة انها فاشلة اولا يجب علينا محاربة الخيانة والعمالة والارتزاق من الجهات الخارجية وسن قانون الخيانة العظمى والعمل به والتضييق على كل العملاء والخونة والاعدام والصلب على كل من يثبت خيانته للوطن ولو بالكلمة

  4. نؤيد ما اتيت به فى مقالك
    لكن ابعاد هذه الضربه القاتله هى قاصمة الظهر للحكومه ونزيف اخر من نزيف الدم للحرب فى الشرق والغرب ونزيف اضافه للنزيف العام الذى يعيشه الشعب من غلاء وجشع المسؤلين واحتكارهم للكل الوظائف الحكوميه والاعمال التجاريه ومن استيراد وتصدير
    ابعاد ضرب اليرموك فشل حكومى ولو كان هنالك حكومه ذات ضمير كان يجب عليهم الاستقاله لانوا وجودهم اهانه لهم فالمفروض يخجلوا من انفسهم ويرحموا الشعب
    انظروا الى كيفيه وصلت الضربه الى العمق الاستراتيجى والى المواقع الحساسه وضربها دون اكتشافها لا بالرادارات ولا بالعين المجرده ولا حتى دول الجوار الصديقه ابلغت الحكومه السودانيه وطبعآ هذا لشئ فى نفسى يعقوب والايام سوف تثبت ذالك ويا خبر بقروش بكره ببلاش
    لكنها رساله قويه وفى منتهى العنجهيه والاستبداد والاستكبار لكل دول المنطقه بما فيها مصر والسعوديه
    لذالك المفروض العرب يجلسون ويشوفوا حل سريع يحمى الامه الاسلاميه والعربيه والافريقيه ويلات الحرب والضياع والهلاك وهو على الابواب
    الامر يحتاج الى عقول تفهم فى الاستراتيجيه الامنيه والدفاعيه والسياسيه قبل كل شئ قبل فوات الاوان

  5. مخاطر عالية جدا. قد تبدو دول أخرى إلى السودان كحليف لإيران. السودان لديه بالفعل العديد من المشاكل الأخرى للانضمام البلدان المشاكل.[img]http://s03.flagcounter.com/mini/FMv/bg_FFFFFF/txt_FFFFFE/border_FFFFFF/flags_1.jpg[/img]

  6. لعب بالنار – البشير يتحالف مع الشيعة وضد إسرائيل – مصنع ايراني في السودان – بوارج ايرانية في بورتسودان — تصرفات حمقاء تضر بنا — أليس فيكم رجل رشيد يا جماعة البشير
    عواقب هذه التصرفات واضحة هي التأديب وضرب السودان وضرب بوابته بورتسودان والخسران هو شعب السودان
    فيا حكام المصالح الشخصية رأفة بنا وبما تبقي من سودان بعد الدمار الذي ألحقتموه به

  7. الثورة الشعبية المسلحة هى الحل المتبقى والوحيد للقضاء اولا على الكيزان والمتأسلمين الراقصين وإسترداد كامل حقوقنا وثرواتنا المنهوبة بأيدى هؤلاء اللصوص تجار السلاح والمخدرات وتنظيمهم الشيطانى الذى لا يتعرف بالله ربا , ومن ثم تأسيس وتكوين الدولة السودانية التى لم تتأسس بعد.

  8. والله السعيد من وعظه بغيره لكن هؤلاء جهلا لا يفهمون الا لغة الضرب والقتل وكما تدين تُدان وفي الحالتين الضايع هو الشعب

  9. يضرب قصر الجمهورى ال ينوم فيه الفيل الكبير ويضر البرلمان ميتريس فيه قانونى بليد لا يعرف عن القانون شئ ويضرب دار حزب الموتمر الوطنى ويضر دار القضاء السودانى ويضرب مكتب الوالى شمال دارفور ويضرب مكتب الوزير مامون حميد …..نكون مرتاح البال

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..