صلاح كرار والبقية … الاضرار بالعلاقة مع الجنوب

مشكلة الانقاذ انها اتت بأسوا السودانيين واقلهم خبرة واكثرهم جشعا وحقدا وحبا للسلطة . تخيلوا احد الدينكا بقامته الطويلة مسنودا بقوة غاشمة ياتي للأهل في الرباطاب في ابديس الشريق ، مقرات ، كشوي، او مرو ويقول للناس انحنا جينا علشان نستلم الجروف وكل الجزر ، ثم يأتي بأهله الذين لم يعرفوا التمر الا في الشوالات . ويقومون بزراعة الفول والقمح الذي لم يعرفوه من قبل . والرباطاب لا يستطيعون عمل اي شئ سوي الشكوى الي الله . ولتتخيلوا هذا يحدث للشايقية والجعليين واهل الشمال . هذه اشياء بعيدة عن تصوركم اهلي الكرام ، لان الجنوب واهل الجنوب اشباح بعيدة وشخصيات ضبابية لا تمت لعالمكم . ولا تربطكم معهم صداقة مصاهرة او زمالة . انهم احصائيات وارقام .
قبل ايام تكلم احد الابناء من الشمالية عن العداء والعنصرية والحقد الي يقابل به الجنوبيون كرم الشماليين . وطلبت منه ان يذكر لي اسماء خمسة من
الجنوبيين قد احتك بهم . ولم يعرف احدا.
الحقد الذي حمله اهل الانقاذ علي اهل السودان شئ يصعب تصديقه . سمعت من بعض السودانيين العاملين في ابو ظبي في الدفاع عن زميلهم صلاح كرار وكان موضع تندرهم بسبب تصرفاته السخيفة التي تشبه تصرفات الاطفال احدهم صديقه م . أ . وعندما اعطته الانقاذ مسئولية لا تناسبه ، رئاسة اللجنة الاقتصادية التي اكبر من مقدراته ، صدم واسكرته السلطة . وكان اغتيال مجدي لانه ابن الاغنياء والذي ولد وفي فمه ملعقة من ذهب حسب فهم الحاقدين . ونسى ان اعظم رجال السودان السفير الاديب ومسجل جامعة الخرطوم جمال محمد احمد قد زكر انه وشقيقه كانا يختلفا في الصباح عند الذهاب الى المدرسة …. من سيركب الحمار في المقدمة ؟ وحل جدهم القضية بأن يركبا في المقدمة بالتناوب . تلك الاسرة لم تسرق مثل الكيزان ، بل كدحت وتعلمت وقدمت. الا ان صلاح كرار وامثاله حقدوا علي الناجحين . وجرجس كان يمثل نجاح وروعة اهلنا الاقباط في السودان الذين كانوا جد متميزين شاركونا اللقمة والشقاء والسعادة وتعرضوا مثلنا للذباب والناموس والكتاحة والملاريا والدسنتاريا وبعضهم احب السودان وقدم له اكثر منا . وطردهم وضايقهم صلاح كرار وزمرته لانه كان رئيسا للجنة الاقتصادية . ماذا يعرف صلاح عن الاقتصاد او الاخلاق ؟ .الكثيرون كانوا اكثر اجتهادا وانضباطا ونجحوا . وحقد عليهم امثال صلاح كرار ومغول العصر . اما اركانجلوا فإن اسمه كان كافيا لقتله فهو جنوبي وقد يكون مسيحيا !!
حكي لي احد الاطباء الذين تخرجوا من مصر ، ان دكتورامصريا كان اسمه جرجس سمير جرجس فقال له بروفسر امراض النساء والولادة… هو جرجس واحد حيسقطك . الاقباط كانوا يتحصلون على درجات متدنية او يسقطون في امراض النساء والولادة حتى ولو نجحوا ، حتى لا يتخصصوا فيها ويكشفوا علي المسلمات .
لم يكن اى من الثلاثة تاجر عملة . وتاجر العملة العالمي هو صلاح كرار او صلاح دولار . ويشهد عليه زملاءه في ابوظبي . كان بحثه المحموم عن الثروة بكل الطرق يجعله يتعامل مع الشيطان . وكانت تصرفاته فظيعة لدرجة انه حتى الكيزان قد نفروا منه ، مثل الطيب سيخة وعبد الفتاح شمس الدين ونافع وقوش اخيرا. واليوم ينكر صلاح بشدة مثل البشير والبقية معرفته او تسببه في قتل الثلاثة . ويكفي توجيه سؤال بسيط من ماذا يعيش صلاح كرار اليوم وهو قد طرد منذ زمن طويل ؟
تاجر العملة الوحيد الذي قبض عليه وكان في سجن كوبر هو مريود . وشارك المساجين السياسيين سجن كوبر . وكما اخبرني الدكتور محمد محجوب عثمان ، ان مريود كان مطمئنا ويقول انه لن يشنق ، واهله قالوا للمسئولين انه ضو القبيلة . وهم ليسوا ببعيدين من حوش بانقا ولقد وضحوا للجميع انه اذا اعدم مريود فسيأخذون بثأره . والحمد لله لم يعدم مريود فليس هنالك قانون وضعي او ديني يبيح قتل الناس لحيازة النقود . القصد كان الاخافة والتشفي .
قبل انفصال الجنوب بمدة قصيرة ذهبت الي برلين وكان السفير فقوق يوسف نقور جوك ,, عمر ,, في برلين وكان معه السفير بهاء الدين حنفي مهندس عريضة العشرة ضد الترابي . واخذني الاخ جعفر سعد احد اعلام برلين الي منزل السفير فقوق يوسف نقور . وعندما احتضنته لم اتمالك نفسي وانتحبت بحرقة . وانتحب فقوق لدرجة ان ابنه الصغير محمد اتى راكضا سائلا ….في شنو يا ابوي ؟ وكنت اريد ان اقول لمحمد الصغير انني كنت ابكي علي نفسي وعلى الاهل في اعالي النيل وعلي فقوق نقور جوك اخي وتاج رأسي واكثر من احببت واحترمت في هذه الدنيا . السفير بهاء الديت حنفي كان يقول لي ان عمر او فقوق يوسف نقور شاب غير عادي لن ير شابا مثله في علمه اخلاقه ادبه وتدينه الصادق . وكنت اقول له ان هذا حال كل الاسرة . عمه فقوق نقور كان الالفة في مدرسة ملكال الاميرية ورئيس المنزل والداخلية ومؤذن المدرسة والامام . وكان والدهم متدينا وكذالك جدهم الاول والثاني . ويحملون اسماء اسلامية بجانب اسماءهم الاصلية ففقوق اسمه مصطفى عبد العاطي بلال دكسا . فمثل الدناقلة والسكوت والزغاوة مثلا يحملون االاسماء الاسلامية . والدين الاسلامي عند الكثير من الجنوبيين عقيدة صماء والكثيرون قد انضموا اليه عن حب وصدق وليس خوفا او تتبعا لعادة اسرية . وبعضهم صوفي والبعض سلفي والبعض ختمي او انصاري ويعيشون في سلام مع اشقاءهم او اقرباءهم المسيحيين او من ينتمون الي كريم المعتقدات . لم نرى ابدا اقتتالا في الجنوب بسب الديانات .
مات فقوق نقور ,, مصطفي ,, بعيدا في الناصر وبعيدا عن جلهاك والاهل في شمال اعالي النيل وهو لا يزال شابا . اتذكره عدة مرات في اليوم لأن الرقم السري لبطاقة ائتمان البنك هو تاريخ انتقاله ال غير عالمنا . وشقيقه هو السلطان يوسف نقور جوك الفارس الذي كان يجد الاحترام من كل قبائل وسكان شمال اعلي النيل فهو سلطان عموم قبائل شمال اعالي النيل . العم نقور او عبد العاطي كان من خيار المسلمين . كان اخا لوالدي ابراهيم بدري الذي حمل الاسم الدنكاوي ماريل وتعني الثور الكبير الابيض لانه كان شائب الشعر منذ ان كان في العشرينات . واحب الدينكا وتعلم لغتهم واجادها وكان يدرسها في كلية غردون . وكتب بالانجليزية في المذكرات السودانية عن تاريخ الدينكا ومثوليجيتهم . وترجمت ابنته الدكتور لمياء ابراهيم بدري الكتابات للعربية . وتزوج ام عمر الوالدة منقلة ابنة السلطان عمر مرجان من رمبيك التي وعيت فيها انا بالدنيا وسط اهلنا الاقر والجور الخ ، وولد بعض اشقائي بين الدينكا ابيليانق . وعندما كنت في جلهاك بعد نهاية الثانوية في مدرسة الاحفاد مع فقوق نقور ,, مصطفي ,, كان الناس يحكون لي ان والدي قد شيد جلهاك الجديدة لأن جلهاك هجرت بسبب مرض الكوليرا والمنطقة منطقة عبور من الشمال الى الجنوب والشرق الي الغرب . كما ذكر الكاتب الاسفيري محمد رحمة قريمان ان والدته قد طلبت منه ان يكتب عن ود بدري ، بالسؤال عن من هو ود بدري ؟ قالت والدته …. انه مامور متواضع ذي الواطة ، كان يجيد لعة الدينكا والنويركلغته وكان يحمل على اكتافه ويبني وينقل المرضى . تلك هي الروح التي جعلتنا نحب الجنوبيين وجعلت الجنوبيين يحبون الشماليين . ففي مؤتمر جوبا رفض الآباء بوث ديو وسرسيو ايرو ،عبد الرحمن سولو وبولين الير وآخرون الانفصال وكان العم الشنقيطي صاحب الشارع في امدرمان يدق الطاولة ويهاجم الانجليز ومن يدعون لانفصال الجنوب خوفا من تغول الشماليين . وتقرر عدم الانفصال والعم بوث ديو من نوير فنجالك مركز غرب النوير جزيرة الزراف . وله من الابناء الشنقيطي وفاطمة والصديق وشارلس ووندر بوث ديو واخرون . عاشوا في الشمال وكان وندر من قاد السودان للبطولة في كرة السلة . والشنقيطي النويراوي امتاز بصداقاته الواسعة ولسانه الساخر . والشنقيطي كان رفيق درب ابراهيم بدري ويحمل كذلك ابنه اسم الشنقيطي واغلب سياسي الجنوب من اصدقاء ابراهيم بدري . وهو خلف تأثيث اول حزب سياسي اجتماعي . اسمه كان رفاهية الجنوب . وهذا قبل تسجيل كل الاحزاب السياسية التي لم يسمح بها الا بعد الحرب .وسجل الحزب كمنظمة اجتماعية . بالمناسبة النوير يماثلون الرباطاب في سرعة البديهة والردود المفحمة . ويتمتعون بالذكاء الفطري ويصعب خداعهم . في امدرمان يقولون عن من يفحص ويدقق في شراء عربة عجلة او اي شي … جيب ليك نويراوي يفتشها . لانهم عند شراء جلابية او سروال يفحصون كلة غرزة خياطة .
الجنوبيون في اغلب الاوقات كانوا سباقين في بسط ايديهم نحونا واطلقوا اسماء اخوتهم الشماليين علي اطفالهم وحفظوا عهود الصداقة . السلطان يوسف نقور جوك طيب الله ثراه له كثير من الابناء والبنات احدهم يحمل اسم صديقة وزوج ابنة عمه ابراهيم بدري ,, ماريل ,, . ومحمد صالح عبد اللطيف متعه الله بالصحة كل مفتاح الدخول لأي شئ كان مفتشا في مركز الرنك . وانا اجد السخرية عندما انادي ابناءي بفقوق نقور ومنوا بيج وجاك الخ. وهؤلاء بشر لا احلم ان اكون في مستوي خلقهم وادبهم ودينهم وانسانيتهم . ولا افتح اي ايميل فيس بوك ، كمبيوتر جوال الا وكلمة جاك وتاريخ ميلاده هي المفتاح . وهذه العلاقات اساء اليها امثال صلاح كرار وامثاله .
قال لي الابن السفير فقوق يوسف نقور . ان صلاح كرار ,,الذي لم تكن له اي اهمية او قيمة ,, وتحدث مع السلطان بكل عنجهية واخطره بانهم قد حضروا لاستلام المشاريع ,,. وافهمه السلطان بأنه لا توجد مشاريع زراعية ، بل بلدات . والبلدات هي الزراعة المطرية التي يمارسها الجميع لتوفير الذرة والفول السوداني لمؤونة السنة .
ذلك البطل طيب الله ثراه لم يجد الاحترام من من لايعرف الادب والاحترام . في الخمسينات كان هنالك فيل ضخم يتقدم نحو جلهاك . وخاف البطل يوسف نقور وهو وقتها من الشباب ان يدهس الفيل الاطفال والنساء والكبار فاراد تحويل سيره فخاطر بحياته ، وطعن الفيل بالطبيقة ,, رمح موتسط الحجم يقذف ,, وركض بعيدا عن القرية ولحقة به بعض الشباب وركضوا بينه والفيل وتبعهم الفيل وكلما تعب احدهم غير آخر مسار الفيل برمح جديد الي ان سقط الفيل . ولقد شاهدت جمجمته وعظامة بالقرب من الخور في جلهاك . وكان السلطان يحمل وشم الفيل في اعلى زراعه الايمن . عندما كنت اركب حمار اخي يوسف نقور في بداية الستينات ، كانت قبائل الامبررو والجميع يحيوني باحترام غير عادي الى ان خطر ببالي انني اركب حمار الرجل العظيم .
في الخمسينات ازدهرت زواعة القطن . واتت بارباح ضخمة . واستهدفت منطقة شمال اعالي النيل . وصدقت ومساحتها اكثر من 12 الف فدان بجانب الطرق والمباني والكباري مما يعيق او يحرم الرعي . وكانت الرخصة تعطي فقط بعد موافقة القبائل . وكان السلطان وقتها العم لول دينق كاك . وكان كثير الشرب ووجد الشماليون ضالتهم وكانت زجاجات الويسكي ومظاريف الكاش . وتدفق الكثير من السليم والصبحة والبزعة ودار محارب الي المنطقة واستغلوا بواسطة اصحاب المشاريع الضخمة . وكان الصيد الجائر والرعي الجائر . كان الدينكا خارج الصورة . وفي الصيف يحضر الكثير من ,,لقاط القطن ,, بقطعانهم وجمالهم . وعاداتهم المختلفة . ولقد رأيت الدينكا يموتون من الغبظ عندما يرون الرجال يركبون الثيران التي يحبها ويحترمها الدينكا . والكثير من اسماء الدينكا تعود للثيران مثل مجوك ومابيور ماريل وماكال عاصمة اعالي النيل التي غيرها الشماليون لملكال .. وما هي للتعريف مثل ال في العربية . وجوك هو الثور بلونين وبيور فاتح اللون الخ . وماريل الثور الكبير الابيض .
واراد بعض الشباب وعلى رأسهم اخي يوسف نقور الوقوف امام ذالك الفساد فقام السلطان وقتها لول بسجنه . ولكن المفتش محمد صالح عبد اللطيف متعه الله بالصحة اطلق سراحه . وانتخب يوسف نقور جوك سلطانا . وتوقف الكثير من الفساد . وكما تعاون الوالدان ابراهيم بدري نقور جوك ، منع التغول علي حفوق الناس . ومن القضايا المشهورة قصة الشاويش الذي اعتقل سيدة بتهمة صناعة العرقي لانه لم يجد تقبلا من ابنتها . والشاويش كان يتصرف بعنجهية ووضع حد لفرعنته . وارتاح الناس . واخيرا اتى صلاح كرار بخلفية ان الجنوبيين رعايا وليسوا بمواطنين . وهنا مشكلة الشمال مع الجنوب . فبجانب المشاريع المروية كانت هنالك مناطق مفتوحة مثل ام دلوس والعدالة والطيارة وقوز فومي الخ وفي هذه المناطق كانت زراعة الذرة والفول السوداني . وهذه المناطق ومناطق اخرى تغول عليها صلاح كرار وزبانيته بدون التفكير في اصحاب الارض . كما حدث في الشمال من التغول حتي علي الميادين والساحات . فالكيزان يمثلون مغول العصر . والوطن والقبيلة والاسرة والحي لا يهمهم ، فالولاء لتنظيم الاخوان المسلمين العالمي . والكوز الباكستاني قبل ابن العم . اما الجنوب فليس في الحسبان ، انها ارض مباحة انسانها حيوانها وشجرها غنيمة .
اقتباس ….. من مداخلة الاستاذ هشام في موضوعي الاخير تصور الشماليين الخاطئ للجنوبيين .
اولا صلاح كرار ليس له علاقة بالزراعة المطرية … جاء من ابو حمد والمعروف عن ولاية نهر النيل ان امطارها شحيحة جدا ولايستفاد منها … جلب صلاح كرار كل اهلة الرباطاب لولاية اعالي النيل ووزع عليهم الأراضي الزراعية بالتأمر مع احمد ادريس وحرم من لهم علاقة بالزراعة واهل المنطقة من تلك المشاريع الزراعية … كان وقتها والي اعالي النيل (منقو الجاك) اما محافظ الرنك كان (أشوي دينق يل ) دخلوا مع المدعو صلاح كرار في منكافات عدة ولكن صلاح فرض نفسة بحكم انه كان رئيس اللجنة الإقتصادية وقتها (حسبي الله عليك ياصلاح كرار ) وهكذا وقع الظم على الجنوبيين اهل المنطقة .
نهاية اقتباس
لفد قضت الانقاذ علي مشروع الجزيرة اكبر مزورعة في العالم . واليوم يستلم الصينيون 10 الف فدان لكي يزرعوها في مشروع الرهد . والسودانيون كانوا يصدرون المحاصيل عندما كان 30 الى 40 مليون شخصا يموتون بالجوع اثناء غلطات السياسة الشيوعية والثورة الثقافية .
وضفتي النيل الابيض علي الجانبين كان مخضرة بالمشاريع الزراعية . وكان انتاج القطن قد وصل الي اعلي مستوى في 1963 وهو 8 قنطار للفدان . وبسبب غلطات سياسة نميري الزراعية انخفض انتاج الفدان الى قنطارين .
ومشروع الخروع في ملوث او ملوط كان ينتخ اجدود خروع في العالم بعته للألمان في 1974 وفي 1984 تدني السعر لتفس سعر 1974 لأن الجودة قد انخفضت بسبب سياسة مايو الخاطئة . وانتهى الخروع . وجنائن مقرة التي كانت خارج القيقر تنتج اجود انواع الفاكهة ومنها اجود انواع المنقة ويمتلكها العم محمد عبد الله عبد السلام ويديرها العم الجعلي . وصارت صحراء بعد الانقاذ . وحتى غابة الزرزور التي كانت جنة اختفت . لأن صلاح كرار وزمرته قد اتوا بأهلهم وسلموهم الاراضي . والزراعة المطريبة علم يتعلمه البشر في المعاهد او من الكبار . احضار الرباطاب من الشمالية ، وتسليمهم الاراضي المنهوبة مثل ان تأتي بحدادين لاجراء عمليات القلب المفتوح .
في مايو 1963 كنا في رحلة صيد كبيرة بلوري وعربة صالون. كان معنا اشهر تجار الرنك احمد المصطفي ابو نادر وكمال ابراهيم بدري ومحمد الحسن مدير مشروع بركة العجب وكثير من عمال المشروع ومهندس المشروع اسماعيل ورئيس الميكانيكيين فضل الله . وعندما وصلنا الي قرية شمال ملوث , أتى احد اطفال الدينكا ليقول لنا ان فديت في القرية ،وفديت او ايوب ياو هو محمد عبد الله عبد السلام عديل والدي وهو من جعليي امدرمان. ويعرف كل لهجات الدينكا وعاش وسط الدينكا الى ان قارب عمرة المئة سنة . وكان هنالك بسبب نزاع . وكان الجميع يحترمونه . وبينما نحن تحت اشجار الدوم والدليب الباسقة قال فديت ان تلك الغابات كادت ان تضيع لان احد الرباطاب اتي بتصريح من المدير البريطاني في ملكال لقطع الاشجار المتصاقطة . وقام ابراهيم بدري بتمزيق التصريح . وعندما احتج الرباطابي لأنه من الرباطاب اهل ابراهيم بدري ويحمل ابراهيم بدري شلوخهم قال له ماريل …. الدينكا ديل برضوا اهلي . وانتو بتاخدوا التصاريح بالشدر الواقع وبتقطعوا الشدر الواقف . الشدر ده بيقيل تحته الفيل والصيد وينام فيه الطير . ويثبت التربة . هذا هو الفرق بين رباطابي ورباطابي . لقد كان الدينكا يغنون لأخيهم وعمهم ايوب ياو او الرجل الكبير الثري… محمد عبد الله عبد السلام عن حب متبادل صادق . وكان بعض الشماليين صادق في حبه للجنوب والجنوبيين . العم الزبير صالح كان في يرول اذكره وان طفل صغير كان محبوبا من الدينكا وانتقل الى رمبيك اخيرا . العم معتوق اعطى اسمه للبلدة قنطوت جنوب اتل وقبل واو اعالي النيل كان الدينكا يحبونه . العم سعيد صالح كان في واط قلب النوير لاو ، كان محترما ومحبوبا من النوير وهن الشجعان الاشاوس . وفي ديرور الصغيرة بالقرب منايرور كان ود الزين وفي كل حلة كان هنالك تاجرا شماليا . واكبر حي في ملكال كان حي الجلابة . وابناء الجلابة يمثلوت الاغالبية المطلقة في مدرسة ملكال الاميرية . وكان فاروق دينق يمثل الوجود الشلكاوي في بلد اهلها الشلك . ولغة الشارع هي الشلكاورية .
الادارة البريطانية سنت قانون المناطق المقفولة لكي تحد من يغول الشماليين علي حقوق الجنوبيين . ولكن واقع الحالكان يقول ان الشماليين كانوا في كل قرية وحلة ومدينة . ولم يكن يحسنون معاملة الجنوبيين . الا الاقلية العاقلة .من موضوع رسالة ابكتني .
اقتباس
بابكر حسن أحمد حاج حمد ،،، من حوش حاج حمد ببيت المال وأبن أخ المرحوم الحاج احمد والمرحوم عبد الكريم احمد حاج حمد بالسوكي ،،، وهم أجدادك يا شوقي وأخوان جدتك بنت الحرم .
والدي المرحوم حسن احمد , التاجر برومبيك و هو الذي اخذ معه أبناء حوش حاج حمد للعمل معه برمبيك ، النور الحاج ثم أخينا الأكبر والصديق الحبيب الذي مازال جرح فراقه ينزف ، المرحوم عثمان حسين الذي التحق بالعمل باش كاتب بمستشفى رمبيك ، ثم الاخ يوسف عبدالكريم وفتح له دكان في فشونق وكذلك المرحوم طلحة عبد الكريم .. ،، وانا من مواليد رمبيك الحبيبة وجميع أخواني وهم
احمد حسن احمد وتوفي صغيرا برمبيك وأظنك كنت بها في تلك الفترة ثم محمد وامنه بابكر وسعاد وعمر ،، وجدنا لوالدتنا هو المرحوم عباس الدين تاجر رمبيك الاشهر وهو ايضاً شيخ السوق ، وأبنائه التجار محمد الحسن عباس ( مكون أجاك ) وعبدالرحمن عباس (مورشول) هم من أشهر تجار رمبيك فيما بعد ، وأيضا عمنا الزبير صالح في يرول رحمهم الله ، واظنك تذكرهم فأنت ايضا ابن رمبيك .
نهاية اقتباس.
هكذا استقبلنا الجنوبيون واعطونا فرصا لم نعطهم لهم في الشمال . لقد كنا في اعلى مستوي في المجتمع واعطيناهم اسوا الاوضاع .
قديما قالوا السافل بيلد والصعيد بيربي . لقد انتقل اهل الشمال عادة الي الجنوب الخصب . وجدنا الاكبر محمد ود بدري تطلع الي مسقط راسه في الرباطاب وهو يهم بركوب المركب وقال … انشاء الله لا انا ولا جنى جناي مايجيك راجع . وكتب بابكر بدري ان والده كان يعمل وهو صبي صغير في الساقية لدرجة انه عندما تحضر والنه العشاء ينام من التعب ويده في القصعة وعندما يستيقظ يواصل الاكل . وعندما سأله ابنه الم يكن يخشي ان كلبا قد اكل من القصعة قال . كلب يجي الرباطاب يسوي شنو ؟ وكتب بابكر بدري انه لم يكن لهم الا القليل من الدقيق كانوا يخلطونه بالصمغ الذي يحضره اخوه سعيد في ثوبه . وكان بسبب الجوع يلعق الصمغ في ثوب سعيد . من هذه البيئة اتي صلاح كرار الذي تغول علي اعظم البشر واهانهم وظلمهم في عقر دارهم . ويستغرب البعض لتخوف الجنوبيين حتى من امثالنا الذين يكنون لهم الحب . ونحن لا نلومهم فالظلم كبير جدا .
في مدرسة ملكال الاميرية تعرفت بالكثير من الحنوبيين الرائعين منهم الداعية الاسلامي ورجل الدولة شيك بيج وهو من ابناء بور وطن السوداني الرائع جون قرنق ومولانا ابل الير نائب النميري . وشيك بيج شقيق المهندس منوا بيج . وهما ابناء خال مولانا ابيل الير الذي عرضت عليه رئاسة الوزراء بعد اكتوبر ومثل العم شداد لم يقبلها .
منوا شاركني السكن لخمسة سنوات في براغ. كانت صورته في براغ تزين غرفتي . وكانت تزين منزلي الي وقت قريب ولكنها اختفت مع بروازها . اظن ان البعض لم تعجبه صورة الدينكاوي بقامته الطويلة ونقاء الدينكا .
منوا بيج كان في عظمة واباء وشموخ الدينكا ومعقوليتهم . كان الدينكا عادة يقولون لنا انتم العرب مئة يتكلمون وواحد يستمع والذي هو الزعيم او الشيخ . والدينكا والجنوبيوم يمثلون الديمقراطية . فشخص واحد ينكلم والجميع يسمعون ويرضون بالحكم او القرار بدون ضجة . وعندما كنت احضر المحاكم او الاجتماعات القروية في الشمال كنت احس ان الديمقراطية بغيدة عنا . لقد كنت دائما اتمنى لو انني من الدينكا لكني كنت دائما بعيدا عن معقوليتهم وهدوء الدينكا . ولكن تعلمنا عدم الخوف خاصة مما قد يأتي به الغد ونتقبل موت الاهل والاحباب . ونتقبل كل البشر بغض النظر عن اصلهم فصلهم ثروتهم او دينهم .
منوا بيج طيب الله ثراه عمل في مصنع سنار للسكر . وقال من عاصره انه كانت له اخلاق الانبياء . وكان محبا للعمل متفانيا . ذهب الي المستشفي وهو يشكو من الم حاد في بطنه . واهملوه واغلظوا له في الكلام . وانفجرت قرحته ومات . تأسفوا وقالوا انهم حسبوه عبد جنوبي ساكت . وفي براغ تعرض منوا للضرب المبرح والشتم والتحقير . السبب ان منوا رحب باتفاقية السلام التي هندسها القانوني الرائع جوزيف قرنق ونفذها نميري . ومنوا رحب بالسلام الذي سيريح اهله من الموت والتشرد والمرض والتخلف والمجاعات الخ . وقلت
شقيقي مُنوا
شقيقي مُنوا كان جميلاً يشع نقاء
والبشره منه سوداء .. ما أروعها سوداء
والبسمه تكشف عن أسنان , نبخسها , اذ قلنا بيضاء
والروح تشع دفئاً وبهاء
في الغربه لم يشارك شقيقي الرأي بعض الزملاء
شتموه ضربوه ووصفه صفيق , بإبن السوداء
وتمادي آخر وقال إبن الغلفاء
هل كانت للزملاء أم بيضاء ؟
فمازالو سوداً , يعميهم جهل وغباء
ـــــــــــــــــــــــــ
ويرجع شقيقي للوطن , يشارك في عمل وبناء
فهل شاهدتم دينكاوياً ليس بمعطاء ؟
وفي يوم يأكل منه الداء الاحشاء
ويُهمل شقيقي في المستشفي .
قالوا حسبناه عبداً عادياً , أو أحد الغوغاء
وبعيداً عن بور يحتل شقيقي قبراً بلا إسم في أرض جرداء
ولم يبقي لي سوي صوره سوداء بيضاء
ـــــــــــــــــــــــــ
وبعد أن ينفض جليداً , ويطوح بحذاء
يجذب إبني مُنوا من تحتي طرف غطاء
وأتحسس الجسم الغض والشعر القاسي كالحلفاء
دماء الشلك ما أروعها , تطل بكل أباء
ـــــــــــــــــــــــــ
من قال ان الجمال بشره بيضاء ؟
من قال ان الجمال خصله ملساء ؟
ويأتي صديق يحمل شهاده دكتوراه
مصحوباً بزوجه جميله. تخضب يديها بالحناء
وتقول ما أجمل إبنكم , ما أسمه ؟ . عيناه تشعان ذكاء
وعندما تسمع اسم شقيقي , يكتسي وجهها بنظره إزدراء
لقد أجرمتم في حقه , سيعاني ويواجه كل شقاء
هذا الاسم يطلق علي العبيد والغرباء
ويوافق صاحب الدكتوراه . وعلي شفتيه ترتسم إبتسامه بلهاء
صديقي مثلي يؤمن بالاشتراكيه والعدل وأن الناس سواء
ما أبشع غسيل المخ والغباء
وما أبخس العلم الذي لا يزيل عناء
وأُذكره كيف واجه في الغربه من تفرقه وجفاء
وأقول للزوجه بأنها في الغربه أمه سوداء
وإن حسبت نفسها بنت الساده والنبلاء
وأودع من كان صديقاً بدون عداء
فمثله لا يستحق عداء . إذ ليس بعدها لقاء
ابني فقوق نقور بدري درس كتابة السيناريو في امريكا . يعرف انه يحمل اسم رجل عظيم . وسيعيش اسم فقوق نقور في شخص ابني وأخرين . فقوف نقور رحب بي في مدرسة ملكال كأبن صديق والده وكان يعاملني كشقيقه الصغير في ملكال وفي العباسية حين سكنا سويا وترافقنا في مدرسة الاحفاد حيث وجد كل الاحترام من الاساتذة والزملاء لدرجة انه كان ممثل فصلنا الذي ضم فطاحلة المدرسة . ذلك الانسان الرائع كان اقرب بشر قابلت للكمال . كان ينهض في الكرة ويبتسم فيوجه من تعمد اسقاطه في ميدان الربيع . بعد بعض معاركي الدموية في ملكال ، اوضحت ان اى عقوبة جسدية ساترك المدرسة . ولم اجد سوى العقاب الجسدي من فقوق نقور الذي كان يضربني بقوة متفاديا الصفع مركزا على اكتافي وظهري . وتقبلت منه الامر ببساطة . ووعدت ان لا اكرر الفعلة وتخلصت من الفرار . وفي العباسية والمدرسة كانت كلمته قانونا بالنسبة لي . وفي احد المرات قام بضرب اخي عبدالله خيري مدير بنك البركة مازحا نسبة لشيطنة عبد الله وهما اصدقاء طفولة . وفقوق كان يكبرنا فليلا وبتعامل معنا كالاخ الاكبر .
فقوق نقور الذي يعرفه الكثيرون عن طريق اهداء كتاب حكاوي امدرمان الذي اهديته له ولابني فقوق . وترك خلفة الابنة مواهب والابن ضياء الدين وزوجته ربيعة هي ابنة العم يوسف عبد الخير الرجل الجنتلمان . شاهدته في منزلنا في امدرمان في زيارة صديقه ابراهيم بدري , وابنه هو الاخ محمد يوسف او طوجن الذي رافقنا في مدرسة ملكال . العم يوسف وبعض اعيان ملوط وشمال اعالي النيل اختطفوا وفقدزا ارواحهم . لا ازال اتذكر العم يوسف بجلبابه النظيف وعمامته المميزة له الرحمة . كانوا من خيرة المسلمين . هولاء من اغتصب صلاح كرار ارضهم .
في يوم من الايام اتى الفراش في مدرسة الاحفاد وطردت وشقيقي الشنقيطي لأن ابي لم يرسل الشيك لشيخ النصري حمزة مدير الاحفاد ومسئول المالية . ولكن فقوق نقور مصطفي بقى في الفصل لانه كان مقبولا مجانا . وكان بنات الجنوب يدرسن بدون مصاريف في الاحفاد . هذه الروح المطلوبة ,لاننا لن نقدر ان ندفع دين الجتوب . لقد عاش مئات الآلاف من الاسر الشمالية علي عائد التجارة والعمل في الجنوب .
الى الآن اجد صعوبة في التعامل مع الحسد والبخل والجبن والانانية والكذب الي آخره لاننا لم نتعرف عليها قديما وسط الجنوبيين الذين عاشرناهم . ولا تزال الثقة المفرطة تعطلني .
كم اتمني ان ارى صورة تاج رأسي … فقوق نقور ,, مصطفي عبد العاطي ,,
على رأس الموضوع .
.
[url]http://i.imgur.com/vBRIK14.jpg[/url] منوا بيج بدري
[email][email protected][/email]
ما اروعك
الحكي يصيبك بالذهول الجميل و عرفان العقل
بروس الفكر و السياسة ما ابشعه عشنا مع اهلنا الجنوبيين سنوات فوجدنا أن الدم و الروح هي هي
شاء من شاء و أبي من أبي
ع
أقرب إلى القلب:
I .
هذا كتاب فريد، يقترب من التاريخ بقدر، مثلما يبتعد عنه بقدر.. تخصص د. عابدين في التاريخ المعاصر كما تعمق في دراسات تاريخ السودان المعاصر. غير أن د. عابدين امتهن الدبلوماسية بعد تجربته الأكاديمية في التدريس في جامعة سعود بالرياض وجامعة الخرطوم في السودان.
لعلّ تجربته الدبلوماسية سفيرا في لندن، هي التي ألهمته النظر في العلاقات الإنسانية بين بعض السودانيين وبعض البريطانيين الذين خدموا في البلاد خلال فترة الحكم الثنائي التي كادت أن تبلغ الستين عاما. ولعلّ تفرّد السودان من بين مستعمرات التاج البريطاني، هو ما قد يفسر طبيعة العلاقات الانسانية التي نشأت على غير ما عرفنا عن علاقات “المستعمِر” “بالمستعمَر”.
وإني أعرض هنا إلى طبيعة مصطلح “الاستعمار” نفسه، ثم أحدث عن بعض أحوال السلك السياسي البريطاني الذي أدار السودان خلال تلكم السنوات. حديثي إذن يحوي ملاحظات وربما إضافات هنا وهناك..
II.
المصطلح: الإعمار أم الاستعمار أم الكولونيالية ؟ :
جاء في التنزيل العزيز: في سورة هود:( وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ) (61)؛ أَي أَذِن لكم في عِمارتها وجعَلَكم عُمَّارَها.
وجاء في تفسير الطبري: مفهوم استعمركم فيها كما ورد ذكره سابقاً، أي أسكنكم فيها أيام حياتكم وجعلكم عُمّاراً فيها.
المعنى القرآني هو الأمر الربّاني بالإذن لإعمار الأرض، وذلك أمرُ يحمل مضامين إيجابية، بل خيراً كثيرا. غير أن مصطلح “الاستعمار”، كما ساد استعماله الأوسع لعقود طويلة، يعني سيطرة القويّ على الضعيف، يحتلّ أرضه احتلالاً ليأخذ خيراتها ويقهر أبناءها قهراً ليسلب الإرادة. يحمل مصطلح “الاستعمار” في طياته، معنىً سلبياً واضحاً، يستبطن ظلماً لا خيراً. أجده -وإن رسخ استعماله-مصطلحاً غير دقيق. وهنا أميل إلى استعمال المصطلح الإنجليزي “الكولونيالية” colonialism كوصفٍ دقيق للحالة التي استولى فيها الأقوياء من شعوب الحضارة الغربية، على أقاليم الضعفاء(colonies) في القارات الأخرى المستضعفة، واستغلوا ثرواتها وقهروا شعوبها وسلبوا إرادتها.
غير أنّ مفكرين كثر، منهم “إدوارد سعيد” (1935-2003)، تعمّقوا في تحليل ظاهرة “الكولونيالية”، وأبانوا خواء الادعاء الذي أسمته الحضارة الغربية: “عبء الرجل الأبيض”، الذي يفترض مركزية تلك الحضارة، إزاء الحضارات الأخرى، وهي ترى القارة الأفريقية ? مثلا-خلوّاً مِن أيّ ثقافة.. لكأنهم قدِموا من “مركزهم” يحملون مشاعل التنوير والحداثة والعصرنة، إلى سكان “الهوامش”، المعذبين في الأرض على قول الجزائري الفرنسي فرانز فانون.
في كتابه “الثقافة والإمبريالية” قرأ “سعيد” سرديات روائية استقرتْ في الذائقة العامة للغربيين (كما للشرقيين بسبب التمركز الأوروبي الإنجليزي في هذه الحالة)، مثل رواية “منتزه مانسفيلد”(1814) لـ”جين أوستن”، و”كيم”(1901) لـ”روديارد كيبلنغ”، و”قلب الظلام” (1899) لـ”جوزيف كونراد”. . وأضيف أنا هنا رواية “الطليعي الأسود” (1952)، للبناني “إدوارد عطية”، خريج جامعة أكسفورد، الذي نشاء في السودان وكان معلماً في كلية غوردون، ثم موظفا للعلاقات العامة والمخابرات في مكتب السكرتير الإداري.
في مثل هذه الكتابات-يقول “إدوارد سعيد”-دفنتْ بين طيات الخطاب الروائي والقصصي، معانٍ مشبوهة ضد الشعوب المقهورة، ليس سهلا كشف تحيّزاتها المدسوسة ولا تنميطاتها الخفية، نظراً لكونها تنتمي إلى “الكتابة المتخيلة” والأعمال الجمالية، ولا تصنف ضمن الكتابة في التاريخ أو الأنثروبولوجيا. .
هذه إشارة عجلى لما طرحه “إدوارد سعيد” عن ظاهرة “الاستشراق”، وعن نقده لظاهرة “الكولونيالية”، في كتابٍ له بالإنجليزية بعنوان “الثقافة والإمبريالية”(1978)، وقد نقله المترجمون إلى العربية بعنوان “الثقافة والاستعمار”. و”الامبريالية” في معناها القاموسي هي نشر الدولة الأقوى نفوذها على البلد الأضعف، وبهذا تكاد أن تماثل في المعنى مصطلح “كولونيالية”. ولن أسهب هنا فيما كتب الرجل، فهو مفكر شديد الذكاء وعظيم الحضور، في الحياة الثقافية والفكرية العالمية. .
ولقد لاحظتً أن د.عابدين استعمل مصطلحي “الاستعمار” و”الكولونيالية” وكأنهما مترادفان لمعنىً واحد. أرجو أن لا يُظنّ أن تلك حذلقة لفظية عارضة، إذ يتصل ذلك بالمدلولات اللغوية لمصطلحات تبدو متشابهة وتعقيدات ترجمتها من لغة إلى لغة أخرى، ليس مكانها هنا. ولكني قصدتُ ضرورة توخّي الحذر في الطروحات التي تأتينا من الغرب وليست كلها خالية من الغرض. إن المعنى القرآني في كلمة “الاستعمار”، يرجّح الإيجابي، فيما المعنى الأوسع له والذي اعتمدناه ربما لسلاسته ليشير إلى “سلبية” ظاهرة الاحتلال والسيطرة القسرية، وذلك ما ينبغي أن يحيلنا لاعتماد “الكولونيالية” مصطلحاً محايداً، يحتمل الإيجابي كما السلبي. لكن نجد د.عابدين نظر إلى بعض إيجابيات لم يُتح للمؤرخين رصدها، وبينها العلاقات الإنسانية الاستثنائية التي نمتْ على هامش العلاقات الهيكلية بين المُحتل المُستغِل (الإنجليز) والطرف الضعيف المُستغَل (السودانيون)، وهي موضوع كتابه الفريد هذا.. على سبيل المثال فإنّ نظام التعليم الذي خُطّط للسودانيين، برعاية الإدارة البريطانية في “بخت الرضا”، في مقارنة عجلى مع نظام التعليم الذي خُطط في “كلية فيكتوريا” في الاسكندرية، التي حرمت على طلابها التكلم بأية لغة غير اللغة الإنجليزية داخل الكلية، هيَ ما يؤكد بجلاء العنصر الإنساني الإيجابي في ظاهرة “الكولونيالية” التي عرفناها في السودان. ثمّة إشارات إلى ذلك وردت في كتاب د.عابدين..
III.
طبيعة السلك السياسي البريطاني في إدارة السودان (1899-1956):
ثمّة ملاحظتان هنا عن طبيعة السلك السياسي البريطاني الذي حكم السودان لنحو ستين عاما انتهت باستقلال السودان عام 1956.
الملاحظة الأولى تتصل بوضع السودان الاستثنائي وفق اتفاقية الحكم الثنائي لعام 18999، إذ لم يكن السودان يُحسب مستعمرة مثل بقية مستعمرات التاج البريطاني، إذ لمصر شراكة ولو شكلية في إدارته.
والملاحظة الثانية تتصل بالمعايير الخاصة المتبعة في اختيار موظفي الخدمة السياسية في السودان من بين خريجي الجامعات البريطانية العريقة والمرموقة، واعتمادهم للعمل فيه، واختبار قدراتهم للعمل في منطقة شدّة مثل السودان، ووفق اشتراطات محددة.
ونقلاً عن ناشر كتاب “دونالد هولي”: “نقوش الخطى على رمال السودان”
(لندن،1982 )، أورد د.عابدين مقتطفاً مهماً، أوضح فيه الوضع الفريد للإدارة السياسية البريطانية في السودان، وهو وضع أشبه بحكم ذاتي في إطار الامبراطورية”، كنظام انتج رجالا لعبوا فيما بعد أدوارا هامة في الشرق الأوسط وأيضا افريقيا كدبلوماسيين وسفراء وحكام في بعض المستعمرات:
– بول بلفور سفيراً في العراق فالأردن فتونس، وقد كان في السلك السياسي لإدارة السودان..
– كاردين سفيراً لدى اليمن ثم السودان، وقد كان في السلك السياسي لإدارة السودان..
– دنكان سفيراً في المغرب ثم زامبيا، وقد كان في السلك السياسي لإدارة السودان..
– السير جيمس روبرتسون حاكماً عاما في نيجيريا، وقد كان السكرتير الإداري في السودان وينوب عن الحاكم العام ..
– وليام لوس حاكما لليمن الجنوبي، وقد كان مستشارا لحاكم عام السودان..
– هارولد ماكمايكل حاكما عاما في تنجانيقا (1933)، وقد كان يشغل منصب السكرتير الإداري في السلك السياسي لإدارة السودان..
لكأنّ العمل في السودان يعدّ مختبراً لصقل القدرات، ومعهداً خاصاً لاكتساب الخبرات، يمهّد لتكليف موظفي السلك السياسيّ في السودان لمهام “كولونيالية” أخرى في بقية المستعمرات البريطانية. نلاحظ أنّ كلّ الإداريين الذين خرجوا من السودان، تولوا مهام أكبر من مهامهم في السودان، كما هو واضح ممّن أوردنا بعض أسماءهم في القائمة أعلاهأقرب إلى القلب:
I .
هذا كتاب فريد، يقترب من التاريخ بقدر، مثلما يبتعد عنه بقدر.. تخصص د. عابدين في التاريخ المعاصر كما تعمق في دراسات تاريخ السودان المعاصر. غير أن د. عابدين امتهن الدبلوماسية بعد تجربته الأكاديمية في التدريس في جامعة سعود بالرياض وجامعة الخرطوم في السودان.
لعلّ تجربته الدبلوماسية سفيرا في لندن، هي التي ألهمته النظر في العلاقات الإنسانية بين بعض السودانيين وبعض البريطانيين الذين خدموا في البلاد خلال فترة الحكم الثنائي التي كادت أن تبلغ الستين عاما. ولعلّ تفرّد السودان من بين مستعمرات التاج البريطاني، هو ما قد يفسر طبيعة العلاقات الانسانية التي نشأت على غير ما عرفنا عن علاقات “المستعمِر” “بالمستعمَر”.
وإني أعرض هنا إلى طبيعة مصطلح “الاستعمار” نفسه، ثم أحدث عن بعض أحوال السلك السياسي البريطاني الذي أدار السودان خلال تلكم السنوات. حديثي إذن يحوي ملاحظات وربما إضافات هنا وهناك..
II.
المصطلح: الإعمار أم الاستعمار أم الكولونيالية ؟ :
جاء في التنزيل العزيز: في سورة هود:( وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ) (61)؛ أَي أَذِن لكم في عِمارتها وجعَلَكم عُمَّارَها.
وجاء في تفسير الطبري: مفهوم استعمركم فيها كما ورد ذكره سابقاً، أي أسكنكم فيها أيام حياتكم وجعلكم عُمّاراً فيها.
المعنى القرآني هو الأمر الربّاني بالإذن لإعمار الأرض، وذلك أمرُ يحمل مضامين إيجابية، بل خيراً كثيرا. غير أن مصطلح “الاستعمار”، كما ساد استعماله الأوسع لعقود طويلة، يعني سيطرة القويّ على الضعيف، يحتلّ أرضه احتلالاً ليأخذ خيراتها ويقهر أبناءها قهراً ليسلب الإرادة. يحمل مصطلح “الاستعمار” في طياته، معنىً سلبياً واضحاً، يستبطن ظلماً لا خيراً. أجده -وإن رسخ استعماله-مصطلحاً غير دقيق. وهنا أميل إلى استعمال المصطلح الإنجليزي “الكولونيالية” colonialism كوصفٍ دقيق للحالة التي استولى فيها الأقوياء من شعوب الحضارة الغربية، على أقاليم الضعفاء(colonies) في القارات الأخرى المستضعفة، واستغلوا ثرواتها وقهروا شعوبها وسلبوا إرادتها.
غير أنّ مفكرين كثر، منهم “إدوارد سعيد” (1935-2003)، تعمّقوا في تحليل ظاهرة “الكولونيالية”، وأبانوا خواء الادعاء الذي أسمته الحضارة الغربية: “عبء الرجل الأبيض”، الذي يفترض مركزية تلك الحضارة، إزاء الحضارات الأخرى، وهي ترى القارة الأفريقية ? مثلا-خلوّاً مِن أيّ ثقافة.. لكأنهم قدِموا من “مركزهم” يحملون مشاعل التنوير والحداثة والعصرنة، إلى سكان “الهوامش”، المعذبين في الأرض على قول الجزائري الفرنسي فرانز فانون.
في كتابه “الثقافة والإمبريالية” قرأ “سعيد” سرديات روائية استقرتْ في الذائقة العامة للغربيين (كما للشرقيين بسبب التمركز الأوروبي الإنجليزي في هذه الحالة)، مثل رواية “منتزه مانسفيلد”(1814) لـ”جين أوستن”، و”كيم”(1901) لـ”روديارد كيبلنغ”، و”قلب الظلام” (1899) لـ”جوزيف كونراد”. . وأضيف أنا هنا رواية “الطليعي الأسود” (1952)، للبناني “إدوارد عطية”، خريج جامعة أكسفورد، الذي نشاء في السودان وكان معلماً في كلية غوردون، ثم موظفا للعلاقات العامة والمخابرات في مكتب السكرتير الإداري.
في مثل هذه الكتابات-يقول “إدوارد سعيد”-دفنتْ بين طيات الخطاب الروائي والقصصي، معانٍ مشبوهة ضد الشعوب المقهورة، ليس سهلا كشف تحيّزاتها المدسوسة ولا تنميطاتها الخفية، نظراً لكونها تنتمي إلى “الكتابة المتخيلة” والأعمال الجمالية، ولا تصنف ضمن الكتابة في التاريخ أو الأنثروبولوجيا. .
هذه إشارة عجلى لما طرحه “إدوارد سعيد” عن ظاهرة “الاستشراق”، وعن نقده لظاهرة “الكولونيالية”، في كتابٍ له بالإنجليزية بعنوان “الثقافة والإمبريالية”(1978)، وقد نقله المترجمون إلى العربية بعنوان “الثقافة والاستعمار”. و”الامبريالية” في معناها القاموسي هي نشر الدولة الأقوى نفوذها على البلد الأضعف، وبهذا تكاد أن تماثل في المعنى مصطلح “كولونيالية”. ولن أسهب هنا فيما كتب الرجل، فهو مفكر شديد الذكاء وعظيم الحضور، في الحياة الثقافية والفكرية العالمية. .
ولقد لاحظتً أن د.عابدين استعمل مصطلحي “الاستعمار” و”الكولونيالية” وكأنهما مترادفان لمعنىً واحد. أرجو أن لا يُظنّ أن تلك حذلقة لفظية عارضة، إذ يتصل ذلك بالمدلولات اللغوية لمصطلحات تبدو متشابهة وتعقيدات ترجمتها من لغة إلى لغة أخرى، ليس مكانها هنا. ولكني قصدتُ ضرورة توخّي الحذر في الطروحات التي تأتينا من الغرب وليست كلها خالية من الغرض. إن المعنى القرآني في كلمة “الاستعمار”، يرجّح الإيجابي، فيما المعنى الأوسع له والذي اعتمدناه ربما لسلاسته ليشير إلى “سلبية” ظاهرة الاحتلال والسيطرة القسرية، وذلك ما ينبغي أن يحيلنا لاعتماد “الكولونيالية” مصطلحاً محايداً، يحتمل الإيجابي كما السلبي. لكن نجد د.عابدين نظر إلى بعض إيجابيات لم يُتح للمؤرخين رصدها، وبينها العلاقات الإنسانية الاستثنائية التي نمتْ على هامش العلاقات الهيكلية بين المُحتل المُستغِل (الإنجليز) والطرف الضعيف المُستغَل (السودانيون)، وهي موضوع كتابه الفريد هذا.. على سبيل المثال فإنّ نظام التعليم الذي خُطّط للسودانيين، برعاية الإدارة البريطانية في “بخت الرضا”، في مقارنة عجلى مع نظام التعليم الذي خُطط في “كلية فيكتوريا” في الاسكندرية، التي حرمت على طلابها التكلم بأية لغة غير اللغة الإنجليزية داخل الكلية، هيَ ما يؤكد بجلاء العنصر الإنساني الإيجابي في ظاهرة “الكولونيالية” التي عرفناها في السودان. ثمّة إشارات إلى ذلك وردت في كتاب د.عابدين..
III.
طبيعة السلك السياسي البريطاني في إدارة السودان (1899-1956):
ثمّة ملاحظتان هنا عن طبيعة السلك السياسي البريطاني الذي حكم السودان لنحو ستين عاما انتهت باستقلال السودان عام 1956.
الملاحظة الأولى تتصل بوضع السودان الاستثنائي وفق اتفاقية الحكم الثنائي لعام 18999، إذ لم يكن السودان يُحسب مستعمرة مثل بقية مستعمرات التاج البريطاني، إذ لمصر شراكة ولو شكلية في إدارته.
والملاحظة الثانية تتصل بالمعايير الخاصة المتبعة في اختيار موظفي الخدمة السياسية في السودان من بين خريجي الجامعات البريطانية العريقة والمرموقة، واعتمادهم للعمل فيه، واختبار قدراتهم للعمل في منطقة شدّة مثل السودان، ووفق اشتراطات محددة.
ونقلاً عن ناشر كتاب “دونالد هولي”: “نقوش الخطى على رمال السودان”
(لندن،1982 )، أورد د.عابدين مقتطفاً مهماً، أوضح فيه الوضع الفريد للإدارة السياسية البريطانية في السودان، وهو وضع أشبه بحكم ذاتي في إطار الامبراطورية”، كنظام انتج رجالا لعبوا فيما بعد أدوارا هامة في الشرق الأوسط وأيضا افريقيا كدبلوماسيين وسفراء وحكام في بعض المستعمرات:
– بول بلفور سفيراً في العراق فالأردن فتونس، وقد كان في السلك السياسي لإدارة السودان..
– كاردين سفيراً لدى اليمن ثم السودان، وقد كان في السلك السياسي لإدارة السودان..
– دنكان سفيراً في المغرب ثم زامبيا، وقد كان في السلك السياسي لإدارة السودان..
– السير جيمس روبرتسون حاكماً عاما في نيجيريا، وقد كان السكرتير الإداري في السودان وينوب عن الحاكم العام ..
– وليام لوس حاكما لليمن الجنوبي، وقد كان مستشارا لحاكم عام السودان..
– هارولد ماكمايكل حاكما عاما في تنجانيقا (1933)، وقد كان يشغل منصب السكرتير الإداري في السلك السياسي لإدارة السودان..
لكأنّ العمل في السودان يعدّ مختبراً لصقل القدرات، ومعهداً خاصاً لاكتساب الخبرات، يمهّد لتكليف موظفي السلك السياسيّ في السودان لمهام “كولونيالية” أخرى في بقية المستعمرات البريطانية. نلاحظ أنّ كلّ الإداريين الذين خرجوا من السودان، تولوا مهام أكبر من مهامهم في السودان، كما هو واضح ممّن أوردنا بعض أسماءهم في القائمة أعلاه
أخي الكريم شوقي بدري ..، سلام من الله اليك .. وحفظك الله ومتعك بالصحة والعافية ..
من أجمل ما قرأت لك ..
تعرف يا شوقي .. مقالك دا مفروض يكون دستور معلق ..
يأخي ..أغرب شئ .. نحن .. ناس يحبونا كل هذا الحب ونحن نبادلهم العنصرية والرفض .. تعرف .. المحنة الفيها اهلنا الجنوبيين الايام دي .. هي فرصتنا الحقيقية عشان نلم اهلنا ديل علينا .. ونرجع ليهم بعض الفضل ..ياخي .. يكفي انهم هم من بنو السودان علي اكتافهم ..
أستغرب لبعض الاصوات الرافضة لمساعدة اهل الجنوب في محنتهم !!!
عموما .. تسلم علي هذا المقال الجميل .. حفظك الله واهليك ومتعكم بالصحة والسرور
اقتباس (قبل انفصال الجنوب بمدة قصيرة ذهبت الي برلين وكان السفير فقوق يوسف نقور جوك ,, عمر ,, في برلين وكان معه السفير بهاء الدين حنفي مهندس عريضة العشرة ضد الترابي . واخذني الاخ جعفر سعد احد اعلام برلين الي منزل السفير فقوق يوسف نقور . وعندما احتضنته لم اتمالك نفسي وانتحبت بحرقة)……
عارف بكيت ليه؟ ؟ ؟ لأنك عتالى كضاب و مؤلف قصص ترضى خيالك المريض وعنده نقصد فى كونك فاقد تربوي وأخلاقى… تتغدا مع السفير هههه والله شكرى عبد القيوم لو اتعرس ليك 124578890 سنه ما تحلم تتغدا مع سواق السفير يالا بلا لمه سفير روسى قال
روعة يا رائع …. اطال الله فى عمرك صحة وعافية وعطاء .
كلام جميل بس لي تعليق بسيط :-
هو تحدث عن الجنوبين انهم يحملون اسماء عربية مثل الدناقلة والمحس والزغاوة
ولم يقل سائر قبائل الشمال مثل الرباطاب والشوايقة والجعليين والبدرية وكانهم هؤلاء عرب عاربة ماخذين العربية من جد الى جد الس كل هؤلاء خليط من النوبيين والعرب الانهم يتحدثون العربية ايه يعنى
القبائل الراطنة في الشمال يتحثون العربية كلغة ثانية ولكنهم اشطر من البافين في العربية منهم شعراء وروائيون ومذيعون … الخ
ولم التعالي ؟
وما قيمة العربي والعربية لولا القران ؟
ما اروعك يا عم شوقي
مقال يشدك ويتغلغل داخلك
كل ما قلته في اللص الكاذب الفاجر الواطي المنحط القاتل الجاهل الحاقد صلاح كرار صحيح ونسأل الله ان يرينا فيه يوما اسودا
منتهى الجمال ومدرسة ادبية في الترسّل والاستطراد وصياغة الطرفة وسؤالي اذا كانت هذه المقالات الرائعة ستنتهي على هذه الشاشة امامنا ام لها برنامج للنشر ومفترض ان تهتم بها جهة ما لمل تتضمنه من معلومات ثقافية وتاريخية ومن إحسان الصلة مع اشقاء لنا ابعدهم عنللللللا هؤلاء المجارمة اولاد اللزين
صلاح دولار او صلاح كرار هذا ما عارف – وبالرغم من أنه قد يمت للاستاذ شوقي بصلة ما اذ انه احد ابناء جلدته – ولكن نرى الاستاذ شوقي يغلظ له في القول .. لماذا ؟ لان الاخ شوقي لا تأخذه في الحق لومة لائم وما عنده خيار وفقوس الفاسد يقول له انت فاسد في عينه دون خوف او مواربه سواء كان من قبيلته او من العراق او من واق الواق زاتو .. لك التحيه يا استاذنا بدري وأسال الله ان يرحم الوالد مربي الاجيال ابراهيم بدري وان يرحم الجد بابكر فهؤلاء لهم فضل كبير على ابناء هذا الوطن ..
الكاتب الذي لا يوجع قلوب القراء فليس بكاتب وقد طفقت توجع قلوبنا يا شوقي متعك الله بالصحة والعافية….!!
التخلي عن الجنوب سيظل جرح مفتوح في قلب و وجدان كل سودانى أحب الجنوب وأهله بمختلف سحناتهم وطبائعهم الهادئة المائلة الى روح المرح والطيبة, أنا شخصيا عاشرت الكثيرين منهم نساء ورجال داخل وخارج السودان ان بادلتهم الحب والاحترام تجد منهم يبادلونك أفضل وأجمل ما تحمله المشاعر الإنسانية وهى مسألة عطاء متبادل, فقدان الجنوب هو خسارة كبرى في نواح كثيرة منها فرصة خلق مجتمع دينمايكى مميز قوى بشعار قوس قزح الرائع, ولكن طاعون الإنقاذ للأسف لم يستثنى هذا الامل والحلم الجميل من القضاء عليه.
المعلومات الغزيرة.التجارب الثرّة وإيقاظ الإحساس بها وبكُلّ ماهو إنساني.الصدق الجارح.الصراحة وإن كانت صادمة.هذه هي مميزات كتابات العم شوقي.إنَّ شوقي كنز من كنوزنا.ولقد ذكرتُ في النص المنشور لي علي هذه الصحيفة بعنوان شارع الغابة نحواً من هذا.
لك تحياتي الاستاذ الرائع شوقي بدري
ما اروعك
الحكي يصيبك بالذهول الجميل و عرفان العقل
بروس الفكر و السياسة ما ابشعه عشنا مع اهلنا الجنوبيين سنوات فوجدنا أن الدم و الروح هي هي
شاء من شاء و أبي من أبي
ع
أقرب إلى القلب:
I .
هذا كتاب فريد، يقترب من التاريخ بقدر، مثلما يبتعد عنه بقدر.. تخصص د. عابدين في التاريخ المعاصر كما تعمق في دراسات تاريخ السودان المعاصر. غير أن د. عابدين امتهن الدبلوماسية بعد تجربته الأكاديمية في التدريس في جامعة سعود بالرياض وجامعة الخرطوم في السودان.
لعلّ تجربته الدبلوماسية سفيرا في لندن، هي التي ألهمته النظر في العلاقات الإنسانية بين بعض السودانيين وبعض البريطانيين الذين خدموا في البلاد خلال فترة الحكم الثنائي التي كادت أن تبلغ الستين عاما. ولعلّ تفرّد السودان من بين مستعمرات التاج البريطاني، هو ما قد يفسر طبيعة العلاقات الانسانية التي نشأت على غير ما عرفنا عن علاقات “المستعمِر” “بالمستعمَر”.
وإني أعرض هنا إلى طبيعة مصطلح “الاستعمار” نفسه، ثم أحدث عن بعض أحوال السلك السياسي البريطاني الذي أدار السودان خلال تلكم السنوات. حديثي إذن يحوي ملاحظات وربما إضافات هنا وهناك..
II.
المصطلح: الإعمار أم الاستعمار أم الكولونيالية ؟ :
جاء في التنزيل العزيز: في سورة هود:( وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ) (61)؛ أَي أَذِن لكم في عِمارتها وجعَلَكم عُمَّارَها.
وجاء في تفسير الطبري: مفهوم استعمركم فيها كما ورد ذكره سابقاً، أي أسكنكم فيها أيام حياتكم وجعلكم عُمّاراً فيها.
المعنى القرآني هو الأمر الربّاني بالإذن لإعمار الأرض، وذلك أمرُ يحمل مضامين إيجابية، بل خيراً كثيرا. غير أن مصطلح “الاستعمار”، كما ساد استعماله الأوسع لعقود طويلة، يعني سيطرة القويّ على الضعيف، يحتلّ أرضه احتلالاً ليأخذ خيراتها ويقهر أبناءها قهراً ليسلب الإرادة. يحمل مصطلح “الاستعمار” في طياته، معنىً سلبياً واضحاً، يستبطن ظلماً لا خيراً. أجده -وإن رسخ استعماله-مصطلحاً غير دقيق. وهنا أميل إلى استعمال المصطلح الإنجليزي “الكولونيالية” colonialism كوصفٍ دقيق للحالة التي استولى فيها الأقوياء من شعوب الحضارة الغربية، على أقاليم الضعفاء(colonies) في القارات الأخرى المستضعفة، واستغلوا ثرواتها وقهروا شعوبها وسلبوا إرادتها.
غير أنّ مفكرين كثر، منهم “إدوارد سعيد” (1935-2003)، تعمّقوا في تحليل ظاهرة “الكولونيالية”، وأبانوا خواء الادعاء الذي أسمته الحضارة الغربية: “عبء الرجل الأبيض”، الذي يفترض مركزية تلك الحضارة، إزاء الحضارات الأخرى، وهي ترى القارة الأفريقية ? مثلا-خلوّاً مِن أيّ ثقافة.. لكأنهم قدِموا من “مركزهم” يحملون مشاعل التنوير والحداثة والعصرنة، إلى سكان “الهوامش”، المعذبين في الأرض على قول الجزائري الفرنسي فرانز فانون.
في كتابه “الثقافة والإمبريالية” قرأ “سعيد” سرديات روائية استقرتْ في الذائقة العامة للغربيين (كما للشرقيين بسبب التمركز الأوروبي الإنجليزي في هذه الحالة)، مثل رواية “منتزه مانسفيلد”(1814) لـ”جين أوستن”، و”كيم”(1901) لـ”روديارد كيبلنغ”، و”قلب الظلام” (1899) لـ”جوزيف كونراد”. . وأضيف أنا هنا رواية “الطليعي الأسود” (1952)، للبناني “إدوارد عطية”، خريج جامعة أكسفورد، الذي نشاء في السودان وكان معلماً في كلية غوردون، ثم موظفا للعلاقات العامة والمخابرات في مكتب السكرتير الإداري.
في مثل هذه الكتابات-يقول “إدوارد سعيد”-دفنتْ بين طيات الخطاب الروائي والقصصي، معانٍ مشبوهة ضد الشعوب المقهورة، ليس سهلا كشف تحيّزاتها المدسوسة ولا تنميطاتها الخفية، نظراً لكونها تنتمي إلى “الكتابة المتخيلة” والأعمال الجمالية، ولا تصنف ضمن الكتابة في التاريخ أو الأنثروبولوجيا. .
هذه إشارة عجلى لما طرحه “إدوارد سعيد” عن ظاهرة “الاستشراق”، وعن نقده لظاهرة “الكولونيالية”، في كتابٍ له بالإنجليزية بعنوان “الثقافة والإمبريالية”(1978)، وقد نقله المترجمون إلى العربية بعنوان “الثقافة والاستعمار”. و”الامبريالية” في معناها القاموسي هي نشر الدولة الأقوى نفوذها على البلد الأضعف، وبهذا تكاد أن تماثل في المعنى مصطلح “كولونيالية”. ولن أسهب هنا فيما كتب الرجل، فهو مفكر شديد الذكاء وعظيم الحضور، في الحياة الثقافية والفكرية العالمية. .
ولقد لاحظتً أن د.عابدين استعمل مصطلحي “الاستعمار” و”الكولونيالية” وكأنهما مترادفان لمعنىً واحد. أرجو أن لا يُظنّ أن تلك حذلقة لفظية عارضة، إذ يتصل ذلك بالمدلولات اللغوية لمصطلحات تبدو متشابهة وتعقيدات ترجمتها من لغة إلى لغة أخرى، ليس مكانها هنا. ولكني قصدتُ ضرورة توخّي الحذر في الطروحات التي تأتينا من الغرب وليست كلها خالية من الغرض. إن المعنى القرآني في كلمة “الاستعمار”، يرجّح الإيجابي، فيما المعنى الأوسع له والذي اعتمدناه ربما لسلاسته ليشير إلى “سلبية” ظاهرة الاحتلال والسيطرة القسرية، وذلك ما ينبغي أن يحيلنا لاعتماد “الكولونيالية” مصطلحاً محايداً، يحتمل الإيجابي كما السلبي. لكن نجد د.عابدين نظر إلى بعض إيجابيات لم يُتح للمؤرخين رصدها، وبينها العلاقات الإنسانية الاستثنائية التي نمتْ على هامش العلاقات الهيكلية بين المُحتل المُستغِل (الإنجليز) والطرف الضعيف المُستغَل (السودانيون)، وهي موضوع كتابه الفريد هذا.. على سبيل المثال فإنّ نظام التعليم الذي خُطّط للسودانيين، برعاية الإدارة البريطانية في “بخت الرضا”، في مقارنة عجلى مع نظام التعليم الذي خُطط في “كلية فيكتوريا” في الاسكندرية، التي حرمت على طلابها التكلم بأية لغة غير اللغة الإنجليزية داخل الكلية، هيَ ما يؤكد بجلاء العنصر الإنساني الإيجابي في ظاهرة “الكولونيالية” التي عرفناها في السودان. ثمّة إشارات إلى ذلك وردت في كتاب د.عابدين..
III.
طبيعة السلك السياسي البريطاني في إدارة السودان (1899-1956):
ثمّة ملاحظتان هنا عن طبيعة السلك السياسي البريطاني الذي حكم السودان لنحو ستين عاما انتهت باستقلال السودان عام 1956.
الملاحظة الأولى تتصل بوضع السودان الاستثنائي وفق اتفاقية الحكم الثنائي لعام 18999، إذ لم يكن السودان يُحسب مستعمرة مثل بقية مستعمرات التاج البريطاني، إذ لمصر شراكة ولو شكلية في إدارته.
والملاحظة الثانية تتصل بالمعايير الخاصة المتبعة في اختيار موظفي الخدمة السياسية في السودان من بين خريجي الجامعات البريطانية العريقة والمرموقة، واعتمادهم للعمل فيه، واختبار قدراتهم للعمل في منطقة شدّة مثل السودان، ووفق اشتراطات محددة.
ونقلاً عن ناشر كتاب “دونالد هولي”: “نقوش الخطى على رمال السودان”
(لندن،1982 )، أورد د.عابدين مقتطفاً مهماً، أوضح فيه الوضع الفريد للإدارة السياسية البريطانية في السودان، وهو وضع أشبه بحكم ذاتي في إطار الامبراطورية”، كنظام انتج رجالا لعبوا فيما بعد أدوارا هامة في الشرق الأوسط وأيضا افريقيا كدبلوماسيين وسفراء وحكام في بعض المستعمرات:
– بول بلفور سفيراً في العراق فالأردن فتونس، وقد كان في السلك السياسي لإدارة السودان..
– كاردين سفيراً لدى اليمن ثم السودان، وقد كان في السلك السياسي لإدارة السودان..
– دنكان سفيراً في المغرب ثم زامبيا، وقد كان في السلك السياسي لإدارة السودان..
– السير جيمس روبرتسون حاكماً عاما في نيجيريا، وقد كان السكرتير الإداري في السودان وينوب عن الحاكم العام ..
– وليام لوس حاكما لليمن الجنوبي، وقد كان مستشارا لحاكم عام السودان..
– هارولد ماكمايكل حاكما عاما في تنجانيقا (1933)، وقد كان يشغل منصب السكرتير الإداري في السلك السياسي لإدارة السودان..
لكأنّ العمل في السودان يعدّ مختبراً لصقل القدرات، ومعهداً خاصاً لاكتساب الخبرات، يمهّد لتكليف موظفي السلك السياسيّ في السودان لمهام “كولونيالية” أخرى في بقية المستعمرات البريطانية. نلاحظ أنّ كلّ الإداريين الذين خرجوا من السودان، تولوا مهام أكبر من مهامهم في السودان، كما هو واضح ممّن أوردنا بعض أسماءهم في القائمة أعلاهأقرب إلى القلب:
I .
هذا كتاب فريد، يقترب من التاريخ بقدر، مثلما يبتعد عنه بقدر.. تخصص د. عابدين في التاريخ المعاصر كما تعمق في دراسات تاريخ السودان المعاصر. غير أن د. عابدين امتهن الدبلوماسية بعد تجربته الأكاديمية في التدريس في جامعة سعود بالرياض وجامعة الخرطوم في السودان.
لعلّ تجربته الدبلوماسية سفيرا في لندن، هي التي ألهمته النظر في العلاقات الإنسانية بين بعض السودانيين وبعض البريطانيين الذين خدموا في البلاد خلال فترة الحكم الثنائي التي كادت أن تبلغ الستين عاما. ولعلّ تفرّد السودان من بين مستعمرات التاج البريطاني، هو ما قد يفسر طبيعة العلاقات الانسانية التي نشأت على غير ما عرفنا عن علاقات “المستعمِر” “بالمستعمَر”.
وإني أعرض هنا إلى طبيعة مصطلح “الاستعمار” نفسه، ثم أحدث عن بعض أحوال السلك السياسي البريطاني الذي أدار السودان خلال تلكم السنوات. حديثي إذن يحوي ملاحظات وربما إضافات هنا وهناك..
II.
المصطلح: الإعمار أم الاستعمار أم الكولونيالية ؟ :
جاء في التنزيل العزيز: في سورة هود:( وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ) (61)؛ أَي أَذِن لكم في عِمارتها وجعَلَكم عُمَّارَها.
وجاء في تفسير الطبري: مفهوم استعمركم فيها كما ورد ذكره سابقاً، أي أسكنكم فيها أيام حياتكم وجعلكم عُمّاراً فيها.
المعنى القرآني هو الأمر الربّاني بالإذن لإعمار الأرض، وذلك أمرُ يحمل مضامين إيجابية، بل خيراً كثيرا. غير أن مصطلح “الاستعمار”، كما ساد استعماله الأوسع لعقود طويلة، يعني سيطرة القويّ على الضعيف، يحتلّ أرضه احتلالاً ليأخذ خيراتها ويقهر أبناءها قهراً ليسلب الإرادة. يحمل مصطلح “الاستعمار” في طياته، معنىً سلبياً واضحاً، يستبطن ظلماً لا خيراً. أجده -وإن رسخ استعماله-مصطلحاً غير دقيق. وهنا أميل إلى استعمال المصطلح الإنجليزي “الكولونيالية” colonialism كوصفٍ دقيق للحالة التي استولى فيها الأقوياء من شعوب الحضارة الغربية، على أقاليم الضعفاء(colonies) في القارات الأخرى المستضعفة، واستغلوا ثرواتها وقهروا شعوبها وسلبوا إرادتها.
غير أنّ مفكرين كثر، منهم “إدوارد سعيد” (1935-2003)، تعمّقوا في تحليل ظاهرة “الكولونيالية”، وأبانوا خواء الادعاء الذي أسمته الحضارة الغربية: “عبء الرجل الأبيض”، الذي يفترض مركزية تلك الحضارة، إزاء الحضارات الأخرى، وهي ترى القارة الأفريقية ? مثلا-خلوّاً مِن أيّ ثقافة.. لكأنهم قدِموا من “مركزهم” يحملون مشاعل التنوير والحداثة والعصرنة، إلى سكان “الهوامش”، المعذبين في الأرض على قول الجزائري الفرنسي فرانز فانون.
في كتابه “الثقافة والإمبريالية” قرأ “سعيد” سرديات روائية استقرتْ في الذائقة العامة للغربيين (كما للشرقيين بسبب التمركز الأوروبي الإنجليزي في هذه الحالة)، مثل رواية “منتزه مانسفيلد”(1814) لـ”جين أوستن”، و”كيم”(1901) لـ”روديارد كيبلنغ”، و”قلب الظلام” (1899) لـ”جوزيف كونراد”. . وأضيف أنا هنا رواية “الطليعي الأسود” (1952)، للبناني “إدوارد عطية”، خريج جامعة أكسفورد، الذي نشاء في السودان وكان معلماً في كلية غوردون، ثم موظفا للعلاقات العامة والمخابرات في مكتب السكرتير الإداري.
في مثل هذه الكتابات-يقول “إدوارد سعيد”-دفنتْ بين طيات الخطاب الروائي والقصصي، معانٍ مشبوهة ضد الشعوب المقهورة، ليس سهلا كشف تحيّزاتها المدسوسة ولا تنميطاتها الخفية، نظراً لكونها تنتمي إلى “الكتابة المتخيلة” والأعمال الجمالية، ولا تصنف ضمن الكتابة في التاريخ أو الأنثروبولوجيا. .
هذه إشارة عجلى لما طرحه “إدوارد سعيد” عن ظاهرة “الاستشراق”، وعن نقده لظاهرة “الكولونيالية”، في كتابٍ له بالإنجليزية بعنوان “الثقافة والإمبريالية”(1978)، وقد نقله المترجمون إلى العربية بعنوان “الثقافة والاستعمار”. و”الامبريالية” في معناها القاموسي هي نشر الدولة الأقوى نفوذها على البلد الأضعف، وبهذا تكاد أن تماثل في المعنى مصطلح “كولونيالية”. ولن أسهب هنا فيما كتب الرجل، فهو مفكر شديد الذكاء وعظيم الحضور، في الحياة الثقافية والفكرية العالمية. .
ولقد لاحظتً أن د.عابدين استعمل مصطلحي “الاستعمار” و”الكولونيالية” وكأنهما مترادفان لمعنىً واحد. أرجو أن لا يُظنّ أن تلك حذلقة لفظية عارضة، إذ يتصل ذلك بالمدلولات اللغوية لمصطلحات تبدو متشابهة وتعقيدات ترجمتها من لغة إلى لغة أخرى، ليس مكانها هنا. ولكني قصدتُ ضرورة توخّي الحذر في الطروحات التي تأتينا من الغرب وليست كلها خالية من الغرض. إن المعنى القرآني في كلمة “الاستعمار”، يرجّح الإيجابي، فيما المعنى الأوسع له والذي اعتمدناه ربما لسلاسته ليشير إلى “سلبية” ظاهرة الاحتلال والسيطرة القسرية، وذلك ما ينبغي أن يحيلنا لاعتماد “الكولونيالية” مصطلحاً محايداً، يحتمل الإيجابي كما السلبي. لكن نجد د.عابدين نظر إلى بعض إيجابيات لم يُتح للمؤرخين رصدها، وبينها العلاقات الإنسانية الاستثنائية التي نمتْ على هامش العلاقات الهيكلية بين المُحتل المُستغِل (الإنجليز) والطرف الضعيف المُستغَل (السودانيون)، وهي موضوع كتابه الفريد هذا.. على سبيل المثال فإنّ نظام التعليم الذي خُطّط للسودانيين، برعاية الإدارة البريطانية في “بخت الرضا”، في مقارنة عجلى مع نظام التعليم الذي خُطط في “كلية فيكتوريا” في الاسكندرية، التي حرمت على طلابها التكلم بأية لغة غير اللغة الإنجليزية داخل الكلية، هيَ ما يؤكد بجلاء العنصر الإنساني الإيجابي في ظاهرة “الكولونيالية” التي عرفناها في السودان. ثمّة إشارات إلى ذلك وردت في كتاب د.عابدين..
III.
طبيعة السلك السياسي البريطاني في إدارة السودان (1899-1956):
ثمّة ملاحظتان هنا عن طبيعة السلك السياسي البريطاني الذي حكم السودان لنحو ستين عاما انتهت باستقلال السودان عام 1956.
الملاحظة الأولى تتصل بوضع السودان الاستثنائي وفق اتفاقية الحكم الثنائي لعام 18999، إذ لم يكن السودان يُحسب مستعمرة مثل بقية مستعمرات التاج البريطاني، إذ لمصر شراكة ولو شكلية في إدارته.
والملاحظة الثانية تتصل بالمعايير الخاصة المتبعة في اختيار موظفي الخدمة السياسية في السودان من بين خريجي الجامعات البريطانية العريقة والمرموقة، واعتمادهم للعمل فيه، واختبار قدراتهم للعمل في منطقة شدّة مثل السودان، ووفق اشتراطات محددة.
ونقلاً عن ناشر كتاب “دونالد هولي”: “نقوش الخطى على رمال السودان”
(لندن،1982 )، أورد د.عابدين مقتطفاً مهماً، أوضح فيه الوضع الفريد للإدارة السياسية البريطانية في السودان، وهو وضع أشبه بحكم ذاتي في إطار الامبراطورية”، كنظام انتج رجالا لعبوا فيما بعد أدوارا هامة في الشرق الأوسط وأيضا افريقيا كدبلوماسيين وسفراء وحكام في بعض المستعمرات:
– بول بلفور سفيراً في العراق فالأردن فتونس، وقد كان في السلك السياسي لإدارة السودان..
– كاردين سفيراً لدى اليمن ثم السودان، وقد كان في السلك السياسي لإدارة السودان..
– دنكان سفيراً في المغرب ثم زامبيا، وقد كان في السلك السياسي لإدارة السودان..
– السير جيمس روبرتسون حاكماً عاما في نيجيريا، وقد كان السكرتير الإداري في السودان وينوب عن الحاكم العام ..
– وليام لوس حاكما لليمن الجنوبي، وقد كان مستشارا لحاكم عام السودان..
– هارولد ماكمايكل حاكما عاما في تنجانيقا (1933)، وقد كان يشغل منصب السكرتير الإداري في السلك السياسي لإدارة السودان..
لكأنّ العمل في السودان يعدّ مختبراً لصقل القدرات، ومعهداً خاصاً لاكتساب الخبرات، يمهّد لتكليف موظفي السلك السياسيّ في السودان لمهام “كولونيالية” أخرى في بقية المستعمرات البريطانية. نلاحظ أنّ كلّ الإداريين الذين خرجوا من السودان، تولوا مهام أكبر من مهامهم في السودان، كما هو واضح ممّن أوردنا بعض أسماءهم في القائمة أعلاه
أخي الكريم شوقي بدري ..، سلام من الله اليك .. وحفظك الله ومتعك بالصحة والعافية ..
من أجمل ما قرأت لك ..
تعرف يا شوقي .. مقالك دا مفروض يكون دستور معلق ..
يأخي ..أغرب شئ .. نحن .. ناس يحبونا كل هذا الحب ونحن نبادلهم العنصرية والرفض .. تعرف .. المحنة الفيها اهلنا الجنوبيين الايام دي .. هي فرصتنا الحقيقية عشان نلم اهلنا ديل علينا .. ونرجع ليهم بعض الفضل ..ياخي .. يكفي انهم هم من بنو السودان علي اكتافهم ..
أستغرب لبعض الاصوات الرافضة لمساعدة اهل الجنوب في محنتهم !!!
عموما .. تسلم علي هذا المقال الجميل .. حفظك الله واهليك ومتعكم بالصحة والسرور
اقتباس (قبل انفصال الجنوب بمدة قصيرة ذهبت الي برلين وكان السفير فقوق يوسف نقور جوك ,, عمر ,, في برلين وكان معه السفير بهاء الدين حنفي مهندس عريضة العشرة ضد الترابي . واخذني الاخ جعفر سعد احد اعلام برلين الي منزل السفير فقوق يوسف نقور . وعندما احتضنته لم اتمالك نفسي وانتحبت بحرقة)……
عارف بكيت ليه؟ ؟ ؟ لأنك عتالى كضاب و مؤلف قصص ترضى خيالك المريض وعنده نقصد فى كونك فاقد تربوي وأخلاقى… تتغدا مع السفير هههه والله شكرى عبد القيوم لو اتعرس ليك 124578890 سنه ما تحلم تتغدا مع سواق السفير يالا بلا لمه سفير روسى قال
روعة يا رائع …. اطال الله فى عمرك صحة وعافية وعطاء .
كلام جميل بس لي تعليق بسيط :-
هو تحدث عن الجنوبين انهم يحملون اسماء عربية مثل الدناقلة والمحس والزغاوة
ولم يقل سائر قبائل الشمال مثل الرباطاب والشوايقة والجعليين والبدرية وكانهم هؤلاء عرب عاربة ماخذين العربية من جد الى جد الس كل هؤلاء خليط من النوبيين والعرب الانهم يتحدثون العربية ايه يعنى
القبائل الراطنة في الشمال يتحثون العربية كلغة ثانية ولكنهم اشطر من البافين في العربية منهم شعراء وروائيون ومذيعون … الخ
ولم التعالي ؟
وما قيمة العربي والعربية لولا القران ؟
ما اروعك يا عم شوقي
مقال يشدك ويتغلغل داخلك
كل ما قلته في اللص الكاذب الفاجر الواطي المنحط القاتل الجاهل الحاقد صلاح كرار صحيح ونسأل الله ان يرينا فيه يوما اسودا
منتهى الجمال ومدرسة ادبية في الترسّل والاستطراد وصياغة الطرفة وسؤالي اذا كانت هذه المقالات الرائعة ستنتهي على هذه الشاشة امامنا ام لها برنامج للنشر ومفترض ان تهتم بها جهة ما لمل تتضمنه من معلومات ثقافية وتاريخية ومن إحسان الصلة مع اشقاء لنا ابعدهم عنللللللا هؤلاء المجارمة اولاد اللزين
صلاح دولار او صلاح كرار هذا ما عارف – وبالرغم من أنه قد يمت للاستاذ شوقي بصلة ما اذ انه احد ابناء جلدته – ولكن نرى الاستاذ شوقي يغلظ له في القول .. لماذا ؟ لان الاخ شوقي لا تأخذه في الحق لومة لائم وما عنده خيار وفقوس الفاسد يقول له انت فاسد في عينه دون خوف او مواربه سواء كان من قبيلته او من العراق او من واق الواق زاتو .. لك التحيه يا استاذنا بدري وأسال الله ان يرحم الوالد مربي الاجيال ابراهيم بدري وان يرحم الجد بابكر فهؤلاء لهم فضل كبير على ابناء هذا الوطن ..
الكاتب الذي لا يوجع قلوب القراء فليس بكاتب وقد طفقت توجع قلوبنا يا شوقي متعك الله بالصحة والعافية….!!
التخلي عن الجنوب سيظل جرح مفتوح في قلب و وجدان كل سودانى أحب الجنوب وأهله بمختلف سحناتهم وطبائعهم الهادئة المائلة الى روح المرح والطيبة, أنا شخصيا عاشرت الكثيرين منهم نساء ورجال داخل وخارج السودان ان بادلتهم الحب والاحترام تجد منهم يبادلونك أفضل وأجمل ما تحمله المشاعر الإنسانية وهى مسألة عطاء متبادل, فقدان الجنوب هو خسارة كبرى في نواح كثيرة منها فرصة خلق مجتمع دينمايكى مميز قوى بشعار قوس قزح الرائع, ولكن طاعون الإنقاذ للأسف لم يستثنى هذا الامل والحلم الجميل من القضاء عليه.
المعلومات الغزيرة.التجارب الثرّة وإيقاظ الإحساس بها وبكُلّ ماهو إنساني.الصدق الجارح.الصراحة وإن كانت صادمة.هذه هي مميزات كتابات العم شوقي.إنَّ شوقي كنز من كنوزنا.ولقد ذكرتُ في النص المنشور لي علي هذه الصحيفة بعنوان شارع الغابة نحواً من هذا.
لك تحياتي الاستاذ الرائع شوقي بدري
صلاح كرار عليه من الله ما يستحق من العذاب – هو احد المجرمين الذين اشتركو في جريمة انقلاب الكيزان لعنهم الله وما تبعه من جرائم تزداد يوميا بمتواليات هندسيه لا نهائيه .. والآن بعد نال الكيزان لعنهم الله مبتغاهم رموا به الى مزبلة التاريخ هو وجميع العساكر المجرمين الآخرين الذي اشتركوا في انقلاب الكيزان لعنهم الله تم رميهم بمزبلة النسيان .. ولكن بالرغم من هذا سوف يتم محاكمتهم على هذه الجريمه التي ارتكبوها طال الزمن ام قصر .. عليهم من الله ما يستحقون …
لك التحية أستاذناشوقى بدرى ولكل الشرفاء من أبناء سوداننا الحبيب ..
ما عشت فى الجنوب لكن عاش خالى الأصغر رحمه الله فى ملكال وحدثنا عن أجمل أيام عمره تلك التى قضاها فى جنوب السودان ..
زاملت العديد من الإخوات والإخوة الجنوبيين فى الجامعة وربطتنى بهم صلات وطيدة فكانوا نعم الأصدقاء أذكر منهم الأخوات سارة ماليت وميرى ماليت عليهما الرحمة وغيرهم كثر..سارة كانت تعمل بالخارجية وبيتها فى لندن كان قبلة لكل السودانيين والشماليين خاصة.. تمت إحالتها من وظيفتها لما يسمى زورا وبهتانا بالصالح العام بدعوى إنها تساعد ال S.P.L.A ..وقد أخبرتنى بذلك..
وحتى حينما إشتد عليها المرض كانت برفقتها صديقة شمالية مقربة لها ولم تخبر احدا غيرها..سارة كانت تحب السودان جدا وقد كانت وصيتها أن ينقل جثمانها إلى السودان فلم تنل من السودان الذى تحب إلا دفن جثمانها فى ترابه الذى أحبت..
حزنت كثيرا عليها فقد كانت نعم الأخت …وحزنت أكثر على إنفصال الجنوب وأذكر جيدا إننى لم أستطع النوم فى تلك الليلة ومازال عندى إحساس عميق بأن الجنوب سيعود يوما إلى حضن الوطن إذا تبدل الحال بإذن الله…
والله موضوع وجود والدك رحمه الله في الجنوب واستقراره هناك وانتو معاهو بالطبع وقصصه الكتيرة والتور الابيض , ياخي المواضيع دي طلعت عينا بيها , يمكن انا قريت القصص دي في اكتر من 10 مقالات ليك .
لما تتكلم عن الجنوبيين بتدينا احساس انكم انتو الاسرة الوحيدة السكنت الجنوب وبعرفو الجنوبيين .
والله انت الجنوبيين ديل قربت تطلعهم لينا ملائكة (بالمناسبة انا برضو عشت في ملكال ), كل الصفات السيئة موجودة فيهم وطبعا فيهم (بعض ) الحاجات الكويسة بس ما للدرجة دي كمان , يعني مثلا في ردك علي احد المعلقين ذكرت انك اتعلمت قول الحق من الدينكا , بالله قوم لف كأنو وجودك في ام درمان البرضو قادينا بيها دي مااتعلمت منو حاجة .
عليك الله امشي الجنوب اسي وشوف كلمة الحق البقولوها الدينكا الطلعو عين الجنوب .
اذا عايز تعرف اخلاق الجنوبي وعايز تعرف مشاعرو وافكارو عن الشماليين اقعد معاهو وهو سكران عشان يفك ليك اخرو وتعرفو علي حقيقتو وتعرف نظرتو ليك شنو .
ياخي اعفينا من اصرارك علي تصوير الجنوبين انهم انبل نس واحسن ناس .
قد والله قلت حقا يا ابن بدري ولكن ان كنت تظن بكلامك الجميل هذا عن الجنوبيين وهم يستحقونه ان يرجع الاتحاد فانت واهم إذ من الذي يرضى بالرجوع للعبودية——–ماذا تريد من الجنوب وانت تركته —-فقد ذهب الجنوب فما انت فاعل——-مع الاعتذار لشاعر البيت على التصرف.
هذا واحد من أكثر الكتب التي قرأتها رصانة في تناول نزاع جنوب السودان. فخلافاً لمعظم الدارسين الذين يتعاطون مع الحرب الأهلية الدائرة في السودان كواقعة مقززة إنسانياً، فدوقلاس جونسون يقبلها بوصفها حقيقة وتاريخاً مستذكِراً الحرب الأهلية الأمريكية “حرب العشرة آلاف واقعة مزرية” كما قال. ولتمهيد الأرض لنهجه المختلف المعتدل تجده يؤاخذ الإعلام ولوبيات حقوق الإنسان والأكاديميين. فمن رأيه أن الصحفيين يغطون حرب السودان بمفهوم عودة أهله إلى حالة التوحش الأصل فيهم التي بالكاد غادروها. أما لوبيات حقوق الإنسان فهي رومانطيقية وأسيرة مثال للعدالة مجرد ومطلق معاً. والاكاديميون، من الجهة الأخرى، يكتبون تاريخ السودان من زاوية المؤسسات المركزية وأفقها الشمالي المسلم فيسفلون ببقية القطر ليبدو هامشاً غرائبياً.
ويسقط أول ما يسقط بفضل نهج جونسون الفهم المفضل المقدس الطاغي بأن نزاع السودان ناجم عن مواجهة قديمة بين الثقافات التي في الدم، وتجري مجراه، كما تجسد في نزاع بين العرب والأفارقة. خلافاً لذلك يزكي جونسون بأن جذر النزاع مما يمكن البحث عنه بصورة أوفي في تقاليد الحوكمة في البلاد التي سماها “الدولة السودانوية”. فأول من أنشأ هذه الدولة الأتراك في 1821 وظلت تعيد إنتاج نفسها على مر السنين تحت حكام أجانب أو وطنيين. لا فرق. فهذه الدولة الضرائبية المستغلة في الشمال تبدأ بإفقار شعبها المسلم الذين يعوضون عن خسائرهم بتحميلها أهل الهوامش. فدولة النميري استثمرت في الزراعة الآلية في كردفان ودارفور مما سارع بزعزعة الرعاة والمزارعين المحليين اقتصادياً واجتماعياً. ورمى هؤلاء المزعزعون من البقارة مثلاً بثقلهم على أهل الهوامش الأبعد في جبال النوبة والجنوب ينازعونه الموارد المحدودة. ومن رأي جونسون أنه حتى البنك الدولي وصندوق النقد العالمي متواطئان في شغل الدولة السودانوية بتمويل الحكومة في مشروعاتها التنموية الحداثية. فحتى تجدد ممارسات الرق في سياق الحرب الأهلية مما يعزوه جونسون إلى إفقار البقارة الذين عوضوا عنه باسترقاق الجنوبيين. فبأخذ البقارة للأسرى الجنوبيين يعزز البقارة قوة العمل لاقتصادهم ويتربحون من التجارة في الرقيق.
يضع جونسون الحوكمة، لا سياسات الهوية، في مركز أي تحليل ذي مغزى لمسألة الجنوب الشائكة. ولا منجاة لأحد من مثل تحليله. فلما أعلى من الحوكمة على ما عداها استرد الفاعلية الجنوبية، أي إرادة الجنوبيين في ما هم فيه. وهذا خلاف دراسات شائعة استبعدت هذه الفاعلية وصورتهم كضحايا خاملين للشمال المسلم. وسيرحب أول من يرحب بهذا التحليل المستجد للإرادة الجنوبية ثوار الحركة الشعبية الذين هم أقرب من حبل الوريد لتولي مسؤولياتهم في الجنوب بعد اتفاقية السلام في 2004. ولا يتردد جونسون في مسار تحليله أن ينقد الحركة الشعبية متى استحقته بمنظوره المستجد. فهو يرى أن تبني الحركة حرب الغوريلا، وهي التكتيك الثابت لأجيال من القوميين الجنوبيين، مردود إلى فشل ساساتهم المدنيين في رعرعة رؤية للجنوب تنهض بهم للتصدي سلمياً لحيل الشماليين وتلاعبه بهم. وخلافاً لصفوة الجنوب فجونسون لا يلقي بكل اللوم على نميري في هشم اتفاقية أديس ابابا (1972) كحلقة في المسلسل المعروف ب”نقض العهود” الشمالي. فكثير من تدخل نميري في سياسة الجنوب، الذي أودى بالاتفاقية، تم بمرضاة قادة الجنوبيين ومساهمتهم. فانقسامات اولئك القادة مكنت لنميري منهم ليملي إرادته. وزاد بأن نميري ربما امتنع من كثير من تطفله على شأن الجنوب والإطاحة بعهد أديس أبابا لو لقي من يلجمه في الجنوب.
هذا واحد من أكثر الكتب التي قرأتها رصانة في تناول نزاع جنوب السودان. فخلافاً لمعظم الدارسين الذين يتعاطون مع الحرب الأهلية الدائرة في السودان كواقعة مقززة إنسانياً، فدوقلاس جونسون يقبلها بوصفها حقيقة وتاريخاً مستذكِراً الحرب الأهلية الأمريكية “حرب العشرة آلاف واقعة مزرية” كما قال. ولتمهيد الأرض لنهجه المختلف المعتدل تجده يؤاخذ الإعلام ولوبيات حقوق الإنسان والأكاديميين. فمن رأيه أن الصحفيين يغطون حرب السودان بمفهوم عودة أهله إلى حالة التوحش الأصل فيهم التي بالكاد غادروها. أما لوبيات حقوق الإنسان فهي رومانطيقية وأسيرة مثال للعدالة مجرد ومطلق معاً. والاكاديميون، من الجهة الأخرى، يكتبون تاريخ السودان من زاوية المؤسسات المركزية وأفقها الشمالي المسلم فيسفلون ببقية القطر ليبدو هامشاً غرائبياً.
ويسقط أول ما يسقط بفضل نهج جونسون الفهم المفضل المقدس الطاغي بأن نزاع السودان ناجم عن مواجهة قديمة بين الثقافات التي في الدم، وتجري مجراه، كما تجسد في نزاع بين العرب والأفارقة. خلافاً لذلك يزكي جونسون بأن جذر النزاع مما يمكن البحث عنه بصورة أوفي في تقاليد الحوكمة في البلاد التي سماها “الدولة السودانوية”. فأول من أنشأ هذه الدولة الأتراك في 1821 وظلت تعيد إنتاج نفسها على مر السنين تحت حكام أجانب أو وطنيين. لا فرق. فهذه الدولة الضرائبية المستغلة في الشمال تبدأ بإفقار شعبها المسلم الذين يعوضون عن خسائرهم بتحميلها أهل الهوامش. فدولة النميري استثمرت في الزراعة الآلية في كردفان ودارفور مما سارع بزعزعة الرعاة والمزارعين المحليين اقتصادياً واجتماعياً. ورمى هؤلاء المزعزعون من البقارة مثلاً بثقلهم على أهل الهوامش الأبعد في جبال النوبة والجنوب ينازعونه الموارد المحدودة. ومن رأي جونسون أنه حتى البنك الدولي وصندوق النقد العالمي متواطئان في شغل الدولة السودانوية بتمويل الحكومة في مشروعاتها التنموية الحداثية. فحتى تجدد ممارسات الرق في سياق الحرب الأهلية مما يعزوه جونسون إلى إفقار البقارة الذين عوضوا عنه باسترقاق الجنوبيين. فبأخذ البقارة للأسرى الجنوبيين يعزز البقارة قوة العمل لاقتصادهم ويتربحون من التجارة في الرقيق.
يضع جونسون الحوكمة، لا سياسات الهوية، في مركز أي تحليل ذي مغزى لمسألة الجنوب الشائكة. ولا منجاة لأحد من مثل تحليله. فلما أعلى من الحوكمة على ما عداها استرد الفاعلية الجنوبية، أي إرادة الجنوبيين في ما هم فيه. وهذا خلاف دراسات شائعة استبعدت هذه الفاعلية وصورتهم كضحايا خاملين للشمال المسلم. وسيرحب أول من يرحب بهذا التحليل المستجد للإرادة الجنوبية ثوار الحركة الشعبية الذين هم أقرب من حبل الوريد لتولي مسؤولياتهم في الجنوب بعد اتفاقية السلام في 2004. ولا يتردد جونسون في مسار تحليله أن ينقد الحركة الشعبية متى استحقته بمنظوره المستجد. فهو يرى أن تبني الحركة حرب الغوريلا، وهي التكتيك الثابت لأجيال من القوميين الجنوبيين، مردود إلى فشل ساساتهم المدنيين في رعرعة رؤية للجنوب تنهض بهم للتصدي سلمياً لحيل الشماليين وتلاعبه بهم. وخلافاً لصفوة الجنوب فجونسون لا يلقي بكل اللوم على نميري في هشم اتفاقية أديس ابابا (1972) كحلقة في المسلسل المعروف ب”نقض العهود” الشمالي. فكثير من تدخل نميري في سياسة الجنوب، الذي أودى بالاتفاقية، تم بمرضاة قادة الجنوبيين ومساهمتهم. فانقسامات اولئك القادة مكنت لنميري منهم ليملي إرادته. وزاد بأن نميري ربما امتنع من كثير من تطفله على شأن الجنوب والإطاحة بعهد أديس أبابا لو لقي من يلجمه في الجنوب.
وليس في تحليل جونسون لمسألة الجنوب بالنظر إلى الدولة السودانوية مما يستوجب استغراب الحركة الشعبية لو تمسكت بميثاقها الأول في 1983. فقد حلل الميثاق مشكلة الجنوب كأثر من آثار النمو غير المتوازي الاستعماري: فطَوّر الإنجليز الأمكنة التي طالوها لمنفعتهم وأهملوا ما عداها لضعف المردود الاقتصادي. وبالطبع فاقم الوطنيون من المناطق التي أخذت بنصيب من تنمية الاستعمار، والذين ورثوا الدولة الاستعمارية، من هذا النمو الأخرق. ففي بيانه لمظالم الجنوب قال الميثاق إنهم ضحايا لذلك النمو غير المتوازي، بل هم الضحايا الأشد مصيبة. ولذا رأى الميثاق أنه، لرد الأمور إلى نصابها، وجب إعادة صياغة الدولة المركزية في الخرطوم بقيام نظم للحكم الذاتي أو الفدرالي في بقاع الوطن المختلفة بالتزام المركز بحرب العنصرية. وفي هذه العودة إلى تحليل الحوكمة كالجذر الاول في أزمة الجنوب ما بالوسع وصفه برد الحركة الشعبية إلى ماركسيتها الأولى على عهد ميثاق 1983. فمنذ ذلك الميثاق، الذي كانت مسألة الحوكمة لبه، جنحت الحركة الشعبية إلى تبني سياسات الهوية كجوهر تظلماتها والباب إلى حلولها.
هذا كتاب جاء وقته. فنظراته النافذة، التي هي ثمرة معرفة وثقى بسياسات القوميين الجنوبيين، مرشحة لشفاء وطن يقترب من بعضه بعد طول هجران بفضل اتفاقية السلام. ومن المطمئن أن نعرف أن بيننا ما يزال من يحسنون إصابة التحليل بعد حرب أهلية طويلة جعلت دارسي المسألة طوائف وشيعاَ متخندقة مثل المتحاربين.
وليس في تحليل جونسون لمسألة الجنوب بالنظر إلى الدولة السودانوية مما يستوجب استغراب الحركة الشعبية لو تمسكت بميثاقها الأول في 1983. فقد حلل الميثاق مشكلة الجنوب كأثر من آثار النمو غير المتوازي الاستعماري: فطَوّر الإنجليز الأمكنة التي طالوها لمنفعتهم وأهملوا ما عداها لضعف المردود الاقتصادي. وبالطبع فاقم الوطنيون من المناطق التي أخذت بنصيب من تنمية الاستعمار، والذين ورثوا الدولة الاستعمارية، من هذا النمو الأخرق. ففي بيانه لمظالم الجنوب قال الميثاق إنهم ضحايا لذلك النمو غير المتوازي، بل هم الضحايا الأشد مصيبة. ولذا رأى الميثاق أنه، لرد الأمور إلى نصابها، وجب إعادة صياغة الدولة المركزية في الخرطوم بقيام نظم للحكم الذاتي أو الفدرالي في بقاع الوطن المختلفة بالتزام المركز بحرب العنصرية. وفي هذه العودة إلى تحليل الحوكمة كالجذر الاول في أزمة الجنوب ما بالوسع وصفه برد الحركة الشعبية إلى ماركسيتها الأولى على عهد ميثاق 1983. فمنذ ذلك الميثاق، الذي كانت مسألة الحوكمة لبه، جنحت الحركة الشعبية إلى تبني سياسات الهوية كجوهر تظلماتها والباب إلى حلولها.
هذا كتاب جاء وقته. فنظراته النافذة، التي هي ثمرة معرفة وثقى بسياسات القوميين الجنوبيين، مرشحة لشفاء وطن يقترب من بعضه بعد طول هجران بفضل اتفاقية السلام. ومن المطمئن أن نعرف أن بيننا ما يزال من يحسنون إصابة التحليل بعد حرب أهلية طويلة جعلت دارسي المسألة طوائف وشيعاَ متخندقة مثل المتحاربين.
ياخى طلعت دينا بقصه نحن فى السويد نحن فى الجنوب نحن فى العباسيه والسفير الروسى و السفير الاماراتى والعشاء فى فندق ضخم …. انا ونحن ونحن وقالو لى و قلت ليهم… مافى اى موضوع ولا دليل على ما ورد فى الموضوع وما بتذكر الناس الا لشماته او الشتيمه و كلامك كلو سمعت و قرات و قال لى و (Hearsay) يعنى ككاتب ومحقق (كاتب تحقيق) يجب ان تعتمد فى كلامك على مرجعيتك كقولهم كتاب ….. لمؤلفه …… على صفحة ….. طبعه ….. صفحه… حى لو كانت مجلة سيدتى المفضله لديك برضو عندها رقم عدد و تاريخ اما اذا قلت قال لى فلان ما مشكله اذكر اسمه بالكامل و طالما مواضيعك منشوره فى الراكوبه و الحوش والزريبه اهو مستواك لكن فذلك مقبول … بس تسيب الكضب و تفخيم ذاتك و اوع تصدق شويه الصعاليك البيقول ليك تعال ابقى رئيس جمهوريه ههههه خليك فى السويد وموت هناك يمكن البروده نخفف ليك نار جهنم… و حاول ما تلصق اسماء الناس ساكت ال نهيان و النابلسى و اخيرا يعنى معقوله تكتب المقال الطوييييييل الما مربوط لا من اول لا من اخر ثم تعقب باسماء وهميه ثم تشكر المشاركين ثم تعقب على التعقيب ياخى انت منو ؟؟؟؟ فاسماء كل من يعقب على كلامك يكتبون باسلوب واحد و طريقه واحده (مش غريبه) وحبهم لك يجمعهم و كل من يكتب ضدك يجعلهم نمور واسود شرسه تدافع عنك ….. معقوله بس يا ولد انــــت
بطل حركات انت عجزت خلاص امشى شوف ليك عتاله ولا مريسه ….
الاستاذ شوقي ليك التحيه ،،ومقالاتك دايما فيها معلومات كتيره ،،،انا ماداير اشكك في مصداقيتك لكن مساله انو يخلو زول محتاج لي عمليه عشان انو جنوبي دي كتيره ولا اعتقد ان سوء الشماليين الذي تفترضه دايما يمكن ان يصل لهذه الدرجه ،،عفوا هذه المره اعتقد ان عواطفك قد سبقتك ،،،احترم حبك الجنوب وقد كنا نحب الجنوب كوطن ،،ومازلنا نحب الجنوبيين كجزء من الانسانيه ،،،ولكن سؤال الاخ شوقي لماذا تم اغتيال الشماليين في سنه ٤٧ وكذلك حوادث الاتنين السود ،،،ولماذا تسمي قرنق بالمناضل مع انو ماف انسان يحترم الديموقراطيه يقف مع اي حامل السلاح وبغض النظر عن اي حجه ،،ومثال لذلك الامريكان السود ناضلو بالعلم والكلمه حتي نالو ماارادو ،،احترم رايك كوحدوي ،،،لكن عليك ان تحترم اراء الانفصاليين الشماليين،،مع الشكر
صلاح كرار عليه من الله ما يستحق من العذاب – هو احد المجرمين الذين اشتركو في جريمة انقلاب الكيزان لعنهم الله وما تبعه من جرائم تزداد يوميا بمتواليات هندسيه لا نهائيه .. والآن بعد نال الكيزان لعنهم الله مبتغاهم رموا به الى مزبلة التاريخ هو وجميع العساكر المجرمين الآخرين الذي اشتركوا في انقلاب الكيزان لعنهم الله تم رميهم بمزبلة النسيان .. ولكن بالرغم من هذا سوف يتم محاكمتهم على هذه الجريمه التي ارتكبوها طال الزمن ام قصر .. عليهم من الله ما يستحقون …
لك التحية أستاذناشوقى بدرى ولكل الشرفاء من أبناء سوداننا الحبيب ..
ما عشت فى الجنوب لكن عاش خالى الأصغر رحمه الله فى ملكال وحدثنا عن أجمل أيام عمره تلك التى قضاها فى جنوب السودان ..
زاملت العديد من الإخوات والإخوة الجنوبيين فى الجامعة وربطتنى بهم صلات وطيدة فكانوا نعم الأصدقاء أذكر منهم الأخوات سارة ماليت وميرى ماليت عليهما الرحمة وغيرهم كثر..سارة كانت تعمل بالخارجية وبيتها فى لندن كان قبلة لكل السودانيين والشماليين خاصة.. تمت إحالتها من وظيفتها لما يسمى زورا وبهتانا بالصالح العام بدعوى إنها تساعد ال S.P.L.A ..وقد أخبرتنى بذلك..
وحتى حينما إشتد عليها المرض كانت برفقتها صديقة شمالية مقربة لها ولم تخبر احدا غيرها..سارة كانت تحب السودان جدا وقد كانت وصيتها أن ينقل جثمانها إلى السودان فلم تنل من السودان الذى تحب إلا دفن جثمانها فى ترابه الذى أحبت..
حزنت كثيرا عليها فقد كانت نعم الأخت …وحزنت أكثر على إنفصال الجنوب وأذكر جيدا إننى لم أستطع النوم فى تلك الليلة ومازال عندى إحساس عميق بأن الجنوب سيعود يوما إلى حضن الوطن إذا تبدل الحال بإذن الله…
والله موضوع وجود والدك رحمه الله في الجنوب واستقراره هناك وانتو معاهو بالطبع وقصصه الكتيرة والتور الابيض , ياخي المواضيع دي طلعت عينا بيها , يمكن انا قريت القصص دي في اكتر من 10 مقالات ليك .
لما تتكلم عن الجنوبيين بتدينا احساس انكم انتو الاسرة الوحيدة السكنت الجنوب وبعرفو الجنوبيين .
والله انت الجنوبيين ديل قربت تطلعهم لينا ملائكة (بالمناسبة انا برضو عشت في ملكال ), كل الصفات السيئة موجودة فيهم وطبعا فيهم (بعض ) الحاجات الكويسة بس ما للدرجة دي كمان , يعني مثلا في ردك علي احد المعلقين ذكرت انك اتعلمت قول الحق من الدينكا , بالله قوم لف كأنو وجودك في ام درمان البرضو قادينا بيها دي مااتعلمت منو حاجة .
عليك الله امشي الجنوب اسي وشوف كلمة الحق البقولوها الدينكا الطلعو عين الجنوب .
اذا عايز تعرف اخلاق الجنوبي وعايز تعرف مشاعرو وافكارو عن الشماليين اقعد معاهو وهو سكران عشان يفك ليك اخرو وتعرفو علي حقيقتو وتعرف نظرتو ليك شنو .
ياخي اعفينا من اصرارك علي تصوير الجنوبين انهم انبل نس واحسن ناس .
قد والله قلت حقا يا ابن بدري ولكن ان كنت تظن بكلامك الجميل هذا عن الجنوبيين وهم يستحقونه ان يرجع الاتحاد فانت واهم إذ من الذي يرضى بالرجوع للعبودية——–ماذا تريد من الجنوب وانت تركته —-فقد ذهب الجنوب فما انت فاعل——-مع الاعتذار لشاعر البيت على التصرف.
هذا واحد من أكثر الكتب التي قرأتها رصانة في تناول نزاع جنوب السودان. فخلافاً لمعظم الدارسين الذين يتعاطون مع الحرب الأهلية الدائرة في السودان كواقعة مقززة إنسانياً، فدوقلاس جونسون يقبلها بوصفها حقيقة وتاريخاً مستذكِراً الحرب الأهلية الأمريكية “حرب العشرة آلاف واقعة مزرية” كما قال. ولتمهيد الأرض لنهجه المختلف المعتدل تجده يؤاخذ الإعلام ولوبيات حقوق الإنسان والأكاديميين. فمن رأيه أن الصحفيين يغطون حرب السودان بمفهوم عودة أهله إلى حالة التوحش الأصل فيهم التي بالكاد غادروها. أما لوبيات حقوق الإنسان فهي رومانطيقية وأسيرة مثال للعدالة مجرد ومطلق معاً. والاكاديميون، من الجهة الأخرى، يكتبون تاريخ السودان من زاوية المؤسسات المركزية وأفقها الشمالي المسلم فيسفلون ببقية القطر ليبدو هامشاً غرائبياً.
ويسقط أول ما يسقط بفضل نهج جونسون الفهم المفضل المقدس الطاغي بأن نزاع السودان ناجم عن مواجهة قديمة بين الثقافات التي في الدم، وتجري مجراه، كما تجسد في نزاع بين العرب والأفارقة. خلافاً لذلك يزكي جونسون بأن جذر النزاع مما يمكن البحث عنه بصورة أوفي في تقاليد الحوكمة في البلاد التي سماها “الدولة السودانوية”. فأول من أنشأ هذه الدولة الأتراك في 1821 وظلت تعيد إنتاج نفسها على مر السنين تحت حكام أجانب أو وطنيين. لا فرق. فهذه الدولة الضرائبية المستغلة في الشمال تبدأ بإفقار شعبها المسلم الذين يعوضون عن خسائرهم بتحميلها أهل الهوامش. فدولة النميري استثمرت في الزراعة الآلية في كردفان ودارفور مما سارع بزعزعة الرعاة والمزارعين المحليين اقتصادياً واجتماعياً. ورمى هؤلاء المزعزعون من البقارة مثلاً بثقلهم على أهل الهوامش الأبعد في جبال النوبة والجنوب ينازعونه الموارد المحدودة. ومن رأي جونسون أنه حتى البنك الدولي وصندوق النقد العالمي متواطئان في شغل الدولة السودانوية بتمويل الحكومة في مشروعاتها التنموية الحداثية. فحتى تجدد ممارسات الرق في سياق الحرب الأهلية مما يعزوه جونسون إلى إفقار البقارة الذين عوضوا عنه باسترقاق الجنوبيين. فبأخذ البقارة للأسرى الجنوبيين يعزز البقارة قوة العمل لاقتصادهم ويتربحون من التجارة في الرقيق.
يضع جونسون الحوكمة، لا سياسات الهوية، في مركز أي تحليل ذي مغزى لمسألة الجنوب الشائكة. ولا منجاة لأحد من مثل تحليله. فلما أعلى من الحوكمة على ما عداها استرد الفاعلية الجنوبية، أي إرادة الجنوبيين في ما هم فيه. وهذا خلاف دراسات شائعة استبعدت هذه الفاعلية وصورتهم كضحايا خاملين للشمال المسلم. وسيرحب أول من يرحب بهذا التحليل المستجد للإرادة الجنوبية ثوار الحركة الشعبية الذين هم أقرب من حبل الوريد لتولي مسؤولياتهم في الجنوب بعد اتفاقية السلام في 2004. ولا يتردد جونسون في مسار تحليله أن ينقد الحركة الشعبية متى استحقته بمنظوره المستجد. فهو يرى أن تبني الحركة حرب الغوريلا، وهي التكتيك الثابت لأجيال من القوميين الجنوبيين، مردود إلى فشل ساساتهم المدنيين في رعرعة رؤية للجنوب تنهض بهم للتصدي سلمياً لحيل الشماليين وتلاعبه بهم. وخلافاً لصفوة الجنوب فجونسون لا يلقي بكل اللوم على نميري في هشم اتفاقية أديس ابابا (1972) كحلقة في المسلسل المعروف ب”نقض العهود” الشمالي. فكثير من تدخل نميري في سياسة الجنوب، الذي أودى بالاتفاقية، تم بمرضاة قادة الجنوبيين ومساهمتهم. فانقسامات اولئك القادة مكنت لنميري منهم ليملي إرادته. وزاد بأن نميري ربما امتنع من كثير من تطفله على شأن الجنوب والإطاحة بعهد أديس أبابا لو لقي من يلجمه في الجنوب.
هذا واحد من أكثر الكتب التي قرأتها رصانة في تناول نزاع جنوب السودان. فخلافاً لمعظم الدارسين الذين يتعاطون مع الحرب الأهلية الدائرة في السودان كواقعة مقززة إنسانياً، فدوقلاس جونسون يقبلها بوصفها حقيقة وتاريخاً مستذكِراً الحرب الأهلية الأمريكية “حرب العشرة آلاف واقعة مزرية” كما قال. ولتمهيد الأرض لنهجه المختلف المعتدل تجده يؤاخذ الإعلام ولوبيات حقوق الإنسان والأكاديميين. فمن رأيه أن الصحفيين يغطون حرب السودان بمفهوم عودة أهله إلى حالة التوحش الأصل فيهم التي بالكاد غادروها. أما لوبيات حقوق الإنسان فهي رومانطيقية وأسيرة مثال للعدالة مجرد ومطلق معاً. والاكاديميون، من الجهة الأخرى، يكتبون تاريخ السودان من زاوية المؤسسات المركزية وأفقها الشمالي المسلم فيسفلون ببقية القطر ليبدو هامشاً غرائبياً.
ويسقط أول ما يسقط بفضل نهج جونسون الفهم المفضل المقدس الطاغي بأن نزاع السودان ناجم عن مواجهة قديمة بين الثقافات التي في الدم، وتجري مجراه، كما تجسد في نزاع بين العرب والأفارقة. خلافاً لذلك يزكي جونسون بأن جذر النزاع مما يمكن البحث عنه بصورة أوفي في تقاليد الحوكمة في البلاد التي سماها “الدولة السودانوية”. فأول من أنشأ هذه الدولة الأتراك في 1821 وظلت تعيد إنتاج نفسها على مر السنين تحت حكام أجانب أو وطنيين. لا فرق. فهذه الدولة الضرائبية المستغلة في الشمال تبدأ بإفقار شعبها المسلم الذين يعوضون عن خسائرهم بتحميلها أهل الهوامش. فدولة النميري استثمرت في الزراعة الآلية في كردفان ودارفور مما سارع بزعزعة الرعاة والمزارعين المحليين اقتصادياً واجتماعياً. ورمى هؤلاء المزعزعون من البقارة مثلاً بثقلهم على أهل الهوامش الأبعد في جبال النوبة والجنوب ينازعونه الموارد المحدودة. ومن رأي جونسون أنه حتى البنك الدولي وصندوق النقد العالمي متواطئان في شغل الدولة السودانوية بتمويل الحكومة في مشروعاتها التنموية الحداثية. فحتى تجدد ممارسات الرق في سياق الحرب الأهلية مما يعزوه جونسون إلى إفقار البقارة الذين عوضوا عنه باسترقاق الجنوبيين. فبأخذ البقارة للأسرى الجنوبيين يعزز البقارة قوة العمل لاقتصادهم ويتربحون من التجارة في الرقيق.
يضع جونسون الحوكمة، لا سياسات الهوية، في مركز أي تحليل ذي مغزى لمسألة الجنوب الشائكة. ولا منجاة لأحد من مثل تحليله. فلما أعلى من الحوكمة على ما عداها استرد الفاعلية الجنوبية، أي إرادة الجنوبيين في ما هم فيه. وهذا خلاف دراسات شائعة استبعدت هذه الفاعلية وصورتهم كضحايا خاملين للشمال المسلم. وسيرحب أول من يرحب بهذا التحليل المستجد للإرادة الجنوبية ثوار الحركة الشعبية الذين هم أقرب من حبل الوريد لتولي مسؤولياتهم في الجنوب بعد اتفاقية السلام في 2004. ولا يتردد جونسون في مسار تحليله أن ينقد الحركة الشعبية متى استحقته بمنظوره المستجد. فهو يرى أن تبني الحركة حرب الغوريلا، وهي التكتيك الثابت لأجيال من القوميين الجنوبيين، مردود إلى فشل ساساتهم المدنيين في رعرعة رؤية للجنوب تنهض بهم للتصدي سلمياً لحيل الشماليين وتلاعبه بهم. وخلافاً لصفوة الجنوب فجونسون لا يلقي بكل اللوم على نميري في هشم اتفاقية أديس ابابا (1972) كحلقة في المسلسل المعروف ب”نقض العهود” الشمالي. فكثير من تدخل نميري في سياسة الجنوب، الذي أودى بالاتفاقية، تم بمرضاة قادة الجنوبيين ومساهمتهم. فانقسامات اولئك القادة مكنت لنميري منهم ليملي إرادته. وزاد بأن نميري ربما امتنع من كثير من تطفله على شأن الجنوب والإطاحة بعهد أديس أبابا لو لقي من يلجمه في الجنوب.
وليس في تحليل جونسون لمسألة الجنوب بالنظر إلى الدولة السودانوية مما يستوجب استغراب الحركة الشعبية لو تمسكت بميثاقها الأول في 1983. فقد حلل الميثاق مشكلة الجنوب كأثر من آثار النمو غير المتوازي الاستعماري: فطَوّر الإنجليز الأمكنة التي طالوها لمنفعتهم وأهملوا ما عداها لضعف المردود الاقتصادي. وبالطبع فاقم الوطنيون من المناطق التي أخذت بنصيب من تنمية الاستعمار، والذين ورثوا الدولة الاستعمارية، من هذا النمو الأخرق. ففي بيانه لمظالم الجنوب قال الميثاق إنهم ضحايا لذلك النمو غير المتوازي، بل هم الضحايا الأشد مصيبة. ولذا رأى الميثاق أنه، لرد الأمور إلى نصابها، وجب إعادة صياغة الدولة المركزية في الخرطوم بقيام نظم للحكم الذاتي أو الفدرالي في بقاع الوطن المختلفة بالتزام المركز بحرب العنصرية. وفي هذه العودة إلى تحليل الحوكمة كالجذر الاول في أزمة الجنوب ما بالوسع وصفه برد الحركة الشعبية إلى ماركسيتها الأولى على عهد ميثاق 1983. فمنذ ذلك الميثاق، الذي كانت مسألة الحوكمة لبه، جنحت الحركة الشعبية إلى تبني سياسات الهوية كجوهر تظلماتها والباب إلى حلولها.
هذا كتاب جاء وقته. فنظراته النافذة، التي هي ثمرة معرفة وثقى بسياسات القوميين الجنوبيين، مرشحة لشفاء وطن يقترب من بعضه بعد طول هجران بفضل اتفاقية السلام. ومن المطمئن أن نعرف أن بيننا ما يزال من يحسنون إصابة التحليل بعد حرب أهلية طويلة جعلت دارسي المسألة طوائف وشيعاَ متخندقة مثل المتحاربين.
وليس في تحليل جونسون لمسألة الجنوب بالنظر إلى الدولة السودانوية مما يستوجب استغراب الحركة الشعبية لو تمسكت بميثاقها الأول في 1983. فقد حلل الميثاق مشكلة الجنوب كأثر من آثار النمو غير المتوازي الاستعماري: فطَوّر الإنجليز الأمكنة التي طالوها لمنفعتهم وأهملوا ما عداها لضعف المردود الاقتصادي. وبالطبع فاقم الوطنيون من المناطق التي أخذت بنصيب من تنمية الاستعمار، والذين ورثوا الدولة الاستعمارية، من هذا النمو الأخرق. ففي بيانه لمظالم الجنوب قال الميثاق إنهم ضحايا لذلك النمو غير المتوازي، بل هم الضحايا الأشد مصيبة. ولذا رأى الميثاق أنه، لرد الأمور إلى نصابها، وجب إعادة صياغة الدولة المركزية في الخرطوم بقيام نظم للحكم الذاتي أو الفدرالي في بقاع الوطن المختلفة بالتزام المركز بحرب العنصرية. وفي هذه العودة إلى تحليل الحوكمة كالجذر الاول في أزمة الجنوب ما بالوسع وصفه برد الحركة الشعبية إلى ماركسيتها الأولى على عهد ميثاق 1983. فمنذ ذلك الميثاق، الذي كانت مسألة الحوكمة لبه، جنحت الحركة الشعبية إلى تبني سياسات الهوية كجوهر تظلماتها والباب إلى حلولها.
هذا كتاب جاء وقته. فنظراته النافذة، التي هي ثمرة معرفة وثقى بسياسات القوميين الجنوبيين، مرشحة لشفاء وطن يقترب من بعضه بعد طول هجران بفضل اتفاقية السلام. ومن المطمئن أن نعرف أن بيننا ما يزال من يحسنون إصابة التحليل بعد حرب أهلية طويلة جعلت دارسي المسألة طوائف وشيعاَ متخندقة مثل المتحاربين.
ياخى طلعت دينا بقصه نحن فى السويد نحن فى الجنوب نحن فى العباسيه والسفير الروسى و السفير الاماراتى والعشاء فى فندق ضخم …. انا ونحن ونحن وقالو لى و قلت ليهم… مافى اى موضوع ولا دليل على ما ورد فى الموضوع وما بتذكر الناس الا لشماته او الشتيمه و كلامك كلو سمعت و قرات و قال لى و (Hearsay) يعنى ككاتب ومحقق (كاتب تحقيق) يجب ان تعتمد فى كلامك على مرجعيتك كقولهم كتاب ….. لمؤلفه …… على صفحة ….. طبعه ….. صفحه… حى لو كانت مجلة سيدتى المفضله لديك برضو عندها رقم عدد و تاريخ اما اذا قلت قال لى فلان ما مشكله اذكر اسمه بالكامل و طالما مواضيعك منشوره فى الراكوبه و الحوش والزريبه اهو مستواك لكن فذلك مقبول … بس تسيب الكضب و تفخيم ذاتك و اوع تصدق شويه الصعاليك البيقول ليك تعال ابقى رئيس جمهوريه ههههه خليك فى السويد وموت هناك يمكن البروده نخفف ليك نار جهنم… و حاول ما تلصق اسماء الناس ساكت ال نهيان و النابلسى و اخيرا يعنى معقوله تكتب المقال الطوييييييل الما مربوط لا من اول لا من اخر ثم تعقب باسماء وهميه ثم تشكر المشاركين ثم تعقب على التعقيب ياخى انت منو ؟؟؟؟ فاسماء كل من يعقب على كلامك يكتبون باسلوب واحد و طريقه واحده (مش غريبه) وحبهم لك يجمعهم و كل من يكتب ضدك يجعلهم نمور واسود شرسه تدافع عنك ….. معقوله بس يا ولد انــــت
بطل حركات انت عجزت خلاص امشى شوف ليك عتاله ولا مريسه ….
الاستاذ شوقي ليك التحيه ،،ومقالاتك دايما فيها معلومات كتيره ،،،انا ماداير اشكك في مصداقيتك لكن مساله انو يخلو زول محتاج لي عمليه عشان انو جنوبي دي كتيره ولا اعتقد ان سوء الشماليين الذي تفترضه دايما يمكن ان يصل لهذه الدرجه ،،عفوا هذه المره اعتقد ان عواطفك قد سبقتك ،،،احترم حبك الجنوب وقد كنا نحب الجنوب كوطن ،،ومازلنا نحب الجنوبيين كجزء من الانسانيه ،،،ولكن سؤال الاخ شوقي لماذا تم اغتيال الشماليين في سنه ٤٧ وكذلك حوادث الاتنين السود ،،،ولماذا تسمي قرنق بالمناضل مع انو ماف انسان يحترم الديموقراطيه يقف مع اي حامل السلاح وبغض النظر عن اي حجه ،،ومثال لذلك الامريكان السود ناضلو بالعلم والكلمه حتي نالو ماارادو ،،احترم رايك كوحدوي ،،،لكن عليك ان تحترم اراء الانفصاليين الشماليين،،مع الشكر
العم القامة شوقي بدري استاذي عن البعد الذي تعلمت منه لانسانية واحترام الاخر والنفس وقول الحق .درست بعض اخوة جنوبيين في منازلهم وتعاملو معاي كانني فرد منهم واكلنا معاهم في صحن واحد ويحترمون الصداقة والعشره ومتواصلين معاي حتي الان وندمت كثيرا وافتقدتهم بعد الانفصال
العم القامة شوقي بدري استاذي عن البعد الذي تعلمت منه لانسانية واحترام الاخر والنفس وقول الحق .درست بعض اخوة جنوبيين في منازلهم وتعاملو معاي كانني فرد منهم واكلنا معاهم في صحن واحد ويحترمون الصداقة والعشره ومتواصلين معاي حتي الان وندمت كثيرا وافتقدتهم بعد الانفصال