السودان : قصة فشل معلَن

حيدر ابراهيم علي *
ظل السودان لسنين طويلة تعبيرا جغرافيا لوصف شعوب وأعراق عديدة سكنت الحيّز الممتد من البحر الأحمر حتى المحيط الأطلسي. ويؤرخ لبدايات الدولة بحدودها الإدارية مع غزو محمد علي للسودان عام 1821. وهذا يعني عدم اعتبار السلطنات السابقة مثل السلطنة الزرقاء («الفونج»، 1504-1821) كيانات سياسية تستحق صفة الدولة. وكان التشكيل الثاني للدولة على يد القوى الاستعمارية، وفق اتفاقية الحكم الثنائي (بريطانيا ومصر) عام 1899 والتي استمرت حتى الاستقلال عام 1956 . السودان إذاً دولة «مستزرعة» من القوى الاستعمارية، وورثت كثيرا من المشكلات الخاصة بالحدود، والإدارة، والحكم. وقد لازمت أمراض النشاة الدولة السودانية حتى اليوم، ولم تُنجِز أي قطيعة معها.
56 جماعة و1150 لغة ولهجة
من أولى المشكلات هي كيفية حكم قطر شاسع ومتعدد الثقافات والأعراق. سؤال واجه الحكام منذ العهد التركي/المصري (1821-1885) الذي تردد إداريوه بين المركزية واللامركزية. ويحتوي السودان الحالي على 56 جماعة ذات أصول عرقية مختلفة، تنقسم بدورها إلى 597 مجموعة إثنية وقبلية، وتتحدث أكثر من 1150 لغة ولهجة (أقرب إلى اللغة ولكنها غير مكتوبة). ومثّل الإسلام دين الأغلبية، تليه المسيحية بمذاهبها، ثم العديد من الأديان الإحيائية. وقد رعت الإدارة البريطانية هذا التعدد الثقافي، مستفيدة من التنوع القبلي لرسم سياسة الإدارة الأهلية (شيوخ القبائل). ويوحي هذا النظام بأنه يوزع السلطات على قاعدة واسعة، ولكن مديري المديريات يرأسون كل شيوخ القبائل، وترأس وزارات الحكومات بدورها كل المديرين، بطريقة مركزية.
الأمير بدلاً من الناظر
كان هدف الإدارة الاستعمارية منع أي تلاحم وطني مثل ذاك الذي خلقته الثورة المهدية (1885-1898). أما أحزاب الأمة والاتحادي التي حكمت بعد الاستقلال فقد كانت تخشى التغييرات السريعة والجذرية، لأن قواعدها تتشكل من اقتسام النفوذ بين القبائل. كان لكل حزب دوائر مقفلة علي رأسها زعماء قبائل بعينهم. وتركَّز نفوذ الحزب الاتحادي في قبائل الشمال والشرق، واقتسام الوسط (الشايقية، البجا، الجعليين). أما نفوذ حزب الأمة فقد تركز في غرب السودان والنيل الأبيض (الفور، الرزيقات، الهبانية…). وكان النظام الانتخابي يقوم على أساس الدوائر الجغرافية وليس القوائم النسبية. ومن الملاحظ تطابق التقسيم القبلي مع الخريطة الجهوية والمناطقية. فالأرض في الريف السوداني كله تُقسم على أساس قبلي جماعي وليس فرديا، تسمى دار القبيلة. فكانت الدائرة الانتخابية الجغرافية خاصة بقبيلة بعينها. وقد احتفظت كل الحكومات الوطنية بنظام الإدارة الأهلية رغم أنه إرث إستعماري. وكان مطلب إلغائه بندا ثابتا في برامج القوى التقدمية. ولم يتم ذلك إلا بقرار «ثوري» من نظام النميري بعد انقلاب أيار/مايو1969. ولكنه كان قراراً فوقيا، لذلك وجد مقاومة شديدة، فاستمرت الإدارة الأهلية واقعياً، وفاز شيوخ القبائل أنفسهم في كل انتخابات مجالس الشعب التي أجراها الاتحاد الاشتراكي. وحاولت السلطة الحالية إقامة نظام فدرالي يكون بديلا لسلطة القبائل في الريف. لكن القبائل سيطرت على كل آليات بناء النظام الفدرالي، خاصة في اختيار الحكام وأعضاء المجالس الإقليمية. وفي نهاية الأمر، أعاد النظام الإدارة الأهلية رسميا، مع أسلمة شكلانية. فقد أطلقت تسمية «أمير» على زعيم القبيلة عوضا عن شيخ أو ناظر!
أما الوجه الآخر للقبلية، فهي المجموعات التي اقتُلعت من أراضيها الأصلية، والتي اطلقت عليها الباحثة اليابانية كوريتا أسم «المُنْبَتين». وهي قبائل غير عربية/مسلمة في الجنوب، وجبال النوبة (جنوب كردفان)، وجنوب النيل الأزرق (الإنقسنا). وكانت كل هذه المجموعات مصدر تجارة الرقيق التي مارسها الجلاّبة (التجار العرب الشماليون) وبعض الأجانب. وأبناء هذه المناطق المتعلمون هم الذي أطلقوا دعوة الكفاح ضد التخليف وتهميش الجنوب – الغربي. ورفعوا السلاح مطالبين بإعادة تقسيم السلطة والثروة. وهم الذين بادروا بتكوين تحالف «كاودا» (منطقة في جنوب كردفان) وكونوا الآن «الجبهة الثورية».
تحالف القبيلة والطريقة
الإسلام الصوفي هو المكون الثاني للبنية الاجتماعية السودانية. وهو دخل السودان على شكل طرق صوفية أتت من الحجاز والمغرب ومصر. وكانت القادرية أول الطرق وفي الوقت نفسه أقلها تنظيما. لذلك انتشرت سريعا. وقد تكيّف الإسلام الذي حمله المتصوفة والتجار (وليس الفقهاء والعلماء)، مع الثقافات المحلية ولم يصطدم بها. لم تستهوِ الدراسات الفقهية والعلوم الدينية معظم السودانيين، بل انخرطوا في سلك المريدين. وأهم وأشهر الطرق الصوفية كانت تلك التي وظَّفت الدين في السياسة. فقد عملت الإدارة البريطانية على استمالة رجال الطرق الصوفية، مثلما فعلت مع شيوخ القبائل. وكان الهدف من ذلك قطع الطريق أمام رجال دين قد يعيدون تجربة الثورة المهدية. ونجح البريطانيون في كسب ود نجل الإمام المهدي، السيد عبد الرحمن (1885-1959). فقد قدمت له الإدارة البريطانية كثيرا من التسهيلات لامتلاك الأراضي ولإبعاده عن السياسة، فانشغل في البداية بإدارة أعماله. لكنه استفاد من ثرائه في جذب المتخرجين لمجالسه، ثم كسْبهم في العمل السياسي لاحقا. وكوَّن من «الأنصار» ومن بعض المتخرجين «حزب الأمة» في منتصف أربعينيات القرن الماضي. وكان منافسه اللدود السيد علي الميرغني (1873ـ 1968) زعيم الطائفة الختمية، وهي طريقة أسسها السيد محمد عثمان الختم (1793-1853). والتف مؤيدو الاتحاد مع مصر حول السيد علي، كمنافسين للإستقلاليين أصحاب شعار السودان للسودانيين، الذين احتضنهم السيد عبد الرحمن. وكونوا عددا من الأحزاب اندمجت في الحزب الوطني الإتحادي عام 1953.
حَكَم تحالف القبيلة والطائفة (الطريقة) الدينية حتى اليوم رغم كل التقلبات السياسية. وظلت الطرق الصوفية هي الأكثر استمرارا، ولم تنحسر مع توسع التعليم. فقد ظل معظم المتعلمين السودانيين يطوفون في الأيديولوجيات الجذرية ثم يعودون الى طريقة صوفية ما مع أزمة منتصف العمر. وقد ظهرت في الفترة الأخيرة ما يسمى طرق الأفندية الصوفية، مثل البرهانية، والشيخ البرعي. وحاول الإسلامويون الحاكمون مناهضة الصوفية بدعوى عدم نقاء إسلاميتها، ولكنهم في النهاية كونوا لها «أمانة الذكر والذاكرين»، ضمن حزب المؤتمر الوطني الحاكم. ومؤخراً تسبب هذا الانتشار الصوفي الواضح في صعود جماعات سلفية («أنصار السنة المحمدية» خاصة) كرد فعل بين الشباب المتعلم.
انقسام بين تقليدي وحديث
أطلقت القوى الحديثة تسمية الأحزاب الطائفية على هاتين القوتين السياسيتين. وشكّل المثقفون غير المنتمين لأحزاب الطريقتين ما أُصطلح على تسميته ب«الأحزاب العقائدية». وهي تضم الشيوعيين، والأخوان المسلمين، والبعثيين، والناصريين، والقوميين. وهكذا ينقسم السودان في مجال السياسة بصورة واضحة إلى قوى حديثة وأخرى تقليدية. وهناك انقسام مشابه في الاقتصاد، فتكاد هذه الثنائية تميز مجمل الواقع السوداني، وتظهر في تفاصيل الحياة والعلاقات. نشأت القوى الحديثة كنتاج طبيعي لإدخال الإستعمار التعليم الحديث من خلال كلية غوردن التذكارية (1902) والمدارس النظامية. وهذا التطور أسس لنوعين متعايشين من التعليم، المدني، والتقليدي الديني. وكان هدف الإدارة البريطانية من التعليم الحديث التزود بموظفين (أفندية) في المراتب الدنيا في جهاز الخدمة المدنية… لتقليل نفقات الاستعمار بالإضافة لتجنب الاحتكاك المباشر مع المواطنين العاديين. ولكن دور طبقة الأفندية الجديدة لم يقف عند هذا الحد، وهو تناقض مع الاستعمار من داخل نظامه وسياسته. فستقود هذه الفئة النضال ضده، لأن التعليم الحديث سلاح. وهي أنشأت «مؤتمر المتخرجين» عام 1938 كجبهة عريضة تجمع المتعلمين الساعين لإنهاء الوجود الإستعماري. وعند قيام الأحزاب السياسية، ظهر لأغلب المتخريين ضعف قاعدتهم الجماهيرية، واقتصارهم على مناطق محددة داخل المدن والمراكز الحضرية، وفي قطاعات ضيقة. واضطر كثيرون منهم للتعاون مع السيدين والطائفتين بحثا عن السند الجماهيري، بينما شذت جماعات قليلة هي التي كوّنت الأحزاب العقائدية وشكلت بالتحديد اليسار بالمعني الواسع، أي الإتجاه نحو دولة ومجتمع حديثين. ثم ابتكرت هذه القوى وسائل جديدة لبناء قواعدها الشعبية، فاهتمت بالمجتمع المدني وأسست النقابات والاتحادات المهنية، والتنظيمات الطوعية. وكان الحزب الشيوعي السوداني (1946) قد نشط في مدينة «عطبرة» مركز السكك الحديدية في السودان، والتي تضم أكبر تجمع للعمال، مع تكوين «هيئة شؤون عمال السكك الحديدية»، أول نقابة لعمال السكة حديد (1948). وتتالت مع نهاية الأربعينيات اتحادات المزارعين، والشباب، والمرأة… وفي الفترة نفسها بدأ الإخوان المسلمون يظهرون في السودان.
انقلاب وتحولات اجتماعية
تغيرت البنية الاجتماعية في السودان خلال الفترة الممتدة منذ إنقلاب الحركة الإسلامية في 30 حزيران/ يونيو1989 وحتى اليوم. ورغم قصر الفترة الزمنية، إلا أن النظام إتخذ من القرارات ما سرّع التحولات إرادياً. فقد أنشأ «وزارة التخطيط الاجتماعي» (وليس الاقتصادي!) استراتيجيتها المعلنة هي «إعادة صياغة الإنسان الاجتماعي». وكان لسياسة الخصخصة، بالإضافة لإستمرار الحرب الأهلية والنزاعات الإقليمية، أثرها العميق في خلخلة البنية الاجتماعية، لأنها فاقمت الإفقار وزادت الهجرة والنزوح. وصارت العاصمة المثلثة مطوقة بالعشوائيات وأحياء الصفيح، كما أن ترييف المدن التي تغيب عنها الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء صار السمة الغالبة. وانتشرت الجريمة وظواهر اجتماعية جديدة مثل الأطفال اللقطاء. حصل ذلك في ظل نظام «إسلامي» يشعر بالحرج الشديد حين يأتي الحديث عن «أطفال المايقوما»، وهو المكان الذي يودعون فيه في جنوب الخرطوم.
اقتصاد رأسمالي ـ تابع أم إسلامي؟
أدت الخصخصة الموجهة من قبل الدولة إلى ظهور فئات طفيلية مستفزة الثراء. كانت الزراعة تمثل القطاع الرئيسي للاقتصاد السوداني، وسميت البلاد «سلة غذاء العالم»، حيث يتوافر حوالي 84 مليون هكتار تتميز بالخصوبة وقلة العوائق الطبيعية، لم يستغل منها سوى 18 مليون هكتار. إذ تفضل الفئات الطفيلية الجديدة المضاربة في الأراضي والعقارات، بالإضافة لتجارة العملة. وقد فُتح الباب لمستثمرين أجانب يهمهم الربح السريع، لإقامة مشاريع، مثل مدينة ملاهي «دريم لاند» مكان أراض زراعية خصبة في الجزيرة. ووجد الحزب الشيوعي صعوبة في تحديد نوع علاقات الانتاج في القطاع الزراعي، فأطلق عليها تسمية ملتبسة: «علاقات شبه الإقطاع»! فالصراع هنا لا يدور حول الملكية بل حول تمويل العملية الزراعية الإنتاجية. وهذا ما لم توفره الدولة. ويلجأ أثرياء الريف الي نظام «الشيل» حيث يشتري التجار المحصول قبل حصاده بأسعار متدنية مستغلين حاجة المزارعين للسيولة.
للدولة السودانية، رغم هشاشتها، دور محوري وحاسم في التطور الاقتصادي والتطور الاجتماعي، لضعف الرأسمالية الوطنية التي لا تعمل باستقلالية عن القطاع العام المملوك للدولة. وابتكر النظام فكرة «الشركات الحكومية» التي استمرت رغم خسائرها لاعتمادها على القروض الميتة من البنوك. أما وزارة «التخطيط الاجتماعي» فتدخلت في الحياة الاجتماعية والثقافية للفرد والجماعات من خلال التنظيمات الرسمية وغير الرسمية التي تقوم بمهام الضبط الاجتماعي. لم يوظف السودان جيدا موقعه الاستراتيجي ولا موارده الكامنة بسبب عجزه عن تحقيق الاستقرار السياسي، بينما الحديث عن «الاستهداف» هو للاستهلاك المحلي ولتبرير القمع الداخلي، سيما وأن أجهزة الأمن السودانية تعاونت بلا حدود مع الأجهزة الأمنية الغربية في «مكافحة الإرهاب» بالذات، بدءا من تسليم «كارلوس» إلى بروتوكولات التعاون مع وكالة الاستخبارات الأمريكية.
انتهى الأمر بالسودان إلى بنية اجتماعية هجينة يرى فيها النظام تكريسا لسلطته بعد تفكيك القوى الحديثة المعارضة، وتعطيل بروز طبقة وسطى. وهو تخلى عن استراتيجيته المعلنة المتمثلة في «المشروع الحضاري لربع قرن»، ولم يعد يتحدث عنها. وصار يحكم متمحوراً حول الحفاظ على السلطة كغاية بذاتها، وبطريقة تجار التجزئة.
* أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم
السفير
الموت بقطع الشرايين …هذا هو عنوان المقال الحقيقي ..
ومن ابرز ما قامت به الانقاذ: (الختان الفرعوني).؟!.. لعقول اغلب المفكرين…..!!.. فاصبحوا متبلّدي الاحساس والشعور والتفكير السليم، في اغلب امور الوطن الا من رحم ربك ..؟؟!!…وهؤلاء اكثرهم خارج الوطن .!!..ومن بقي بالداخل صار شيطان اخرص.؟؟
اطال الله عمرك يادكتور ونفع بلادنا بك وبأمثالك ، مقال تقراهو وتفهم وتستوعب وتقول اللهم زدنا علماً…..
أحمد لك يا دكتور حيدر تناولك للموضوع بهذه العلمية والطريقة التاريخية ولكن بها هنات كان يجب بعد هذا العمر ان تتخلص منها. تقول يا دكتور ” قبائل غير عربية/مسلمة في الجنوب، وجبال النوبة (جنوب كردفان)، وجنوب النيل الأزرق (الإنقسنا). وكانت كل هذه المجموعات مصدر تجارة الرقيق التي مارسها الجلاّبة (التجار العرب الشماليون) وبعض الأجانب.” وهذا زعم غير صحيح فما تقول عنهم الجلابة وتقصد به شمال السودان هم ضحايا لهذه الظاهرة ايضا والتي قام بها تجار اوروبا وتجار من الشوام لصيقين بالتجار الاوروبيين يا جماعة كفاي كفاية مهاذل النقل غير الواعي لكل ما هو اوروبي وكثير من كتابنا اخيرا فطن الى هذا وما تسميها بالباحثة اليابانية وتسميتها للمنبنتين لم تأت بجديد وقد انتقدها العديدون من الكتاب السودانيين فارجع اليهم في بحوثهم الحديثة وتجد معظمها في مكتبة عازة بشارع الجامعة وهم كتاب في العلوم الاجتماعية مثلك تماما يا دكتور واوقفوا النظرة المتعالية التي ترد كل شئ الى ما ياتي من الغرب بانه الصحيح. لن اقول لك فلان من لباحثين فانت تعرفهم جيدا بحكم الزمالة ومنهم من تعتبر استاذه في الجامعة.
استاذ حيدر فى السودا وفى جامعة الخرطوم؟؟؟!!! الكلام ده من متين ؟؟؟ غريبه
رد عى الودو
ياخي صحيح ان ظاهرة الرق كانت موجودة في السودان ولكن الجلابة كما يقول د. حيدر لس هم أصلها ولكن الاوروبيون هم الاصل فيها وتاريخ غرب افريقيا يؤكد ذلك ومحمد علي باش في بحثه عن الرقيق لجيشه كان السبب المباشر الذي جعل السودانيين في الشمال كما في غيره من المناطق عبيدا. وهي السبب المباشر في سعي اهل الشمال للقول بانهم عرب ومسلمين لتجنب الاشارة الى انهم عبيد وساعدهم في ذلك لون بشرتهم الفاتح المشابه لحد ما لون عرب جزيرة العرب وهي المشكة التي ما زالت تهيمن على عقول سكان شمال السودان للأسف. من جانب اخر فان تجار الشمال الذين اشتركوا فيها ما ه ةالا سماسرة وليس اصل فيها يعني ركبو موجة هذه التجارة الدولية الالتي على رأسها تجار اوروبا فيكفي يا اخوانا جلد الذات وتأليه الاوروبييين والله هم فسدة هذا العالم وسبب شقائه ويكفي وقف عقدة ان كل ما يقوله الاولاوبي هو الصاح فهم لا يقولون الا ما يحقق ذاتهم ومصالحهم د. حيدر له احترامه كباحث كان استاذا بجامعة الجزيرة ومتعونا بجامعة القاهرة فرع الخرطوم هذه الجامعة التي شكلت محور ومخلب مصالح مصر في السودان
تجارة الرق اصلها اروبى وشارك فيها الجلابة وغير الجلابة اضافة الى تجار الرقيق الجنوبيين الذين شاركوا فى بيع اخوانهم للاجنبى
الدكتور المحترم / حيدر
لا شك أنك من قلائل المفكرين السودانيين الذين ما يزالون على قيد الحياة و الحمد لله، لا شك أنك قد لاحظت أن أغلب السادة المعلقين قد تركوا لب مقالك الرصين عن نشأة الدولة السودانية و إنصرفوا ليتعاركوا فى أزمة الرقيق و العبيد و ما شابه. لم يأت أحد منهم بحل مفيد أو أفكار تساعدنا على إيجاد مخرج من أزمتنا التاريخية.
سيدى الدكتور / حيدر نحن نحتاج لتغيير جذرى فى المفاهيم يقوده المستنيرون و ليس المتعلمون تغيير يقوم على رفع مستوى سلوكيات الشعب و بخاصة محبى الحياة الريفية و جمعية أصدقاء (ديل أهلى الغبش)!! لقد مارس السودانيون تشبثا مهلكا بطبيعتهم الرعوية/الزراعية و لم يتم الفصل بينها و بين التمدن، فعندما يصل أحد أبناء الرعاة أو المزارعين لمقام الحكم تراه يحن للقرية و نمط حياتها مما يؤثر على رؤيته لتطور الأمة ناهيك عن القيام بأعمال تطويرية و تنفيذها!!
لقد أهمل السودانيون إهمالا جسيما فى إنشاء نظام تعليمى منضبط يكون من أولى أولوياته بناء شخصية سودانية سوية تستطيع الإستفادة من المكونات الحضارية الموجودة فى أرضنا و المطموسة بفعل فاعل، و أقرب دليل على طمس حضارتنا هو مرورك مرور الكرام على فترات الحضارة السودانية الحقيقية قبل دخول الإسلام و قبل تجارة الرقيق التى جرت لما نحن فيه اليوم الذى للأسف ما زلنا نلقى باللوم على الأجنبى الذى ترك بلادنا قبل 56 عاما!!
السودان لن يستمر على ما هو عليه كثيرا إن لم تتحرك القلة المستنيرة فيه وفق برامج إصلاح عاجلة تبدأ فورا و تكون موجهه للمواطن مباشرة يراها بعينه و ليس مجرد ندوات و نشرات إلكترونية فى العوالم الإفتراضية التى لم ينشؤوها لخدمتكم بل لحفظ طاقاتكم بداخلها و تسهيل قراءة عقولكم حين بداية زمن الطوفان الكبير و الذى بدأ فعليا.
لك التحية والتجلة دكتور حيدر فلقد شكلت كتاباتك دائما محورا ثرا للنقاش العملى الهادف … فكلنا يعلم ان اخطر مافعله نظام الانقاذ المشؤوم هواعادة صياغة الانسان السودانى فى قالب اجتماعى .. ولخطورة هذه الوزارة جعلوا على راسها على عثمان محمد طه …وبالفعل كان لهم ماارادوا واليوم يجنون ثماره والمتمثل فى عدم مقدرة الشعب السودانى وفشله التام فى صناعة ثورة او انتفاضة على النظام رغم الظلم البين والشظف الشديد الذى يعانيه .. علما بان الثورات التى صنعها من قبل فى اكتوبر وابريل لم يكن حالنا قد وصل بعد الى هذا الدرك السحيق من الغبن والاحساس بالقهر والظلم .. حسبنا الله ونعم الوكيل!!!
الرجاء من المعلقين قرأة مقالات الدكتور كما تقرؤن لأي اختبار أو امتحان والتمعن والتفكير في ما تحمله دلالات لانها في غاية الأهمية وتمثل خارطة طريق مهمة بما تحويه من نقد ذاتي هادف