العلاقة بين أصحاب القرار والفنون

هناك علاقة قديمة بين أصحاب القرار والفنون .. فقد كان تشرشل رئيس وزراء بريطانيا عام 1940 كاتباً بارعاً .. وكان نابليون يكتب الشعر والقصة … وكان الرئيس السنغالي سنجور شاعراً مميزاً … والرئيس الفرنسي ميتران كاتباً بارعاً ويعشق الأدب ويحب الأدباء والفنانين .
والعلاقة بين أصحاب القرار وأصحاب الأداب والفنون المختلفة تختلف من منطقة إلى أخرى … ومن دولة إلى أخرى … ومن ثقافة إلى أخرى ..
ففي الدول الديمقراطية تأخذ هذه العلاقة شكلاً متوازناً … لأن أصحاب القرار يدركون قيمة الأدب والأدباء والفنون ولهذا يسعون إليهم بل ويتقربون منهم … وتجد دائماً في الصدارة المواهب الأدبية الكبرى والصحفيين والفنانيين … وحتى فترة الحكم الشيوعي في الإتحاد السوفيتي سابقاً كانت للأدباء والفنانيين مكانة خاصة … كانت لهم إمتيازات مثل أعضاء الحزب تماماً
وفي الدول المتقدمة يحتل الأدباء والفنانون صدارة مجتمعاتهم بجوار أصحاب القرار … لأنهم يقدرون كل صاحب موهبة …
أما في دول العالم الثالث خاصة التي تؤمن بالحلول العسكرية وتتشدق بالمشروع الحضاري الإسلامي فهي لا تعير للتعليم إهتماماً فكيف لها أن تعير إهتماماً للفن والأدب فهي لا تعرف قيمة الفن وفاقد الشئ لا يعطيه إذاً فالصورة تختلف تماماً .. لماذا ؟
لأن أصحاب القرار في هذه الدول يعتبرون الكتّاب والأدباء والفنانين من مصادر الإزعاج لأنهم يحركون العقول والقلوب والمشاعر … وأنهم يدقون أجراس الخطر … ويحاولون دائماً تنبيه الشعوب وهذه أشياء غير مطلوبة
إن تحريك العقول يعني التساؤل والدهشة ومحاولة المعرفة وهذه الأشياء بما إنها ستزعج أصحاب القرار يتم محاربتها بشراسة بكل الوسائل المتاحة وغير المتاحة … من تكميم للأفواه ومصادرة للجرائد وتوقيف كتاب من الكتابة … وبيع وهدم للمسارح ودور السينما ووصل الأمر لهدم مركز صغير هو (عزيز جاليري للفنون ) للفنانة الشابة المبدعة اثار عبد العزيز بدون سابق إنذار وكل توسلاتها لم تجدي نفعا ولم يحترموا هذه الموهبة …. بدلاً من يتبنوها
هذا الموقف لقد وضّح جلياً ماهي علاقة السلطة بالفن والفنانين ومدى إحترامها للمواهب والموهوبين … كما أعاد إلى الأذهان الجرح الذي لم يندمل بعد وهو وفاة الفنان التشكيلي العالمي محمد بهنس متعدد المواهب والملكات نتيجة لعدم إهتمام الدولة بالفن والفانانين ضاقت بهم أرض الوطن بما رحبت فتشردوا في أسقاع الأرض فمات بهنس عليه رحمة الله في 2013 بالقاهرة متجمداً من البرد والجوع
لماذا كل هذا ؟ لأن هذه الأشياء يمكن أن تزعج أصحاب القرار حتى ولو بقيت في السرّ بين الإنسان ونفسه …. وتنبيه الشعوب قضية مرفوضة لأنها تعني معرفة الحقوق والواجبات والمطالبة بها وهذه أشياء غير مرغوب فيها على الإطلاق …
ولهذا نجد العلاقة بين أصحاب القرار وأصحاب الفكر والفن علاقة غريبة وإن كان البعض منهم يحاول حتى ولو في نهاية عمره أن يكتب الشعر والقصة كما فعل الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر والرئيس الفرنسي الأسبق ديستان …
ونأمل من صاحب القرار وهو الآن في نهاية عمره أن يهتم بالفن والفنانين ( فلا يختزل كل الفن في الغناء) وعليه أن يهتم بالأداب والكُتاب ويوقف هذه الهجمة المسعورة الشرسة التي تستهدف كل ماهو جميل من بيع مسارح ودور سينما … وميادين عامة … وجرائد …وفنانين … وصحفيين… بدون أي أسباب واضحه .
[email][email protected][/email]