مامون حميدة محارب بدون وقف اطلاق النار

عندما اعلن رئيسنا الهمام وهو يخطب في الحشود الهائلة والمغلوب على امرها عند افتتاح مستشفى امبدة .. ان سعيد الحظ دكتور مامون حميدة اطال الله عمره .. قد عينته الارادة الرئاسية السامية بجلالة قدرها في منصب وزير الصحة .. وان هذا التعيين شُيد له كبري عَبَر فوق ارادة والي ولاية الخرطوم الذي يملك حق ترشيح وتعيين الرجل المناسب لشغل الوظيفة العامة وهي اجراءات تدخل في صميم مهامه كرأس لحكومة الولاية ..
ايها السادة قال السيد الرئيس المبجل مبررا لتعيينه للنطاس النحرير ابن حميدة انه (ما محتاج لي قروش وعينه مليانة ) ولا يملأ سادتي عين ابن ادم الا التراب ومن اوتي واد من الذهب استطلب الثاني وهكذا .. فالسعي لما في ايدي الناس غير مرتبط بفقر ولا غنا ألم يقل الله (إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب) ..
هل اكتناز المال و(العين المليانة) وحدها التى تلوي اليد عن مال الغير .. فقطعا لا وألف لا .. ما يملأ عين البشر هي مخافة الله والقناعة والمباديء المغروسة والقيم المكتسبة .. وكما قال كوستا بينتاكوس وهو يردد واحدة من اجمل العبارات المأثورة (الامانة اول فصل في كتاب الحكمة) ..
وزير الصحة هذا صاحب الحظوة والقرب من الرئاسة ونعيمها ليس له خط وقف اطلاق النار مع الاعلام .. ويتسم بفتح جبهات قتالية مع الصحافة التى اتهمته بما اتهمته .. كسب قضايا ضدها وخسر كثير من القضايا.. حيث كانت اولى حروبه مع سيد احمد خليفة صاحب الوطن لحين وفاته ..ثم استمرت الحروب من بعده مع ابناءه .. ودخل ايضا في الخط الصحفي مزمل ابو القاسم و و و ..
هكذا ايها السادة كان يدير عيدي امين دادا الة الدولة اليوغندية بذات المنطق الضعيف والكلام الممجوج ( ال ما بودي ولا بجيب) وببث الخوف والرعب واذكر ونحن في جوبا عندما ياتي التجار اليوغنديس (اليوغنديين) او ما نطلق عليهم اسم (الماقندو) الى مدينة جوبا كانو يتكلمون في كل شيء عدا عيد امين فكانوا دائما متوجسين خيفة وهلعا حتى وهم على بعد اُلوف الكيلومترات من كمبالا ويرددون بالسواحلية (سيسي ني هوفو يا ايدي امين).. وقد جسدت هوليود الحدث في فيلم (اخر ملوك اسكتلندا) The Last King of Scotland ..
كان يمكن لرئيسنا المقدام ان يقدم تبريرات منطقية يتقبلها الشعب الصابر المقهور مثل ان مامون حميده طبيب ضليع وصاحب كفاءة نادرة واداري ناجح .. ويمكن ان يضيف لها ـ ان أراد ـ شهادة عضو البرلمان كمال حمدنا الله التى قال فيها انه راي الرسول ص يامره بإقراء السلام لمامون حميده .. رغم قناعتنا التامة ان رؤية الرسول حق .. وان الرسول ايضا لا يحتاج لوسطاء بينه وبين امته سواء كمال حمدنا الله او غيره ..
كما انّ هناك من هو اوفر مالا من مامون حميدة لماذا لم يؤت بهم الى صفوف المقدمة .. اما كان بنفس المنطق ان يعين رئيسنا المقدام – قارون السودان من حيث المال وليس من حيث العقيدة – اسامة داوؤد رئيسا للوزراء ..وان يعين النفيدي وزيرا للداخلية والبرير وزيرا للخارجية وطيب الذكر الكاردينال وزيرا للاوقاف والشئون الاسلامية ان كانت هناك وزارة بهذا الاسم ..
في زمن (خطيب الانبياء) الرسول شعيب عليه السلام المبعوث الى اصحاب الأيكة (عبدة شجرة الايكة) .. وضعت ابنته صافورة قاعدة عامة للتوظيف واصبحت منهجا ومسلكا .. وقد وردت هذه القاعدة في القران الكريم ( قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين) القوي الامين اي الكفؤ والمخلص والامين .. ولم يرد لا في القران ولا في السنة النبوية ان من اسس التوظيف العين المليانة او العين النعسانة او العين القوية .. نعم لكل ثورة أمين وأمين ثورة الانقاذ مامون حميدة حسب ما يعتقد امير المؤمنين عمر (بتاعنا) .. لكن هذه الامانة ليست نابعة من كونه غني انما نابعة من وازع ديني وتربية وغيره ..
ايها السادة تذكرت قصة حدثت لى في العام 1992م حيث كنت في اليونان مقيم غير شرعي اي غير مسموح لي ان افتح حساب بنكي لذا كنت اضع اموالي ـ كما يفعل الاخرون – عند كوستا بينتاكوس وهو رجل اغريقي غير متدين وحبل الود بينه وبين الكنيسة الارذوكسية منقطع ومبتور .. عملت هناك لمدة ستة اشهر تقريبا ..وعندما دنت ساعة مغادرة هيلاس هكذا يطلق الاغريق على بلادهم اسم (هيلاس أو إليلاذة) اتصلت علي كوستا من بلدة ارقوس وهو مقيم في قرية نيا مونولازا وحددت له موعد حضوري لاستلم نقودي ثم إنطلق بعدها الى اثينا في نفس اليوم ومنها لمصر حيث ادرس الجامعة .. فور وصولي الى نيا مولازا توجهت الى كافينيه كوستا وكنت في عجالة من امري لاني سوف اخذ القطار المتجه جنوبا الى اثينا بعد ساعات قليلة كما قلت.. الحقيقة كوستا اعتذر بادب شديد وطلب منى السماح والعفو والمغفرة فقلت بيني وبين نفسي ان (القروش خشت عليهو) وان السفر اصبح في خبر كان .. بدأت اخطط لالغاء حجز الطائرة .. برهة وضع كوستا المبلغ في يدي عندما حسبته وعددته وجدته كاملا لم ينقص شيئا .. استغربت قلت له ان المبلغ كاملا ..
اجابني كوستا ان يعرف ان المبلغ كاملا غير ناقص ..سألته ولم الاعتذار اذن ..
اجابني قائلا : وضعت المبلغ في الخزنة الخاصة بي جاءت زوجتي مارية وكانت تظن ان المبلغ لي واخذته واستخدمه ..
انظروا ايها الناس هنا لا عين مليانة ولا عين فارغة ان مبدا الامانة ليس مسنود بدين او عقيدة او عرق معين .. انه مبدا عام يجعل كوستا حريص ان يعيد لى دراخماتي ( دراخمة عملة اليونان) بذات الارقام المتسلسلة التى سلمتها له ..
عندما هممت بركوب القطار قلت لكوستا من اين تعلمت هذا
اجابني وهو يلوح بيده من اثينا الهة الحكمة عند قدمائنا ..
ثم قال : (الامانة اول فصل في كتاب الحكمة) ..
ايها الناس من حق مامون حميدة ان يطمح بان يصير وزير صحة او رئيس وزراء فطموح الانسان ليس له حدود والرسول الكريم يقول اذا تعلقت همة احدكم بالثريا لنالها .. والشاعر ابو القاسم الشابي يقول:
وأعلن في الكون أن الطموح ** لهيب الحياة وروح الظفر
ولكن للطموح حدود .. ان يكون هناك خط وقف اطلاق النار مع الاعلام وغير الاعلام ..
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..