التصحيح والكُتّاب غير المصحصحين

عرضت العديد من القنوات الفضائية مؤخرا شريطا مصورا أعدته وزارة الداخلية المصرية، لطوابير من الجنود والمركبات، وفي واجهة حاملة جنود تصدرت الموكب، كانت هناك لافتة طويلة وعريضة وقد كُتب عليها بخط رقعة جميل «نحن فداكي يا مصر».فداكي على وزن «كاكي»، وهكذا نالت الكسرة ترقية، وصارت حرفا ذا شخصية اعتبارية هو الياء.
مصر التي، ما من دولة عربية، إلا واستعانت بشبابها وشيوخها لتدريس العربية، فدرس على أيديهم مئات الآلاف، الذين تولى بعضهم تدريس اللغة «على أصولها» لشباب بلدانهم، مصر التي كان من يحمل فيها ومنها لقب «درعمي»، ينال ثقة مستمعيه وقرائه، لأن اللقب شهادة بأنه خريج «دار العلوم»، صرت تسمع فيها «نحنو شَبابكي فداكي»
صديقي الدكتور عبد السلام البسيوني، فلاح مصري فصيح، وداعية إسلامي، يتهمه الليبراليون بأنه «ظلامي»، ويتهمه المتشددون الإسلاميون بأنه ليبرالي، وأذكر إنني سألته ذات مرة: يا شيخ عبسلام، الموسيقى حلال أم حرام؟ فكان رده: مش حرام بس ما تقولش لحد إني قلت كدا «وهأنذا ما قلتش لحد إنه قال كدا».
وكلما التقيت بالشيخ البسيوني قلت له: سبحانه الذي أسرى بعبده من زفتا الى سايبريا، وزفتا هي مسقط رأسه في مصر، في حين أن سايبيريا هي عالم «السايبر» الإسفيري، وعيني عليه باردة، لأنه أصدر حتى الآن 120 كتابا، كل واحد منها محكم الحبك والسبك، وثري المحتوى، ولأنه ? بالمصري ? «مش وِش نعمة»، فإنه لا يبيع كتبه بل يُعدُّ منها نسخة الكترونية، متاحة لكل من يريد قراءتها أو حتى نسخها.
آخر كتاب صدر للبسيوني، يتناول فيه تجربته كمصحح لغوي في عالم الصحافة، وكعادته يعرج على هذه المطبوعة أو تلك، لعرض سوءاتها اللغوية، ونبش الأخطاء الشائعة، من قبيل «من ثُم» بضم الثاء و»توفى» بفتح التاء وبألف مقصورة في آخرها، بما يوحي بأن الميت فارق الدنيا بقرار شخصي، و»هَرعت- بفتح الهاء ? سيارات الاسعاف»، وكأن تلك المركبات الخرساء، تتمتع بحس إنساني، وتهرع من تلقاء أنفسها إلى حيث من هم بحاجة إلى «إسعاف»، ولما «بدلا من لِمَ» فعلت ذلك؟ استقريت «وليس استقررت»، واضطريت «وليس اضطررت»، وإنشاء الله «إن شاء الله»، و»الله ما» «اللهم»، والسلامو عليكم، و»أنتي تركت كتابكي في السيارة»، و«فرائظ الوظوء».
وما من كاتب صحفي جاد ومسؤول، إلا وضايقه تدخل المصحح اللغوي فيما يكتب، حتى لو كان التدخل مبررا، لأنه يُذكِّر الكاتب بأن ما حدث كان بسبب «نقص القادرين على التمام»، بينما اكتسب البعض مسمى كاتب، ولحم أكتافهم من خير المصححين اللغويين، أي أنهم يكتبون فسيخا، ليحوله المصحح إلى شربات، وعندما كنت أكتب في مجلة «المجلة» في حقبتها اللندنية، كان بها مصحح عراقي، يتحسس من المفردات العامية في المقالات، حتى ولو كان وجودها ضروريا للسياق العام للمقال، وذات مرة أوردت اسم مسرحية عادل إمام المشهورة «شاهد ما شافش حاجة» فما كان منه إلا أن جعلها «شاهد لم ير شيئا».
ويتم إلحاق الأذى الجسيم باللغة في الصحف، بتكليف مصحح واحد بمهمة مراجعة وضبط «بلاوي» المحررين والكتاب والمراسلين، وتصريحات المسؤولين الحكوميين من ذوي الاحتياجات اللغوية الخاصة، فلا ينتبه المصحح المسكين إلى بعض الأخطاء الجسيمة بسبب ضغط العمل، ولا إلى البلاوي التي في الإعلانات، ومن ثم قرأنا كيف أن «أكبر دار للنشر» أصبحت «أكبر دار للشر» و«أوسع المجلات العربية انتشارا» أصبحت «أوسخ المجلات العربية..»، و «حقوق الطبع محفوظة لورثة المؤلف» أصبحت«حقوق الطبع محفوظة لورشة المؤلف»
وفي السودان جعلنا «البغاء للأصلح»، نكاية بداروين، ولا تسلني كيف يلتقي الصلاح مع البغاء، ولكننا شعب لديه عداء مع القاف والغين، فيجعل هذه محل تلك.
الصحافة

تعليق واحد

  1. «البغاء للأصلح» تعرف ياابو الجعافر الاخطاء اللغوية صارت مقبولة لدينا لسبب بسيط دائما نرجع الاسباب للهاتف الجوالى الذكى الذى يقرا افكارك قبل ماتكتب الجملة ويكملها لك ولكن من كثرة الذكاء صارت خبيثة انت تكتب الكلمة صحيحة ودون ان تلاحظ تجده استبدلها بكلمة يمكن تكون خادشة للحياء غصبا عنك ولو مستعجل وارسلت الرسالة دون القراءة والتصحيح يفضحك فضيحة مججلة
    اسمع دى مرة بنت براسل فى ابوها بالواطس اب لانه اتى لها بخطيب واثناء ماهى مندمجة بالكتابة وارادت ان تخبر والدها بانها قابلت الخطيب ((ووريته شروطى))
    ولكن الجوال الذكى كتبها((ووريته شطورى))وطبعا كان يوم اسود ومهبب للبنت التى حاولت جاهده انه خطا من الجوال وهى تقصد شروطها وكانت حكايه
    واصبحت التقنية هى من يتحمل الاخطاء وعندما اقرا الجملة ((البغاء للاصلح))
    صارت عندنا تمشى عادى ونضع اللوم على التقنية

  2. وليه يابا الجعافر ما كلمتناش عن تصحيح الانجليزى اللى كان “زمان”..قالو بتاع دلوكيت دا اصبح “زا وومن” ما يتْفَهِِمْش ! وطبعن ما “يتْقَريش” ناهيك عن انه يمكن يقبل التصحيح ,, واذا اتصحّح بيكون على غرار
    ! “His father used to sleep “MUZER”(Mother)of his Jaw
    ” ويشدو عبدالعزيز داؤوود ” يا حليل رياضنا الغنّا.. حنتوب وطقّت ووادى سيدنا!

  3. «البغاء للأصلح» تعرف ياابو الجعافر الاخطاء اللغوية صارت مقبولة لدينا لسبب بسيط دائما نرجع الاسباب للهاتف الجوالى الذكى الذى يقرا افكارك قبل ماتكتب الجملة ويكملها لك ولكن من كثرة الذكاء صارت خبيثة انت تكتب الكلمة صحيحة ودون ان تلاحظ تجده استبدلها بكلمة يمكن تكون خادشة للحياء غصبا عنك ولو مستعجل وارسلت الرسالة دون القراءة والتصحيح يفضحك فضيحة مججلة
    اسمع دى مرة بنت براسل فى ابوها بالواطس اب لانه اتى لها بخطيب واثناء ماهى مندمجة بالكتابة وارادت ان تخبر والدها بانها قابلت الخطيب ((ووريته شروطى))
    ولكن الجوال الذكى كتبها((ووريته شطورى))وطبعا كان يوم اسود ومهبب للبنت التى حاولت جاهده انه خطا من الجوال وهى تقصد شروطها وكانت حكايه
    واصبحت التقنية هى من يتحمل الاخطاء وعندما اقرا الجملة ((البغاء للاصلح))
    صارت عندنا تمشى عادى ونضع اللوم على التقنية

  4. وليه يابا الجعافر ما كلمتناش عن تصحيح الانجليزى اللى كان “زمان”..قالو بتاع دلوكيت دا اصبح “زا وومن” ما يتْفَهِِمْش ! وطبعن ما “يتْقَريش” ناهيك عن انه يمكن يقبل التصحيح ,, واذا اتصحّح بيكون على غرار
    ! “His father used to sleep “MUZER”(Mother)of his Jaw
    ” ويشدو عبدالعزيز داؤوود ” يا حليل رياضنا الغنّا.. حنتوب وطقّت ووادى سيدنا!

  5. المغربي رحمة الله عليه كان عنده باب ثابت يتتبع اخطاء الصحافيين .. اكثر ما فور دمه هو كلمة زخم الني اوضح مرارا انها تعني الرائحة الزفرة ! وعبدالله الطيب قال ان بحيرة البجع خطأ لان البجعة هي الكركي طائر الماء القبيح ! والصحيح هو بحيرة الاوزين ..ولكن تلك الاخطاء هي اخطاء شائعة اصبحت بمثابة الصحيح واية ذلك ان البروف نفسه عليه الرحمة احاز (جاؤوا عن بكرة اببهم) بدلا من (علي بكرة ابيهم) لكن الذي لا يغفر باي حال ان تجد من يكنب واو الجماعة في الافعال بدون الالف والاسماء بالف (حضرو) و (معلموا المدوسة) ! الجامعات تفعل خيرا تفعل خيرا ان استبدلت المعلقات الشعرية التي يمتحن فيها الطلاب بكتاب (جان الديك) القيم في الامالي

  6. المغربي رحمة الله عليه كان عنده باب ثابت يتتبع اخطاء الصحافيين .. اكثر ما فور دمه هو كلمة زخم الني اوضح مرارا انها تعني الرائحة الزفرة ! وعبدالله الطيب قال ان بحيرة البجع خطأ لان البجعة هي الكركي طائر الماء القبيح ! والصحيح هو بحيرة الاوزين ..ولكن تلك الاخطاء هي اخطاء شائعة اصبحت بمثابة الصحيح واية ذلك ان البروف نفسه عليه الرحمة احاز (جاؤوا عن بكرة اببهم) بدلا من (علي بكرة ابيهم) لكن الذي لا يغفر باي حال ان تجد من يكنب واو الجماعة في الافعال بدون الالف والاسماء بالف (حضرو) و (معلموا المدوسة) ! الجامعات تفعل خيرا تفعل خيرا ان استبدلت المعلقات الشعرية التي يمتحن فيها الطلاب بكتاب (جان الديك) القيم في الامالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..