يوم المرأة العالمي (2)

٭ ويظل الثامن من مارس هذا العام والعالم مشغول بمحاربة الارهاب وغارق في الخطاب الأحادي أو بالأصح ما جاء بحملة ترامب زيادة خير على أحادية امريكا..
٭ قفزت إلى مقدمة ذهني في حضرة الثامن من مارس مفردة تكاد تكون جديدة لا في معناها ولكن في استخدامها وهي (الجندر) وما يتبعها من قوانين واتفاقيات على رأسها اتفاقية محاربة كل أشكال التميز ضد المرأة (سيداو) وكل هذا أمر طيب ومطلوب.. مطلوب أن تعطى المرأة كل حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.. وجميل جداً أن تحارب العادات الضارة وأن تتصاعد حملات محو الأمية.
٭ ولكن اليوم وفي الذكرى السابعة عشرة بعد المائة للاحتفال بيوم المرأة العالمي أريد أن أسوق خواطر حول مفهوم الشرط النسوي والصورة التي يريدها بها عالم العولمة وعالم أحادية الخطاب.
٭ في المبتدأ يجب أن لا ينظر لقضية تحرير المرأة ونيلها لحقوقها قضية نسائية بحتة.. بل العكس فان مسألة حقوق المرأة ووضعها هي قضية المجتمع بأسره.. هي مشكلة الرجل في كل لحظة وأن علاج هذه القضية لا يتم إلا من خلال عملية الصراع الاجتماعي.. صراع تشترك فيه المرأة مع الرجل لقلب الأوضاع الاجتماعية والسياسية البالية واحلال محلها قيم ومفاهيم جديدة.. وهي في المقام الأول قضية الانسان الذي يصعب تغييره ويحتاج للكثير من الجهد والوقت ولذلك تلجأ الثورات لوضع القوانين أولاً وتواصل جهدها بالناس ومع الناس لاحداث التغيير المنشود.
٭ وهنا يجب أن نضع أمامنا على الدوام الحقيقة الكبيرة وهي أن قضية المرأة ليست قضية اضطهاد الرجل للمرأة.. فهي قد تبدو كذلك للعين العابرة وكما حاولت بعض القوى أن تضعها في هذا الاطار بتصورها لنهضة المرأة بأنها حركة تقوم خارج أطر الدين والأخلاق لتسلب الرجال حقوقهم.. فقضية المرأة ليست كذلك ولكنها مسألة كبيرة لها جذورها التي ترجع إلى ما قبل التاريخ وهي نتاج طبيعي لتطور أشكال الحياة الاقتصادية والاجتماعية على ظهر هذه الأرض. هي نتاج طبيعة العلاقات الاقتصادية القائمة على استغلال الانسان لأخيه الانسان.. هي ان جاز هذا الحكم خلاصة لكافة الاضطهادات التي عانى منها الانسان المستغل (بفتح الغين) رجلا أو امرأة على مر العصور.
٭ والكشف عن جذور هذا الاضطهاد هو في المقام الأول واجب الذين يكفرون باستغلال الانسان لأخيه الانسان رجلاً كان أم امرأة واجبهم معاً ان يلغوا كل ما يضع المرأة في مستوى ادنى من الرجل وهذه مهمة صعبة تتطلب تنشئة ثورية لتسليح كل الناشئة بالأفكار الايجابية عن المرأة الانسان وعن المجتمع الذي تسوده الكفاية ويحكمه العدل والمساواة.
٭ بمناسبة هذا اليوم أردت أن أعبر عن انزعاجي لكثير من المفاهيم تحت شعار (الجندرة) التي تصور الغضبة كأنها حرب ضروس ضد الرجل الذي يكوش على كل شيء ويستمتع بحريات مطلقة و.. و?الخ كثير من الانسياق وراء مفهومات تنظر إلى ظاهرة الصراع الاجتماعي من زاوية ضيقة تضر ولا تنفع.. هذا ليس ضد كل من ينادي بحقوق المرأة ومساواتها.. وليس ضد الجندرة ولكن مع (أنسنة) الشرط النسوي والمناداة بالرفقة النضالية مع الرجل من أجل التغيير لصالحهما معاً.. وكل سنة والكل بخير.
هذا مع تحياتي وشكري

الصحافة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..