دكتور غازى : العودة للبيت القديم

انا يا بلال تزورنى مرة

منذ خروج دكتور غازى عن المؤتمر الوطنى فى اعقاب احداث سبتمبر ، لم يساورنى الشك فى ان غازى ليس ببعيد عن حزبه الذي من اجله فارق شيخه الاول واصبح اكبر مفكريه بل مفكره الاول الذي لاغنى عنه.

فليس من السهل ان يتخلى دكتور غازى عن المؤتمر الوطنى كما يعتقد البعض انه تخلى فعليا واصبح مستقلا بحزبه الجديد الذي لم يستطع حتى اليوم ان يحدد هدفه الاساسي اكان اصلاحيا لمؤسسات المؤتمر الوطنى التى يغلب عليها الطابع الجهوى والقبلى الشئ الذي لم يوفر له الثقل المناسب الذي يجعله رقما مهما كنافع او على عثمان او حتى صلاح قوش وامين حسن عمر

فقد اثبتت الايام ان قلبه وعقله معلقان بالحزب الحاكم وان غاب عن منصات المؤتمر الوطنى ، فان الفترة الماضية لم تكن سوى ( حردان ) ومرارات مهما عظمت فانها لن تجعله يبتعد اكثر من ان يؤسس حزب صغير يجمع حوله الغاضبين من تصرفات بعض الافراد داخل المؤتمر الوطنى ، وبرنامجه الاصلاحى الحالى لم يستطع ان يجذب قاعدة تناسب تاريخه السياسي الطويل ، او يخرج معه الالاف كما فعل الشيخ حين كون المؤتمر الشعبي ، اذ لا مجال للمقارنة مابين الحركة وقاعدتها ووجودها على ارض الواقع مقارنة بالشعبي من حيث التأثير السياسي الفعلى على مجريات االاحداث.

فزيارة القصيرة دكتور غازى لنهر النيل كشفت ان الرجل وحركته فشلا فشلا ذريعا فى استقطاب عضوية يمكن ان تسهم فى ابعاد الحركة من نظرة الشك والريبة بانها لم تكن سوى تلميذ يتدفى شتاءا فى حضن الوطنى ويركض ويلهو بحرية اكبر من غيره فى حدائق الحزب الحاكم وداخل مؤسساته وان لم تكن بصورة مباشرة.

ويذهب البعض الى ابعد من ذلك فى ان هناك من عضوية الحركة من يتبوأ المناصب باسم المؤتمر الوطنى وان قبول شخصية غازى وسط احزاب المعارضة دون غيره من قيادات المؤتمر الوطنى هى التى عجلت بخروجه من العباءة صوريا لجمع مزيد من المعارضين حوله ومن ثم السير بهم الى ديار المؤتمر الوطنى ، فتوشحه بثوب الحركة اعطاه مساحة حرية اكبر من تلك التى كان سيجدها اذا ما كان مرتديا ثوب الحزب الحاكم ، وزيارته لرئيس حزب الامة القومى بنهر النيل بمنزله بالعكد ما كان لها ان تتم لو كان فى موقفه القديم ، فالرجل شديد الذكاء استطاع ان يصل عبر حركته الى مناطق الغام ومتفجرات، مكتوب فى حواشيها ممنوع الاقتراب او التصوير ، ناقش قضايا المؤتمر الوطنى مع القوى الوطنية الرافضة بصورة سلسة ، خففت لغة الحوار ولهجته وخلقت ارضية مشتركة ، جعلت من الممكن ردم الهوة بين الحزب الحاكم والاحزاب الرافضة للحوار، فالمؤتمر الوطنى لايستطيع ان يخاطب الاحزاب الرافضة بمثلما يخاطبها دكتور غازى ، ولن يجد ممثلوه من القبول بمثلما يجد دكتور غازى وحركة الاصلاح الان تقود خط مرنا يربط مابين كل الاطراف الرافضة للحوار مع الحزب الحاكم ، والامام يتوجه الى الجزيرة ابا فى الايام القادمات ليخاطب قواعده هناك و دكتور غازى بعث برسالة تطمين للحزب الحاكم بان نهر النيل ، ليست بعيدة عن قبول تسوية يكون عرابها الامام نفسه ، بعدها يعود الرجل للسلطة بمباركة معظم الاحزاب ولكن هذه المرة باسم حركته التى اجادت الدور تماما ، وعندها نستطيع ان نقول ربح غازى وخسر معارضوه الذين ترك لهم الحزب ، لكنه عاد محمولا على جياد المؤتمر تزفه احزاب المعارضة ، فالرجل اذكى من كل الذين يجلسون هناك.
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..