شهوة إصلاح العالم؟

شهوة إصلاح العالم ودور الانسان المتميز في تحقيق هذه الشهوة هما أساس الفلسفة التي آمن بها صلاح عبد الصبور وقاد بها معركة الشعر الحديث وقرأ بها التاريخ واستنطق احداثه وقدم الحلاج في اطار الصراع بين الكلمة والفعل في سبيل شهوة إصلاح العالم ومحاربة الاستبداد.
٭ استنطق الفترة التاريخية التي عاش فيها الحسين بن منصور الحلاج في الربع الاخير من القرن الثالث الهجري وكانت حياة مليئة بالجهاد الروحي والنضال الاجتماعي.. غاص فيها الحلاج في ارض الواقع وتجسد له الشر في فقر الفقراء وفي جوع الجوعى وفي الظلم والاستبداد وفقدان الحرية.
٭ وصلاح عبد الصبور رأى في مأساة الحلاج مأساة كل انسان صاحب كلمة ونبل وشرف وعندما كتب مسرحية الحلاج كتبها في فصلين اثنين.. سمى الفصل الأول الكلمة والثاني الموت وبين هاتين الكلمتين قال الذي يريد ان يقول على لسان الحلاج:
لقد خبت اذن لكن كلماتي ما خابت
فستأتي آذان تتأمل إذ تسمع
تنحدر منها كلمات إلى القلب
وقلوب تصنع من الفاظي قدره
وتشد بها عصب الاذرع
ومواكب تمشي نحو النور ولا ترجع
٭ قال الحلاج لصاحبه:
يا شبلي:
الشر استولى على ملكوت الله
حدثني كيف اغمض العين عن الدنيا
إلا ان يظلم قلبي
٭ وبعدها خلع الحلاج جبته الصوفية ونزل إلى دنيا الناس واحتك بقضايا العامة واصطدم مع السلطة ومع الجماعة المتصوفة معاً ويقول للشبلي أيضاً:
هل تسألني ماذا انوي
الذي ان انزل للناس
واحدثهم عن رغبة ربي
الله قوي يا أبناء الله
كونوا مثله
الله فعول يا أبناء الله
كونوا مثله
٭ مثلما ناقش الحلاج الشبلي جعله صلاح عبد الصبور في السجن يحاور أحد المسجونين المختلفين معه حول موقف الانسان من الشر يقول له السجين الثائر (هل تصلحهم كلماتك؟ فيرد عليه الحلاج بهدوء (هل يصلحهم غضبك) ويرد السجين غضبي لا ينبغي ان يصلح بل ان يستأصل فيسأل الحلاج ومن تبقى ان تستأصل فيجيب السجين الاشرار فيعود الحلاج من جديد وكيف نميز بين الاشرار وبين الاخيار من فينا الشرير ومن فينا الخير وكيف نقضي على الشر لكي يسود الخير.
بالغضب أم بالكلمات أم بالسيف..
بالسيف المبصر ويردد في حيرة عميقة
من لي بالسيف المبصر؟
من لي بالسيف المبصر؟
٭ صمود الحلاج في السجن وثباته على كلماته وموقفه عبر عنه صلاح عبد الصبور بصورة تستوقف الناس إلى ان تنتهي الدنيا في حواره مع جلاده معذبه:
الحارس: لماذا لا تصرخ؟
الحلاج: هل يصرخ يا ولدي جسد ميت؟
الحارس: اصرخ اجعلني اسكت عن ضربك؟
الحلاج: ستمل وتسكت يا ولدي
الحارس: اصرخ لن اسكت حتى تصرخ.
الحلاج: عفوا يا ولدي صوتي لا يسعفني.
الحارس: قلت اصرخ انت تعذبني بهدوئك.
الحلاج: فليغفر لي الله عذابك.
هذا مع تحياتي وشكري
الصحافة