هل الشعب السوداني يصاب بالعمى كبقية الشعوب ؟

العمى وصفت به الجماعات والأفراد في القراءن الكريم في مواضع كثيرة مثل ( ألم تر إلى الملأ …) أو( أولم يروا )… (وقل هل يستوي الأعمى والبصير ) فالأمثلة كثيرة وأسمحوا لي بهذه القصة المعبرة قبل الإجابة على هذا السؤال
عشقت فتاة شاب من شباب قريتها … وكان الشاب تتمناه أي بنت من بنات القرية وهو كذلك عشقها لدرجة الجنون وكانا على إستعداد أن يفعلا المستحيل لأجل أن يكونا مع بعضهما … وكان هذا الشاب على إستعداد أن يعطي قلبه مهرا لهذه الفتاة إن طلبت ذلك … وكذلك الفتاة على إستعداد أن تموت في حال عدم زواجها من هذا الشاب بالتحديد … المهم عاشا في هذا الحب سنيين وهذا الشاب كان موضع مدح لأهل القرية وبتوفيق من الله توجت هذه القصة بالزواج … وبعد خمسة سنوات لم تعد هذه الفتاة ترى هذا الشاب كذلك ولم تر فيه أي ميزة مع إن أهل القرية يرونه من أحسن شبابها أخلاقاً وشجاعةً وعلماً وكرماً وأي فتاة من القرية تتمناه زوجاً لها إلا هذه الفتاة التعيسة التي أصيبت بالعمى وما عادت ترى أي شيء من هذا … للأسف لقد بطرت بالنعمة فلم يمض على هذه الزيجة خمسة سنوات ومصير مثل هذه الزيجات عادةً الفشل والطلاق … بعد أن ضاق بها الحال فطلبت الطلاق من هذا الشاب الذي عشقته بكل عنف وهي ما زالت في قمة عطائها وجمالها
وبعد سنة من الطلاق بدأت ترى هذا الشاب بأنه من أحسن الأزواج وأفضل الرجال أخلاقاً وعلماً وكرماً وبدأت تعض أصابع الندم ولكن لا فائدة لأن الشاب لقد تزوج من أخُرى… وضاع الوقت … فهذا يسمى ( تحيز التكيف ) أو عمى التكيُف …. إن للعمى أنواع من ضمنها عمى التميز وعمى التكيف … فهو خطير جداً ومن وجوهه الخطيرة إنه يبلد الإحساس ويبلد الشعور.. وهذه الفتاة تبلد إحساسها … ويقال في إحدى الأمثال أن تكون بعيداً وحبيباً خير من أن تكون قريباً وبغيضاً لأن كثرة القرب تولد الازدراء والاستخفاف بالنعمة … بمعنى يستخف بالنعمة فيكفر ويُبطر بها… حتى يفقدها
وروى بن عساكر في كتاب تاريخ دمشق إن عاصم بن سليمان الأحول ( يعتبر عاصم بن سليمان الأحول هذا من الطبقة الرابعة من طبقات رواة الحديث ) يلتقى عكرمة البربري وكان معه أحد أبنائه ( فعكرمة عالماً بالتفسير, وفسر القرآن فهو واسع العلم ) وكانا يتحدثان بحديث وطال الحديث بينهما .. وقبل أن يفترقا قال عاصم الأحول يا شيخ عكرمة وهل يعلم ابنك هذا العلم وهذه الأحاديث ؟ فقال له ابني لا يدري عن أي شيء أحمله من علم وأيضاً لا يعلم بأنني عالِم في الأحاديث والفقه فاستغرب عاصم الأحول هذا !!! فقال له يا عاصم لا تستغرب ألم تسمع بقول الرسول عليه الصلاة والسلام : (أزهد الناس في عالِم أهله وجيرانه ) وهذا الكلام صحيح فالعالِم في المنطقة يأتيه الناس من كل أنحاء الوطن لكي يسمعوا له وينهلوا من علمه ويجد منهم كل التقدير والإحترام والمحبة إلا أهل بلدته وجيرانه لا يرون فيه أي ميزة بل وقد يستغربون من الذي يأتي لهذا العالِم … فهذا أيضاً يسمى عمى التميز أو عدم التكيُف ..
أذكر قصة حكاها لي صديق كان مرافقا لأحدى الأمراء في السعودية وكان في رحلة علاج إلى ألمانيا وكان يعاني من آلام في العظام وباختصار …عندما وصل الأمير لذلك المستشفى فقال له الطبيب المعالج لديكم طبيب سوداني إسمه عامر مرسال هو الوحيد الذي يمكنه أن يقوم بإجراء هذه العملية فهذا بدلاً من مشقة السفر والعناء إلى هنا وفعلاً الدكتور عامر مرسال رحمه الله كان عالِم من علماء طب العظام في العالم وكان يعمل في مستشفى بخش في مدينة جده وهذا يدل على زهد الجيران والأهل في العلماء فهم لا يرونه عالِما
لذلك لا تستغربوا من الشعب المصري وحكومته حينما استخفوا بالنعمة وبطروا بها وفقدوا بلدا عظيما كالسودان أتركوهم حكومة وشعباً يعضوا أصابع الندم على ما فاتهم من نعمة إستخفوا بها وازدروا حتى فقدوها … لأنهم لم يروا هذه النعمة إلا بعد فات الأوان … ( كالفتاة التي في القصة ندمت بعد الطلاق وبعد فات الأوان ) وكل الذي تسمعونه الآن هو كعضٌ أصابع الندم .. لقد تزوج الآخر وأتاه البعيدين بعد أن زهدت فيه فتاة القرية لأنها لم تر فيه انه عالِم ( فهذا يسمى عمى التكيُف ) وتكالبن عليه بنات القرى المجاورة الغنيات وفي نفس الوقت العفيفات (التقيلات) وخطفن الشاب الشهم الكريم الشجاع فموتي بغيظك أيتها الشمطاء لقد تزوج طليقك
والشئ بالشئ يذكر فهذا ما حدث لإخواننا الجنوبيين حينما صوتوا للإنفصال بنسبة قاربت 99% والتي أذهلت المراقبين فكان أيضا بطرانا بالنعمة لأنهم لم يروا في السودان أي شيء يجذبهم وفي هذه الحالة يمكن أن تسميه ازدراء.. وفرحوا بالإنفصال بينما نحن كنا لا نرى فيه الحلّ الأمثل لهم …. كما كان يرى أهل القرية في ذلك الشاب شهامته ورجولته وإستغربوا حينما طلبت تلك الفتاة الطلاق منه وكما ندمت تلك الشابة بعد الطلاق … فقد ندم إخواننا الجنوبين بذلك الطلاق وفي إعتقادي إنهم أصيبوا بعمى التميز فتبلد إحساسهم وشعورهم … وهل ياترى فات الأوان ؟ أم مازال هناك أمل ؟
وأخشى ما أخشى أن نزهد نحن أيضا ونصاب بالعمى في إخواننا الأفارقة حتى يذهبوا من بيننا ويتزوجوا الغرباء … فهم علماء فلا تزهدوا فيهم فتقربوا منهم ولا تتركوهم للبعيد وكما يجب الإستفادة من علمهم وخبراتهم في كيفية محاربة الفقر … خاصة أثيوبيا ورواندا وكينيا فهذه الدول نهضت بأقل الموارد فبكل تأكيد القائمين عليها علماء وعباقرة فيجب الإستفادة منهم في كيفية التحول من دول زراعية إلى دول صناعية … والإستفادة منهم في كيفية حب الوطن … وفي كيفية محاربة الفساد .. قبل فوات الأوان … فلا تزدروا عليهم وتفقدوهم … فهم السند عند الحاجة وأثبتت التجارب ذلك
[email][email protected][/email]
Not all people are born blind, nor were they blinded or got blinded by their rulers along all phases of their history. They are only the Sudanese People who are always deliberately blinded by their governments, especially the ones they voted for, or blinding themselves to see the truth or reality.
Not all people are born blind, nor were they blinded or got blinded by their rulers along all phases of their history. They are only the Sudanese People who are always deliberately blinded by their governments, especially the ones they voted for, or blinding themselves to see the truth or reality.