مقالات سياسية

جريمة إسمها العنف والتطرف

أصبحت أخاف على أطفالنا الصغار من دوامات العنف التي تطاردهم في كل شئ … لقد أصبح القتل والموت والدم أشياء طبيعية في حياتنا وعلى شاشات التلفزيونات وفي عشرات المحطات وعلى الهاتف الذي لا يفارقنا … إذاً يطارد الدم عيون صغارنا وكبارنا ..

إن الأخبار ونشراتها الآن تشمل عشرات الموضوعات التي يكون الدم هو الخبر الأساسي فيها ..

إذا جاءت أحوال سوريا لاح لون الدم سواء في ضحايا الحروب من المحاربين أو المدنيين من قبل القوات السوريه والروسية أو من قبل داعش أو من قبل القوات الدولية ..

وإذا جاءت أخبار ليبيا… فإن صور الضحايا من المدنيين والدماء … وتتحسر على أيام مضت على ليبيا والليبيين

وإذا جاءت أخبار العراق ظهرت مآسي الحروب الأهلية على الشاشات بكل الألوان والقتل على الهوية تكفي لإفزاع ملايين الأطفال في العالم

وإذا جاءت أخبار اليمن ظهرت مآسي الحروب والدماء المنتشرة في كل قرية وفي كل جبل وآثارها المستقبلية لدي جيل كامل من الأطفال

وإذا جاءت أخبار جنوب السودان كانت مآسي الموت جوعاً وعطشاً واختلاط الدماء بمياه النيل والهروب من الجحيم .
وأخبار النيل الأزرق …. وجنوب كردفان ومدينة كاودا جنة الله في الأرض تحولت إلى جحيم وضاقت بأهلها … ودارفور وجبل مرة من أحلى وأغنى مناطق أفريقيا ترى فيه الجوع والمعسكرات والقتل والموت المجاني هناك … والأطفال المشردين وقصصهم في داخل العاصمة نهيك عن مآسيهم في المعسكرات

إن الموت يطارد أطفالنا كل دقيقة على شاشات التلفزيونات والقنوات الفضائية وعلى الهواتف …

في أزمنة مضت كانت الحروب والمعارك والمآسي الإنسانية تدور بعيداً في مناطق نائية .. وكان من الصعب أن يشاهد الأطفال هذه الكوارث

لكن العلم الحديث وعصر التكنولوجيا جعل كل شيء قريباً جداً ..وفي متناول يد الجميع …وهذا هو ثمن التطور العلمي … إن كاميرات التلفزيونات ووسائل التواصل الاجتماعي بكل أنواعها التي أصبحت أسرع في نقل الأخبار والصورة من كاميرات التلفزيونات تنقلها لك وبكل حرفية ومهنية وبدون مراعاة لشعور الآخرين من أطفال أو أصحاب قلوب ضعيفة وتأتي إليك بآخر الأحداث والأخبار وبدون مونتاج أو حذف وبكل مناظرها البشعة وأنت مستلقى على فراشك وفي غرفة نومك

وإذا انتقلنا الى الفنون وجدنا العنف في كل شيء ابتداء بالأفلام وانتهاء بالمسلسلات .. وحتى برامج الأطفال لا تخلو من العنف … وحتى مزاج الأطفال واختيارهم للُعب أصبح اختيارا كله عنف وضرب ودماء .

ولا أحد يستطيع أن يتكهن بمستقبل الأجيال الحالية من الأطفال في المستقبل وقد غرقت عيونهم زماناً طويلاً في بحار الدم عبر نشرات الأخبار والأفلام والمسلسلات … حتى أصبح الموت شيء طبيعي لدى أطفالنا وإنه ليس بالحدث الدراماتيكي … وهكذا يولد التطرف وتُنجب داعش وأخواتها

السؤال ما هو دور الحكومة والمجتمع ؟ وهل سيُترك الحبل على الغارب هكذا ؟

لقد تغير العالم وتغيرت التكنولوجيا ولكن لم تتغير عقول من يديرون دفة البلد .. فمن الواجب أن تظهر معينات تلجم الآثار السالبة لهذا التطور التكنولوجي … فهل نجلس ونستمتع بالموسيقى الهادئة والأغنيات الجميلة ولحظات الرومانسية الصافية التي تأتينا بها هذه التكنولوجيا…. ونترك الجانب المظلم الآخر منها والشبح المخيف الذي يسمى الدم الذي يطارد أطفالنا ؟
هذا هو ثمن الحضارة وعصر التكنولوجيا فيجب الالتفات للمضار والتي تمس أهم شريحة وهي ثمرة إنتاجنا وإستثمارنا في الحياة وهم أجيال المستقبل ؟

أين مراكز الأبحاث لدراسة أوضاع أطفالنا في ظل هذا التغيير ؟ لو علمتوا بخطورة الوضع صدقوني فهذه المراكز أفضل من كل المؤتمرات التي نسمع بها كل يوم والصرف البذخي عليها ( والفشخرة ) الفارغة في اللا شئ

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..