فشخرة الوزارات

(1)
*منذ الخميس الماضي وحتى الساعات الأولى من صباح اليوم، قمت بحملة مراقبة للمواقع الإلكترونية للوزارات التي صُمِّمت تحت شعارات براقة مثل: الحكومة الإلكترونية وثورة الاتصالات والمعلومات، وبأهداف تحسين صورة السودان في الخارج تارة وإبراز الحقائق بالسرعة المطلوبة تارة أخرى ومجاراة لعصر تدفق المعلومات تارة (ثالثة).
* النتيجة كانت بالنسبة لي مخيبة للآمال تماماً ودون أدنى شك ستكون مخيبة لآمال حتى الذين لا يرون في الحكومة شيئاً جميلاً، وكي لا يكون الحديث على الإطلاق، إليكم النتيجة ويمكنك عزيزي القارئ أن تُراجعها بالضغط على روابط تلك الوزارات:
– بدأت حملتي بموقع الأمانة العامة لمجلس الوزراء (رب البيت الذي يضرب الدف)، آخر تحديث تم للموقع يوم 26 مارس الجاري وأول خبر يتعلق باجتماع للجنة الفنية لقطاع التنمية الاقتصادية استعرض فيه الخطة الاستراتيجية، أما الخبر الثاني فيتعلق بنشاط لوزير الدولة بمجلس الوزراء طارق توفيق والخبر الثالث متعلِّقٌ بنفس الوزير، أما رابع الأخبار الرئيسة على الموقع كان بتاريخ 15 مارس.
*في موقع الأمانة نافذة كدليل للمواقع الحكومية، فآثرت التصفح عبرها أولاً موقع وزارة الخارجية السودانية الذي تابعته منذ يوم الخميس حتى الساعة الثانية عشرة والربع، من صباح اليوم الثلاثاء ومن أخباره: خبر عن استدعاء القائم بأعمال السفارة الأمريكية بالخرطوم في السادس من مارس الحالي، ثم قائمة أخبار على شاكلة “والي كسلا يهنئ أسرة نقيباً عائداً من الأسْر” و”انعقاد المؤتمر التنشيطي لطلاب المؤتمر الوطني”، وأخبار أخرى لا علاقة لها لا من قريب من بعيد بالنشاط الدبلوماسي إلا خبراً يتيماً تم تحديثه بتاريخ 23 فبراير الماضي عن تسلم غندور رسالة من نظيري الكندي.
*يحدث كل ذلك ورئيس بوركينا فاسو في السودان وتطورات على صعيد العلاقات المصرية ومواضيع أخرى عديدة، وللمقارنة فقط دخلت على موقع وزارة الخارجية المصرية على الفيس فوجدت أن آخر خبر جديد قبل ثلاثة ساعات فقط.
*من دليل مجلس الوزراء، أردت تصفح موقع وزارة الدفاع والرد: لا يوجد موقع أصلاً ولا تعليق!!
* موقع وزارة الداخلية آخر تحديث له في سبتمبر 2016 وأحدث خبرٍ عن المدير العام للشرطة ويشهد ختام المشروع الخلوي لطلاب الدفعة 66 كلية علوم الشرطة والقانون.
*أما وزارة العدل فإنها تضع خبراً على الصفحة الرئيسة عن افتتاح برج العدل في نيالا، وقد كان ذلك الحدث في أواخر يناير الماضي وأخبار أخرى عن زيارة الخبير المستقل، وأحدث أخبار موقعها صدور قانون النيابة في 25 مارس.
*وزارة الإعلام، الوزارة التي تنطق باسم الحكومة، وزارة واجبها مجاراة الأحداث والتعليق عليها؛ آخر تحديث في موقعها الإلكتروني لثلاثة أخبار فقط تم تحديثها أمس الأول، ولكن بنقلها (نقل مسطرة) من وكالة السودان للأنباء، والأخبار الخاصة بالوزارة أحدث ما فيها خبر نُشِرَ في العشرين من الشهر.. (يا سلام).

*سؤال قبل أن نواصل: كم من الأموال التي تُهدر في هذه المواقع في حين لا يساوي ما تقدمه من معلومات صفحة شخصية لناشط على الفيسبوك.
(2)
*نظرياً، تُصمَّمُ المواقع الإلكترونية بهدف تقديم معلومات وخدمات إلكترونية متكاملة وسريعة إضافة للتعريف بالمؤسسة والتوثيق لوقائع محددة فضلاً عن التوعية والتثقيف وأهداف أخرى قد يطول ذكرها.
*في إطار تصفُّحي للمواقع الحكومية ، أردت أن أختبر أداء نوافذ الخدمات الإلكترونية التي تُقدِّمُها بعض المواقع والتي تأتي غالباً تحت عنوان (اتصل بنا)، واخترت ما يليني كصحفي، فكتبتُ رسالةً بريديةً لموقع وزارة الخارجية أطلب منها فقط سيرة ذاتية عامة عن السفيرة إلهام شانتير التي قدمت أوراق اعتمادها سفيرة للسودان بصربيا، أرسلتُها يوم الخميس الماضي وحتى أمس لم أحصل على رد أو اعتذار أو حتى رد تلقائي بوصول الرسالة، وعلى بروف غندور تخيُّل عدد الصحفيين الأجانب الذين راسلوا الوزارة كما يحدث في كل العالم طالبين معلومات أو مُتسائلين عن موقف السودان في قضية ما دون أن يجدوا إجابة، كما عليه تخيُّل كيف تكون النتيجة إذا ما فُعِّلَتْ تلك الخدمة.
*جهاز المغتربين، شأنه شأن وزارة الخارجية يتعامل مع أشخاص وهيئات خارج الحدود ما يفرض عليه ترقية وتطوير أدوات تواصله مع (الديسابورا)، هذا الجهاز أنهك قبل أسابيع ميزانيته وميزانية الدولة في آن واحد، حينما نظم مؤتمراً جلب له خبراء سودانيين من مشارق الأرض ومغاربها للمشاركة في مؤتمر في الخرطوم للاستفادة من خبراتهم كل في مجاله، وربما تكفل بتذاكرهم ومأكلهم ومشربهم ومسكنهم، في وقت كان فيه أمام الجهاز اقتصار الجهد والزمن والمال بالاستفادة من التكنولوجيا بتطوير موقعه الإلكتروني واستخدام وسائط التواصل الاجتماعي بطريقة كانت ستزيد عدد المشاركين من الخبراء، ولن تكون المشاركة فقط لـ(أصحاب الحظوة) ، وستكون المشاركة دائمة ومستمرة وليس في يوم أو يومين .
لا أدري هل يعلم د.كرار التهامي أمين عام الجهاز أن زوار الموقع الإلكتروني للجهاز لا يزيد عن الـ(11) زائراً فقط، حسب تصفحي له أمس، ما يعني ضعفاً يعتري الموقع في الشكل والمحتوى والخدمات، ولا أعتقد أن التهامي نفسه من بين الـ(11) زائراً لأنه لو أمعن النظر في الموقع ولو لمرة واحدة، سيجد أن آخر تغطية للنشاط الخارجي للجهاز متعلقة بزيارة للأمين العام السابق، حاج ماجد سوار للمغرب في 4/4/2016م.
(3)
* في تصفحي ، لم أجد موقعاً لوزارة النفط (SPC Under Maintenance)، أما موقع وزارة الاستثمار ? لاحظوا وزارة الاستثمار – فيضع في واجهته صورة الوزير مدثر عبد الغني مصحوبة بمقال افتتاحي له، وكأن المستثمر في الخليج يرغب أو يُفترض أن يرغب في استثمار في صورة الوزراء الوسيمين. أما بقية الأخبار في الموقع (الاستثماري) فجاءت على طريقة (الوزير قام الوزير قعد)، في حين أنه كان أمام الموقع هذه الأيام تقديم قصة صحفية بالقلم والصورة عن نجاح استثمار الراجحي في القمح بالشمالية، ولا ننسى في موقع الوزارة أيضاً نشرة أسبوعية آخر تحديث لها في الخامس من فبراير الماضي.
*المضحك أن ولاية الخرطوم صمَّمَتْ بوابة إلكترونية متكاملة وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي وآخر تحديث تم لخبر عن اختتام دورة الإكسسورات بمركز شباب الجيلي.. تخيلوا.
*لم أجد موقع لوزارة الاتصالات ولم أصدق ذلك وحملت المسؤولية لـ(العم قوقل) ولعدم خبرتي في التصفح نفسه، فلا يعقل أن لا يكون لهذه الوزارة موقع، الغريب وجدت لها صفحة على الفيسبوك آخر ما نشر فيها يوم 21 فبراير وهذه وزارة معنية بالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات (انعل أبو التكنولوجيا ذاتو).
(4)
*ملاحظتي النهائية في المواقع الإلكترونية الحكومية أن الاهتمام فيها بالوزير أو المسؤول الأول وصوره، أكبر من الاهتمام بالمواضيع التي هي من صميم اختصاص الوزارة أو الجهة المعنيّة، وأن المواد تكتب في تلك المواقع على طريقة العلاقات العامة وليس على نسق إعلامي بشروطه وجاذبيته وتشويقه، كما يبدو لي أن القائمين على تلك المواقع لم يتلقوا أي دورات تدريبية تُعينهم على القيام بمهامهم وأن طريقة اختيارهم لا تقوم على معايير الكفاءة، وأن تصميم المواقع نفسها من حيث الشكل والتوزيع ليس فيه ما يبقيك كمتصفح لدقيقة واحدة فيها.
*عن السوداني

[email][email protected][/email]