يا هلا بصوت الوحدة ولو في الأحلام

حتى ولو كانت دعوات استعادة الوحدة بين السودان وجنوب السودان، التي يطلقها تيار محدود من المثقفين الجنوبيين خارج أو داخل دولة جنوب السودان هي مجرد حلم أو قافية شعر أو لحن رومانسي.. يجب علينا أيضاً أن نؤكد دعمنا له .
غض النظر عن الحيثيات والظروف التي أوجدت في نفوس هؤلاء هذه الحالة، لكنها حالة تعافٍ مبكر جداً بعد فترة قصيرة مرت على انفصال جنوب السودان قياساً بأعمار التجارب وأعمار الدول..
دعونا نعتبرها حلماً قابلاً للتحقيق، أو بشارات طيبة بمستقبل أفضل للسودان الموحد حتى ولو كانت فرصته قليلة الحظوظ في المستقبل القريب، لكنه ليس حلماً مستحيلاً لأنه يعتمد على منطق قوي ومفحم للعقول بأن خيار الانفصال لم يحقق لشعب جنوب السودان أي مكسب حقيقي لم يكن محققاً له قبل الانفصال.
فلو تحدثنا عن الحرب فأبناء دولة جنوب السودان الذين أعلنوا عن حملتهم الدولية المنطلقة من مهاجرهم في أستراليا وأوروبا للمطالبة بإعادة الوحدة مع السودان مجدداً، قبل أيام يؤكدون أن أعداد الذين قتلوا بعد الإنفصال من أبناء جنوب السودان بسبب الفصول الفظيعة من جرائم الحرب الدائرة في جنوب السودان الآن فاق عدد القتلى في حرب الجنوب والشمال طيلة تاريخ الصراع .
لذلك يطالبون باستعادة الوحدة مع السودان من أجل ضمان الأمن والعيش الكريم لهم ولأبنائهم، كما يقولون بعد إقرارهم بأنهم كانوا ضحية لخداع السياسين بالجنوب .
لا أحد من الانفصاليين في الجنوب أو الشمال يمكن أن يغالط هذه الحقائق الثابتة بأن الأوضاع الإنسانية في دولة جنوب السودان أسوأ من حالها قبل الانفصال في سنوات التمرد، لكن انفصاليي الشمال سيواجهون مثل هذه الدعوات بالرفض ليس لأن الشمال كسب أكثر بعد الانفصال بل لأنهم انفصاليون فكراً ومزاجاً وليس لديهم أية دفوعات موضوعية ومقنعة فالشمال تأثر كثيراً بالانفصال، واختل حاله الاقتصادي بسبب الانفصال بلا أي عائد أو فائدة جناها حيث لم تتوقف الحرب ولم ينته التمرد وفوق كل ذلك هو الآن يأوي عشرات الآلاف من اللاجئين الجنوبيين ويضطر أخلاقياً وإنسانياً لتقديم كل ما يمكن تقديمه لشعب جنوب السودان متجاوزاً مواقف قياداته السياسية..
أما من يرفضون هذه الدعوات في الجنوب فإما أنهم من فئة المستفيدين من ثروات شعب الجنوب المسروقة أو أنهم من الباحثين عن السلطة والمستفيدين منها ومن الحرب المشتعلة في الجنوب .
لا يوجد طعم لاستقلال دولة جنوب السودان في فم أحدهم أو يمكن أن يزعم أي مواطن جنوبي أنه يتذوقه أو قد تذوقه يوماً بعد الانفصال.. لا دولة ولا نظام ولا أمن ولا حياة هناك.. لقد فقد جنوب السودان كل شيء رغم أنه يمتلك الكثير .
نحن نؤيد وندعم أية نزعات وحدوية تنطلق من جنوب السودان في أي وقت من الأوقات حتى ولو كانت مجرد قطرات من الغيث فأول الغيث قطرة وأول غيث الوعي هو معرفة الخطأ والعمل على تصحيحه..
ندعمها ونرفض التعامل معها بتلك النفسية العقابية فالوحدة الحتمية القادمة في المستقبل ستكون أقوى لأن التجارب تُعَلِّمْ البشر .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
اليوم التالي