غندور كان صادقا في تعابيره وحركاته واحتقاره للقمة…

ضمن وفد يرأسهم المشير عمر البشير رئيس الجمهورية وفِي مهمة رسمية، بدا البروفسور ابراهيم غندور وزير الخارجية السودانية متململا، غير مرتاحا يهبش ويحكحك ويضع ويخت ويتلفت وتعلو وجهه كآبة وحيرة.
عادة تأتي وفود المعزيين سدادا لواجب أو مجاملةً أو تسلية أو لضرب منابع الفراغ. لكن ليس بالضرورة ان يحزنو ولا أن يزرفوا الدموع كما أهل الميت. وفِي عصرنا هذا بطّل الناسُ التباكي والنياح التي كانت حقيقية وأيضاً بدواعي المجاملة لابن المرحوم؛ وأضحت المآتم تضج بالحبور والسرور! لو كنت تمر بجوار صيوان لاختلطت عليك العينين (عزاء – عرس) هذا يجعل الشخص الحصيف لا يستعجل برفع الفاتحة- بل ينتظر حتى يتأكد ان هذه العين هي الأولي (عزاء) وذلك من شدة الترتيب والزخارف واطايب المأكل والمشرب وهلمجرا.
هذا وقد تضاءلت المناحات في عصرنا هذا وقل إجتماع النسوة للحزن، وباتت القمة العربية هادئة، بعدما كانت تضج بالصراعات والمهاترات بين قادةٍ هم ليسو ضمن حضور قمة مارس 2017م لاسباب متعددة، منهم من توفاه الله ومنهم من ينتظر. هدوء القمه وهدوء البِكى قد يكون أمراً مستحسناً، لكن حًسنً العزاءِ وجودة النماحة لها دلالات نوعية في الحياة والممات. هذه الخنساء ترثي أخوها صخراً :
ألا يا صخر إن أبكيت عيني ,,,,, فقد أضحكتنـي دهـراً طويلاً
ذكرتك في نسـاء معولات ,,,,, وكنت أحقّ مـن أبدي العويلا
دفعت بك الجليل وأنت حيّ ,,,,, فمن ذا يدفع الخطـب الجلـيلا
إذا قبّح البكـاء علـى قتيل ,,,,, رأيت بكاءك الحسن الجمـيلا
وهذه واحدة من اروع ما قيل في الرثاء السوداني:
رحل ياشما أبوكي وقفَّى خلىَّ الدور
وأنحل النظام الكان زمان مجبور
بوجود ناس أبوي قبل العبوس ما تدور
أنهد الجبل وأتشتت المعمور
يا أبو زينب وراك أتكشف المستور.
(كلمات: معاوية محمد أحمد سعيد الحان وغناء علي ابراهيم اللحو).
لم تنتظر اسرائيل كثيرا،و بمجرد إذاعة الخطاب الختامي للقمة أعلنت عن مخطط لمستوطناتٍ جديديةٍ بالاراضي الفلسطينية. بالمصافحات واللقاءات الجانبية بين القادة العرب لم تصعد البورصات العربية ولم تهبط أسعار النفط ولم تُفتح حدود بين دولتين أو أكثر ولم تنتعش تجارة ولم تسكت بندقية! ما أن تهبط طائرة ريئس دولة اوربية في امريكا أو شرق آسيا أو العكس إلا وتجد المؤشرات “تتراجف” وتتحرك سلبا أو ايجابا هنا وهناك وذلك لأن الاقوال يتبعها الفعل.
العزاء في عمان واضح انه لا يمت للوزير بصلة!! وهذا النوع من المجاملات هو وأكثر الأشياء إرهاقًا للنفس البشرية. تقول الناس “البِكى بِحرِروه أهله”. بدا وزير الخارجية كلاعب برشلونة الارجنتيني ليونيل ميسى الذي سبقه واعلنها وسط دهشة مضيفيه و لم يجامل وانه “لا يحب مصر”.
البروفسور ابراهيم غندور لفت الأنظار بإحتقاره للقمة العربية. لكنه خيراً فعل؛ ليس هو الوحيد بين الحضور، هم كثر كانوا يتململون كذلك. بدأ الوزير غير مرتاح ولم يتمكن من تمالك نفسه بالدبلوماسية المعهودة والتزام الوقار والتركيز او “إدعاء التركيز” أو التمثيل بالمتابعة والاهتمام لما يقال- مثلً وزير المالية السوداني- الذي يجلس خلف وإلى اليمين من الرئيس … وآخرين- بدأواٌ مهتمين أو هكذا أتت الصور- لم يحركوا ساكنا وهم يستمعون للخطب المكتوبة بعناية والتي تلاها الروساء والملوك والامراء العرب.
كان البرفسير غندور صادقا ولم يستطع ان يخفي شعوره وخيبته من المكان والبرنامج والاحاديث المكرررة، وهو يستمع للقمة العربية بالأردن. تستمر الرتابة في المآتم ويزداد الوزير جرأة إذ يواصل تململه حتى أثناء خطاب رئيس الجمهورية. حينها استقل الفرصة ليرسل رسالة او يطلّع على اخرى او يقرأ نكته تخرجه من كآبة المنظر أو يجد خبرا يسعده أو يبكيه البكاء الحقيقي وهذا قد يكون أفيد له مما تقوله العرب.
مصداقية وزيرة الخارجية تشهد عليها جامعة الخرطو خصوصاً حينما كان على رأس الجهاز الاداري بتلكم المؤسسة العملاقة. أذكر للفائدة فقط معاملتين ماليتين واحدة كبيرة وأخري صغيرة وحينها في العام 2000م كان وكيلا للجامعة. لم يتوانى في اكمال هاتين المسألتين وعلى الرقم من أنهن فقط عمليتين لكنهن كفيلات باطلاق الحكم على التطبيقية العملية “practicality” والحيادية “neutrality” للرجل، فليس لي بالرجل علافة او صلة ما تؤهل معاملاتي لمناص النفاذية.
كأٌمة سودانية نحن امام مآزق حقيقة؛
كمواطنين وكمسؤولين على حد السواء هل مطلوب منا التباكي وادعاء الحزن حتى لو كان ما بيننا وبين الميت مجرد أداء واجب العزاء؟ فقد ظللنا نفعل ذلك – المجاملات والكرم لمن يستحق ومن لا يستحق لعصور حتي اكتسبنا لهجات وعادات ليست هي عاداتنا ولا لهجاتنا.
هل مطلوب منا ان نلتزم البروتوكولات ونجهد أنفسنا وندعي ونمثل حتى تخرج المسرحية أو العزاء في أبهى صورة؟
السوال القديم الحديث: هل نحن فخورون بالانتماء العربي أم بالانتماء الأفريقي؟ أم ماذا؟ وعلام الحذر؟ وهل هذا يٌحدث اي فرق؟ لعل السياسة وتكتلات المصالح كفيلة بمعالجة أمور حساسة كالإثنية والجغرافيا والتاريخ والدين…
محمد الأمين حامد
استاذ علم الاحياء الدقيقة/ جامعة الملك خالد
[email][email protected][/email]
يا ناس الراكوبة.. الزول البطبع ليكم المقالات دا واعي؟!؟
ما ممكن ال(غ) تبقى (ق) والعكس.. معقولة بس.. دي ما اول مرة..!!
يا ناس الراكوبة.. الزول البطبع ليكم المقالات دا واعي؟!؟
ما ممكن ال(غ) تبقى (ق) والعكس.. معقولة بس.. دي ما اول مرة..!!
كادر كيزاني مجند بالسعودية .. أول مرة اشوف إنسان يكسر التلج لغردون باشا.